هل تخاطر ميركل بمستقبلها السياسي في سبيل اللاجئين؟
ترجمة علاء جمعة ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥
العالم مندهش، وألمانيا متفاجئة. أنغيلا ميركل ترحب بأعداد كبيرة من لاجئي الحرب.فهل من الممكن أن يؤدي هذا إلى تعثرها سياسيا؟ DW تحدثت مع الخبير السياسي يورغن فالتر.
إعلان
DW: برفسور فالتر، أنغيلا ميركل فتحت أبوابها أمام مئات الآلاف للجوء إليها. ألم تعد تعي ما تفعل، أم أنها تفعل ذلك للترشح لجائزة نوبل للسلام؟
يورغن فالتر: فكرت أيضا فيما إذا كانت ميركل تقوم بذلك من من أجل الترشح لجائزة نوبل للسلام، غير أنني لا اعتقد أن ذلك هو الهدف الرئيسي للمستشارة. أعتقد أن ميركل قادرة على إنقاذ نفسها من الفشل السياسي، وذلك إذا نجحت ألمانيا في مواجهة موجة اللاجئين المقبلة إداريا وماليا. أما إذا حدث تعثر في ذلك، وتكررت مستقبلا موجات اللاجئين بشكل كبير، فقد يلقى اللوم بالتأكيد على ميركل، وهو ما قد يعود عليها سياسيا بالضرر.
المستشارة تتصف بالواقعية والعقلانية المركزة، وهي متحفظة في إظهار المشاعر العاطفية، كيف توضح هذه المشاعر اللينة المفاجئة منها؟
أعتقد أن المنطلقين أساسا من التفكير العقلاني قد يظهرون أيضا حسا إنسانيا، وقد يتسمون بمنطلقات عاطفية ، إلا أن الأساس في اتخاذ القرارات لا يعتمد عادة على المشاعر العاطفية. اعتقد أن المستشارة أظهرت بعض التفهم لموضوع اللاجئين وهو أمر واضح. مثل ذلك حدث في مسالة الموضوع النووي أيضا، حيث تم اتخاذ قرار سريع بإغلاق المفاعلات (في ألمانيا) بعد الكارثة التي حدثت في اليابان. كان إغلاق الحدود سيتسبب في حدوث فوضى كبيرة. ودون اللجوء إلى التفاصيل لا يمكننا إغلاق الحدود، حيث إن ذلك غير مسموح به. إذ كنا سنتسبب في فوضى عارمة في البلدان الجوار، مع وجود ضغط هائل علينا، فمن الأفضل أن نتعامل مع القضية كاملا وان نكون فاعلين في معالجة الموضوع، حتى ولو بدا الأمر وكأنه دعوة لجميع اللاجئين المحتملين في هذا العالم للرحيل إلينا.
هذا يعني أن ميركل تفكر في عواقب الأمور ونتائجها، فهي تتربع الآن القمة في ثقافة الترحيب، فهل هناك ما لم ننتبه إليه سابقا بخصوص شخصيتها؟
لا أعتقد ذلك، إنها المرة الثالثة التي تتخذ فيها المستشارة، على ما اعتقد، قرارات مرتجلة، إذا جاز التعبير. فالقرارات في موضوع المفاعلات النووية، وفي موضوع التجنيد الإجباري أيضا لم يكن مخططا لها مسبقا. وألان أمامنا الموضوع الثالث الخاص باللاجئين والذي يتم تصنيفه بأنه من مجمل القرارات المرتجلة. إلا أن السؤال الذي يجب طرحه هو، هل فكرت المستشارة في كل شيء حتى النهاية؟ اعتقد انها بالنظر إلى موضوع التخلص التدريجي من المفاعلات النووية لم تكن متوفقة في جميع التفاصيل، ويتطابق ذلك مع موضوع اللاجئين حاليا.
هل ترى أي تصور سياسي محدد ينطبق على سياسة ميركل بالنسبة لموضوع اللاجئين؟
لا أرى وجود أي تصور سياسي. المستشارة لا تفتقر إلى فهم الأمور والعقلانية. التصور الحقيقي للموضوع هو كيفية معالجة مشكلة اللاجئين. فمن غير الممكن على المدى البعيد الاستمرار في تتبع هذا النهج، أي السماح بدخول هذه الأعداد الكبيرة إلى ألمانيا. لا اعتقد أن الهدف من إدخالهم هو سد العجز الديموغرافي بالنظر إلى هرم المجتمع لدينا. وكيفما كان الأمر نافعا، إلا أنه سيخلق العديد من المشاكل الكبيرة داخل المجتمع.
ميركل المستشارة القوية التي "لا تُهزم"
أنغيلا ميركل عملت في مطلع حياتها نادلة خلال دراستها للفيزياء في ألمانيا الشرقية، لم يتحقق حلمها بأن تصبح معلمة لكنها أصبحت أول مستشارة في تاريخ ألمانيا. ميركل التي"لا تُهزم" تقود حزبها منذ 17 عاما وعينها على ولاية رابعة.
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، ترشحت ميركل لرئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته. وطيلة عقد ونيف من حكمها وُصفت ميركل بالمستشارة القوية التي "لا تُهزم".
صورة من: Imago/R. Wölk
بعد إعلانها ترشحها لولاية جديدة عام 2017، أعيد انتخاب ميركل كرئيسة للحزب المسيحي الديمقراطي بعد 17 عاما من زعامته، وذلك في مؤتمره العام المنعقد الثلاثاء 06 ديسمبر كانون الأول 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
هكذا كانت تبدو طفولة المرأة التي توجت خلال الأعوام الماضية بأقوى امرأة في العالم حسب قائمة مجلة فوربس الأمريكية... إنها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
صورة من: imago
ترعرعت أنغيلا ميركل في أسرة بروتستانتية في مدينة تيمبلين بولاية براندنبورغ. وكان والدها يعمل كقس، في حين كانت الأم ربة بيت تعمل على رعاية "إنجي" واثنين من إخوتها الصغار. ولم يكن أحد يعتقد أن أنغيلا دوروثيا كازنر، ستصبح أقوى امرأة في العالم. ولكن صفات كالاجتهاد والموضوعية وضبط النفس والتواضع كانت وراء هذا النجاح الخارق.
صورة من: Reuters/I. Kalnins
تعد ميركل من أكثر المتابعين لمنتخب بلادها لكرة القدم، إذ كانت من أبرز الحاضرين في نهائي كأس العالم بين ألمانيا والأرجنتين في البرازيل. وقد تفاعلت المستشارة مع مجريات المباراة، لتتوجه بعدها إلى غرفة تغيير ملابس اللاعبين وأخذت صورا تذكارية معهم، معبرة عن فخرها بالمنتخب الألماني وإنجازاته.
صورة من: Reuters
تظهر هذه الصورة غريتا ولودفيغ جدي المستشارة الألمانية، مع والدها هورست كاتسمرساك. كانت الأسرة تعيش في بوسن ببولندا، ثم استقرت في وقت لاحق ببرلين. بعدها قامت العائلة بتغيير اسمها سنة 1930 إلى كازنر. وعندما عرفت الجذور البولندية للمستشارة الألمانية سنة 2013، أثار ذلك اهتماماً كبيراً وخاصة في بولندا نفسها.
صورة من: picture-alliance/dpa
درست ميركل في براندنبورغ. هذه الصورة تظهر ميركل في مخيم "هيمل فوت" الصيفي بعد فترة وجيزة من حصولها على شهادة الثانوية العامة سنة 1973 بتفوق. وكانت المستشارة بارعة في اللغة الروسية والرياضيات. وخلال فترة دراستها كانت ميركل أيضاً عضوا في منظمة الشباب الاشتراكي، وهي أول مستشارة لألمانيا نشأت في جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقاً.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي بدأت ميركل دارسة الفيزياء في جامعة لايبزيغ. بعدها مباشرة بدأت بالعمل في أكاديمية العلوم في جمهورية ألمانيا الديمقراطية، حيث حصلت على شهادة الدكتوراه في مجال تفاعلات التحلل الكيمائي. وفي ذلك الوقت التقت بزوجها الأول أولريش ميركل، الذي قال عنها إنها كانت تحب السفر. في هذه الصورة تظهر ميركل في العاصمة التشيكية براغ.
صورة من: picture-alliance/dpa
بعد انفصال ميركل عن زوجها الأول زاد اهتمامها بالمجال السياسي، حيث انخرطت في الحزب المسيحي الديمقراطي. وبعد تجاوزها للعديد من العقبات السياسية وجدت نفسها آنذاك قريبة من المستشار الألماني هلموت كول، الذي يعتبر بمثابة الأب الروحي والراعي، الذي فسح لها المجل لتولي أعلى المناصب.
صورة من: Reuters
في سنة 1998 اقترح رئيس الحزب المسيحي الديمقراطي آنذاك فولفغانغ شويبله، ميركل لتولي منصب الأمين العام للحزب. وبعد أربع سنوات أصبحت ميركل رئيسة للحزب. وفي سنة 2005 فازت مع حزبها بالانتخابات لتصبح أول مستشارة لتخلف بذلك غيرهارد شرودر المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي.
صورة من: Reuters
علاقة المستشارة الألمانية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم تكن حارة، كما كان الحال عليه بين الرئيس الروسي وسلف ميركل، غيرهارد شرودر، وذلك حتى قبل أزمة القرم. ولكن بوتين يكن لها احتراماً كبيراً، وكلاهما يتحدث اللغة الألمانية والروسية بطلاقة.
صورة من: Reuters/G. Dukor
تظهر ميركل في هذه الصورة، التي أثارت ضجة إعلامية كبيرة في ألمانيا، في افتتاح دار الأوبرا في أوسلو برفقة رئيس الوزراء آنذاك ينس شتولتنبرغ. وتعرف ميركل بعشقها للموسيقى الكلاسيكية، حيث تحضر العديد من حفلات هذا النوع من الموسيقي.
صورة من: Bjorn Sigurdson/AFP/Getty Images
تمكنت المستشارة ميركل أو "ماما ميركل" كما يلقبها الألمان من كسر العديد من الصور النمطية، فهي تعد أول امرأة قادمة من شرق ألمانيا تتولى منصب المستشار باعتبارها زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أحد أبرز الأحزاب السياسية في ألمانيا. الكاتبة الألمانية جولي زيه خصصت لها قطعة مسرحية بعنوان "Mutti" أي "الماما".
صورة من: picture-alliance/dpa
تزايدت شعبية ميركل بين السوريين والعرب بعد فتح الأبواب أمام اللاجئين السوريين، لكن هذا القرار لم يلاقي نفس الترحيب من جانب السياسيين الألمان، إذ ظهرت بوادر خلاف داخل الائتلاف الحكومي في البلاد وانتقد مسؤولون سياسة ميركل الخاصة باللجوء معربين عن مخاوف أمنية وقلق من اختلال التوازن الثقافي.
صورة من: picture-alliance/dpa/Bernd von Jutrczenka
14 صورة1 | 14
حتى ألان بقي الحزب الديمقراطي المسيحي (CDU)، خلف رئيسته والمستشارة ميركل دون جدل. هل تخاطر المستشارة بوحدة حزبها؟
نعم . لديها مشكلة. هنالك تذمر في القاعدة الحزبية، هناك تذمر من الناخبين أيضا. عندما يطلع المرء على نتائج الاستطلاعات الأخيرة، عن كثب، فأنه يلاحظ وجود تآكل في مستوى الشعبية"، وأن هنالك بعض التشككات. وعند التحدث مع أناس من مختلف المستويات التعليمية فانه لا يوجد دعم كبير بل بالعكس هنالك تساؤلات كبيرة. أنا اعتقد أنها فقدت بعضا من قوتها في السلطة وهي تراكمات عبر السنوات الماضية.
هل يمكن أن يتعامل المجتمع الألماني مع التدفق الكبير للاجئين في وقت قصير. الكثيرون يقولون نعم وأن بيغيدا في مرحلة سكون حاليا؟
نعم هذا سؤال مهم. أنا أيضا متشكك في قدرة مجتمع بهرم مجتمعنا، والذي تسير أموره بانسيابية في أن يتحمل مثل هذا الاندماج بدون احتكاكات ودون أي تكامل . وهو أمر لن يحدث داخل سنة بل إلى سنوات عديد من أجل حدوثه، لأن هذه الأعداد الكبيرة تحتاج إلى فترة طويلة، من أجل أن يكون هنالك اندماج بشكل فعال. بين اللاجئين يوجد أميون بإعداد غير قليلة، كما أن القليل منهم يتكلم اللغة بطلاقة تمكنه من الاندماج في سوق العمل. ومن هنا يظهر العبء الكبير الملقى من الدولة على عاتق الشعب. وأنا لست متأكدا من أن للمجتمع لديه الرغبة في تحمل هذه الأعباء التي تربطه على المدى الطويل.
برفسور يورغن فالتر يدرس العلوم السياسية في جامعة يوهان غوتينبيرغ في مدينة ماينز الألمانية