هكذا ساهمت شركة ألمانية في فظائع معسكرات الاعتقال النازية!
٢٣ يناير ٢٠٢٠
لعبت شركة "توبف أوند زونه" الألمانية دورا محوريا في جعل معسكرات الاعتقال النازية أكثر فظاعة. فكيف انخرطت هذه الشركة في معاملات تجارية مع النظام النازي، وما هي الخدمات التي كانت تقدمها؟
أحد أفران شركة توبف أوند زونه في معسكر الاعتقال النازي في أوسشفيتسصورة من: picture-alliance/dpa/J. Woitas
إعلان
عند نهاية الحرب العالمية الثانية، كان جنود التحالف في كل معسكرات الاعتقال التي يدخلونها سواء في أوسشفيتس بيركناو أو بوخنفالد أو داخاو وماوتهاوزن يصادفون جبالا من الجثث وأيضا محارق تحمل شعار شركة ألمانية هي "جي إي توبف أوند زونه" (J.A. Topf & Sِhne).
هذه الشركة العائلية المشهورة، التي كان مقرها في مدينة إيرفورت انخرطت في معاملات تجارية مع فرقة الوحدات النازية الخاصة، وكانت تزود معسكرات الإبادة بمعدات جعلت ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أمرا ممكناً.
فرقة الوحدات النازية الخاصة تطلب أول محرقة
كان معسكر الاعتقال في بوخنفالد هو أول مكان تدخله الأفران، بعدما ارتفع عدد القتلى بين معتقليه جراء التعذيب وانتشار الأمراض الفتاكة. هذا الوضع جعل إدارة معسكر الاعتقال أمام مشكل كبير، خاصة بعد امتلاء معسكرات الاعتقال بسبب الهجوم على بولندا في سبتمبر/ أيلول بمعتقلين جدد، حيث شهد معتقل بوخنفالد عدة حالات للموت الجماعي.
وكانت فرقة الوحدات النازية، حتى قبل بداية الحرب تبحث عن إمكانية لإنشاء محرقة على أرض المعسكر. كورت بروفر رئيس المهندسين في شركة "توبف أوند زونه" وضع أول تصميم لمحرقة متحركة. وكانت هذه المحرقة بمثابة "انفصال عن ثقافة وقانون حرق الجثث بشكل آدمي، بعدما أصبحت الجثث البشرية تحرق داخلها مثلما تحرق النفايات"، كما كتبت أنغريت شوله أمينة موقع النصب التذكاري المتواجد في الأرض التي كانت تضم شركة توبف أوند زونه" سابقاً.
مقر شركة توبف أوند زونه في إيرفورت (الصورة تعود لعام 1935)صورة من: Erinnerungsort Topf & Söhne
من يبني أفضل فرن لمصانع الموت؟
بعد التصميم الأول، اقترح المهندس بروفر على الوحدات النازية فرن جديد يضم غرفتي احتراق. هذا النموذج سيتم استخدامه في عام 1939 في معسكر الاعتقال في داخاو. وبعد ذلك سيقوم بروفر بتطوير أول فرن ثابت في مركز الاعتقال. وكانت شركة "توبف أوند زونه" فخورة بهذا الفرن لدرجة أنها سجلت براءة اختراعه باسمها.
بعدما قررت القيادة النازية جعل معسكر أوشفيتس بيركيناو هو الموقع المركزي للهولوكوست، وصل تواطؤ الشركة المتخصصة في بناء الأفران مستويات عالية. وتقول شوله بهذا الخصوص: "بعد اكتشاف القوات النازية إمكانية قتل الآلاف من الناس في دقائق قليلة عن طريق استخدام غاز "الزيكلون باء، أصبحت تواجه مشكلة إخفاء هذه الأعداد الهائلة من الجثث". وقد وجد النازيون في الأفران القوية لشركة "توبف أوند زونه" الحل الأنسب لحل مشكلتهم.
وكان عمال الشركة، ومن بينهم فني التركيب هاينريش ميسينغ، يقضون وقتا طويلا في معسكر أوشفيتس، حيث كانوا شاهدين على أبشع جرائم القتل الجماعي.
بعد هزيمة النازيين في مايو/ أيار عام 1945، قام لودفيغ توبف بوضع حد لحياته بعدما أبلغه ضباط أمريكيون بأمر اعتقاله. وترك وراءه رسالة وداع أكد فيها على براءته. وكتب لودفيغ توبف يقول "الشعب في حاجة إلى ضحايا، وأنا أريد أن أفعل ذلك بنفسي. كنت إنسانا محترما على عكس النازي، والعالف كله يعرف ذلك".
أما بالنسبة لأخيه إيرنست فولفغانغ توبف، فقد فر إلى مناطق الاحتلال في الغرب، حيث أعاد بناء الشركة وتم إلغاء متابعته. لكن بعد ظهور كتاب جديد لأحد الضحايا الناجين من معسكرات الاعتقال جعل الرأي العام في ألمانيا الغربية آنذاك يتعرف على نشاطات الشركة في الفترة النازية. وقد تعرضت الشركة للإفلاس بعما فشلت في الحصول على قروض. أما رئيس المهندسين في الشركة كورت بروفير، فقد توفي عام 1950 في أحد المعتقلات السوفييتية.
إحياء ذكرى الهولوكست.. كي لا تتكرر أسوأ جريمة في تاريخ البشرية
بحلول الذكرى السنوية ألـ 75 لتحرير معسكر الإبادة النازية "أوشفيتز"، تشارك أكثر من 50 دولة في فعالية ينظمها مركز ياد فاشيم في القدس. الخارجية الإسرائيلية وصفت الفعالية بأنها "أكبر حدث سياسي" منذ تأسيس دولة إسرائيل.
صورة من: Holokauszt Emlékközpont, Budapest
يشارك في الفعاليات التي تقام في أورشليم/ القدس اليوم الخميس 23 كانون الثاني/ يناير وفود من نحو 50 دولة لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز. وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن التجمع في مركز ياد فاشيم لضحايا الهولوكست، يعد "أكبر حدث سياسي" منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Zvulun
يشارك في الفعالية رؤساء كل من فرنسا وألمانيا وروسيا، وكذلك ملوك إسبانيا وهولندا وبلجيكا إضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والأمير البريطاني تشارلز. وتعتبر إسرائيل الحضور الكبير علامة على التضامن في وقت تتصاعد فيه معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.
صورة من: picture-alliance/abaca/E. Blondet
وتأتي هذه الفعاليات بمناسبة مرور 75 عاما على تحرير معسكر الاعتقالات والإبادة النازي "أوشفيتز" في 27 كانون ثاني/ يناير عام 1945 على يد القوات السوفيتية. وتقام الفاعلية تحت شعار "تذَكُر الهولوكست، مكافحة معاداة السامية"، وذلك في ظل تصاعد المشاعر المعادية للسامية.
صورة من: Reuters/R. Zvulun
الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير جدد التأكيد خلال مشاركته في الفعالية على مسؤولية بلاده في المحرقة وقال "إننا نكافح معاداة السامية، إننا نتحدى سم القومية، إننا نحمي الحياة اليهودية، إننا نقف إلى جانب إسرائيل. هذا التعهد أجدده هنا في ياد فاشيم أمام أعين العالم". وأضاف "أنحني بشدة" لذكرى "القتل الجماعي لستة ملايين يهودي، ارتكب أبناء بلدي أسوأ جريمة في تاريخ البشرية".
صورة من: Reuters/A. Safadi
ويعتبر معسكر الاعتقال والإبادة النازي "أوشفيتز- بيركناو"، الذي أقامه النازيون في بولندا التي كانت في ذلك الوقت قد وقعت تحت الاحتلال النازي، رمزا للمحرقة النازية (الهولوكست). مليون إنسان قضوا نحبهم في هذا المعسكر سيء الذكر.
صورة من: Holokauszt Emlékközpont, Budapest
زار أكثر من 25 مليون شخص معسكر اعتقال أوشفيتز السابق النصب التذكاري لضحايا المحرق، منذ افتتاحه للزوار في عام 1947. وحاليا يستقبل المعسكر مليوني زائر من جميع أنحاء العالم يأتون إلى هناك كل عام.
صورة من: AP
واليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة ( 27 يناير/كانون الثاني) تم اعتماده من قبل الأمم المتحدة في 1 نوفمبر 2005 لتخليد ذكرى المحرقة النازية والإبادة الجماعية التي أسفرت عن مقتل 6 ملايين يهودي. وبقرارها هذا تحث الجمعية العامة للامم المتحدة دول العالم على إحياء هذه الذكرى وذلك لتجنيب الأجيال القادمة من القيام بعمال الإبادة الجماعية.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
يرفض القرار الأممي (60/7) أي إنكار للمحرقة ويدين جميع مظاهر التعصب الديني أو التحريض أو المضايقة أو العنف ضد الأشخاص أو المجتمعات على أساس الأصل العرقي أو المعتقد الديني. كما يدعو إلى الحفاظ على مواقع حدوث الهولوكست والتي كانت بمثابة معسكرات الموت النازية ومعسكرات الاعتقال ومعسكرات العمل القسري والسجون، وكذلك إنشاء برنامج دولي للتوعية وتعبئة المجتمع من أجل ذكرى المحرقة النازية. اعداد: علاء جمعة