يحاول العلماء حاليا الخروج بتكنولوجيا قد تنقذ الأرض من التغير المناخي، ولكن الحل قد يكون في المحيطات والتربة والنباتات. فكيف بإمكانها المساهمة في إنقاذ البيئة؟
إعلان
وصلت انبعاثات الكربون السنوية مؤخرا إلى نحو 12.000.000.000 طن (12 غيغاطن)، وارتفاع انبعاثات الكربون تؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة أيضا.
ونحو نصف هذه الانبعاثات تبقى في الغلاف الجوي، والنصف الآخر تمتصه الطبيعة، من خلال التربة والمحيطات والنباتات، وهذه "البالوعات" الطبيعية للكربون تخفف من حدة التغير المناخي بشكل فعال أكثر من أي تكنولوجيا بشرية.
كما أن البشرية تنتج الآن كميات من الكربون تفوق ما تستطيع الطبيعة معالجته، وبالتالي فإن كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي ترتفع بسرعة.
"البالوعات" النباتية
تستوعب غابات العالم ما مجموعه 15.6 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، وهذا هو ثلاثة أضعاف الانبعاثات للولايات المتحدةفي السنة. ولكن حوالي نصفه يتسرب مرة أخرى إلى الغلاف الجوي بسبب إزالة الغابات وحرائق الغابات. وفي جميع أنحاء العالم، تسبب إزالة الغابات ما يعادل خمس جميع الغازات التي ينتجها البشر على الإطلاق.
إنشاء غابات إضافية يساعد على تعزيز بالوعة الكربون النباتية، ولكن هذا ليس الخيار الأفضل، كما يقول جاريد ميسينغر، مدير مبادرة الاستعادة العالمية في منظمة البحوث البيئية لمعهد الموارد العالمية: "الإشراف على البرنامج مكلف للغاية"، وسيكون من الأرخص السماح للغابات بالنمو بشكل طبيعي في المناطق المفتوحة.
شركات النفط وانبعاثات الكربون
07:59
أحواض التربة
التربة لا تمتص ثاني أكسيد الكربون بسرعة، ولكنها تتفوق على الغطاء النباتي في الكمية التي تخزنها. فحوالي نصف التربة في وسط أوروبا، على سبيل المثال، تتكون من الكربون.
وعلى الصعيد العالمي؛ تحتوي التربة على ما يقرب من ضعف ثاني أكسيد الكربون والنباتات الحية والغلاف الجوي مجتمعة. غير أن مدى جودة تخزين الكربون يعتمد على نوع التربة والغطاء النباتي والمناخ.
وتعتبر أراضي الخث (الأنسجة النباتية) والمستنقعات الأفضل كبالوعات الكربون، وتمتص حوالي ثلث إجمالي ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه التربة، على الرغم من أنها لا تشكل سوى 3٪ من مساحة الأرض في العالم.
واستنزافها يعرض الطبقات الموجودة تحتها للأكسجين، مما يؤدي إلى عملية تحلل تطلق ثاني أكسيد الكربون. ويسبب التحلل أيضاً انتاج أكسيد النيتروز، وهو حوالي 300 مرة أكثر ضررا على المناخ من الكربون.
الغبار، أو على وجه التحديد غبار البازلت، يمكن أن يحسن قدرات تخزين الكربون في التربة، ونشره لمرة واحدة عبر قطعة أرض صالحة للزراعة بحجم آسيا من شأنه أن يخزن 2.5 غيغاطن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
وهذا يعادل الانبعاثات السنوية في الهند، ويقدر باحثون آخرون أن المكاسب المناخية يمكن أن تكون ضعف ذلك.
ومع ذلك، لا يمكن للنباتات والتربة أو الغبار مضاهاة الإمكانات الهائلة للمحيطات، فالبحار تخزن ما يصل إلى 80٪ من الكربون في العالم. ومن الناحية النظرية، يمكنها امتصاص 95٪ من غازات الاحتباس الحراري التي يصنعها الإنسان، ولكن هذا سيستغرق وقتا طويلا.
إذ قد يستغرق الأمر قرونا حتى تغرق جزيئات ثاني أكسيد الكربون من السطح وتخزن في أعماق البحار. وفي الوقت نفسه، فإن تركيز الكربون على السطح يخفض امتصاص الانبعاثات الجديدة.
بالصور: "رئات" الأرض تصرخ لحمايتها من عبث الإنسان!
تعهدت أكثر من مئة دولة خلال قمة المناخ في مدينة غلاسكو الاسكتلندية بوقف تدمير الغابات بحلول عام 2030. في التقرير المصور، نستعرض أهم غابات العالم التي باتت تعرف بـ"رئات الأرض" وهي في أمس الحاجة إلى الحماية.
صورة من: Sergi Reboredo/picture alliance
غابات الأمازون المطيرة
تعد غابات الأمازون حوضا أو "بالوعة" لامتصاص الكربون إذ توصف بـ"رئة الأرض" وواحدة من أكثر الأماكن تنوعا بيولوجيا في العالم. بيد أن عقودا من القطع الجائر للأشجار على نطاق واسع وتربية الماشية قضى على قرابة مليوني كيلومتر مربع من مساحة غابات الأمازون فيما بقي أقل من نصف المساحة المتبقية تحت الحماية. كشفت دراسة أن بعض أجزاء الغابات أصبحت تصدر في الوقت الحالي كميات من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تمتصه.
صورة من: Florence Goisnard/AFP/Getty Images
غابات التايغا
تُعرف غابات التايغا بالغابات الشمالية أو الصنوبرية وتتمتع بمناخ شبه قطبي. وتمتد هذه الغابات عبر الدول الاسكندنافية وأجزاء كبيرة من روسيا. تتباين أوجه حماية غابات التايغا من دولة إلى أخرى. فمثلا في شرق سيبيريا وخلال الحقبة السوفيتية وفرت إجراءات صارمة لحماية غابات التايغا فلم يلحقها الضرر، بيد أن الانكماش الاقتصادي في روسيا لاحقا أدى إلى ارتفاع معدل قطع الأشجار إلى مستويات مدمرة.
صورة من: Sergi Reboredo/picture alliance
الغابات الشمالية في كندا
تعد إحدى أهم الغابات القبطية التي تقع في نصف الكرة الشمالي وتمتد من ألاسكا إلى كيبيك لتغطي ثلث مساحة كندا. تقع قرابة 94 بالمائة من مساحة هذه الغابات داخل كندا التي تعتبرها أراضٍ عامة وخاضعة لإدارة وسيطرة الدولة، بيد أن المنطقة الخاضعة للحماية لا تتجاوز سوى 8 بالمائة منها. وتعد كندا أحد أكبر المصدرين للمنتجات الورقية في العالم لذا يتم قطع 4 آلاف كيلومتر مربع من مساحة هذه الغابات سنويا.
صورة من: Jon Reaves/robertharding/picture alliance
الغابة المطيرة الاستوائية في الكونغو
تعتبر من أقدم الغابات المطيرة وأكثرها كثافة في العالم ويغذيها نهر الكونغو. الغابة المطيرة الاستوائية في الكونغو موطن للحيوانات الإفريقية الأكثر شهرة لا سيما الغوريلا والأفيال وقرود الشمبانزي وهي أيضا غنية بالمعادن النفيسة مثل الذهب والماس. تحولت هذه الثروات من نعمة إلى نقمة فقد أدى التعدين والصيد إلى زيادة عمليات القطع الجائر للأشجار. هناك تحذيرات من أنها ستختفي بحلول عام 2100.
صورة من: Rebecca Blackwell/AP Photo/picture alliance
غابات بورنيو الاستوائية المطيرة
تتميز غابات بورنيو بالتنوع الأحيائي إذ يبلغ عمرها أكثر من 140 مليون سنة وتقع في جزيرة بورنيو وتتقاسمها ماليزيا وإندونيسيا وبروناي. وتوفر المأوى للمئات من الحيوانات المهددة بالانقراض مثل إنسان الغاب السومطري الذي يُعرف بالقرد الأحمر ووحيد القرن السومطري. وعلى مر العصور، تم تدمير مساحات شاسعة من غابات بورنيو للاستفادة من أخشاب الأشجار أو استبدال مساحات منها بمزارع زيت النخيل أو استخراج المعادن.
صورة من: J. Eaton/AGAMI/blickwinkel/picture alliance
غابة بريموري في روسيا
تقع غابة بريموري وهي غابة صنوبرية في أقصى شرق روسيا إذ تعد موطنا للنمور السيبيرية النادرة وغيرها من الحيوانات الأخرى المهددة بالانقراض. وبسبب قربها من المحيط الهادئ، تشهد الغابة اختلافا في المناخ فخلال الصيف يصبح الطقس استوائيا وقطبيا خلال فصل الشتاء. بقيت الغابة على حالها دون ضرر بشكل كبير وذلك بسبب موقعها البعيد عن البشر وأيضا تدابير الحماية. تسارعت وتيرة قطع الأشجار ما بات مصدر تهديد لها.
صورة من: Zaruba Ondrej/dpa/CTK/picture alliance
غابات فالديفيان المطيرة المعتدلة
تقع غابات فالديفيان في تشيلي والأرجنتين وتغطي شريطا ضيقا من الأرض يمتد من المنحدرات الغربية لجبال الأنديز والمحيط الهادئ. تشتهر غابات فالديفيان بالعديد من النباتات والأشجار كأشجار الزان بطيئة النمو. بيد أن القطع الجائر للأشجار يمثل تهديدا لهذه الأشجار حيث تم استبدالها بأشجار الصنوبر والكافور سريعة النمو لكن هذه الأشجار لا تحافظ على التنوع البيولوجي. إعداد: منير غايدي/م.ع
صورة من: Kevin Schafer/NHPA/photoshot/picture alliance