الترويج الكبير الذي بدأ ينتشر في الدعايات التجارية من أجل استخدام مواد التنظيف المضادة للجراثيم ومنظفات اليدين لقتل الميكروبات، صاحبه تساؤلات عن أهمية هذه المطهرات فعلا في حياتنا، وهل يسبب استخدامها أضرارا على الإنسان؟
إعلان
استخدام مواد التنظيف المضادة للجراثيم ومنظفات اليدين لقتل الميكروبات أصبح من الأمور المنتشرة ضمن المجتمع، وتروج له باستمرار الدعايات التجارية، لكن ما مدى فعالية هذه المواد المطهرة في القضاء على الجراثيم، وهل تسبب أضرار على البشر؟
المعهد الاتحادي لتقدير المخاطر في ألمانيا حذر من الافراط في استخدام المنظفات لاحتوائها على الكلور والكحول والمواد الكاوية. وقال إن استخدامها يسبب آثارا سلبية على البشرة والجسم. ويقول البروفيسور ادموند مازر أخصائي السموم في المعهد إن تلك المواد تؤذي البشرة وتسبب التهابات جلدية . فالمنظفات المعبأة في بخاخات تعد أخطر تلك الأنواع حيث أنها تكون سحابة ضارة لا يجب استنشاقها عند استخدام البخاخ. ويضيف البروفيسور مانز أن في هذه الحالة تدخل مواد التنظيف الكيميائية جسم الانسان عبر قنوات التنفس مما يسبب حرقة في الحلق وافرازات مخاطية وسعال والتهاب الغشاء المخاطي.
أما عن استخدام المنظفات الأخرى والتي تلامس البشرة فقد حذرت البروفيسورة ريغينا فولستر هولست من أن تلك المواد تسبب اختفاء الطبقات الجلدية الواقية مما يفتح المجال أمام دخول البكتيريا المضرة للبشرة. وتضيف أنه يجب الحفاظ على طبقة الميكروبات لأنها لا تؤدي إلى بشرة سليمة فحسب ولكن تفيد الرئتين والأمعاء أيضا فكل هذه الأعضاء مرتبطة بنظام الميكروبات في جسم الإنسان .
التهابات البشرة وجفاف اليدين
ويؤكد أطباء الأمراض الجلدية انتشار حالات جفاف اليدين وإصابة البشرة بالالتهابات في الآونة الأخيرة، حيث تقول يوليا ميركر شترومر طبيبة الجلدية أن هناك العديد من الحالات تمر كثيرا عليها تعاني من تغيرات في بشرة اليدين وغالبا ما يكون هؤلاء ممن يستخدمون المنظفات والمياه بكثرة. وتقول المريضة بيج نيمسمان "إنها تستخدم المنظفات المضادة للجراثيم بكثرة حفاظا على نظافة المنزل لكنها تسبب لها التهابات شديدة وآلاما مبرحة وجروحا غائرة في اليدين".
وشخصت الدكتورة شترومر الحالة بأنه اهتراء للجلد نتيجة النظافة الزائدة لحد الاضرار به وسوف يحتاج وقتا طويلا للتعافي. فعند غسيل اليدين بالصابون يتم ازالة جزء من طبقة الميكروبات المفيدة للبشرة وتحتاج لوقت لإعادة تكوينها ومواد النظافة تقتل البكتيريا وتهاجم الطبقة الواقية وعند غسل اليدين يصبح الجلد بلا حماية ويتعرض للجفاف ومن الممكن أن تتسرب الجراثيم الخطيرة إلى الداخل .
جراثيم عنيدة
هناك مخاطر لا يدركها الإنسان، تسببها المنظفات المضادة للجراثيم، فالوسائل العادية لا تستطيع إزالة جميع الجراثيم ولذا تبقى البكتيريا العنيدة وتكون قادرة على الانتشار لذا يحث المعهد الاتحادي على تقدير المخاطر وينصح باستخدام مواد التطهير من الصيدليات لأنها فعالة
وعن الاستثناءات الموجودة لاستخدام المطهرات أو المنظفات المضادة للجراثيم تقول دكتورة بيرزيل كريستانزين طبيبة النظافة في المعهد "هناك حالتان يمكن استخدام المطهر فيهما، الأولى إذا كان هناك مريض يعاني من ضعف المناعة في المنزل ويتعين حمايته من مسببات الأمراض" وتتابع " أما الثانية إذا كان هناك مرض معد في المنزل ويتعين حماية الآخرين من العدوى وفيما عدا ذلك فإن النظافة العادية كافية تماما".
س م / ع أ ج
جراثيم وميكروبات في كل مكان .. فما الحل؟
يمكن إيجاد الجراثيم في كل مكان تقريباً وفي أماكن لا يتوقعها فيها الإنسان بتاتاً. في هذه السلسلة المصورة نستعرض الأماكن التي يتكاثر فيها أكبر عدد من الجراثيم والميكروبات.
صورة من: Colourbox
ليست كل الجراثيم مضرة بالصحة. ففي حالة بكتيريا السالمونيلا التي ينقلها البيض الفاسد، فإن الشخص السليم بحاجة إلى تناول مائة بيضة فاسدة ليمرض. أما في حالة بكتيريا الليجيونيلا (الفيلقية) التي تتكاثر قرب المسطحات المائية في المناخ الحار والرطب، فيكفي فقط استنشاق مائة من تلك البكتيريا ليصاب الإنسان بالمرض.
صورة من: picture-alliance/dpa
من الغريب أن السنتيمتر المربع الواحد من مقعد المرحاض يحتوي على أقل من عشرة ميكروبات، وبذلك يعتبر هذا أحد "أنظف" الأماكن في البيت، إذ يمكن لبعض النوافذ مثلاً أن تؤوي عدداً أكبر بكثير من الميكروبات والفطريات، ذلك أنها تنظف مرة كل ستة أشهر.
صورة من: picture alliance/Bildagentur-online/TIPS-Images
مكان العمل يعتبر مرتعاً للبكتيريا ونواقل الأمراض، إذ يصل معدل الميكروبات في السنتيمتر المربع الواحد من طاولة المكتب إلى ثلاثة آلاف جرثومة، أي أكثر بأربعمائة مرة من مقعد المرحاض. وفي مكان العمل، تعتبر لوحة مفاتيح الكمبيوتر أكثر الأماكن تلوثاً بالبكتيريا والجراثيم.
صورة من: picture-alliance/dpa/N. Armer
الأوراق المالية والعملات المعدنية تعتبر أيضاً مرتعاً للجراثيم، ذلك أنها تنتقل من يد إلى يد ومن شخص إلى آخر. وتعرف باحثون من نيويورك على ثلاثة آلاف نوع من البكتيريا موجودة على الأوراق المالية. كما أمكن - باستخدام طرق قياس دقيقة - التعرف على آثار للكوكايين على بعض الأوراق المالية!
صورة من: fotolia/Peter Atkins
الثلاجة أيضاً مخزن حقيقي للجراثيم، فدرجات الحرارة المتدنية والرطوبة داخلها تعتبر عوامل مثالية لنمو مسببات الأمراض، ناهيك عن وجود الغذاء الكافي من دهون وسكريات، والتي تساعد أيضاً على نمو الفطريات، التي يصعب التخلص منها حتى مع التنظيف المتكرر للثلاجة.
صورة من: BilderBox
في المستشفيات، يجب الالتفات بشكل خاص إلى نظافة اليدين، ذلك أن تناقل أي مسببات للأمراض في المستشفيات قد يعني خطر الموت. لذلك يحتوي الكثير من المستشفيات على موزعات لسوائل معقمة بجانب المغسلة، والتي يُنصح باستخدامها بعد غسل اليدين بالماء والصابون.
صورة من: picture-alliance/dpa
هذه البكتيريا الخطيرة للغاية تعرف باسم (MRSA)، ولا تفيد ضدها أي مضادات حيوية. وحتى بدون غذاء يمكن لهذه البكتيريا أن تصمد لمدة تصل إلى سبعة شهور، سواء على أرض المنزل أو فوق الطاولة أو في السرير.
صورة من: picture-alliance/dpa/NIAID
قامت عيادة في مدينة هامبورغ الألمانية بتنفيذ تجربة ناجحة تمكنت فيها من تقليل تواجد الجراثيم على مقابض الأبواب من خلال استخدام مقابض نحاسية. وأظهرت التجربة انخفاض عدد الجراثيم على المقابض المصنوعة من النحاس بنسبة النصف.
صورة من: Asklepios Kliniken GmbH
هل تعني هذه المعلومات التوقف عن مصافحة الناس؟ ربما يكون التخلي عن المصافحة في المستشفيات أمراً مستحباً، ولكن خارج المستشفيات يمكن الاستعاضة عن التخلي تماماً عن المصافحة بالانتباه أكثر إلى النظافة الشخصية، سواءاً عن طريق غسل اليدين بانتظام أو تنظيف لوحة المفاتيح والفأرة في كمبيوتر العمل بشكل دوري، أو حتى عدم ملامسة المواد الغذائية بعد ملامسة الأوراق المالية والعملات المعدنية مباشرة.