زجاج نوافذ على الأرض، أثاث مكسر وأناس تضمد جراحها: هذه هي حصيلة شجار ذي دوافع دينية في مأوى للاجئين في مدينة زول بولاية تورينغن الألمانية. السلطات الألمانية لا زالت تحت وقع الحادثة التي تعد بمثابة جرس إنذار.
إعلان
هدوء حذر يسود المكان. الشاب الذي تغطي ضمادات جروحا في وجهه لا يريد في الواقع قول أي شيء حول الشجار، الذي اندلع في مأوى لللاجئين في مدينة زول الألمانية. ثم يقول الشاب، الذي يصف نفسه بالمسلم: "قلبي يبكي". ويبدو الرجل، الذي يعيش منذ 26 يوما في مأوى مكتظ باللاجئين في ولاية تورينغن الألمانية، أنه يعاني من اضطرابات نفسية. ويوضح أنه لا يمكنه أن يقبل بأن لاجئا آخر يبلغ من العمر 25 عاما يمزق صفحات من القرآن ويلقي بها في المرحاض، ويقول: "إنه قرآننا".
بعد هذه العملية تصاعد التوتر في مأوى اللاجئين في ليل الأربعاء الخميس، حيث نشب شجار اسخدمت فيه قضبان حديدية وحجارة وأثاث، الأمر الذي استدعى تدخّل 120 رجلا من الشرطة بالإضافة إلى رجال المطافئ وطاقم إسعاف.
وزير الهجرة لولاية تورينغن ديتر لاوينغر من حزب الخضر، والذي زار شخصيا أمس الخميس مأوى اللاجئين في زول عقب المشاجرة العنيفة التي أسفرت عن إصابة 17 شخصا بجروح، تحدث عن "مشاحنة ذات دوافع دينية تحولت إلى مشاجرة". واعتبر أن ما حدث لا يمكن وصفه إلا بمحاولة "إعدام بدون محاكمة"، مشددا على أنه بذلك تم تجاوز الخط الأحمر. وتحدث المقيمون عن أوضاع مشابهة للحرب الأهلية. وأضاف الوزير خلال زيارته للمقر أمس الخميس أنه "عندما يعيش مجموعة من الأشخاص مع بعضهم البعض في مكان ضيق، فإن الأمور لا تجري بدون نزاعات"، مشددا على ضرورة محاولة الحد من هذه النزاعات.
اكتظاظ وأناس يعانون من أزمات نفسية
بيد أن عدد اللاجئين في ارتفاع مستمر وهذا ليس في ولاية تورينغن فحسب، حيث تعمل السلطات وبارتباك على توفير أماكن في مدينتي مولهاوزن وغيرها لاستقبال عدد متزايد من اللاجئين. وهو ما أشار إليه الوزير الذي تعرض لانتقادات مفادها، أن طاقة الاستيعاب للمأوى قد تم تجاوزها بما يصل إلى 600 شخص إضافي. وفي الواقع، ترى المعارضة ومستشارية المهاجرين أن المشكلة تكمن في مآوي اللاجئين المكتظة. وفي سياق متصل تقول إيلين كونيكر من مستشارية المهاجرين: "الوضع سيء إلى درجة أنه لا يمكن الحديث عن مستوى نظافة أو إقامة تليق بالانسان. حتى تزويد الناس بالطعام يتطلب منهم صبرا طويلا."
من جهته، انتقد وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير بشدة المشاجرة التي وقعت في مأوى اللاجئين في زول. وقال دي ميزيير مساء أمس الخميس (20 آب/أغسطس 2015) في برلين، إنه لا يفهم مثل هذا العنف بين طالبي اللجوء، مشيرا إلى أنه من الضروري التعامل بصرامة مع مثل هذه المشاجرات كما يتم التعامل مع الاعتداءات التي تقع عليهم. وأكد الوزير قائلا: "على من يتوقع منا الحماية (...) ويتم استقباله في أراضينا أن يلتزم بالقانون والأعراف الألمانية". إلا أن الوزير اعترف بأن مقار الإيواء الجماعية ترتبط عامة بالمخاطر، حيث قال "كلما اجتمع عدد كبير من البشر في مكان ضيق ازداد الأمر صعوبة". وأوضح الوزير أنه لو قررت حكومة ولاية تورنغن عزل طلاب اللجوء وفقا لجنسياتهم، فمن الممكن عمل ذلك، وهناك أمثلة سابقة على تطبيقه.
وبعد الشجار العنيف تم اعتقال المتسبب فيه – وهو شاب من أفغانستان – ووضعه في الحبس الاحتياطي. أما اللاجئون، فتراهم متجمعين في مجموعات صغيرة ويتناقشون، فيما ودع آخرون أصدقاءهم الذين نقلوا على متن حافلات إلى مقرات إقامة أخرى. والجميع يوحدهم الأمل في أن يتم منحهم حق اللجوء في ألمانيا. ولربما يكون ذلك وراء قيام الشاب بتمزيق صفحات من القرآن ورميها في المرحاض، على ما يقول العديد من اللاجئين الذين أشاروا إلى أنه أراد اللعب على المشاعر الدينية واستخدامها كورقة لصالحه. "لقد كان يريد لفت الأنظار إليه"، على ما يقول شيخ من إيران.
مبادرات إنسانية مبتكرة لمساعدة اللاجئين في ألمانيا
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
أسس سفين بورخيرت وبعض أصدقائه في دورتموند مبادرة "فرييفونك"، وفيها يزودون اللاجئين في مراكز اللجوء بانترنيت مجاني. ويعمل القائمون على المبادرة على وضع جهاز "روتر" في مراكز اللجوء وجمع التبرعات لتمويل المشروع الخيري. أكثر من 400 لاجئ في دورتموند يستعمل الانترنت المجاني بفضل هذه المبادرة.
صورة من: picture alliance/dpa/B. Thissen
المعماري غونتر رايشيرت يقوم بتعليم الأطفال اللاجئين في ألمانيا القراءة والكتابة وتعلم الألمانية. وأسس في مدينة نورنبيرغ أول مكتبة لطالبي اللجوء اسماها "أزولوتيك"، التي يمكنهم فيها تعلم الألمانية واستعارة الكتب مجانا. ويقول غونتر : "هدفي أن تكون هناك 50 "أزولوتيك" في ألمانيا في نهاية هذا العام".
صورة من: picture alliance/dpa/T. Schamberger
طالبة قسم الفنون ناتاليا تعمل في وقت فراغها مترجمة متطوعة دون مقابل مالي في أحد مراكز تقديم اللجوء في برلين، الذي يعمل فيه 100 مترجم. وعملت ناتاليا سابقا كمترجمة للغة للعربية والروسية في الكثير من مراكز الاستشارة في ألمانيا. كما ترافق ناتاليا اللاجئين عند ذهابهم إلى مواعيد رسمية أو زيارة الطبيب.
صورة من: picture alliance/dpa/G. Fischer
هليدهغارد نيس ناختسهايم تسكن مقابل إحدى دور اللاجئين في ولاية براندنبورغ. وعندما قدم أول 180 لاجئ إلى مدينتها سنة 2013 أسست هليدهغارد مع زوجها فريقا لاستقبال اللاجئين الجدد. وتحاول هليدهغارد مساعدة اللاجئين بطرق شتى لتسهيل حصولهم على الخدمات الضرورية. وتدعوهم باستمرار لشرب القهوة وللحديث معهم.
صورة من: picture alliance/dpa/B. Settnik
أما السيدة كارولا لانغة فهي رئيسة تجمعات مساعدة اللاجئين في إحدى مدن ساكسن. وتحاول هي و40 شخصا آخرين مساعدة اللاجئين وتعليمهم اللغة الألمانية، وخاصة في تمضية أوقات فراغ اللاجئين وعن ذلك تقول : "هؤلاء الناس لا يعملون شيئا، إذ يترتب عليهم الانتظار. إنها مشكلة كبيرة تواجههم".
صورة من: picture alliance/dpa/J. Schurig
تعمل مؤسسة "غوته تات دي إي" الخيرية في برلين على تقديم المساعدات والاستشارات للاجئين في المدينة. وبسبب الإقبال الكبير من الألمان على العمل التطوعي المجاني أصبحت المؤسسة مركزا لتقديم الطلبات وتوزيع الراغبين في العمل على الأماكن في المدينة. وقدمت المؤسسة رقما مجانيا للاتصال بها وللتسجيل للعمل التطوعي.
صورة من: picture alliance/dpa/G. Fischer
بعض الطلبة في فرانكفورت قرروا إنشاء شبكة موقع إليكتروني للاجئين أصحاب الشهادات لتقديم المعلومات الأكاديمية لهم وللتعرف على كيفية معادلة شهاداتهم، بالإضافة إلى البحث عن فرص عمل مناسبة. وتقدم شبكة "أي إي في" أيضا برامج لتعلم الألمانية عن طريق التحاور الثنائي "تانديم".
صورة من: picture alliance/dpa/C. Schmidt
راينهارد ييليس يدير إحدى الشركات في مدينة مولهايم أن دير رور. وطلب قبل عام على صفحته في فيسبوك جمع تبرعات لعائلة عراقية لاجئة تضم عددا كبيرا من الأطفال. لقي نداء راينهارد تجاوبا وأسس بعدها مبادرة " أهلا بكم في مولهايم". المتطوعة نبيلة تعمل في مخزن التبرعات على توزيع المساعدات للاجئين.
صورة من: picture alliance/dpa/M. Hitij
نيكول تساناكيس وكورنيليوس كاوب بدؤوا في الشهر الحالي مبادرتهم في جمع تبرعات للاجئين. وسيقومان بالتجول عبر لوحات التزلج بدءا بمدينة دوسلدورف وإنتهاء بمدينة هامبورغ في الشمال. الشابان جمعوا لغاية الآن 7000 يورو وسيقومون بالتبرع بالمبلغ الإجمالي لمنظمة "ستاي" الخاصة بالعناية باللاجئين.
صورة من: picture alliance/dpa/M. Hitij
حتى المشاهير في ألمانيا يحاولون وبصورة علنية مساعدة اللاجئين. الممثل الألماني الشهير تيل شفايغر يحاول بناء مركز للاجئين في ألمانيا. ومن جهتها الممثلة سارة تكوتش ذهبت بنفسها إلى مراكز اللجوء لتعمل كمتطوعة لمساعدة اللاجئين.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
عضو البرلمان الألماني مارتن باتسيلت عن حزب الديمقراطي المسيحي استضاف في بيته لاجئان من إريتريا ليعيشا معه ومع أبنه في نفس الغرفة. بالإضافة إلى ذلك يعتني السيد باتسيلت باللاجئين ويذهب معهم للتنزه، فيما تعلم زوجته اللاجئين اللغة الألمانية في المنزل.
صورة من: picture alliance/dpa/P. Pleul
في منطقة سييت في شمال ألمانيا تم تحويل معسكر سابق للجيش إلى مركز لإيواء اللاجئين. وسيأتي نحو 600 لاجئ للمركز الجديد، الذي انضم عدد من المتطوعين للعمل فيه، وضمنهم السيدة بريغيته فوتكا التي تنظم التبرعات في المركز.