بين عامي 2009 و2016 كان نجم بايرن ساطعا في سماء الكرة الأوروبية، ومحكما بقضبة الدوري الألماني. اليوم تغيرت الأمور، لكن ما هي الأسباب؟ وكيف قضى الفريق البافاري على فلسفته بنفسه؟
إعلان
حين سئل مدير نادي بايرن ميونيخ لكرة القدم من قبل صحفيي مجلة "شبورت بيلد" الألمانية عن فلسفة ناديه، وذلك في إطار البحث عن مدرب جديد عقب إقالة نيكو كوفاتش، ردّ كارل هاينز رومينيغه قائلا: "نحن نبحث عن مدرب يرفع من طريقتنا في الاستحواذ على الكرة، وذلك إلى ذات المستوى الذي كنا عليه تحت قيادة كارلو أنشيلوتي، ويوب هاينكس وبيب غوارديولا. إنها فلسفة بايرن ميونيخ".
من يستمع إلى كلام رومينيغه يعتقد أن المدربين الثلاثة عملوا على خط واحد، وأنهم تعاقبوا على الفريق لإتمام ما أنجزه الآخر، لكن في واقع الأمر كل مدرب كان يغني على كرته منفردا.
غوارديولا يضع الأساس
مؤسس فلسفة الاستحواذ على الكرة في بايرن وبدون منازع هو بيب غوارديولا. معه عرف البايرن تطورا لسياسة اللعب التموضعي، الذي أدخله قبله المدرب الهولندي لويس فان خال.
نجح غوارديولا في إنشاء منظومة متطورة داخل النادي الألماني، لكنها بقيت تجربة غير مكتملة برحيله في عام 2016 إلى مانشستر سيتي الإنجليزي.
أنشيلوتي يستلم
بعد رحيل غوارديولا سارعت إدارة النادي إلى التعاقد مع الإيطالي كارلو أنشيلوتي. والمهمة التي أوكلت إليه هو تليين منظومة بيب المحكمة نحو خلق مساحات أفقيا. هذه المحاولة نجحت في البداية لكنها أثبت عن فشلها بعد ذلك، لأن أنشيلوتي فشل في تطوير خطته، وكان عليه الذهاب.
وهذا يعني أن مبادئ فلسفة اللعب التموضعي التي تم العمل بها من قبل فان خال، إلى يوب هاينكس ثم بيب غوارديولا، تبخرت مع الهواء.
وكان هذا هو الأساس الذي منح بايرن تميزا وقوة، حتى باتت الأندية الكبرى تخشاه، والدليل إقرار مدرب أتلتيكو مدريد سيميوني في موسم 2015/16 بـأنه في دوري الأبطال واجه "واحدا من أقوى المنافسين على الإطلاق".
قوة البايرن كانت تكمن آنذاك في "عصر" المنافس، وكأنه داخل ماكينة. وأورد موقع "فوكوس" الألماني في تقرير نشر الجمعة (20 ديسمبر/ كانون الأول) متحدثا عن هذه الفترة بأن الضغط، والتموضع والتمريرات جميعها كانت مدروسة بدقة...وعند كل حالة، كان اللاعبون يجدون مخرجا أو اثنين. ويضيف التقرير كان واضحا أن لاعبي البافاري كانوا يدركون تطورات اللعب قبل حدوثها، ما ساعدهم على السرعة في ردة الفعل، بشكل أدهش المنافسين".
بتسلم أنشيلوتي دخلت الماكنة البافارية مرحلة "التعطل"، وبدا ذلك وضحا، حين استلم صديق رومينغه يوب هاينكس بعد ذهاب المدرب الإيطالي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن هاينكس فشل في إعادة المنظومة الى سابق عهدها.
ظاهرة "ميا سان ميا" - بايرن ميونيخ - قصة نجاح عالمية
01:29:50
توقف الماكينة البافارية
الأمور سوف تتدهور بشكل ملحوظ بالتعاقد مع المدرب نيكو كوفاتش، وهو القرار الذي لم ينجم عن دراسة لمستلزمات وضع الفريق، بقدر ما كان حلا توافقيا في ظل صراع السلطة الدائر خلف أروقة "أليانس أرينا". وكانت النتيجة فشل ذريع للتجربة. وهذا لم يفاجئ أحدا، بحكم أن مدربا بفلسفة اللعب الدفاعي، لا يمكنه إعادة تشغيل ماكينة بأزرار غريبة عنه.
آثار ذلك لم تظهر على مستوى دوري الأبطال فحسب، بل حتى على مستوى البوندسليغا، مملكة الأسد التي عادة ما يتجول فيها بمنفرده. هناك ظهر مدربون جدد بأفكار متطورة وعصرية، مقابل جمود بافاري ملفت، والنتيجة أن حتى فريقا مثل فرايبورغ بات يشكل تحديا لعملاق الأمس. تجربة هانزي فليك
في تصريح لبطل العالم في مونديال 2014، قال المدافع جيروم بواتينغ أن هانزي فليك في طريقه ليصبح يوب هانكيس الجديد، في شهادة تكشف عن الكثير وتوحي بأن إدارة النادي بدأت تعي أخطاءها في الأعوام الأخيرة. وتصريح رومنيغه لـ"شبورت بيلد" المذكور أعلاه، تأكيد إضافي على ذلك.
منذ تولي فليك قيادة السفينة البافارية، عاد الفريق إلى طريقة لعبه قبل موسم 2016. رفع مستوى الضغط، وعاد إلى فلسفة السيطرة على الكرة. لكن ما بقي غائبا ذلك الشباك الذي يحكم به القبضة، يقول تقرير "فوكوس" في إشارة إلى غياب التركيبة الأساسية. وهذا الغياب يوقع بايرن فريسة للهجمات المرتدة التي تفقده توازنه وبسرعة. وهو ما حدث في الأسابيع القليلة الماضية في منافسات الدوري، أمام فرايبورغ رغم فوزه بثلاثة أهداف مقابل هدف يتيم، أو قبل ذلك أمام باير ليفركوزن حين انهزم في منافسات المرحلة 15 بهدفين لهدف.
وفاق بنكيران
أولي هونيس..4 عقود في هندسة نجاحات بايرن ميونيخ
منذ 40 عاما يعمل أولي هونيس في خدمة بايرن ميونيخ. رئيس النادي البافاري برع في إدارة الفريق وقاده إلى اعتلاء منصات التتويج والهيمنة على الكرة الألمانية طويلاً. ملف صور يعرفك أكثر من شخصية هونيس متعددة الأوجه.
صورة من: picture-alliance/SvenSimon/F. Hoermann
أصغر مدير في تاريخ "البوندسليغا"
اعتزل أولي هونيس عالم الساحرة المستديرة بعمر لم يتجاوز السابعة وعشرين سنة، وذلك بسبب إصابة قوية في الركبة. وفاز أولي هونيس كلاعب بكأس العالم سنة 1974 مع منتخب ألمانيا الغربية. وأصبح هونيس أصغر مدير للنادي في تاريخ البوندسليغا، حيث عينه رئيس بايرن ميونيخ آنذاك ويلي هوفمان في ذلك المنصب المهم في الفريق.
صورة من: picture-alliance/S. Simon
موهبة إدارية منذ الصغر
حتى أثناء فترة لعبه فوق المستطيل الأخضر، أثبت أولي هونيس موهبته الإدارية، فقد ساهم سنة 1978 في حصول بايرن ميونيخ على اتفاقية رعاية مع شركة في مسقط رأسه مدينة أولم، التي تقع في ولاية بادن فورتمبرغ الألمانية.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Bajzat
أول صفقة كبيرة
عندما تولى أولي هونيس منصب مدير نادي بايرن ميونيخ، كان يتحتم على النادي دفع ديون بلغت قيمتها سبعة ملايين مارك ألماني (العملة آنذاك). وقال هونيس عن تلك المرحلة "الشيء الأهم كان هو جعل بايرن ميونيخ بلا ديون". وانتعشت خزائن النادي البافاري بمبلغ 11 مليون مارك بعدما نجح أولي هونيس في بيع النجم كارل هاينز رومينيغه، ما ساعد مدير بايرن ميونيخ في تسديد ديون الفريق كاملة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Ansa
العدو اللدود ليميك
كان ويلي ليميك (يمين الصورة) عدو أولي هونيس اللدود، فقد أطلق ليمك، الذي كان يشغل منصب مدير فريق فيردر بريمن في منتصف فترة الثمانينيات عدة تصريحات قوية ضد هونيس على غرار "الغطرسة التي لا يمكن تجاوزها"، في حين رد عليه هونيس بـ "المُحرض".
صورة من: picture-alliance/dpa/Schilling
شجار مع داوم
من الأمور الحافلة أيضاً في مسيرة أولي هونيس هو شجاره مع مدرب فريق كولونيا كريستوف داوم، ففي برنامج رياضي كان يُذاع على القناة الألمانية الثانية، قال أولي هونيس وهو ينظر إلى ديكور الاستوديو "أنت تُبالغ في تقدير نفسك، يجب أن تنظر إلى فوق وترى أنّ هذه كرة وليست هالة". بينما رد عليه داوم قائلاً "حتى أصل إلى مقياس المبالغة (الذي تتحدث عنه)، يجب أن يكون عمري مائة سنة".
صورة من: picture-alliance/Alfred Harder
علاقة خاصة مع هاينكس
اعترف أولي هونيس أن "الانفصال المبكر عن يوب هاينكس سنة 1991 كان من أسوأ أخطائي". بيد أن هونيس استفاد من الخطأ، وتعاقد مع يوب هاينكس لتولي تدريب بايرن ميونيخ، حيث قاد المدرب الألماني الفريق البافاري إلى الفوز بعدة ألقاب. وتجمع أولي هونيس علاقة صداقة وثيقة مع يوب هاينكس.
صورة من: picture-alliance/dpa/Rauchensteiner
الثلاثية التاريخية
ستبقى سنة 2013 خالدة في ذهن أولي هونيس ومشجعي بايرن ميونيخ على حد سواء، إذ قاد المدرب يوب هاينكس الفريق البافاري إلى الفوز بثلاثية تاريخية: لقب الدوري الألماني لكرة القدم، كأس ألمانيا ومسابقة دوري أبطال أوروبا، التي فاز بها الفريق على حساب غريمه التقليدي بوروسيا دورتموند.
صورة من: picture-alliance/dpa
يساعد في أوقات الحاجة
يُقدم أولي هونيس يد المساعدة قدر استطاعته إلى من يحتاجها، فقد استفادت بعض الفرق الكروية من كرمه على غرار فريق سانت باولي ومنافسه التقليدي بوروسيا دورتموند.
صورة من: picture-alliance/dpa
متقلب المزاج
علاقة أولي هونيس مع الجماهير متناقضة نوعاً ما، ففي بعض الأحيان يُقدم نفسه كواحد من القريبين من الجماهير (انظر الصورة)، ويُوزع عليهم النقانق. في حين يصيبه الغضب في أوقات آخرى ويُعبر عن ذلك علنية.
صورة من: picture-alliance/Sven Simon/F. Hoermann
دموع أثناء أزمة التهرب الضريبي
في الاجتماع السنوي العام سنة 2013 لم يشعر أولي هونيس بالخجل من ذرف دموعه أمام الملأ، ففي تلك الفترة كانت التحقيقات جارية مع هونيس بسبب قضية التهرب الضريبي التي تورط فيها، ما دفعه إلى الاستقالة من رئاسة بايرن ميونيخ.
صورة من: Reuters
ثلاث سنوات ونصف في السجن
سنة 2014 أُدين أولي هونيس بتهمة التهرب الضريبي (28.5 مليون يورو)، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات ونصف. وقرر هونيس عدم استئناف قرار المحكمة ودخل السجن، وأمضى فيه نصف العقوبة وخرج سنه 2016. وفي نفس السنة أيضاً، أصبح هونيس مرة أخرى رئيساً لبايرن ميونيخ.
صورة من: Reuters
آراء متباينة
منذ سنوات، يُشكل أولي هونيس مع الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ كارل هاينز رومينيغه رئاسة مزدوجة. ولا يُعبر الشخصان دائماً عن رأي مُوحد، فمثلاً يُعبر هونيس عن دعمه الواضح لمدرب الفريق نيكو كوفاتش، بينما يُوجه رومينيغه انتقادات علنية إلى المدرب الكرواتي الشاب.
صورة من: picture-alliance/dpa/Revierfoto
وقت أكثر لسوزان
استطاع أولي هونيس تحويل بايرن ميونيخ إلى علامة تجارية عالمية. هكذا لخص المدرب الألماني يوب هاينكس فترة إشراف هونيس على النادي البافاري. وأعلن هونيس في وقت سابق أنه سيرحل على النادي خلال سنتين أو ثلاثة سنوات على أقصى تقدير، حيث سيكون بمقدرته قضاء كثير من الوقت مع زوجته سوزان، التي يرتبط بها منذ سنة 1973.
صورة من: picture-alliance/nordphoto/Straubmeier
مُحب للغولف
تُعد ممارسة الغولف من الهوايات المُفضلة لرئيس بايرن ميونيخ أولي هونيس، الذي يقول عن هذه الهواية "أعتقد أن لاعبي كرة القدم بمقدورهم أن يكونوا لاعبي غولف من الطراز الجيد"، وأضاف: "أولاً، جميعهم رياضيون للغاية. وثانيا لديهم شعور معين بلمس الكرة، ما يعني أن لديهم ميزة ضرب الكرة دون الحاجة للقيام بتمارين كثيرة". إعداد: شتيفن نيستلر/ر.م