هل أعادت زيارة بلينكن الدفء للعلاقات بين الرياض وواشنطن؟
٨ يونيو ٢٠٢٣
أنهى وزير الخارجية الأمريكي بلينكن زيارة للسعودية استغرقت ثلاثة أيام بهدف إعادة المياه إلى مجاريها بين الحليفين بعد أن شابها التوتر. كما أجرى محادثات مع مسؤولين من دول الخليج ودول عربية أخرى منخرطة في التحالف ضد "داعش".
إعلان
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم الخميس (الثامن من حزيران/ يونيو 2023) إن جهود الإصلاح في السعودية ستكون أكثر نجاحا إذا وسعت المملكة نطاق حقوق الإنسان، وذلك في ختام زيارة تهدف إلى تحسين العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة والسعودية.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن مسعى الإصلاح "التاريخي" المعروف باسم (رؤية 2030) سيتطلب من السعودية جذب المواهب من جميع أنحاء العالم.
وأردف قائلا "أعتقد من مصلحة السعودية الاستمرار في هذا التحديث، الذي يشمل توسيع نطاق حقوق الإنسان، لما يحمله من فوائد ومميزات".
وذكر أنه استعرض مع المسؤولين السعوديين حالات محددة لمواطنين أمريكيين محتجزين في المملكة، لكنه رفض الخوض في تفاصيل. وإلى جانب مواطنين أمريكيين محظور سفرهم، يقول مدافعون عن حقوق الإنسان إن عشرات النشطاء والمعارضين مسجونون في السعودية.
وردا على سؤال عن سجل حقوق الإنسان في الرياض، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن المملكة أجرت "عملية إصلاح كبيرة" لكن "احتياجات الشعب السعودي ورغباته" هي التي دفعت الحكومة إلى ذلك وليس الضغط من دول أخرى. وأضاف "نحن منفتحون دائما على إجراء حوار مع أصدقائنا، لكننا لا نستجيب للضغط. عندما نفعل أي شيء، نفعله من أجل مصلحتنا".
ملف التطبيع مع إسرائيل
بيلنكن قال أيضا خلال زيارة للسعودية إن واشنطن ستواصل لعب دور أساسي في تعزيز التطبيع بين إسرائيل والمملكة والتوسع فيه. وأضاف : "نعمل على تكامل إسرائيل في الشرق الأوسط وعملنا على تعميق الاتفاقات الموجودة أصلا".
ومن جهته أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن "التطبيع يصب في مصلحة المنطقة لكن يجب معالجة القضية الفلسطينية أولا".
التحالف ضد "داعش"
على صعيد منفصل أكد بلينكن أن بلاده ستقدم تمويلا لمعالجة نقاط الضعف التي استغلها تنظيم "داعش"، مشيرا إلى أن "التحالف ضد ضد التنظيم الإرهابي يجمع دولا من جميع أنحاء العالم وحقق نجاحات".
ونقلت قناة "الإخبارية" السعودية عنه قوله، في كلمة خلال الاجتماع الوزاري لـ"التحالف الدولي" ضد داعش الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض، إن "الإبقاء على مسلحي داعش الأجانب في المخيمات يهدد بعودة التنظيم".
ودعا الدول المعنية إلى استعادة مواطنيها من مسلحي "داعش" الأجانب، معتبرا أن تلك الخطوة مهمة جدا من أجل تفكيك مخيم الهول في سوريا. وأشار إلى أن أفريقيا سجلت نصف ضحايا الهجمات الإرهابية مؤخرا، كاشفا عن مراقبة الأخطار الناشئة لمحاولات داعش من أجل العودة في أفغانستان.
وعلى صعيد تطبيع العلاقات مع سوريا قال بلينكن إن أمريكا متشككة بشأن رغبة الرئيس السوري في اتخاذ الخطوات اللازمة بشأن المشكلات التي يتعين حلها، مضيفا أن بلاده لن تطبع العلاقات مع سوريا.
برنامج نووي مدني
من ناحية أخرى قال وزير الخارجية السعودي، إن المملكة تفضل أن تكون الولايات المتحدة أحد مقدمي العروض لبرنامجها النووي المدني. وقال إن البلدين لديهما خلافات في الرأي لكنهما تعملان على إيجاد آليات تمكنهما من العمل معا.
وتأتي زيارة بلينكن للسعودية في وقت يشهد توتر العلاقات بين البلدين رغم المساعي الأمريكية لنزع فتيل خلافات متعلقة بأسعار النفط وحقوق الإنسان وانفتاح الرياض على إيران. ولم تحظ الزيارة بتغطية تذكر في وسائل الإعلام التابعة للمملكة.
وبلينكن هو ثاني مسؤول أمريكي كبير يزور أقرب حليف استراتيجي لواشنطن في الشرق الأوسط خلال أقل من شهر بعد زيارة مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في السابع من مايو/ أيار.
ومع ذلك، فإن اجتماعات بلينكن مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، لم تُنشر إلا في صفحات داخلية في الوطن وعكاظ، أكبر صحيفتين في السعودية. بل إن الصحيفتين خصصتا صفحتيهما الأوليين لموضوعات أخرى منها وصول نجم كرة القدم الفرنسي كريم بنزيمة إلى جدة للانضمام إلى نادي الاتحاد.
وساءت العلاقات الأمريكية السعودية منذ مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، الذي كان مقيما في الولايات المتحدة، عام 2018 داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. وتدهورت العلاقات بعد أن تولت إدارة بايدن السلطة في أوائل2021 ونشرت تقييما للمخابرات مفاده أن الأمير محمد بن سلمان وافق على قتل خاشقجي وهو ما نفاه ولي العهد.
ا.ف/ أ.ح (رويترز، د.ب.أ)
الرياض وواشنطن.. عقود من النفط والسلاح والمال مقابل الحماية
قامت العلاقات السعودية الأمريكية منذ تأسيس المملكة على مبدأ المصالح المتبادلة، بيد أن النفط والمال السعوديين كانا محركين أساسيين لهذه العلاقة ومقابل ذلك اعتمدت المملكة على حماية أمريكا، لكن العلاقات شهدت بعض التوترات.
صورة من: picture-alliance/Everett Collection
1931: اعتراف أمريكي بدولة وليدة
الولايات المتحدة تعترف بمملكة الحجاز ونجد، التي أعيد تسميتها إلى المملكة العربية السعودية في العام التالي. وبعد عامين منحت المملكة امتياز التنقيب عن النفط لشركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا. وحقق فرعها السعودي، الذي أعيد تسميته فيما بعد إلى أرامكو، أول اكتشاف تجاري في عام 1938. ولم تستكمل السعودية شراء 100 بالمئة من أسهم الشركة إلا في 1980.
صورة من: picture alliance/dpa/CPA Media Co. Ltd
1945: لقاء في قناة السويس
الرئيس الأمريكي فرانكلين دي. روزفلت يلتقي مع الملك عبد العزيز على متن السفينة يو.إس.إس كوينسي في قناة السويس، مما مهد الطريق أمام علاقات وثيقة على مدى عقود من الزمن.
صورة من: picture alliance/akg-images
1950 – 1951: من النفط إلى السلاح
أعادت السعودية التفاوض بشأن امتياز أرامكو لتحصل على مزيد من الإيرادات. وبعد عام من ذلك وقعت المملكة مع الولايات المتحدة اتفاقية دفاع متبادل، مما فتح الطريق أمام مبيعات هائلة من الأسلحة الأمريكية.
صورة من: picture alliance/dpa/TASS
1973: حظر نفطي
انضمت السعودية إلى حظر نفطي عربي على الولايات المتحدة ودول أخرى بسبب دعمها لإسرائيل في حرب 1973 مع مصر وسوريا، مما أدى إلى تضاعف أسعار النفط إلى أربع مرات تقريباً. رفع الحظر في 1974.
صورة من: Pierre Manevy/Express/Hulton Archive/Getty Images
1979: تمويل "المجاهدين" الأفغان
بالتعاون مع الولايات المتحدة وباكستان، ساعدت المملكة السعودية في تمويل المقاومة الأفغانية للاحتلال السوفييتي. وقام العديد من السعوديين، ومن بينهم أسامة بن لادن السعودي المولد، بتمويل المقاتلين الأفغان والانضمام إليهم.
صورة من: AFP/Getty Images
1990: غزو الكويت
بعد أن قام نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بغزو الكويت، استخدم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة السعودية نقطة انطلاق لطرد القوات العراقية من الكويت. وشاركت القوات السعوية في العملية. وبعد ذلك غادرت معظم القوات الأمريكية المملكة، لكن الآلاف بقوا هناك.
صورة من: picture-alliance/dpa
1996: تفجير الخبر
أدى انفجار شاحنة مفخخة في مجمع عسكري أمريكي في الخبر إلى مقتل 19 جندياً أمريكياً. أعلن زعيم تنظيم القاعدة إسامة بن لادن "الجهاد" ضد الأمريكيين واصفاً القوات الأمريكية هناك بقوات احتلال.
صورة من: picture-alliance/AFP/EPA
2001: هجمات سبتمبر الإرهابية
قتل نحو ثلاثة آلاف في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول التي نفذها خاطفو طائرات من تنظيم القاعدة. ومن بين 19 خاطفاً، كان هناك 15 سعودياً. ونفت السعودية أي صلة أو معرفة بالهجمات. لم تجد لجنة حكومية أمريكية في 2004 أي دليل على أن السعودية مولت القاعدة بشكل مباشر. وتُرك الأمر مفتوحاً بشأن ما إذا كان مسؤولون سعوديون قد فعلوا ذلك بصورة فردية أم لا.
صورة من: picture alliance/dpa/NIST
2003: غزو العراق
لم تشارك السعودية في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق. وسحبت الولايات المتحدة جميع القوات القتالية المتبقية من المملكة. في هذا العام قتل ثلاثة مفجرين انتحاريين 35 شخصاً على الأقل، بينهم تسعة أمريكيين، في الرياض، وذلك في إطار هجمات ضد أجانب ومنشآت حكومية سعودية.
صورة من: picture-alliance/dpa
2011: الربيع العربي
هزت الاضطرابات العالم العربي بسبب الانتفاضات والاحتجاجات التي سُميت بـ "الربيع العربي". وسرعان ما أبدت السعودية قلقها مما تعتبره تخلي الرئيس باراك أوباما عن الرئيس المصري حسني مبارك حليف الولايات المتحدة.
صورة من: AFP/Getty Images
2013: قلق وشكوى
في حدث نادر أعلن أفراد العائلة المالكة للسعودية عن تذمرهم علناً من سياسات الحليف الأمريكي بعد أن حاولت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تغيير نهجه بلاده إزاء إيران وعدم تدخلها بقوة في الملف السوري الملتهب بخلاف تدخلها في إسقاط النظام بليبيا.
صورة من: Reuters/Jim Bourg
2015: الملف النووي الإيراني
بعد أن توصلت القوى العالمية الكبرى إلى اتفاق مع إيران لتخفيف العقوبات على طهران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي، أعلنت الرياض عن خشيتها أن يقوي هذا الاتفاق الغريم الإيراني. وفي هذا العام شنت المملكة حملة عسكرية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن بعد أن أبلغت واشنطن قبلها بساعات قليلة فقط. لكن الولايات المتحدة قدمت الدعم العسكري المطلوب.
صورة من: Reuters/C. Barria
2016: فيتو الكونغرس
ألغى الكونغرس حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه أوباما ضد قانون يرفع الحصانة السيادية ويفتح الطريق أمام أقارب ضحايا 11 سبتمبر/ أيلول لمقاضاة السعودية بشأن الهجمات الإرهابية التي أوقعت الآلاف من القتلى والجرحى.
صورة من: picture-alliance/ dpa
2018: انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي
أبدت السعودية ترحيبها بقرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني، أدانت الولايات المتحدة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول.
صورة من: picture-alliance/Xinhua/T. Shen
2019: دور محمد بن سلمان
قام مشرعون أمريكيون، مستشهدين بأدلة على دور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قضية خاشقجي ومدفوعين بالغضب من الخسائر بين المدنيين في الغارات الجوية السعودية باليمن، بزيادة جهود منع بيع الأسلحة إلى الرياض. وقالت الرياض إن قتل خاشقجي ارتكبته مجموعة خالفت صلاحيات الأجهزة وتنفي أن يكون للأمير محمد بن سلمان أي دور.
صورة من: Getty Images/W. McNamee
2020: دعم لاتفاقيات إبراهيم
أعلنت السعودية دعمها لاتفاقيات إبراهيم التي أقام بموجبها حلفاؤها الإمارات والبحرين علاقات مع إسرائيل. ولم تصل الرياض إلى حد الاعتراف بإسرائيل نفسها.
صورة من: Alex Wong/Getty Images
2021: سجل حقوق الإنسان
تبنى الرئيس الأمريكي جو بايدن موقفا أكثر تشددا تجاه سجل السعودية في حقوق الإنسان. وتعهد بايدن أثناء حملته الرئاسية بجعل الرياض "منبوذة" بسبب مقتل خاشقجي. كما أعلن بايدن وقف الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة.
صورة من: Yasin Ozturk/AA/picture alliance
2022: "قيادة شجاعة"
في يونيو/ حزيران الماضي، قال بايدن إن المملكة أظهرت "قيادة شجاعة" من خلال مساندة تمديد الهدنة المدعومة من الأمم المتحدة في اليمن. ومع ارتفاع أسعار النفط بسبب الحرب في أوكرانيا، رحب البيت الأبيض بقرار دول أوبك+ زيادة الإمدادات النفطية.