1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هروباً من فرنسا.. لماذا يغامر البعض بحياته للوصول لبريطانيا؟

٧ أغسطس ٢٠٢١

يحاول المزيد من الأشخاص العبور من فرنسا إلى بريطانيا في قوارب، بعضهم يكرر المحاولة مرة تلو الأخرى. لكن فرنسا كثفت من ضوابطها الحدودية، فيما شددت بريطانيا عقوباتها على المخالفين.

دورية بحرية فرنسية تراقب بحر الشمال الفاصل بين فرنسا وبريطانيا
ينتظر كثير من اللاجئين والمهاجرين في كاليه اليوم الذي يتمكنون فيه من عبور البحر وصولاً إلى السواحل البريطانيةصورة من: Marina Strauss/DW

يجلس شاب على "بطانية" بالقرب من تقاطع مروري، على بعد أمتار قليلة من الطريق، فيما تجلس زوجته على يساره، ومعهما يجلس طفلان صغيران ينظران حولهما بعيون تملؤها الأسئلة.

جاءت الأسرة من إريتريا - كما يقول رب الأسرة باللغة الألمانية. تم رفض طلبات لجوئهم في ألمانيا ولهذا السبب هم اليوم هنا في ضواحي كاليه في شمال فرنسا.

بالقرب من تلك العائلة الصغيرة يجلس القرفصاء نحو مائة مهاجر ولاجئ آخرين، معظمهم من الشباب قدموا من السودان وإيران، لكن بين هؤلاء امرأة جاءت من الكويت مع أطفالها الخمسة. يقف بعضهم في طابور منتظرين الحصول على المواد الغذائية التي توزعها إحدى منظمات الإغاثة، فيما يحتشد آخرون حول محطة لشحن الهواتف الجوالة.

وعلى مسافة أبعد قليلاً وسط منطقة تتكاثف فيها الأشجار، أقام البعض مخيما صغيراً.

على الأرض تنتشر حصائر للنوم ، وسجادة ، وعدد قليل من أكياس النوم. يشير الشاب السوداني مهند  - 19 عاماً - إلى قطعة من الورق المقوى ينام عليها. ويقول إن الشرطة صادرت خيامهم مجدداً خلال الليلة الماضية. إجراء تؤكد حدوثه منظمات غير حكومية ووسائل إعلام فرنسية بالإضافة لضابط شرطة محلي.

اتخذت السلطات الفرنسية قراراً بعدم تكرار أحداث غابة "كاليه" لذلك تقوم بحملات مستمرة لفض أي تجمعات للاجئينصورة من: Mark Schellingerhout/DW

تريد السلطات الفرنسية بكل الوسائل منع تشكيل معسكرات دائمة للاجئين مجدداً في المدينة الساحلية - مثل "غابة" كاليه سيئة السمعة، التي تم إخلاء اللاجئين والمهاجرين منها في عام 2016.

على الرغم من وجود نزل دائمة للمهاجرين في فرنسا، يفضل الكثيرون البقاء حول مدينة كاليه الساحلية، إذ إنه انطلاقاً من هذه المنطقة، تتعاظم فرص الوصول إلى المملكة المتحدة، حيث تبلغ المسافة بين شمال فرنسا إلى جنوب إنجلترا في أضيق نقطة في البحر بين البلدين نحو 30 كيلومتراً فقط.

أمل في الوصول إلى بريطانيا

يقول مهند إنه حاول خمس مرات عبور البحر للوصول إلى السواحل البريطانية، لكن عناصر من حرس الحدود الفرنسيين أوقفوه في كل مرة، ويتابع قائلاً: "لدي أقارب يعيشون في المملكة المتحدة .. يقولون إن الوضع هناك أفضل مما هو عليه هنا.. في فرنسا لا يحترمون السود".

يشعر العديد من المهاجرين الذين يعيشون على الساحل الفرنسي بما يشعر به مهند. كثيرون منهم إما رفضت دول الاتحاد الأوروبي طلبات اللجوء الخاصة أو أنهم لا يريدون حتى محاولة التقدم بطلب لجوء في مكان آخر، ويعلقون كل آمالهم على مستقبل أفضل في بريطانيا.

وللوصول إلى الجزيرة البريطانية، يقوم الآلاف برحلة خطيرة عبر القناة الإنجليزية. يدفع معظمهم الأموال للمهربين للوصول بشكل غير قانوني إلى الأراضي البريطانية في قوارب مطاطية تبحر في الليل أو في الساعات الأولى من الصباح.

سجلت سلطات البحرية الفرنسية (Préfecture Maritime) - والمسؤولة عن تأمين بحر الشمال - حوالي 556 محاولة عبور أو عبور فعلي من فرنسا إلى بريطانيا بحلول نهاية يوليو/تموز من هذا العام، بإجمالي عدد مهاجرين ولاجئين وصل إلى 12148 شخصاً.

 

وزارة الداخلية البريطانية من جانبها أكدت وصول أكثر من 400 شخص إلى الساحل الإنجليزي في يوم واحد من شهر يوليو/تموز فقط.

في عام 2020 ، وفقًا لتقرير، دخل 8500 مهاجر المملكة المتحدة بالقوارب عبر القناة الإنجليزية. وتتحدث السلطات الفرنسية عن 9500 شخص كان من الممكن أن يقوموا بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، وهو رقم أكبر بكثير مما كان عليه الحال في عام 2019.

فرنسا توسع الرقابة على الحدود

ومع ذلك ، فإن حقيقة أن المزيد من الأشخاص يختارون الطريق البحري للوصول إلى بريطانيا لا يعني بالضرورة أن المزيد من المهاجرين واللاجئين يصلون بالفعل إلى الجزيرة البريطانية.

ففي الوقت الذي وصل فيه نصف من هاجروا باستخدام القوارب في عام 2020، وصل منهم 11 بالمائة فقط في عام 2019. كان من أهم أسباب انخفاض الأعداد في ذلك الوقت خضوع الشاحنات التي تمر عبر نفق اوروبا (Eurotunnel) بين إنجلترا وفرنسا لضوابط أكثر صرامة. لذلك عززت فرنسا من إجراءات التأمين والضوابط على السواحل بالتوازي مع الضوابط المشددة على الطرق والموانئ.

وتقوم قوات الدرك الوطنية الفرنسية - وهي أحد أفرع قوة الشرطة العسكرية - بدوريات على الساحل بصفة يومية، وعندما يكون الطقس جيداً، يتم تنفيذ دوريات مماثلة في البحر أيضاً.

يقود لودوفيك كولييه - نائب قائد قوات الدرك في كاليه - المهمة في أحد أيام بداية شهر أغسطس/آب. يبحر فريقه على الساحل في زورقين في الصباح الباكر من كاليه إلى بولون سور مير - وهي مدينة ساحلية بها ميناء للصيد - على بعد 40 كيلومتراً عن طريق البر.

يراقب لودوفيك كولييه - نائب قائد قوات الدرك في كاليه - حركة قوارب المهاجرين واللاجئين الراغبين في الفرار من فرنساصورة من: Mark Schellingerhout/DW

يقول كولييه إنه وفريقه يحظون برؤية جيدة من قاربهم لما يحدث على الشاطئ: "هدفنا هو التأكد من عدم ذهاب أي شخص إلى البحر لعبوره إلى بريطانيا .. بحر الشمال منطقة شديدة الخطورة."

وبينما يمخر القارب عباب المياه، يراقب كولييه الساحل من خلال منظاره. فجأة يشير إلى زملائه، ويبطئ القبطان. تم اكتشاف بعض الأشخاص على الشاطئ. يتحدث كولييه إلى قوات الأمن على الشاطئ عبر جهاز لاسلكي. يتنفس الجميع  الصعداء. لقد كانت هذه جلسة تصوير ولا توجد محاولة لمغادرة الأراضي الفرنسية.

بخلاف ذلك، يظل الأمر هادئًا بالنسبة للفريق خلال هذا اليوم. لكن في صباح اليوم التالي، تمكن زملاء كولييه على الساحل من منع مجموعة من المهاجرين من عبور البحر.

بعد فترة وجيزة ، في بولوني سور مير، صعدت دومينيك كونسيل، الممثلة المحلية للدولة الفرنسية في المنطقة على متن القارب.

ترى دومينيك كونسيل أن قوارب المراقبة في البحر ضرورية للغاية وتساهم في إنقاذ أرواح المهاجرين وطالبي اللجوءصورة من: Mark Schellingerhout/DW

تريد كونسيل أن ترى كيف تسير المهمة. من وجهة نظرها، تعتبر قوارب المراقبة في البحر ضرورية للغاية وتساهم في إنقاذ الأرواح: "نحن نتعامل مع شبكات تهريب جيدة التنظيم تعرض عائلات المهاجرين للخطر وتتقاضى الكثير من المال لنقل الأشخاص عبر البلاد وعبور البحر والحدود"، مضيفة أنه لذلك من المهم أن يتم تدمير هذه الشبكات.

قوانين بريطانية أكثر صرامة

تعهدت الحكومة البريطانية مؤخراً فقط بتقديم الدعم المالي للحرب التي تشنها السلطات الفرنسية على شبكات مهربي البشر، والمساهمة في فرض مزيد من الضوابط الحدودية، وقد بلغت قيمة هذا الدعم حوالي 63 مليون يورو لعامي 2021 و 2022.

لكن منظمات الإغاثة في كاليه تنتقد بشدة هذه الخطوة. ويعتقد بيير روكو من منظمة "يوتوبيا 56" غير الحكومية أن المزيد من الضوابط والمزيد من إجراءات الأمن المشددة لن يحسن - في رأيه - الوضع الكارثي في ​​المنطقة.

يرى الناشط الفرنسي بيير روكو أن المزيد من الضوابط والمزيد من إجراءات الأمن المشددة لن يحسن من الوضع الكارثي في ​​كاليهصورة من: Mark Schellingerhout/DW

ويقول روكو: "حدودنا في نهاية المطاف ليست مجرد باب (يمكن إغلاقه) .. الساحل طويل للغاية .. لا يمكنك وضع شرطي واحد على كل متر مربع هناك". ويوضح الرجل أن تصرفات السلطات الفرنسية هي مجرد "عمليات أمنية تدخل في إطار العلاقات العامة والدعاية".

وأكد روكو على أن كل ذلك لن يمنع المهاجرين من شق طريقهم للعبور إلى الجانب الآخر: "إنهم فقط مجبرون على تحمل مخاطر أكبر"، ودعا إلى إنشاء ممرات دخول قانونية وآمنة للمهاجرين واللاجئين.

من ناحية أخرى، تعمل بريطانيا على تشديد قوانينها، إذ يواجه اللاجئون والمهاجرون اليوم عقوبة السجن إذا ما عبروا الحدود بشكل غير قانوني.

ويقوم روكو بجمع الملابس التي تم التبرع بها في صناديق. وإلى جانبه تقف امرأة شابة تفرز الطعام. يريد روكو وزميلته العودة مرة أخرى في الليل وتوزيع ما معهم من طعام وملابس. سيعودون أيضاً إلى التقاطع المروري حيث ينتظر مهند القادم من السودان والعائلة القادمة من إريتريا وكل هؤلاء الذين لايزالون يحدوهم الأمل في الوصول إلى المملكة المتحدة في أقرب وقت ممكن.

مارينا شتراوس/ع.ح.

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW