هل انتزعت أوروبا وعوداً عربية بإقامة مراكز استقبال للاجئين؟
٣ مارس ٢٠١٩
ملف الهجرة غير الشرعية أحد أهم الملفات التي طرحت خلال القمة العربية الأوروبية التي عقدت قبل أيام في شرم الشيخ والتي تكرر خلالها الحديث عن مراكز لاستقبال اللاجئين في شمال إفريقيا. فهل تكون مصر الحارس الجنوبي لحدود أوروبا؟
إعلان
على مدى يومين اجتمع قادة عرب وأوربيون في مدينة شرم الشيخ المصرية في إطار أعمال القمة الأوروبية العربية. ملفات عدة تناولتها الاجتماعات لكن أحد أبرز الملفات كان ملف أزمة موجات اللاجئين العابرة للبحر المتوسط والهجرة غير الشرعية.
الهجرة غير الشرعية.. هاجس أوروبا
عقب موجات اللاجئين التي تدفقت تجاه القارة العجوز في أعقاب الحرب في سوريا، تصاعدت المخاوف الأوروبية من إمكانية عدم التمكن من صد جحافل أكبر من المهاجرين قد تأتي مستقبلاً لأسباب اقتصادية أو بسبب الحروب أو المجاعات.
وتحاول الدول الأوروبية منذ تفجر الأزمة التوصل إلى حلول فعالة وناجعة للتقليل من حجم عمليات الهجرة غير الشرعية وضبط الحدود البحرية لجنوب القارة الأوروبية، بالعمل مع دول شمال إفريقيا على محاربة شبكات تهريب البشر وتقليل طلبات اللجوء الواردة من الشرق الأوسط وإفريقيا إلى أقصى حد ممكن.
وإن كان هناك قلق أوروبي من مسألة الهجرة واللجوء قد تنامى خلال الأعوام الماضية، فإن هذا القلق قد تضاعف بشكل هائل مع صعود اليمين المتطرف في الكثير من الدول الأوروبية.
ووفقا لبيانات صادرة عن منظمات مختلفة تابعة للأمم المتحدة فإن عدد المهاجرين إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط قد بلغ نحو 67 ألف شخص في الفترة ما بين يناير/ كانون الثاني وأغسطس/ آب 2018 ، مقابل 123 ألف شخص في الفترة نفسها من العام الذي سبقه 2017.
توسيع نطاق "التجربة المصرية"
نجحت مصر، ومنذ عام 2016 ، في منع أي سفينة أو مركب تقل مهاجرين في اتجاه أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط من خلال رقابة مشددة على طول الحدود البحرية قامت بها قوات خفر السواحل المصرية، وهو ما أكدت عليه أيضاً وكالة الحدود وخفر السواحل التابعة للاتحاد الأوروبي (فرونتكس) بعد أن كانت مصر أحد المعابر الرئيسية إلى أوروبا.
وتأمل الكثير من دول أوروبا أن يمتد الدور المصري لما هو من أبعد من الحدود المصرية ليشمل مناطق أخرى في البحر المتوسط، ولعب أدوار إضافية في إنقاذ وإعادة اللاجئين والمهاجرين إلى الشواطئ الإفريقية، لكن حتى الآن لا يعرف ما هو المقابل الذي يمكن أن تطلبه مصر أو تمنحه لها أوروبا إن قبلت القاهرة بلعب هكذا دور، ولا أين يمكن استقبال هؤلاء العائدين.
ويقول محمد الكاشف الخبير الدولي والباحث في قضايا الهجرة واللجوء في لقاء مع مهاجر نيوز إنه خلال المؤتمر تم التركيز على تشجيع انتهاج الأسلوب المصري في المواجهة وهو القضاء على الظاهرة من المنبع ومنع مغادرة قوافل المهاجرين للشواطئ من الأصل من خلال القبضة الأمنية المشددة والسيطرة التامة على الأمور رغم ما قد يشوب ذلك من بعض الانتهاكات "لكن يتم غض الطرف عنها للوصول إلى الهدف الأهم وهو وقف موجات الهجرة عبر البحر المتوسط إلى جانب دعوة مصر للتدخل ومساندة الجيش الليبي في ضبط وإحكام السيطرة على الحدود البحرية".
وتوقع الكاشف أن يتمدد الدور المصري ليخرج من نطاق المحلية ويدخل في النطاق الإقليمي ليصل إلى ليبيا لتطبيق النموذج المصري الناجح "لكن ليس من الواضح إلى الآن تفاصيل كيفية تطبيق ذلك خصوصاً أن هناك حديث يدور عن مراكز الاستقبال التي تحاول أوروبا إنشاءها على سواحل دول شمال إفريقيا"
منصات الاستقبال الإفريقية
وتلح أوروبا منذ فترة على دول شمال إفريقيا للقبول بفكرة إنشاء محطات يتم فيها استقبال المهاجرين وطالبي اللجوء سواء القادمين من إفريقيا قاصدين البحر المتوسط أو من تم إنقاذهم خلال محاولتهم عبور البحر يتم فيها الإعداد لطلبات لجوئهم بشكل قانوني وهم داخل إفريقيا لا في أوروبا.
ووفق الخبير الدولي ، فإن وزير خارجية مصر قال إن "بلاده لم ترفض ولم تقبل فكرة إنشاء المنصات" على عكس المغرب التي ترفض الأمر، "ويبدو أن مصر ترسل رسالة لأوروبا بأنها الحارس الجنوبي لحدودها وأنها أفضل من تركيا، كما يمكنها التعاون بشكل أفضل في مجال مكافحة الإرهاب بجانب المساعدة في الملف الليبي، أملا في دعم اقتصادي وسياسي أوروبي غير مسبوق"، على حدّ قول الخبير.
وكانت فكرة هذه المراكز قوبلت بالرفض من أغلب الدول العربية والكثير من الدول الإفريقية، بل إن الاتحاد الإفريقي يكاد يقود عملية الرفض بدعوى أن المراكز هي أقرب لمراكز اعتقال جماعي أو أماكن احتجاز لا أماكن استضافة. وهنا ينظر الكثيرون إلى التجربة الليبية، حيث تتصاعد الاتهامات لليبيا بوقوع انتهاكات مريعة بحقوق اللاجئين المحتجزين في المراكز الحكومية وفق ما أكدته عدة تقارير أممية. كما يخشى آخرون من أن تكون تلك المنصات ما هي إلا أماكن فرز لتختار أوروبا أفضل العناصر من بين المحتجزين وتسمح لهم بالعبور إلى داخل حدود القارة الأوروبية، فيما يترك الآخرون قيد احتجاز غير محدد الوقت.
ويرى محمد الكاشف الخبير الدولي والباحث في شؤون الهجرة واللاجئين أن ألمانيا وفرنسا وإيطاليا هي أكثر الدول التي تدفع في اتجاه إنشاء هذه المراكز في إفريقيا، وإنه عل الرغم من رفض عدد من الدول الأوروبية التعامل من الأصل مع ملف المهاجرين وطالبي اللجوء مثل المجر "لكن عندما يتم تأطير الفكرة وإعدادها بشكل قابل للتنفيذ سينزل الجميع على رغبة تلك الدول الثلاث في هذا الشأن ".
مآسي المتوسط.. مقبرة الأحلام والهاربين بحثاً عن الحياة
يعرّف البحر الأبيض المتوسط بمقبرة الأحلام، حيث ابتلع المتوسط المئات من المهاجرين الحالمين بالوصول إلى شواطئ أوروبا عبر قوارب الموت. معرض صور يوثق لأكثر حوادث الغرق مأساوية منذ حادثة لامبيدوزا عام 2013.
صورة من: picture-alliance/dpa
في 21 شباط/ فبراير 2017 عُثر على 74 جثة لمهاجرين جُرفت إلى الشواطئ الليبية شمالي غربي مدينة الزاوية، حيث لقوا حتفهم بعد غرق المركب الذي كانوا يحاولون العبور به إلى أوروبا. وظهر صف طويل من أكياس الجثامين البيضاء والسوداء على الشاطئ، في صور نشرها فرع الزاوية للهلال الأحمر الليبي على صفحته على فيسبوك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/IFRC/M. Karima
اعتبر في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2016 حوالي 100 شخصا في عداد المفقودين بعد يوم من غرق قارب يحمل مهاجرين غير شرعيين قبالة السواحل الليبية، وفي 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت مجموعات إنسانية دولية ما يقارب 250 شخصاً في عداد المفقودين ويخشى أنهم ماتوا غرقاً وذلك إثر تحطم سفينة جديدة في المتوسط. وفي 17 تشرين الثاني/نوفمبر وخلال حوالي 48 ساعة تحطمت أربع سفن ما أدى لغرق 340 مهاجراً.
صورة من: Reuters/Marina Militare
تم العثور على جثث 26 مهاجراً قبالة السواحل الليبية في الثالث والعشرين من شهر حزيران/يوليو 2016، وفي 21 أيلول/سبتمبر من العام نفسه انقلب قارب يحمل مئات المهاجرين قبالة مدينة رشيد الساحلية المصرية، حيث بلغ عدد القتلى 164 شخصاً وهم عدد الذين تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالهم خلال الأيام التالية.
صورة من: Getty Images/AFP/M. El Shahed
كانون الثاني/يناير 2016 شهد غرق أكثر من 30 مهاجراً في حادثتي انقلاب زورقين بشكل منفصل، وفي 26 أيار/مايو تم فقدان 20-30 شخص يعتقد أنهم لقوا حتفهم غرقاً قرب السواحل الليبية، وفي 31 أيار/مايو تم العثور على حطام إحدى السفن التي تقل مهاجرين وسط المتوسط بين شمال أفريقيا وإيطاليا، والتي تعود لأحد السفن الثلاثة التي تحطمت وأودت بحياة حوالي 1000 مهاجر، خلال أسبوع تقريباً.
صورة من: AP
العاشر من حزيران/يوليو 2015 شهد غرق أكثر من 20 مهاجراً بعد أن انقلب قاربهم وتحطم أثناء توجهه من تركيا إلى اليونان. وفي 14 من الشهر نفسه تم العثور على ما يقارب 100 جثة لمهاجرين قرب سواحل مدينة تاجوراء الليبية، بحسب وسائل الإعلام. في السادس والعشرين من آب/أغسطس تم العثور على جثث 50 مهاجرا قبالة سواحل ليبيا، في حادثتين منفصلتين، وفقا لتقارير مجموعة تعنى بشؤون المهاجرين مقرها جزيرة مالطة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Solaro
شهر أيار/مايو 2015 شهد إعلان نهاية عمليات البحث التي استمرت لمدة 34 أسبوع وتم من خلالها إنقاذ حياة حوالي 7000 مهاجر، كما تم الإعلان في نفس اليوم عن غرق 10 مهاجرين على الأقل، فيما أفادت منظمة "أنقذوا الطفولة" بعد يومين أن عدد الذين لقوا حتفهم يزيد عن 40 في ذلك اليوم.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
وفي 19 نيسان/أبريل 2015 تم الإعلان عن اختفاء ما يقارب 700-950 شخص، ويخشى أنهم لقوا حتفهم غرقاً على بعد 200 إلى الجنوب من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، فيما تم إنقاذ 28 شخصاً فقط، وانتشال 24 جثة بعد ما يقارب 24 ساعة. وبعد يوم واحد أي في العشرين من نيسان/أبريل تمكنت عناصر خفر السواحل اليونانية من إنقاذ 83 شخصاً وانتشال 3 جثث إثر انقلاب قارب للمهاجرين وتحطمه قرب جزيرة رودس اليونانية.
صورة من: Getty Images/A. Koerner
في 11 شباط/فبراير 2015 أعلنت وكالة اللاجئين في الأمم المتحدة أن أكثر من 330 مهاجرا لقوا حتفهم إثر 4 حوادث غرق منفصلة في المتوسط قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية. في حين أعلنت منظمة "أنقذوا الطفولة" في الخامس عشر من نيسان/إبريل أن ما يقارب 400 شخص في عداد المفقودين بعد حادثة غرق قارب كان يحمل 550 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في 12 نيسان/إبريل، بينما تم إنقاذ 144 شخص كانوا على متن القارب، وانتشال 9 جثث.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الرابع من كانون الأول/ديسمبر 2014 عثر خفر السواحل الإيطالي على 16 جثة تعود لمهاجرين كانوا على متن زورق صغير المهاجرين على بعد 75 كيلومترا من ليبيا وعلى بعد 185 كيلومترا عن جزيرة لامبيدوزا الإيطالية.
صورة من: picture-alliance/ROPI
أعلنت منظمة الهجرة العالمية في 15 أيلول/سبتمبر 2014 عن غرق 700 شخص، وقالت المنظمة إن حوالي 500 من الغرقى قتلوا بحادثة غرق متعمد من قبل تجار البشر حيث قاموا بإغراق قارب كان على متنه حوالي 500 شخص كان متوجهاً إلى أوروبا من مصر. في حين لم تكن الذكرى السنوية الأولى لحادثة لامبيدوزا أقل مأساوية إذ تم في الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 انتشال جثث 130 مهاجراً في حادثتي غرق سفينتين قرب الساحل الليبي.
صورة من: picture alliance/AP Photo/E. Morenatti
في الثاني عشر من أيار/مايو 2014 لقي 40 مهاجراً على الأقل حتفهم بعد غرق سفينة في المياه المفتوحة بين ليبيا وإيطاليا. وفي 2 حزيران/يوليو تمكنت القوات الإيطالية من انتشال 45 جثة من قارب مهاجرين غرق قبل ثلاثة أيام. بينما سجل الخامس والعشرون من شهر آب/أغسطس رقماً مأساوياً جديداً إذ عثر على 220 جثة مهاجر غرقوا في ثلاثة حوادث غرق لسفن وقوارب بين السواحل الليبية والإيطالية.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Erdinc
في العشرين من كانون الثاني/يناير 2014 لقي 9 أطفال وثلاث نساء حتفهم غرقاً خلال محاولة خفر السواحل اليوناني سحب قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة فارماكونيزي اليونانية إلى الشاطئ. وفي السادس من شباط/ فبراير تم الإبلاغ عن 5 جثث تعود لمهاجرين حاولوا السباحة قرب سبتة الاسبانية على السواحل الإفريقية الشمالية.
صورة من: Reuters/Y. Behrakis
في الثالث من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2013 غرق قارب للمهاجرين بالقرب من جزيرة لامبيدوزا جنوب إيطاليا، فيما اعتبر أعنف حادث بحري في تاريخ أوروبا الحديث. وتم العثور على 366 جثة وبقي أكثر من هذا العدد في عداد المفقودين. وفي الحادي عشر من أكتوبر/تشرين الأول غرق قارب في مياه المتوسط قرب مالطة وتمكنت القوات الإيطالية والمالطية من إنقاذ 186 شخص في حين بقي حوالي 200 شخص في عداد المفقودين.