هجوم على موقع المحكمة الأوروبية عقب حكم ينتقد تركيا
٢٣ ديسمبر ٢٠٢٠
تعرض موقع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان "لهجوم إلكتروني واسع النطاق" عقب حكم يطالب بالإفراج عن المعارض الكردي البارز صلاح الدين ديمرتاش المسجون في تركيا، وهو الحكم الذي اعتبره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "مسيّسا".
إعلان
تعرض موقع المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان للاختراق بعد أن أصدرت حكما ينتقد تركيا. وقالت المحكمة الأوروبية إن موقعها على الإنترنت "تعرض لهجوم إلكتروني واسع النطاق جعل الوصول إليه غير ممكن لفترة".
وقالت في بيان إن الحادث جاء عقب حكمها أمس الثلاثاء الذي أمر بالإفراج عن صلاح الدين دميرتاش، نائب الرئيس السابق لحزب "الشعوب الديمقراطي" الموالي للأكراد. و"استنكرت" المحكمة بشدة "هذا الحادث الخطير"، دون تقديم مزيد من التفاصيل. وبعد تعطله لساعات، أصبح الوصول إلى الموقع ممكنا اليوم الأربعاء (23 ديسمبر/كانون الأول)، بينما أفادت وكالة الأخبار التابعة للمحكمة لفرانس برس أنه "في هذا الوقت، لا يبدو أنه فُقدت أي بيانات". وأشارت إلى أنها لم تحدد بعد هوية أو مصدر الجهة التي نفّذت الهجوم الإلكتروني.
وكانت المحكمة الأوروبية قد طالبت الثلاثاء في حكمها الملزم بالنسبة لتركيا لكون الأخيرة عضو في مجلس أوروبا، بالإفراج الفوري عن السياسي الكردي البارز، مشددة على أن تبرير سنوات اعتقاله كان "ستاراً للحد من التعددية والنقاش الديمقراطي".
وخلصت الغرفة الكبرى بالمحكمة إلى أن حقوق دميرتاش، المتهم بجرائم تتعلق بالإرهاب، في التعبير عن الرأي والحرية وغير ذلك من الحقوق، "انتهكت". وأضافت أن حبسه احتياطياً بعث "برسالة خطيرة لكل الناس" قيّدت بشدة النقاش الديمقراطي الحر. وتابعت المحكمة بالقول: "لذلك خلصت المحكمة إلى أن الأسباب التي ساقتها السلطات بشأن احتجاز مقيم الدعوى تمهيداً للمحاكمة... كانت مجرد ستار لغرض سياسي خفي".
أردوغان يندد بالحكم
وندد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدعوة المحكمة للإفراج الفوري عن المعارض الكردي البارز بعدما قضى أربع سنوات في السجن. واعتبر أردوغان الحكم الأوروبي "سياسيا" لكونه أصدر قبيل استنفاذ المحكوم عليه كافة طعونه القضائية أمام المحاكم التركية. كما وصف الرئيس التركي الحكم بـ "مليء بالمعايير المزدوجة" و"النفاق". وقال إن على المحكمة أن "تعرف عمّا تدافع، إنها تدعم إرهابيا". وأضاف "إنه (دميرتاش) مذنب في عيون أمّتنا لا بسبب معتقداته السياسية بل لأنه فشل في النأي بنفسه عن الجماعات الإرهابية التي كانت مسؤولة عن قتل العشرات".
وأدين دميرتاش بنشر الدعاية "الإرهابية" في 2018 ويواجه اتهامات أخرى قد يحكم عليه بالسجن بسببها لمدة تصل إلى 142 عاما.
وقاد المعارض البالغ من العمر 47 عاما حزبه، حزب الشعوب الديموقراطي، إلى البرلمان لأول مرة في 2015 ونافس أردوغان في انتخابات 2016 الرئاسية. كما أنه حلّ ثالثا بحصوله على 10 في المئة من الأصوات. كما أن دميرتاش متهم بتأجيج الاحتجاجات عام 2014 والتي تسببت بمقتل 37 شخصا.
و.ب/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP