هكذا أطلق مقتل جورج فلويد حركة تضامن مع السود ضد العنصرية!
٨ مارس ٢٠٢١
بعد عدة أشهر على مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد، يمثل ضابط الشرطة السابق المتهم بقتله أمام المحكمة. وإثر مقتل فلويد انتشرت المظاهرات الاحتجاجية في مختلف أنحاء أمريكا وحول العالم. لكن هل تحسن وضع السود بعد ذلك؟
إعلان
لمدة ثماني دقائق و 46 ثانية، ضغط ضابط الشرطة الأمريكي، ديريك تشوفين، بركبته على رقبة المواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد (46 عاماً). وبينما كان تشوفين يضغط على عنق فلويد في مدينة مينيابوليس الأمريكية في 25 أيار/ مايو من العام الماضي، كان الشرطيان، ألكسندر كونغ، و ج. توماس لين، يقيدان حركة فلويد المكبل اليدين.
كل ذلك حدث في الشارع، بجانب سيارة للشرطة، حيث قاموا بتثبيت فلويد على الأرض، بينما كان يصرخ كلماته الأخيرة متوسلاً "من فضلك، لا أستطيع التنفس" حوالي 20 مرة، في مشهد يذكر بما حصل لإريك غارنر، الذي توفي في حادثة مماثلة من قبل الشرطة الأمريكية عام 2014.
عندما فقد فلويد وعيه، لم يتحرك الضباط، ولم يتركه تشوفين وزملاؤه إلا عندما وصلت سيارة إسعاف - بعد حوالي دقيقتين من توقف نبضه، وفقاً للمدعين. ليتم إعلان وفاة فلويد في وقت لاحق في مستشفى محلي.
في ذلك الوقت، كان جورج فلويد أعزلاً، ووفقاً لبيان صادر عن قسم شرطة مينيابوليس، بدا أنه كان مخموراً ومشوشاً. في حين قالت الشرطة إنها كانت تستجيب لمكالمة مفادها أن رجلاً كان يحاول استخدام أوراق نقدية مزورة بقيمة 20 دولاراً - وكان الوصف مطابقاً لجورج فلويد. وبحسب الشرطة، عندما طُلب من فلويد الخروج من سيارته، قاوم رجال الشرطة بعد خروجه. وحاولوا فيما بعد إدخاله إلى سيارة الشرطة وثبتوه على الأرض، حيث ضغط تشوفين بركبته على رقبته إلى أن فارق الحياة.
صيف الاحتجاجات العالمية
في حين أن جورج فلويد لم يكن الشخص الأسود الوحيد الذي قضى نحبه على أيدي ضباط الشرطة الأمريكية، غير أن انتشار صوره ومقاطع الفيديو وهو يختنق ببطء في جميع أنحاء العالم، أشعلت موجة احتجاجات تدعم حركة "حياة السود مهمة"، وهي حركة تأسست في عام 2014 بعد إطلاق النار على المراهق الأسود تريفون مارتن، الذي كان أعزلاً.
نزل آلاف المحتجين إلى شوارع مينيابوليس، ومدن أخرى في مختلف أنحاء الولايات المتحدة - وفي بلدان كثيرة حول العالم، تعبيراً عن غضبهم لوفاة فلويد بهذه الطريقة ورفضهم للعنصرية.
في البداية، خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين في الولايات المتحدة في مسيرة سلمية، ولكن بعد يومين من وفاة جورج فلويد، تخللت بعض المظاهرات إأعمال شغب وعنف. ووردت أنباء عن أعمال نهب وتخريب وحتى إطلاق نار. وأضرمت النيران في سيارات، كما وقعت اشتباكات مع الشرطة. وتمت تعبئة الحرس الوطني، حيث اتهم مسؤولون حكوميون - بمن فيهم الرئيس السابق دونالد ترامب - بعض المتظاهرين بالانخراط في "الإرهاب الداخلي".
وفي الوقت نفسه، في بلدان أخرى حول العالم، أزيلت التماثيل التي ترمز إلى الظلم العنصري وطالب المتظاهرون بتكثيف جهود مكافحة العنصرية. ففي بلجيكا، قام المتظاهرون بتشويه رموز الملك البلجيكي ليوبولد الثاني، الذي استعمر جمهورية الكونغو الديمقراطية، وقتل في عهده ملايين الكونغوليين. في المملكة المتحدة، قام المتظاهرون بهدم وإلقاء تمثال لإدوارد كولستون، تاجر الرقيق في القرن السابع عشر. وفي ألمانيا، حدثت ما يمكن وصفها بأكبر الاحتجاجات خارج الولايات المتحدة للمطالبة بحساب ماضيها الاستعماري وموقفها من العنصرية في البلاد.
العنصرية في صفوف الشرطة الأمريكية
02:26
سبب تراكمي
ومن وحهة نظره، يرى الأستاذ في جامعة نيويورك المتخصص في الحركات الاجتماعية، ديفيد إلكوت، أن الأسباب التي دفعت بوفاة جورج فلويد إلى إثارة مثل هذا الغضب الشعبي الوطني والدولي متعدد الجوانب. وقال: "إن أحد أهم الأسباب هو تراكمي". مقارناً الحالة بالتأثير بالمعايرة، وهي طريقة كيميائية لتحديد تركيز السائل بقوله "لديك سائل صاف وتضيف قطرة واحدة وقطرتين وثلاث قطرات، ولا يحدث شيء.. ولكن عند إضافة القطرة الرابعة، فجأة يتغير لون كل شيء". كما انتشار فيديو مقتل فلويد ساهم في حشد المتظاهرين، حسب رأي أستاذ القانون في جامعة فلوريدا، كينيث نون. بالإضافة إلى ذلك، كان الفيديو الذي تم تداوله عن وفاة جورج فلويد مرعباً، بحسب نون، الذي يوضح بأن فلويد كان يتصرف بطريقة هادئة، وهو ما زاد من التعاطف معه.
أين وصلت الإصلاحات؟
وقعت حادثة فلويد المتبوعة بالاحتجاجات في ظل جائحة كورونا، التي كانت قد وصلت إلى الولايات المتحدة قبل شهرين، حيث انتهك المتظاهرون في العديد من المدن حظر التجول والقيود المفروضة التي تلزم بالبقاء في المنزل، من أجل التظاهر في الشوارع.
لكن على الرغم من الاحتجاجات والانتفاضات، لم يطرأ الكثير من التغيير فيما يتعلق بتطبيق القانون، كما يقول نون، ويضيف "المشكلة طويلة الأمد. في الولايات المتحدة، يتم تدريب الشرطة كما لو كانوا في حالة حرب". ويتابع نون "نحن بحاجة إلى الوصول إلى نقطة حيث لا تكون الشرطة مدربة للقيام بذلك. ولكن هذا سيستغرق بعض الوقت، في رأيي، لتغيير الوضع".
كاترينا لانكيس/ ر.ض
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
أدت الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد وضد سوء المعاملة الممنهج تجاه السود في الولايات المتحدة على أيدي الشرطة إلى مواجهات عنيفة. من جهته أكد الرئيس دونالد ترامب أن الجيش "جاهز ومستعد وقادر" على التدخل.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/J. Cortez
"لا أستطيع التنفس"
الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.
صورة من: picture-alliance/newscom/C. Sipkin
"العملاق اللطيف"
نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.
صورة من: picture-alliance/NurPhoto/O. Messinger
من السلمية إلى العنف
اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/J. Mallin
متاجر مخربة ومنهوبة
في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Pizello
"عندما يبدأ النهب ..."
هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.
صورة من: picture-alliance/ZUMA/K. Birmingham
وسائل الإعلام في مرمى النيران
استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.
صورة من: Getty Images/S. Olson
الغضب يتجاوز الولايات المتحدة
احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Soeder
عند باب ترامب الأمامي
احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.
صورة من: Reuters/J. Ernst
حظر التجول في المدن الأمريكية الكبرى
مددت نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وميامي وديترويت وواشنطن العاصمة ومدن أمريكية أخرى حظر التجول مع دخول الاحتجاجات الليلة السادسة. ولاية أريزونا في غرب البلاد فرضت حظرًا للتجوال على مستوى الولاية على مدار أسبوع بعد اشتباك المتظاهرين مع الشرطة. كما تم نشر حوالي 5000 جندي من الحرس الجمهوري في 15 ولاية أمريكية.
صورة من: Reuters/P.T. Fallon
ترمب والكتاب المقدس
في مواجهة تجدد الاحتجاجات يوم الأحد، هدد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات في "الدفاع عن سكانها". ثم سار ترامب من مقر إقامته إلى كنيسة في الحديقة، حيث كان يحمل إنجيلًا عالياً خلال فرصة لالتقاط الصور. هذا التصرف أثار استياء الأسقف ماريان إدغار بودي بعد أن زار ترمب كنسيتها دون إذن مسبق ودون الصلاة في الكنيسة.
صورة من: Reuters/T. Brenner
مظاهرات سلمية
رغم انتشار العنف بقيت عدة احتجاجات في الولايات المتحدة محافظة على سلميتها. في ساحة تايمز سكوير في مانهاتن في نيويورك، استلقى المتظاهرون على الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، محاكين الوضعية التي كان فيها فلويد عندما قتل. وعلى الرغم من لجوء بعض المتظاهرين إلى العنف، أشاد العديد من رؤساء البلديات والحكام الأمريكيين بمستوى الاحتجاجات.
صورة من: Getty Images/AFP/T.A. Clary
ركوع ضباط من الشرطة أمام المتظاهرين
لكن رغم تصاعد حدة العنف، فهناك مواقف أظهر فيها المتظاهرون وضباط الشرطة في الولايات المتحدة نوعاً من التضامن. إذ أظهرت فيديوهات منتشرة على التواصل الاجتماعي ضباط شرطة يركعون للتضامن مع المتظاهرين. يشير الركوع إلى لاعب كرة القدم السابق في اتحاد كرة القدم الأميركي كولين كايبرنيك، الذي احتج على بهذه الوضعية خلال النشيد الأمريكي ضد العنصرية وعنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة. كرستيان كوبلر/س.أ