المتهم في الهجوم على سوق عيد الميلاد بمدينة ماغديبورغ الألمانية نهاية 2024، السعودي طالب، يجلس الآن في قفص الاتهام أمام المحكمة. فما خلفيات وتوجه الرجل؟ وما هي العقوبة المحتملة؟
المتهم طالب أ. يجلس في قاعة مزودة بزجاج مضاد للرصاص أثناء محاكمة قضية سوق عيد الميلادصورة من: Jan Woitas/dpa/picture alliance
إعلان
20 ديسمبر 2024: بعد الساعة 7 مساء بقليل اندفع رجل، بسيارة مستأجرة، عبر سوق عيد الميلاد في ماغديبورغ (ولاية ساكسونيا أنهالت) الذي كان مزدحما في ذلك التوقيت. لقي صبي يبلغ من العمر 9 سنوات وخمس نساء تتراوح أعمارهن بين 45 و75 عاما مصرعهم وأصيب أكثر من 300 شخص بجروح بعضها خطيرة.
ومن غير الواضح ما إذا كان الجاني المشتبه به طالب أ. وهو من السعودية قد تصرف بدوافع دينية. ومن المقرر أن توفر المحاكمة التي بدأت يوم الاثنين (10 نوفمبر) أمام محكمة ماغديبورغ الإجابة على هذا السؤال والعديد من الأسئلة الأخرى المطروحة. وتتهمه النيابة العامة بارتكاب "هجوم غادر" بدوافع "دنيئة".
أوجه تشابه مع هجوم سوق عيد الميلاد في برلين
استخدام سيارة كسلاح للجريمة يثير ذكريات الهجوم الذي شنه الإسلاموي أنيس عامري على سوق عيد الميلاد في برلين. في ديسمبر 2016 اندفع التونسي الذي قُتل لاحقا أثناء هروبه في إيطاليا بسيارة شاحنة إلى حشد من الناس مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وإصابة 67 آخرين بعضهم بجروح خطيرة. كما كان عامري قد قتل سائق السيارة المسروقة.
في 16 يناير 2025 أقيمت في وسط مدينة ماغدبورغ مراسم إحياء ذكرى ضحايا هجوم سوق عيد الميلادصورة من: Jan Woitas/dpa/picture alliance
وكانت الحصيلة أكثر دموية في الهجوم الذي ارتكبه مواطن تونسي آخر في يوليو من نفس العام في مدينة نيس الفرنسية والذي كان بدوافع دينية أيضا حيث أسفر عن مقتل 86 شخصا وإصابة أكثر من 400 آخرين.
وبعد ثماني سنوات عادت ألمانيا لتكون مسرحا للجريمة وهذه المرة في ماغديبورغ. وحسب التحقيقات لم يكن المتهم تحت تأثير الكحول أو ما شابه ذلك أثناء قيادته المتهورة. ويُعتقد أن الدافع وراء الجريمة هو عدم الرضا والإحباط من سير ونتيجة نزاع مدني فضلا عن فشل عدة شكاوى جنائية قدمها.
طبيب ويبدو أنه يعاني من مشاكل صحية
تجري محاكمة طالِب أ. في ظل إجراءات أمنية مشددة. المتهم مقيد بالأصفاد ويجلس في حجرة زجاجية مضادة للرصاص. يحيط به محاميان ويقف خلفه مباشرة موظفون قضائيون ملثمون.
وتفترض النيابة العامة أن طالِب أ. ارتكب جريمته دون مساعدة من أحد. ويُزعم أنه خطط لها وأعدها على مدى عدة أسابيع.
وحسب المعلومات الواردة عنه لا ينطبق على المتهم السعودي أي نمط نموذجي. أنيس عامري، منفذ هجوم برلين وغيره من الإسلامويين جاؤوا إلى ألمانيا كلاجئين. أما طالب أ. فيعيش هنا منذ عام 2006 وعمل مؤخرا كطبيب متخصص في مؤسسة لعلاج المجرمين المصابين بأمراض نفسية في برنبورغ.
يبدو أن الجاني المشتبه به يعاني هو نفسه من مشاكل صحية منذ فترة طويلة. هذا ما تشير إليه النتائج التي توصلت إليها لجنة التحقيق البرلمانية في برلمان ولاية ساكسونيا أنهالت.
ومن المقرر أن توضح اللجنة أيضا سبب عدم توفير الحماية الكافية لسوق عيد الميلاد في ماغديبورغ باستخدام الأعمدة الحديدية. وقد أصبحت هذه الكتل الخرسانية معيارا منذ الهجوم على ساحة بريتشايد لعيد الميلاد في برلين.
يُزعم أن المشتبه به طالب أ. استخدم هذه السيارة المستأجرة لقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 300 آخرين في سوق عيد الميلاد في ماغدبورغصورة من: Hendrik Schmidt/dpa/picture alliance
"يميني ضد أسلمة أوروبا"؟
استغل طالِب أ. ثغرة أمنية وحسب التحقيقات اندفع بسرعة تصل إلى 48 كيلومترا في الساعة عبر الحشد. وحسب تقرير نشرته صحيفة "دي فيلت" لم تكن هذه الرحلة المميتة عملا عفويا من قبل شخص منعزل ومضطرب، بل عملا إرهابيا مخططا له. هذا ما ورد في تقرير صادر عن المركز المتخصص في منع العنف والتطرف SALAM في ولاية ساكسونيا أنهالت.
وعلى هذا الأساس يعتبر طالب أ. نفسه جزءا من شبكة دولية متطرفة يمينية. وقد شارك المتهم على الإنترنت كميات هائلة من المحتوى الخاص بشخصيات يمينية معروفة ونظريات مؤامرة حول ما يسمى بـ"أسلمة أوروبا". كما أنه يُعتبر من المتعاطفين مع حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المصنف جزئيا متطرفا.
إعلان
حديث غير متناسق
لم يعلق طالِب أ. في اليوم الأول من المحاكمة على التهم الموجهة إليه. وبدلا من ذلك تحدث عن تجارب قديمة في وطنه المملكة العربية السعودية وعن وسائل الإعلام التي يزعم أنها تتلاعب بالمعلومات في ألمانيا وعن الإسلاموية وحقوق المرأة والتثقيف الجنسي.
قاعة المحكمة المؤقتة في ماغدبورغ محمية بسياج واسع ونقاط تفتيشصورة من: Klaus-Dietmar Gabbert/dpa/picture alliance
ويتهم المشتبه به القضاء والشرطة الألمانية بالفساد. تصريحاته متقطعة ولا يوجد بينها أي رابط واضح حتى عندما يتحدث عن حزب البديل من أجل ألمانيا. بعد أكثر من ساعة يقاطع رئيس المحكمة ديرك شتيرنبرغ المتهم ويؤجل المحاكمة إلى يوم الثلاثاء.
صعوبة تصنيف "الخطر"
ثم يريد طالب أ. أن يستمر في ممارسة حقه في الإدلاء بشهادته. وربما يتحدث حينها عن علاقاته بسلطات الأمن. فحسب الشرطة حدثت في ساكسونيا أنهالت في عامي 2023 و2024 عدة حالات ما يُسمى بـ"التحذير من الخطر". ويُطلق مصطلح "خطر" على الأشخاص الذين يُعتقد أنهم قادرون على تنفيذ هجمات. لكن لم يكن من الممكن تصنيف المشتبه به في أي فئة مثل الإسلاموي أو متطرف يميني أو يساري.
تنعكس التعقيدات المحيطة بالقضية من ناحية وحجم الجريمة من ناحية أخرى في سير المحاكمة.
ونظرا للعدد الكبير من المشاركين في الإجراءات ومن بينهم أكثر من 140 مدعيا جانبيا تم استئجار قاعة حديثة البناء. ومن المقرر أن تستمر المحاكمة حتى مارس 2026 على أن تعقد خلالها ما يقرب من 50 جلسة.
في هذه القاعة المصنوعة من المعدن الخفيف والمبنية خصيصا لسوق عيد الميلاد يمكن استيعاب عدة مئات من الأشخاص عند الحاجة من بينهم العديد من الناجين من ضحايا الهجوم.صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
العقوبة المنتظرة
وقد قدمت النيابة العامة أكثر من 400 شاهد. ويقضي طالِب أ. في الحبس الاحتياطي منذ يوم وقوع عملية القتل.
وفي حالة إدانته فإنه يواجه عقوبة السجن مدى الحياة بتهمة القتل.
بالإضافة إلى ذلك يواجه ما يسمى بالحبس الاحتياطي. ويهدف الحبس الاحتياطي بعد قضاء العقوبة إلى حماية المجتمع من المجرمين الخطرين. وهي أشد عقوبة في القانون الجنائي الألماني.
أعده للعربية: م.أ.م
هجمات إرهابية هزت أوروبا
منذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر على برجي التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001، شهدت أوروبا سلسلة من الهجمات الإرهابية ضربتها بالعمق واستهدفت عدة عواصم ومدن أوروبية باستخدام وسائل هجوم مختلفة.
صورة من: Reuters/K. Coombs
قالت خدمة الإسعاف في لندن إن 18 مصاباً نُقلوا إلى مستشفيات بعد إبلاغ شهود عن انفجار في قطار ركاب بمحطة في غرب المدينة، "ولا يُعتقد أن أيا منهم يعاني من إصابة خطيرة أو تشكل خطراً على حياته".
صورة من: Getty Images/AFP/D. Leal-Olivas
وفيما قالت الشرطة البريطانية إن اعتداء لندن نُفذ بواسطة عبوة ناسفة يدوية الصنع، دعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى عقد اجتماع للجنة الطوارئ الأمنية "كوبرا" لمناقشة "الحادث الإرهابي" في محطة لمترو انفاق.
صورة من: Reuters/Sylvain Pennec
قتل 13 شخصا في "هجوم ارهابي" استهدف جادة لا رامبلا التي يقصدها عدد كبير من السياح في برشلونة الخميس (17 أب/أغسطس 2017)، بعد أن صدم سائق شاحنة صغيرة حشدا ما اوقع ايضا عشرات الجرحى، بحسب السلطات الاقليمية.
صورة من: Imago/E-Press Photo.com
أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الاعتداء في برشلونة، فيما صرح رئيس وزراء إقليم كتالونيا الإسباني، كارلس بوتشدمون، أن السلطات الإسبانية ألقت القبض على اثنين من المشتبه في ارتكابهما الهجوم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Duran
وأثار الاعتداء موجة تنديد دولية وتضامنا كبيرا مع إسبانيا التي لم تتعرض في الاعوام الاخيرة لاعتداءات مماثلة ضربت العديد من العواصم الاوروبية. وندد القصر الملكي الاسباني ورئيس الوزراء ماريانو راخوي بالاعتداء. وأعرب بابا الفاتيكان فرنسيس الأول عن مواساته لضحايا حادث الدهس الإرهابي، فيما أكد الأزهر في بيان رفضه "لكل العمليات الإجرامية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في أي مكان من العالم".
صورة من: Reuters
مساء الأحد 4 يونيو/حزيران) قاد مهاجمون يشتبه بأنهم متشددون شاحنة صغيرة بسرعة كبيرة ودهسوا مارة على جسر لندن قبل أن يطعنوا آخرين في شوارع قريبة مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص وإصابة نحو 50 آخرين، قبل أن تقتل الشرطة المهاجمين المفترضين الثلاثة.
صورة من: Reuters/H. McKay
تعرض حفل غنائي للمغنية الأمريكية أريانا غراندي مساء يوم الاثنين (22 أيار/ مايو 2017) في مانشستر لهجوم انتحاري صنفته الشرطة حتى الآن على أنها شُنت على "خلفية إرهابية" في بهو بالقاعة عقب انتهاء الحفلة.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/London News Pictures/J. Goodman
أدى الهجوم إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، حسب إحصاءات أولية، وإلى إصابة نحو 60 شخصاً. وقالت الشرطة إن أطفالاً بين قتلى الهجوم ومن المرجح ارتفاع عدد القتلى بسبب الاصابات الخطيرة بين الجرحى.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/London News Pictures/J. Goodman
أعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الذي نفذه لاجئ أفغاني مسلح بفأس في إحدى قطارات ألمانيا، ليصبح رقما في القائمة الطويلة للأعمال الإرهابية التي نفذتها مجموعات وتنظيمات إسلامية إرهابية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Hildenbrand
وقال "داعش" من خلال وكالته "أعماق" إن اللاجئ الأفغاني "نفذ العملية استجابة لنداءات استهداف دول التحالف" التي تقاتل "داعش".
صورة من: picture-alliance/dpa/Amak
وتبنى تنظيم "داعش" المتطرف قبلها بأيام قليلة الهجوم الذي نفذه تونسي بشاحنة دهس بواسطتها جمعاً كبيراً من الناس في مدينة نيس في جنوب فرنسا ما تسبب بمقتل 84 شخصاً وأثار صدمة في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/S. Goldsmith
هزت هجمات إرهابية دامية بروكسل (22 آذار/ مارس 2016)، إذ أودى انفجاران في مطارها الدولي إلى مقتل 13 شخصاً على الأقل، وانفجار آخر في إحدى محطات المترو ما دفع بعدة عواصم أوروبية إلى تعزيز الإجراءات الأمنية.
صورة من: picture-alliance/AP/APTN
في شباط/فبراير 2015، فتح شاب من أصول فلسطينية النار على جلسة نقاش حول التيارات الإسلامية و حرية التعبير، تزامنا مع هجوم ثان استهدف كنيسا يهوديا.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Sabroe
مجلة "شارلي إبيدو" الفرنسية تعرضت في مقرها بباريس لهجوم في شهر كانون ثان/ يناير 2015 من قبل إسلاميين، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، كما قتل منفذا العملية لاحقا.
صورة من: M. Bureau/AFP/Getty Images
في شهر أيار/ مايو 2014 قام جهادي فرنسي عائد من سوريا بهجوم مسلح على المتحف اليهودي في العاصمة البلجيكية بروكسل، أسفر عن مقتل أربعة أشخاص.
صورة من: picture-alliance/dpa
في آذار/مارس 2011 قام الباني بقتل جنديين أمريكيين، وجرح اثنين آخرين عند فتحه النار على حافلة كانت تقل جنودا أمريكيين بمطار فرانكفورت في ألمانيا.
صورة من: AP
في كانون الأول /ديسمبر 2010 وقع انفجار في العاصمة السويدية ستوكهولم، أوقع قتيلا وجريحين، حسب مصادر أمنية رجحت بأن القتيل كان منفذ العملية.
صورة من: AFP/Getty Images/J. Nackstrand
أصدرت محكمة دوسلدورف في آذار/ مارس 2010 أحكاما بين خمس سنوات و12 سنة بحق عناصر ما عرف بـ"خلية زاورلاند"، أدينوا بالتخطيط لشن هجمات إرهابية في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Uli Deck/Ronald Wittek/Federico Gambarini
تعرض الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد لمحاولة اغتيال فاشلة عام 2010، وذلك بعد أربع سنوات من نشره رسومات للنبي محمد في صحيفة يولاند بوستن.
صورة من: AP
في عام 2006 وضعت حقيبتين مليئتين بالمتفجرات في قطارين، انطلقا من محطة قطارات مدينة كولونيا الألمانية (غرب). لحسن الحظ حال خطأ تقني دون انفجارهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/BKA
عام 2005، قام أربعة بريطانيين من أصل باكستاني باستهداف محطات الإنفاق وأحد الباصات في العاصمة لندن، ما أسفر عن مقتل 56 شخصا وجرح ما لا يقل عن 700 شخص.
صورة من: AP
في 11 آذار/مارس 2004، قتل 191 شخصا وجرح 1500 آخرين في إنفجارات استهدفت أربعة قطارات في العاصمة الاسبانية مدريد، وتبنى الهجوم تنظيم القاعدة . اعداد: علاء جمعة/ زمن البدري