1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هدنة إسرائيل وغزة "استراحة محارب مهددة بالانهيار"

شمس العياري٢٧ أغسطس ٢٠١٤

فيما روجت إسرائيل وحماس لنصرهما في الحرب، أكد خبراء أن أيا منهما لم تكسب الحرب، بل تكبدتا كلتاهما خسائر فادحة. وشددوا على أن اتفاقهما مبني على أرضية هشة ومهدد بالانهيار في أي لحظة ما لم يُسوَّى الملف الفلسطيني بشكل جذري.

Palästinenser feiern Waffenstillstand
صورة من: Reuters

بعد خمسين يوما من حرب دامية في قطاع غزة ها هي كل من إسرائيل وحركة حماس توافقان على وقف دائم لإطلاق النار والعودة إلى الاتفاقات التي أعقبت صراع عام 2012. ووفقا لهذا الاتفاق سيستأنف كل من الإسرائيليين والفلسطينيين محادثات السلام بالقاهرة في غضون شهر للاتفاق بشأن القضايا الخلافية المعقدة. وفي سياق متصل، أعلن مارك ريغيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء (27 أغسطس/ آب 2014) في تل أبيب أن من النقاط الأساسية التي يتضمنها اتفاق الهدنة الذي توسطت فيه مصر "وقف جميع أعمال العنف، بلا استثناء".

وينسحب ذلك أيضا على القتل الانتقائي للمسلحين الفلسطينيين في قطاع غزة على أيدي الإسرائيليين. كما يتضمن الاتفاق فتح جميع المعابر بين إسرائيل وقطاع غزة أمام حركة البضائع والمساعدات ولتسهيل عملية إعادة إعمار القطاع "والعودة للحالة التي كان عليها قبل بدء المعارك"، بحسب تعبير ريغيف.

"حرب من دون غالب ولا مغلوب"

وقد قوبل هذا الاتفاق بهتافات وبترحاب في قطاع غزة وسوقته حركة حماس بأنه نصر لها، حيث قال سامي أبو زهري، المتحدث باسم الحركة، في مؤتمر صحافي في غزة "استطعنا أن ننجز ما عجزت عنه جيوش العرب مجتمعة، اليوم نهنئ شعبنا الفلسطيني بهذا الانتصار الكبير، ونهنئ أمتنا العربية بهذا الانتصار". وتابع متوجها لسكان غزة: "قلنا لهم لن تعودوا إلا بقرار من حماس وليس بقرار من نتنياهو. والآن نقول لكم بعد دخول التهدئة حيز التنفيذ بإمكانكم العودة إلى بيوتكم بقرار من حماس".

يأتي ذلك فيما أكد رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد عضو الوفد الإسرائيلي لمفاوضات القاهرة أن حركة حماس "تكبدت ضربة شديدة خلال عملية الجرف الصامد بقطاع غزة وخرجت منها ضعيفة جدا". ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عنه القول: "يجب عدم التأثر بمظاهر الفرح في غزة والتصريحات التي تدعي انتصار حماس في المعركة، لأن الجميع يدرك ما حدث بالفعل"، مضيفا بأن "حماس جلبت كارثة على نفسها وتواجه الآن جهودا جبارة لإعادة إعمار قطاع غزة".

حصدت الحرب مئات من أرواح الفلسطينيين في قطاع غزة وتسببت في دمار البنية التحتية والبيوت والمدارس وغيرها.صورة من: Imago

وفيما ينسب كل طرف النصر في الحرب لنفسه، يرى الدكتور جمال عبد الجواد، وهو أستاذ في العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في القاهرة ومستشار لدى مركز الأهرام للدرسات الاستراتجية ألاّ إسرائيل ولا حركة حماس قد كسبت الحرب. ويقول في حوار مع DW عربية: "بعد محاولات كثيرة مُنيت بالفشل أدرك الطرفان أن الحد الأقصى لمطالبهما غير قابلة للتحقيق: لا المطلب الإسرائيلي بنزع السلاح عن حماس قابل للتحقيق ولا المطلب الفلسطيني برفع الحصار عن قطاع غزة -وخاصة فيما يتعلق بالمطار والميناء- قابل للتحقيق. وبالتالي، فالبديل كان استمرار المعارك". ويضيف قائلا: "الاتفاق على وقف إطلاق النار إنما هو مجرد بديل لحالة الحرب التي كان يخوضها الطرفان. أعتقد أن حسابات الربح والخسارة هي التي أجبرت الطرفين على القبول بما لم يقبلا به من قبل".

"علاقة جديدة بمصر للخروج من العزلة"

وفي الواقع فإن البعض يرى -حتى داخل إسرائيل نفسها- بأن الجيش الإسرائيلي لم ينتصر على حركة حماس. ففي سياق متصل كتب أحد معلقي صحيفة يديعوت أحرونوت في عددها الصادر الأربعاء (27 أغسطس/ آب 2014): "رغم الحرية التي تمتع بها الجيش الإسرائيلي للقيام بعمليات في الجو والبحر، ورغم قوة النار الهائلة في البر، ورغم الحماية شبه الكاملة ضد نيران الصواريخ، فإن إسرائيل غير قادرة على هزيمة منظمة إرهابية صغيرة معزولة في العالم العربي".

ولعل هذا السبب الذي دفع إسرائيل على القبول بالاقتراح المصري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد أن فشلت في نزع السلاح بشكل كامل عن حركة حماس. ففي سياق متصل يقول الخبير في شؤون الشرق الوسط خطار أبو دياب في حوار مع DW عربية: "الجانب الإسرائيلي يخشى -في حال مواصلة عملياته العسكرية في قطاع غزة والتسبب في خسائر بشرية أخرى- من ظهور تيارات أكثر تطرفا من حركة حماس ويخشى من ردود الفعل الدولية إزاء سقوط الكثير من المدنيين في قطاع غزة".

أما عن سبب قبول حركة حماس بوقف إطلاق النار بمبادرة مصرية -بعد أن كانت رفضته في وقت سابق- فيرى الدكتور جمال عبد الجواد أن مصر ربما أقنعت حركة حماس بالقبول بمبادرتها لوقف إطلاق النار، من خلال ربطها بإقامة علاقة جديدة مبنية على أرضية جيدة مع القيادة الجديدة رغم الاختلاف الإيديولوجي معها بعد التغييرات السياسية التي شهدتها مصر، لافتا إلى أن القاهرة بصدد الترتيب لاتباع سياسة جديدة مع حركة حماس وقطاع غزة.

يأتي ذلك بعد أن فقدت حركة حماس عددا كبيرا من مقاتليها وبعض أهم قيادييها ولم تعد تمتلك سوى 30 في المائة من ترسانة صواريخها التي كانت تقدر بنحو عشرة آلاف صاروخ مختلفة المدى، وفق مصادر إسرائيلية. وعليه، سيكون من الصعب كثيرا على حركة حماس -مقارنةً بالماضي- استعادة ما فقدته من ترسانتها وذلك بعد تدمير معظم أنفاق التهريب عبر الحدود مع مصر. وانطلاقا من هذه الوضع يصبح لعلاقتها بمصر دور حيوي بالنسبة للحركة حتى لا تعاني من عزلة من كل الجهات.

رغم قوتها العسكرية لم تكسب إسرائيل حرب غزة وتكبدت خسائر بشرية وواجهت انتقادات دولية نظرا لتعاملها العسكري مع قطاع غزة الذي تسبب في مقتل الأطفال والنساء وهدم المدارس.صورة من: picture-alliance/AP Photo

"اتفاق على أرضية هشة"

ورغم ذلك، فإن التوقعات بصمود اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس طغت عليها النظرة التشاؤمية، حيث يقول الخبير المصري جمال عبد الجواد: "إجمالا الأرضية هشة. ذلك أن أصل هذه الصراعات المتكررة هي حالة الاحتلال الإسرائيلي وعدم تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير. كل ذلك يتسبب في تعثر كل عمليات التسوية...وبالتالي أي اتفاق سيتم التوصل إليه هو بطبيعته اتفاق مؤقت حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي". ويضيف قائلا: "لا تلوح في الأفق أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي. وهذا الاتفاق هو على الأرجح اتفاق استراحة محاربين قد تطول وقد تقصر(...)، وبالتالي فالأمر لا يزيد عن أن يكون مجرد اتفاق مثل الاتفاقات السابقة التي أنهت أزمة بشكل مؤقت ولكنها لم تنه الصراع".

رأي يشاطره فيه الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط يوخن هيبلر، إذ يقول: "الكل يعرف -ومنذ عشرين عاما- كيف يمكن إنهاء الأزمة، أي من خلال حل الدولتين، أي إلى جانب دولة إسرائيل دولة فلسطينية ذات استقلالية وسيادة فلسطينية". الأكيد أنه إذا لم يصمد اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، فإن ذلك ينطوي على تهديد لسكان قطاع غزة الذين أنهكتهم الحروب المتتالية والحصار المفروض عليهم منذ سنوات.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW