هكذا علّق الإعلام العربي على "اعتزال" ميركل السياسة!
٣٠ أكتوبر ٢٠١٨
حظي إعلان المستشارة ميركل نيتها التخلي عن رئاسة حزبها وعدم الترشح لمنصب المستشار بعد 2021، باهتمام وسائل الإعلام العربية وتعليقات رواد مواقع التواصل. ما هي الزوايا التي تم بها تناول الخبر؟ وما مدى عمق ذلك التناول؟
إعلان
غطت معظم وسائل الإعلام العربية والناطقة باللغة العربية خبر إعلان المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عد ترشحها لرئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في كانون الأول/ديسمبر المقبل وكذلك نيتها عدم الترشح لمنصب المستشارية عام 2021. وجاء إعلان ميركل بعد أشهر من الأزمات الحكومية وغداة انتخابات في مقاطعة هسن مُني حزبها خلالها بخسارة كبيرة.
وقالت ميركل (64 عاماً) إن "الصورة التي ترسلها الحكومة إلى الخارج غير مقبولة". وأضافت إن الانتكاسات الانتخابية مثلما حدث الأحد (الماضي) في مقاطعة هيسن كانت "نقطة تحول، لكنها قد تقدم فرصة" بالنسبة للأحزاب السياسية الرئيسية لإيجاد طريق للمضي قدماً.
وتناول بعض رواد وسائل التواصل الخبر من زاوية مقارنته مع إعلان الحزب الحاكم في الجزائر نيته ترشيح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. الصحفي السوري اللاجئ في ألمانيا والكاتب في الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة القطرية، جورج كدر، قارن في بوست على فيسبوك بتندر بين القرارين ووصف عبد العزيز بوتفليقة بـ"مومياء" الجزائر.
"فتح" الحدود هو السبب
بدورها، ذهبت صحيفة "رأي اليوم" في افتتاحيتها إلى أن الخبر جاء كـ"وقع الصاعقة" على الملايين داخل ألمانيا وخارجها، مضيفة أنه "من الصعب تعويض زعامتها وأن مكانها سيبقى خالياً ربما لعقود قادمة". وأشادت الصحيفة بميركل وطريقة عيشها المتواضعة.
وسياسياً جزمت الصحيفة الإلكترونية، التي يرأس تحريريها عبد الباري عطوان، أن سياساتها "ذات الطابع الإنساني" الخاصة بالهجرة وفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين هي التي تسببت بخسارتها الأخيرة لانتخابات ولاية هيسن وتقهقر دورها في العامين الماضيين.
غير أن الصحيفة ختمت بضرورة احترام الخيار الديمقراطي وحكم صناديق الاقتراع "الذي لا مفر من احترامه لأنه يشكل الضمانة لاستقرار المجتمعات واستمرار نهضتها حتى لو اختلفنا من منظورنا الشرق الأوسطي الرافض لليمين العنصري مع بعض نتائجه".
مسؤول ملف الهجرة واللجوء في أوروبا في "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" محمد كاظم هنداوي شدد في فيديو قصير على أن من استقبل اللاجئين هو القانون الأوروبي وقانون حقوق الإنسان وليست السيدة ميركل وأن القانون موجود قبل تسلمها منصبها، ولم ينسَ هنداوي الإشادة بدورها في تحسين أوضاع اللاجئين:
"الداهية البراغماتية"
صحيفة الشرق الأوسط السعودية وصفت ميركل بـ "المحاربة" ونقلت عن الكثيرين وصفها بأنها "داهية" و"أقوى" قائد في أوروبا. وأرجعت الصحيفة، التي تصدر في لندن، هزيمة ميركل إلى الانتكاسات الانتخابية المتعاقبة والأزمات الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي والتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست). ولم يفت الصحيفة الإشارة إلى "ارتكاب" ميركل أخطاء سياسية، وذكّرت هنا بما يقول البعض من فتح الحدود أمام اللاجئين وارتدادات القرار ووقعه المجتمعي.
ووضعت الصحيفة ميركل في ميزان واحد مع شارل ديغول ومارغريت تاتشر لبقائهم مدة طويلة في الحكم، على عكس ما هو معمول به في الديمقراطيات الغربية: "التاريخ الحديث يخبرنا أن على القادة في أوروبا تحديداً الانسحاب في الوقت المناسب حفاظاً على المنجزات والرصيد".
وختمت الصحيفة بالقول إن ميركل هي "حاكم براغماتي وحكيم في عالم يحتاج إلى الكثير من البراغماتية والحكمة".
الخبير بالقانون الدولي والأكاديمي من أصل مصري محمود رفعت. اعتبر أن ميركل قدمت نموذجاً أخلاقياً للسياسي:
ومحمود رفعت يرأس "المعهد الأوروبي للقانون الدولي والعلاقات الدولية" وكان المنسق في الخارج لحملة ترشح رئيس أركان الجيش المصري الأسبق الفريق سامي عنان للرئاسة أمام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي.
"ماما ميركل" و"زعيمة باردة"
وذهبت هبت بعض وسائل الإعلام العالمية الناطقة بالعربية، أعمق من مجرد التناول الإخباري؛ حيث أنجزت قناة العربية فيديو ركزت فيه على جوانب من حياة المستشارة ورؤية اللاجئين لها كـ"ماما ميركل" ورؤية نظرائها الأوروبيين لها بأنها "زعيمة باردة خالية من المشاعر وتفرض التقشف على شركائها".
كما استعرض القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية حياة ميركل السياسية في ألبوم صور.
قناة "روسيا اليوم" تساءلت في فيديو: "هل اغتال اللاجئون مستقبل ميركل السياسي؟". ونوهت القناة إلى تعليل مراقبين لخسائر ميركل بفتح الحدود أمام اللاجئين، وكذلك أشارت إلى تزايد شعبية اليمين الشعبوي. وختمت الفيديو بتوجيه سؤال للمشاهد: "برأيك، لماذا قررت ميركل الانسحاب من الحياة السياسية".
وكالة أنباء سبوتنيك الروسية عنونت إحدى مقالاتها "خبير: رحيل ميركل يمكن أن يؤثر سلباً على العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي". ونقلت الوكالة تشكيك رئيس تحرير مجلة "أوروبا المعاصرة" المؤرخ فيكتور ميرونينكو "في وجود سياسي ألماني آخر يمكنه دعم روسيا بشكل أكبر".
خالد سلامة
نهاية حقبة في ألمانيا - ميركل تحدد موعد رحيلها السياسي
عندما تولت منصب مستشارة ألمانيا في عام 2005، كانت أنغيلا ميركل مفعمةً بالأمل، ونجحت في سنواتها الأولى. لكن أمام تراجع شعبية حزبها في انتخابات البرلمانات المحلية، أعلنت ميركل أنه "حان الوقت" لتفتح ألمانيا "صفحة جديدة".
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
قرار سريع بعد انتخابات هيسن
رغم أن الضغوط كانت قوية إلا أن كثيرين لم يتوقعوا أن يأتي الرد بهذه السرعة. فبعد ساعات من التراجع الكبير لحزبها في انتخابات ولاية هيسن بقيادة فولكر بوفيير (الصورة)؛ أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الإثنين (29 أكتوبر/ تشرين الأول 2018) أنها لن تترشح مجددا لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي قضت 18 عاما من حياتها السياسية رئيسة له.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
حلفاؤها في بافاريا يسجلون خسارة تاريخية
وسبق التراجع الكبير لحزب ميركل في هيسن، خسارة تاريخية للحزب المسيحي الإجتماعي (البافاري) برئاسة زيهوفر (الصورة) في الانتخابات في بافاريا، التي نُظَّمت الأحد (14 تشرين الأول/ أكتوبر 2018). وحصل الحزب على 37.2 في المائة من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة له منذ نحو 60 عاما. وبهذه النتيجة بدأت الضغوط تتزايد على ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Hoppe
ائتلاف ميركل الكبير يتراجع
صعود ميركل كأول امرأة إلى منصب المستشارة عام 2005 أصبح ممكنا بفضل ما عرف بالائتلاف الكبير، الذي يضم حزبها المسيحي الديمقراطي وشقيقه المسيحي الاجتماعي (التحالف المسيحي) إضافة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لكن بعد انتخابات بافاريا تراجعت بحدة شعبية هذا الائتلاف الكبير فقد نشرت القناة الثانية الألمانية استطلاعا للرأي، بلغت فيه شعبية التحالف المسيحي 27%، أما الاشتراكيون فحصلوا على 14%.
صورة من: picture-alliance/AP/M. Sohn
أزمة اللاجئين تؤدي لتراجع شعبية ميركل
خلال سنواتها الـ13 في منصب المستشارة حققت ميركل نجاحات كبيرة خصوصا على المستوى الاقتصادي ومسرح السياسة الدولية، وإلا لما أعيد انتخابها لثلاث ولايات أخرى. غير أن سياسة "الباب المفتوح" أمام اللاجئين بداية من عام 2015 أدت إلى تذمر الناخبين الألمان، خصوصا مع وقوع هجمات إرهابية وجرائم جنائية نفذها لاجئون. والنتيجة هو صعود اليمين الشعبوي.
صورة من: Reuters/F. Bensch
اليمين الشعبوي لأول مرة في البوندستاغ
استغل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، اليميني الشعبوي تذمر قطاع عريض من الألمان من سياسة اللجوء، ليحقق النجاح في ولايات الشرق ويدخل البرلمان الألماني (بوندستاغ) في انتخابات خريف 2017 لأول مرة في تاريخه. وفي 2018 بدأ الحزب ينجح في دخول كافة برلمانات الولايات التي أجريت فيها انتخابات وبنسب مرتفعة. ليحمل متابعون سياسة ميركل السبب في صعود اليمين بهذا الشكل.
صورة من: picture-alliance/dpa/B. von Jutrczenka
مشهد لن يتكرر
قسم ميركل اليمين الدستورية كمستشارة لألمانيا لولاية رابعة في مارس/ آذار 2018 لن يتكرر من جديد، فهي لن تترشح لانتخابات البرلمان الألماني (بوندستاغ)، المقررة في خريف 2021، وبذلك لن تكون أمامها فرصة لتولى منصب المستشارية. وستخرج ميركل برغبتها من الحياة السياسية الألمانية كلها، إن لم تضطر للخروج مبكراً لسبب ما.
صورة من: Reuters/K. Pfaffenbach
"لم أولد مستشارة لألمانيا"
خلال إعلانها التاريخي في برلين عن عدم تشرحها من جديد لمنصب المستشارة قالت ميركل (64 عاما) "لقد قلت مرة إنني لم أولد كمستشارة وهذه المقولة لم أنسها أبدا". وفي هذه الصورة نرى الطفلة أنغيلا ميركل، عندما كان سنها نحو ثلاثة أعوام. وكبرت ميركل وأصبحت مستشارة لألمانيا وتوجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية، كما أصبحت أشهر سياسية في العالم في السنوات الأخيرة.
صورة من: imago
ابنة القس
ترعرعت أنغيلا ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. كان والدها قس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية "إنجي" واثنين من إخوتها الصغار. ولم يكن أحد يعتقد أن أنغيلا دوروثيا كازنر، ستصبح أقوى امرأة في العالم. لكن صفات كالاجتهاد والموضوعية وضبط النفس والتواضع كانت وراء هذا النجاح الخارق.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
مشجعة كرة
تعد ميركل من أكثر المتابعين لمنتخب بلادها لكرة القدم، إذ كانت من أبرز الحاضرين في نهائي كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين في البرازيل. وقد تفاعلت المستشارة مع مجريات المباراة، لتتوجه بعدها إلى غرفة تغيير ملابس اللاعبين وأخذت صورا تذكارية معهم، معبرة عن فخرها بالمنتخب الألماني وإنجازاته.
صورة من: Reuters
أصول بولندية
تظهر هذه الصورة غريتا ولودفيغ جدي المستشارة الألمانية، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوسن ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. وعندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
تلميذة مجتهدة
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
طالبة الفيزياء
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دارسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. وفي ذلك الوقت التقت بزوجها الأول أولريش ميركل، الذي قال عنها إنها كانت تحب السفر. في هذه الصورة تظهر ميركل في العاصمة التشيكية براغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
البداية من القمة
بعد انفصال ميركل عن زوجها الأول زاد اهتمامها بالمجال السياسي، حيث انخرطت في الحزب المسيحي الديمقراطي. وبعد تجاوزها العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجل لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
صعود سريع
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters
"Mutti"
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا. الكاتبة الألمانية جولي زيه خصصت لها قطعة مسرحية بعنوان "Mutti" أي "الماما".