1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تشكل استقالة الحكومة اللبنانية بداية الحل؟

إستقالة حكومة عمر كرامى الموالية لسوريا تُعطي إنطباعاً بنصر سريع للشارع اللبناني المطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان، إلا أنه من الصعب التكهن بتداعياتها المستقبلية نظراً لخصوصية وعمق العلاقات بين البلدين.

الانظار تتجه الى سوريا!صورة من: AP

يمثل إعلان عمر كرامي استقالة حكومته حدثاً تاريخياً ليس في لبنان وحدها ولكن في العالم العربي بأجمعه. فهي المرة الأولى التي تنجح معارضة في دولة عربية في اسقاط حكومة لها أغلبية مطلقة في البرلمان، وذلك باستخدام الوسائل السياسية المشروعة ودون أن تراق قطرة دم واحدة، وكلمة السر هي: ضغط الشارع. فلقد نفذ عشرات الألوف من اللبنانيين ومختلف قوى المعارضة اعتصاماً سلمياً في شوارع بيروت للتعبير عن عدم ثقتهم بهذه الحكومة ورغبتهم في التخلص منها. ورغم حظر وزير الداخلية للاعتصام لم تواجه قوات الشرطة التجمعات الشعبية بالقمع. وبدلاً من ذلك اتخذت موقفاً هادئاً ساعد على تجنب اشتعال شرارة العنف.

استقالة الحكومة اللبنانية لم تكن مفاجأة لأعضاء الحكومة بل أيضاً لقوى المعارضة، فمن المعروف أنها تمتلك الأغلبية في البرلمان وبالتالي إذا وصل الأمر إلى الاقتراع المباشر فسوف تفوز ويسقط طلب حجب الثقة. ولم تكن المعارضة تعول كثيراً على نجاحها عبر هذا الطريق، لذا كانت مفاجأة حقيقية لها أن ترى عمر كرامي ينحني للريح ويعلن استقالة حكومته. وإذا كانت رؤية الاعتصام الهائل في العاصمة جعلت رئيس الحكومة يفكر في الاستقالة تجنباً لإحدثاث تصدعات كبيرة في الجسد اللبناني، فإن سماعه للكلمات القاسية التي ألقتها المعارضة تحت قبة البرلمان، وأقساها كلمة النائبة بهية الحريري شقيقة الراحل رفيق الحريري، جعله يطمئن لفكرته ويقف ليعلن بشكل مفاجئ أن حكومته لن تقف في طريق خير هذا البلد، منهياً كلمته بعبارة "حفظ الله لبنان".

أنصار كرامي يتظاهرون في طرابلس احتجاجاً على استقالة الحكومةصورة من: AP

انتصار تضافر قوى المعارضة وقوى الشارع يذكر على الفور بالثورة البرتقالية الأوكرانية، والتي نجحت قبل شهور في الطعن في نتيجة الانتخابات بسبب التزوير وإجبار الحكومة على إعادتها، لينجح مرشح المعارضة في الفوز بها وذلك بدون نقطة دم واحدة. غير أن انتصار الشارع اللبناني ومعارضته ليس نهايةً لأزمة ولكن بدايةً لحل كما كتبت جريدة النهار البيروتية. فقد أصبح للمعارضة اللبنانية الآن تأثير كبير على قضيتين خطيرتين: التواجد السوري في لبنان، والانتخابات القادمة. غير أن المعارضة نفسها ليست معسكراً واحداً، فهي وإن كانت تتفق على إسقاط الحكومة والخروج العسكري السوري من لبنان إلا أنها تختلف على الكثير من التفاصيل. وقد أدى اغتيال الحريري إلى توحيد شامل لصفوف المعارضة وجمع الشارع اللبناني بمختلف ألوانه. وهي نتيجة إيجابية بلا شك لكن نجاح المعارضة في أولى مطالبها يملي عليها التريث وحسن التخطيط للخطوات القادمة حتى لا تنفتح البلاد على احتمالات مجهولة.

سوريا تخضع لضغوط دولية

الحريري محمولاً إلى مثواه الأخيرصورة من: AP

يعود الوجود العسكري السوري في لبنان إلى عام 1976 وهوالعام الذي دخلت القوات السورية كجزء من قوات الردع العربية الأراضي اللبنانية لاول مرة. وفيما بعد نجحت الحكومة السورية في إرساء تواجدها فيه والحصول على تفويض له من جامعة الدول العربية وفقاً لإتفاق الطائف في عام 1989 الذي ساهم في إنهاء الحرب الأهلية. ولكن التغيرات الجيوسياسية الناتجة عن الحرب على العراق، والاتهامات الأمريكية لسوريا بتوفير يد العون لمن تطلق عليهم "الارهابيين" في العراق، علاوة على المبادرة الأوروبية-الأمريكية للإصلاح السياسي والدمفقرطة في العالم العربي، ساهمت في تزاييد الضغوط الدولية على الحكومة السورية لتقليل نفوذها في لبنان. وفي هذا السياق جاء اغتيال الحريري ليصب الزيت في النار.

لبنان جزء من المعادلة الشرق أوسطية

يُمثل اعتقاد كثير من اللبنانيين بوقوف الحكومة السورية خلف إغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، رغم عدم توفر أدلة كافية لإثبات هذه التهمة ذات الأبعاد السياسية الخطيرة حتى الآن، تعبيرا واضحاً عن رغبتهم في التخلص من النفوذ السوري في بلدهم. وعلى الرغم من ذلك فإن إستقالة حكومة عمر كرامي الموالية لسوريا، بعد تزايد المظاهرات الشعبية ضد الوجود السوري، تعطي دليلاً جلياً على مدى صعوبة التكهن بطبيعة التطورات المستقبلة اقليمياً نظراً لتعقيد المنظومة السياسية الشرق أوسطية من ناحية، وعمق وتداخل العلاقات اللبنانية- السورية من ناحية أخرى. وتتجاوز هذه العلاقات الشأن العسكري إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والدينية.

رئيس الحكومة اللبنانية المستقبل عمر كراميصورة من: AP

من ناحية لا يرتبط الوجود السوري في لبنان بموقف أيدولوجي معين للنخبة الحاكمة في سوريا التي تحلم بسوريا الكبرى فقط، بل يرتبط بصورة جوهرية بالمعادلة السياسية الشرق الأوسطية. فسوريا لن تفكرغالباً بمغادرة لبنان كلياً حتى ولو صعّد المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، الضغوط عليها، لأن حكومة الأسد لا تريد فقدان سيطرتها على ميليشيا حزب الله المعادي لإسرائيل في جنوب لبنان، والذي يمكن أن يخدمها كوسيلة ضغط قوية في يدها لمحاولة معادلة التفوق الاسرائيلى حين يتم التفاوض مع إسرائيل لاسترجاع الجولان يوماً ما. ومن هذا المنطلق ينبغي فهم رد فعل الحكومة السورية الذي اعتبر استقالة الحكومة اللبنانية "شأناً لبنانياً داخلياً" على أنه محاولة منسقة مع الحكومة اللبنانية لتخفيف الضغط الدولي عليها. وبالاضافة إلى ذلك فإنه من الصعب جداً تصَّور فقدان سوريا لنفوذها المهيمن على العملية السياسية اللبنانية منذ عقود طويلة في لبنان دون صياغة حل شامل للمعادلة الشرق أوسطية يتم قبوله من جميع الأطراف.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW