هل تحتمل مصر تنفيذ حكم الإعدام بحق مرسي وقادة الإخوان؟
١٦ يونيو ٢٠١٥وصفت جماعة الإخوان المسلمين الأحكام القضائية التي صدرت الثلاثاء (16 يونيو/ حزيران 2015) بإعدام الرئيس السابق محمد مرسي وعدد من قياداتها بأنها "محض هراء". بينما يقول دبلوماسيون غربيون إن مسؤولين مصريين أقروا في أحاديث خاصة بأن إعدام مرسي سيكون مخاطرة وبأن من المستبعد تنفيذ الأحكام.
ودعت الجماعة، المحظورة بقرار من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، إلى انتفاضة شعبية يوم الجمعة القادم (19 يونيو/ حزيران). وتقول الجماعة إنها لا تزال عازمة على استعادة السلطة "سلميا"؛ لكنها لا تتمكن في الوقت الحاضر سوى من تنظيم احتجاجات صغيرة وخاطفة خشية الاعتقال.
"مسمار أخير في نعش الديمقراطية"
وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي قد أكدت حكمها بالإعدام شنقًا، في القضية المعروفة إعلاميا باسم "اقتحام السجون"، بحق مرسي وخمسة آخرين من مسؤولي الإخوان المسلمين بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع وسعد الكتاتني رئيس البرلمان في عهد مرسي والقيادي المعروف عصام العريان.
وتمثل الأحكام التي صدرت بحق مرسي وزملائه انتكاسة جديدة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين وتزيد من فرص حمل شبابها السلاح ضد الحكومة المصرية، وكسر ما تقول الجماعة إنه تاريخ طويل من النشاط السلمي. وصرح يحيى حامد، وزير الاستثمار في حكومة مرسي ومسؤول العلاقات الدولية في جماعة الإخوان في مؤتمر صحفي في إسطنبول التركية: "هذا الحكم مسمار أخير في نعش الديمقراطية في مصر". وأضاف حامد القيادي الشاب في جماعة الإخوان إن المحاكمة "افتقرت إلى كل المعايير الدولية".
لكن تنفيذ أحكام بالإعدام بحق شخصيات مثل مرسي وبديع قد يأتي بأثر عكسي إذ من شأنه أن يحولهم إلى شهداء وينشط أعضاء الجماعة الذين لم تلق السلطات القبض عليهم. فهناك بعض مؤيدي الجماعة من الشبان لم يعودوا ينتظرون الإرشاد من قادتها. ويثير ذلك إلى احتمال أن يفقدوا صبرهم ويحملوا السلاح في بلد قتل فيه متشددون في سيناء مئات من رجال الجيش والشرطة منذ عزل مرسي في الثالث من يوليو 2013.
محامي مرسي: تخالف دستور 2014
ومنذ احتجازه من قبل الجيش المصري في الثالث من يوليو/ تموز 2013 لم يظهر مرسي إلا في لقطات مقتضبة نقلتها كاميرات التلفزيون من جلسات من المحاكمات التي خضع لها. ولا يعترف محمد مرسي (63 عاما) بشرعية الدعاوى القضائية التي أقيمت ضده ويصفها بأنها جزء من "انقلاب عسكري...".
وجادل محامو الدفاع عن المتهمين اليوم الثلاثاء بشأن الحكم الصادر ضد مرسي مشيرين إلى أن الدستور المصري ينص على أنه يتعين محاكمة الرؤساء أمام محكمة مختلفة. وقال محمد شبل المحامي: "المادة الدستورية 159 وفقا لدستور 2014 ... تقول إن محاكمة رئيس الجمهورية تكون أمام محكمة خاصة". بينما قال القاضي شعبان الشامي اليوم الثلاثاء إنه بعد "الثورة" على حكمه أصبح مرسي مواطنا عاديا وبالتالي يمكن أن يُحاكم أمام محكمة عامة.
لكن محمد شبل أكد أنه وفريق المحامين المدافعين عن مرسي سيردون على كلام القاضي، عندما يطعنون على الحكم في محكمة النقض، وأضاف: "ردنا جاهز ... في خطاب 3-7- 2013، لم أسمع كلمة واحدة في الخطاب تقول عزل الدكتور مرسي أو إقالة الدكتور مرسي. أو أن الدكتور مرسي تقدم باستقالته". ويستنتج محامي مرسي من ذلك أنه "ما دامت هذه الأقوال الثلاثة لم تذكر (في الخطاب) فيبقى الدكتور مرسي رئيسا للجمهورية. وهذا هو الكلام فقط"، حسب تعبيره.
ويقصد شبل هنا بالخطاب البيان الذي ألقاه وزير الدفاع آنذاك الفريق عبدالفتاح السيسي معلنا فيه أمام مسؤولين عسكريين ومدنيين تعطيل العمل بالدستور، وتأدية رئيس المحكمة الدستورية المصرية آنذاك، عدلي منصور، اليمين رئيسا مؤقتا للبلاد، بعد خروج ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين برحيل مرسي، الذي استمر حكمه عاما واحدا فقط.
وعزل السيسي، مؤيدا من قبل الجيش، مرسي متعهدا بخارطة طريق تقود إلى الديمقراطية. لقد تم عزل الرئيس الوحيد لمصر الذي لم يأت من الجيش منذ ثورة 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي. ويتهم منتقدون مرسي بإساءة استعمال السلطة وسوء إدارة الاقتصاد عندما كان رئيسا. كما تسببت شائعات عن نيته في التخلي عن جزء من سيناء أو كلها لحركة حماس الفلسطينية في زيادة الشكوك حوله وحول جماعته.
وأدانت المحكمة مرسي والمتهمين الآخرين في قضية اقتحام السجون اليوم بالخطف والقتل والشروع في قتل ضباط شرطة ومجندين وحرق ومهاجمة منشآت حكومية وشرطية واقتحام سجون والهروب منها في الأيام الأولى للانتفاضة ضد حسني مبارك. وعاقبت المحكمة خيرت الشاطر، الرجل الثاني في الجماعة، واثنين آخرين من قادة الجماعة بالإعدام في قضية التخابر. وتبددت طموحات مرسي العريضة بتحقيق نهضة مصرية بـ"مرجعية إسلامية".
ص.ش/أ.ح (رويترز، أ ف ب)