هل تسير برلين على خطى واشنطن في سياستها تجاه إيران؟
٢٦ سبتمبر ٢٠١٩
بعد الولايات المتحدة تقوم ألمانيا أيضا بتحميل إيران مسؤولية الهجوم على منشآت النفط السعودية، وتعد الرياض "بتضامن غير محدود". هذا الموقف الألماني المتوافق مع الأمريكي انتهزته السعودية لتطالب بوضع "حد لسلوك إيران".
إعلان
مبدئيا تتبنى الحكومة الألمانية موقفا منتقدا تجاه سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهذا لاسيما عندما يتعلق الأمر بقضيتي الحرب والسلام. في السنة الماضية أعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران؛ الاتفاق الذي بذلت كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا جهودا كبير من أجل التوصل إليه والحفاظ عليه. وبعد الهجوم بطائرتين مسيرتين على منشآت نفطية سعودية في الـ 14 من أيلول/ سبتمبر الجاري واتهام الولايات المتحدة لإيران مباشرة، بدا وكأن الوضع يتأزم بشكل خطير. وحتى السعودية لم تشأ في البداية اتخاذ موقف حاسم في قضية توجيه الاتهام، وفي الأثناء تقف الرياض على خط واشنطن. أما إيران فقد نفت تورطها أو أي مسؤولية لها عن الهجوم.
بعد مرور عشرة أيام على الهجوم انضمت ألمانيا مع فرنسا وبريطانيا إلى الموقف الأمريكي وألقت باللوم على ايران، إذ جاء في بيان مشترك للدول الثلاث "بالنسبة إلينا واضح أن إيران تتحمل المسؤولية عن هذا الهجوم. ليس هناك تفسير مقبول آخر". لكن على ماذا يعتمد هذا الاتهام؟ هذا ما لا تكشف عنه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ولا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون. في المقابل ترى طهران أن الاتهام الأوروبي "لا أساس له" على غرار الموقف الأمريكي. ورئيس الأركان الإيراني محمد البكري، يقول حذر كل جهة تعتزم مهاجمة بلاده بأنها ستُهزم، وأضاف أن بلاده ليس لديها موقف عدائي تجاه السعودية.
هل الجيش الألماني مطلوب قريبا؟
لا يقتصر موقف الحكومات الأوروبية الثلاث على توجيه الاتهام لإيران، إذ أنها وعدت السعودية "بتضامن غير محدود"، والتي بدورها انتهزت فورا هذا الإعلان بتوجيه نداء للمجتمع الدولي تدعو فيه إلى "وضع حد" للسلوك العنيف لإيران، حسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية. وهنا يظهر الموقف الخطير الذي تورطت فيه ألمانيا بهذا الوعد، كما تقول يانا بوغلرين من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية في برلين، والتي تعتقد أنه "لا يوجد بعد وعي لتبعات هذا الموقف"، وتضيف في حديث مع دويتشه فيله، "مثلا عندما يبدأ الأمريكيون في ممارسة الضغط على ألمانيا والحلفاء ربما يكون ذلك للالتزام عسكريا أيضا".
وهذه الرغبة قد تتلقاها وزيرة الدفاع الألمانية التي أشارت خلال زيارتها الأولى إلى الولايات المتحدة إلى استعداد ألمانيا للدخول في التزام عسكري في مضيق هرمز. وقالت الوزيرة بأن الجيش الألماني لن يكون جزء من مهمة تقودها الولايات المتحدة في إطار "الضغط الأقصى"، موضحة أن الجيش الألماني سيتعاون ضمن مهمة أوروبية. وأوضحت الوزيرة الألمانية بعد محادثات مع نظيرها الأمريكي مارك إيسبر أن لديها الانطباع بأن الولايات المتحدة تريد تفادي "تقديم ذريعة للجانب الخصم للحديث عن تصعيد".
مصالح ألمانية متناقضة
حتى لو أن واشنطن لا تطالب برلين بالتزام عسكري واضح، فإن يانا بوغلرين، ترى ألمانيا في موقف حرج، لأن "لها مصالح في المنطقة لا يمكن تحقيق انسجام بينها: الحفاظ على الصفقة (الاتفاق النووي) مع إيران تم الإعلان عنها كهدف ألماني أعلى تجاه ايران، وفي الجانب الآخر مساندة العربية السعودية كشريك تقليدي يراد دعمه لتحقيق التوازن مع إيران".
وحسب تفسير وزيرة الدفاع الألمانية فإن ألمانيا ترى مهمتها "في الحفاظ على التواصل الدبلوماسي مع ايران". وهذا التواصل قد يحدث أيضا بين الخصمين الولايات المتحدة وايران على أعلى مستوى. والرئيس ترامب لم يشأ رغم التوترات استبعاد عقد لقاء مباشر مع الرئيس الإيراني حسن روحاني في الأمم المتحدة. وقال ترامب بأن هذا اللقاء غير مبرمج، "لكنني لا أستبعد أبدا شيئا". وأكد ترامب أنه ليس في حاجة إلى وسيط، ورفض بذلك مبادرة من الرئيس ماكرون. لكن إذا أراد الإيرانيون التحدث، "فإنهم يعرفون بمن يمكنهم الاتصال".
وحتى لو أن الرئيس الأمريكي لا يرغب في ذلك، فإن يانا بوغلرين ترى دور ألمانيا، لاسيما بالاشتراك مع فرنسا وبريطانيا، في التوسط بين الولايات المتحدة وايران، وتقول لـ DW "أعتقد أن ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي في موقف جيد، لأنها لا تتبع مثل الولايات المتحدة استراتيجية الضغط الأقصى، لكن بإمكانها لعب دور وسيط موثوق به يعمل من أجل تحقيق التوازن".
كريستوف هاسلباخ/ م.أ.م
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker