هل مصير أوكرانيا السياسي غير مهم بالنسبة لترامب؟ المؤشرات على ذلك تزداد. والثابت هو أن كييف لم تعد لها الأولوية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما أن وقف إطلاق النار المنشود لا يزال بعيد المنال.
يرى مراقبون أن الولايات المتحدة يمكن أن تتخلى عن أوكرانيا حيث أنها لم تعد من أولويات سياستها الخارجيةصورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images
إعلان
التهديد بحرب تجارية مع الصين وأوروبا، ونزاع حول الرسوم الجمركية مع الجارتين كندا والمكسيك، والحرب في غزة، وانهيار قيمة الأسهم في البورصة بالإضافة إلى الاحتجاجات الواسعة داخل البلاد ضد التسريح الجماعي؛ على كل هذه الجبهات يكافح ترامب، وبعض هذه المصاعب قد خلقها هو بنفسه.
في سيناريو الأزمة هذا، يطرح هذا السؤال: هل ستتخلى الولايات المتحدة عن أوكرانيا وتتركها تنهار؟ الإجابة بنعم، تبدو أنها مسالة وقت. فعدم نجاح الجهود في التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، والعديد من العوامل الأخرى تشير إلى هذا السيناريو المرعب.
أجاب ترامب "حسنا، قد لا تنجو أوكرانيا على أية حال. الأمر دائما يتطلب وجود طرفين لنشوب حرب. في الحقيقة كان يجب ألا تنشب هذه الحرب، لكنها نشبت. ونحن عالقون الآن في هذه الفوضى".
مسؤولون أمريكيون متفائلون بوقف إطلاق نار بين روسيا وأوكرانيا
02:04
This browser does not support the video element.
روبيو: يجب على أوكرانيا تقديم تنازلات
مصير أوكرانيا ليس على رأس أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو ما أوضحه وزير الخارجية ماركو روبيو خلال جلسة الاستماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في الخامس عشر من يناير/ كانون الثاني.
وأكد روبيو أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب أقرب حلفائها، وأشار في هذا السياق بالتحديد إلى إسرائيل وتايوان، بدون ذكر أوكرانيا. وقال "القضايا العالمية التي لا تخدم مصالح الولايات المتحدة، مثل أوكرانيا والتعاون التنموي، ستتم مراجعتها".
وأضاف روبيو خلال جلسة الاستماع "على أوكرانيا تقديم تنازلات، وكل سنت للمساعدات الخارجية سيتم فحصه فيما إذا كان صحيحا وفعالا".
إعلان
بايدن أيضا استبعد إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا
بدأ تراجع السياسة الخارجية للولايات المتحدة حتى قبل ولاية ترامب الأولى، إذ "لم يلتزم أي رئيس أمريكي قبل ترامب بالقتال من أجل أوكرانيا" يقول شتفان فيرتهايم، الخبير في السياسة الخارجية الأمريكية بمعهد كارنيغي للسلام الدولي، مذكّرا بمقال رأي نشره في صحيفة غارديان البريطانية.
فقد استبعد الرئيس جو بايدن بشكل صريح إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا، ويضيف فيرتهايم "كذلك لم يدافع أي من الحلفاء في الناتو عن أوكرانيا بشكل مباشر".
وسبب ذلك واضح: "هذا يعني الدخول في حرب مع روسيا" يشير فيرتهايم في مقاله ويضيف "هذا احتمال لا يزال من الممكن أن يردع الحلفاء في الناتو، بغض النظر عما يحدث في أوكرانيا". حتى لو أن الأوروبيين لا يرغبون في سماع ذلك، فواضح أن الولايات المتحدة بقيادة ترامب لا تريد الالتزام بالدخول في حرب من أجل أوكرانيا مستقبلا، حسب رأي فيرتهايم.
أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن القضايا العالمية التي لا تخدم مصالح الولايات المتحدة، مثل أوكرانيا والتعاون التنموي، ستتم مراجعتهاصورة من: Saul Loeb/AP/picture alliance
"التضحية بالبيادق" في أوكرانيا؟
خبير الشؤون الروسية، شتفان مايستر، ينتقد بشدة رفض ترامب تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا. وقال في حوار مع محطة "SWR" التلفزيونية الألمانية "بذلك أضر ترامب بشكل كبير بموقفه التفاوضي وبموقف أوكرانيا" وأضاف "لماذا يجب أن تقبل موسكو بحل وسط في أي قضية، إذا كان الرئيس الأمريكي قد منح روسيا نصف ما تطالب به؟".
يدير مايستر مركز الحوكمة في أوروبا الشرقية وروسيا وآسيا الوسطى في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية، وهو يخشى أن تتخلف أوكرانيا عن الركب في إعادة تنظيم العلاقات الروسية- الأمريكية، ويقول موضحا "انطباعي هو أن ترامب في النهاية لا يهتم كثيرا بأوكرانيا". ومن وجهة النظر الأمريكية، يمكن أن تكون أوكرانيا مجرد بيدق يتم منحه لروسيا مقابل الحصول على أشياء أخرى".
"صفقة" بدون أوروبا
وقد تشمل "الأشياء الأخرى" تلك التي ذكرها وزير الخارجية ماركو روبيو في جلسة الاستماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، وهي: إسرائيل والسلام في الشرق الأوسط والعلاقات مع الصين والتعامل مع إيران وأخيرا التقارب بين موسكو وواشنطن.
لم تعد هناك أية أوهام لدى الكاتب الأمريكي الجمهوري، روبرت كاغان، الذي قدم الاستشارات للعديد من الرؤساء الأمريكيين، ويقول في حوار مع صحيفة "دي تسايت" الألمانية "لقد أوضح الرئيس ترامب، بأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد مستعدة للدفاع عن أوروبا".
الفكرة الأمريكية الاصيلة المتمثلة بالدعوة إلى نشر الديمقراطية في أنحاء أخرى من العالم، غريبة تماما بالنسبة لترامب، حسب رأي كاغان، ويضيف "يبدو أنه ليس لديه أي تحفظات بشأن عقد صفقة مع نظام بوتين المجرم، حتى على حساب الأوروبيين".
أعده للعربية: عارف جابو
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.