1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
علومأمريكا اللاتينية

هل تصمد أقدم شجرة في العالم أمام عجلة "التقدم"؟

٢٨ أبريل ٢٠٢٥

في أعماق غابة مطيرة بتشيلي، تناضل شجرة "غران أبويلو" التي يبلغ عمرها حوالي 5400 عام، من أجل البقاء. في حين يهدد مشروع طريق سريع وجودها والنظام البيئي المحيط بها.

Chile | Alerce-Bäume und Dendrochronologie-Forschung
شجرة "غراند أبويّلو"صمدت 5400 سنة، لتصبح واحدة من أقدم الكائنات الحية على وجه الأرضصورة من: Miguel Soffia

على مدى آلاف السنين، قامت إمبراطوريات وسقطت، وولدت لغات ونسيت، لكن شجرة "غراند أبويّلو" (أي الجدّ الأكبر بالإسبانية) صمدت 5400 عاما، لتصبح واحدة من أقدم الكائنات الحية على وجه الأرض.

العالِم التشيلي البارز جوناثان باريتشيفيتش الذي يعمل في فرنسا، نشأ في   الغابة المطيرة  المعتدلة في منتزه أليرس كوستيرو الوطني، حيث اكتشف جده أنيبال شجرة غران أبويلو عام 1972 أثناء عمله كحارس للمتنزه، وهو ما غيّر مسار العائلة. يقول جوناثان: "خطواتي الأولى كانت في هذه الغابة مع جدي، وقد ألهب ذكرياتي العلمية".

جوناثان وفريقه، بمن فيهم والدته، يدرسون الأسرار المخبأة لهذه الشجرة وأنواعها القريبة، التي تسجل في حلقاتها السنوية تاريخ   المناخ  بدقة نادرة، ما يوفر بيانات مهمة لفهم تغير المناخ. إذ تمتص الغابات نحو ثلث انبعاثات  الكربون ، ودراسة نمو الشجرة يوضح مدى قدرتها على الاستمرار في هذا الدور في المستقبل الحار.

العالِم التشيلي جوناثان باريتشيفيتش يقوم بقياس النبضات الصغيرة في الشجرة، والتي تُظهر كيفية تحرك الماء وتكشف عن صحة الشجرةصورة من: Miguel Soffia

سجلّ مناخي عمره آلاف السنين

ما يجعل أشجار السرو الباتاغوني، المعروفة أيضًا باسم سرو باتاغونيا أو فيتزرويا كوبريسيديس، مميزة ليس فقط عمرها الطويل، بل قدرتها على تسجيل  تغيّرات المناخ  بدقة متناهية. فكل حلقة في جذع الشجرة تمثل عاماً كاملاً، وتحمل معلومات عن المناخ في تلك السنة. تُتيح دراسة حلقاتها للباحثين إعادة بناء أنماط مناخية تمتد لآلاف السنين - وهي بيانات لا مثيل لها لدى أي نوع آخر في المنطقة.

العالِمة التشيلية روثيو أوروتيا، المتخصصة في هذا المجال، تقول: "هذه الأشجار بمثابة موسوعات حية." وأكدت أن أبحاثها ساهمت في إعادة بناء سجلات درجات الحرارة على مدار 5,680 عاما، وهو إنجاز نادر في علم المناخ.

تستخدم أوروتيا مثقابا خاصا لاستخراج عيّنة من جذع الشجرة لدراسة عمرها وتاريخ نموهاصورة من: Serdar Vardar/DW

مواجهة الاحتباس الحراري

 تمتص الغابات ما يقارب ثلث الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الأنشطة البشرية. وكلما نمت الشجرة أكثر، زاد امتصاصها للكربون، وهو ما يظهر في سماكة الحلقات السنوية داخل الجذع. لذلك، تعتبر دراسة نمو الأشجار عاملاً حاسماً في فهم قدرة الغابات على الاستمرار في مقاومة ظاهرة  الاحتباس الحراري .

طريق جديد يُهدد الغابات المطيرة

وسط هذا العمل العلمي المهم، ظهر تهديد جديد، إذ أن الحكومة التشيلية قد اقترحت إعادة فتح طريق قديم يمر في قلب المنتزه لبناء طريق سريع جديد. وبررت القرار بأنه سيُسهم في ربط المدن وتعزيز السياحة.

إلا أن باريتشيفيتش يشكك في ذلك، وقال ل DW: "هناك طريق بديل قائم بالفعل. الطريق الجديد يربط مباشرة بميناء كورال، والذي تستخدمه واحدة من أكبر شركات تصدير لب الخشب في أمريكا اللاتينية."

يبدو أن الهدف الحقيقي هو فتح الوصول إلى الأخشاب ذات الجودة العالية، كما يقول العديد من السكان المحليين.

من جهة أخرى، يحذر باحثون مثل أوروتيا من أن الطريق سيزيد من خطر حرائق الغابات. وقالت إن أكثر من 90 في المائة من الحرائق في المنطقة تبدأ بالقرب من الطرق. وهي ظاهرة تتكرر عالمياً. إذ تبدأ 75 في المائة من حرائقالأمازون على بُعد 5 كيلومترات من طريق، و96 في المائة من حرائق الولايات المتحدة تبدأ على بعد أقل من 800 متر.

يتسلق باريتشيفيتش برج التدفق الذي يقيس كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها الغابة وتطلقهاصورة من: Miguel Soffia

إنقاذ الأشجار والنظم البيئية

نشر العلماء رسالة في مجلة "ساينس" الأمريكية حذروا فيها من مخاطر الطريق المزمع، مستندين إلى سنوات من البحث والعمل الميداني. وقد لاقت الرسالة  صدىً واسعًا بين العلماء حول العالم، ومع ضغط السكان المحليين، تراجعت الحكومة مؤقتًا عن المشروع.

بالنسبة لباريتشيفيتش، القضية شخصية، فوالدته جمعت بيانات من الغابة لسنوات، وأصبح عملها من أطول الدراسات المناخية المستمرة في نصف الكرة الجنوبي، مؤثرًا عالميًا.

 

أعدته للعربية: ريم ضوا

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW