1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل أضحى الفساد أكثر استفحالا في تونس ما بعد الثورة؟

صابرين بن جمعة٥ ديسمبر ٢٠١٢

اتهامات باستفحال ظاهرة الفساد في مؤسسات القطاع العمومي التونسي، والحكومة ترفض هذه الاتهامات وتؤكد الشفافية. وفيما يحتدم الجدل حول هذه الظاهرة، تستمر معاناة أصحاب الشهادات العليا من تفاقم مشكلة البطالة في صفوفهم.

صورة من: FETHI BELAID/AFP/Getty Images

كشف اتحاد "أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل"، وهو منظمة غير حكومية تدافع عن التشغيل العادل، في تقرير له صدر في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني2012 عن "استفحال ظاهرة الرشوة والمحسوبية" في التوظيف بالقطاع العام أكثر مما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.

وأكد بلقاسم بن عبد الله، المكلف بالتنظيم الداخلي في التنسيقية الوطنية للاتحاد، في حديث مع DWعربية أن المنظمة تمتلك ملفات ووثائق تثبت انتشار هذه الظاهرة وظاهرة اعتماد منطق "الولاءات السياسية" و"أولوية التشغيل لمن له علاقات مع الأحزاب المشكلة للائتلاف الوطني الحاكم بقيادة حركة النهضة.

ووصف الاتحاد النتائج الأخيرة لانتداب مهندسين زراعيين "بالفضيحة"، حيث تم على سبيل المثال إعلان قبول فتاة في الوظيفة وهي لا تزال طالبة. كماأشار الاتحاد إلى أن نسبة توظيف أصحاب الشهادات العليا بعد الثورة لم تتغير عن نسب التوظيف في عهد الرئيس السابق بن علي، حيث لا يتجاوز عدد فرص الشغل لهذه الفئة 25 ألف، في حين يبلغ عدد أصحاب الشهادات العليا العاطلين عن العمل أكثر من 320 ألف شخص.

حكومة النهضة: أحدثنا أكثر من 40 ألف موطن شغل

إلا أن لوزير التكوين المهني والتشغيل التونسي عبد الوهاب معطر رأي مختلف، حيث أكد أن مناظرات الانتداب في الوظيفة العمومية تمت وفق قانون الانتداب الصادر في حزيران/يونيو 2012 والذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي. وقد أدلى الوزير بهذا التصريح قبل أيام في أحد البرامج بالقناة التونسية الأولى الرسمية.

وتبين الإحصائيات الأخيرة المنجزة من قبل المعهد الوطني للإحصاء أن عدد العاطلين عن العمل والحاملين لشهادات عليا قد بلغ 175 ألف. ووفقا للمصدر نفسه فقد تمكنت وزارة التشغيل من إحداث 43 ألف موطن شغل خلال سنة 2012 وأن الوزارة مستعدة لنشر أسماء الأشخاص الذين تم توظيفهم والمؤسسات التي التحقوا بها.

وفيما تتباين الآراء والمواقف بين اتحاد "أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل" والحكومة المؤقتة، إلا أن مختلف الأطراف تتفق حول أن جذور هذا الفساد تعود إلى أساليب نظام بن علي والمنظومة التنموية في عهده. وفي سياق متصل، صرح وزير التشغيل "أن منوال التنمية في نظام بن علي كان يقوم على الربح والتبعية للخارج ويعتمد على اليد العاملة الرخيصة".ذلك أن الاتداب في القطاع العمومي كان يتم عن طريق تعيينات سياسية ووفق رغبة العائلة الحاكمة دون اعتبار معايير الكفائة والمهنية وإنما استنادا للولاءات السياسية للنظام الحاكم.

ولمكافحة الفساد في التوظيف العمومي، اقترح اتحاد أصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل "إنشاء هيكل وطني يضم جهات رقابية حكومية وغير حكومية تتولى مراقبة شفافية مناظرات التوظيف بالقطاع العام ولتضمن تطبيق القانون".

المجلس التأسيسي التونسي صادق على قانون ينظم عملية الانتداب في الوظيفة العمومية، فهل وضع بذلك عراقيل إضافية لمكافحة البطالة؟صورة من: AP

"لا مجال للانتداب في القطاع العمومي"

وقد أكد ما ذهبت إليه هذه المنظمة غير الحكومية من انتشار المحسوبية والرشوة في الانتداب في القطاع العام عدة شبان خريجي جامعات وعاطلين عن العمل. ومن بينهم بدر الدين بن جبارة (36 عاما)، حاصل على الأستاذية اختصاص رياضيات منذ تسع سنوات. ويقول في حوار مع DWعربية إنه "لم تتم دعوته لإجراء الاختبار الشفوي في مناظرة وزارة التربية"، وهو اختبار ضروري للالتحاق بوظيفة أستاذ بأحد المؤسسات التربوية، بحجة "صغر سنه".

ويضيف أنه تمت في الوقت نفسه دعوة شاب آخر أقل منه سنا من مدينة سليانة (شمال غرب تونس) في نفس الاختصاص لإجراء الاختبار الضروري للالتحاق بالوظيفة. وهذا يفسر حسب رأيه أنه لا "توجد شفافية ومازالت وزارة التربية تعج بالفاسدين المرتشين".

من جهته، يقول حمزة خليفة، وهو حاصل على الأستاذية في "الميلتميديا والإعلامية المطبقة" (علوم الكمبيوتر)، في حديث مع DWعربية إنه لا مجال للانتداب في القطاع العمومي، لافتا إلى أنه يتم توظيف "بعض الأشخاص لولائهم وقربهم من السلطة وإعطاء الأولوية لجرحى الثورة والذين تم الإفراج عنهم من السجون التونسية عقب هروب بن علي في إطار ما يعرف في تونس بالعفو التشريعي العام".

أما عواطف لهذب، متخرجة منذ ثلاث سنوات وحاصلة على شهادة جامعية في اختصاص رعاية صحية للأطفال، فتقول في اتصال هاتفي مع DW عربية إن مسألة الالتحاق بالوظيفة العمومية أصبحت بعد الثورة أصعب بكثير من قبل". وتعزو ذلك إلى أن "شروط القبول أصبحت تعجيزية نوعا ما ولا تمنح فرصا متساوية لكافة المترشحين".

وتبقى مسألة التشغيل من القضايا العالقة في تونس منذ سنوات وعلى الرغم من ذلك لم يتم حتى اليوم إرجاء دراسة ميدانية تبحث في أسباب انتشار الفساد وسبل مكافحته.

لا تزال مشكلة البطالة في تونس من المشاكل العالقة التي عجزت حكومة الترويكا بقيادة الحزب الإسلامي النهضة في حلها حتى الآن...صورة من: picture-alliance/dpa

"مكافحة الفساد مسؤولية كل من الدولة والمجتمع المدني"

"لا أعتقد أنه يمكن أن توجد رشوة كما كانت من قبل" هذا ما قاله المختص في علم الاجتماع الدكتور منصف وناسفي حديث مع DWعربية. واعتبر أن مسألة انتشار الفساد بعد الثورة أكثر مما كانت عليه من قبل مجرد كلام سائد ولا توجد إثباتات على ذلك. واعتبر أن القضاء على الفساد مسؤولية كل من الدولة والمجتمع المدني، وطالب بسن قوانين رادعة وإحداث آلية لتطبيق هذه القوانين.

ودعا وناس المجتمع المدني إلى إنشاء هياكل مستقلة تراقب انتشار الظاهرة وتنبه إلى مخاطرها. كما حثه على تحديد الفاسدين بالاسم والمطالبة بمحاسبتهم وتتبعهم عدليا، لأنه يرى أن "للمجتمع المدني دورا رئيسيا في مكافحة الفساد".

ولا تزال مكافحة الفساد والرشوة وخاصة التشغيل من أهم ما يطالب به التونسيون منذ ثورة 14 جانفي (14 يناير)، فهل تتحقق مطالبهم يوما ما يا ترى؟

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW