1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تصمد لندن كمركز مالي عالمي أمام تبعات بريكست؟

٢٢ يناير ٢٠٢٢

عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حذر كثيرون من فقدان لندن لمكانتها كمركز مالي عالمي، إلا أن تأثر المدينة بتبعات الخروج بقي دون التوقعات. ما أسباب ذلك، وهل ساعدت جائحة كورونا المدينة على الصمود أمام تبعات الخروج؟

لا تزال تحتفظ لندن بمكانتها كمركز مالي عالمي هام رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي
لا تزال لندن تحتفظ بمكانتها كمركز مالي عالمي هام رغم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبيصورة من: Maciek Musialek/NurPhoto/picture alliance

كشفت الأرقام أن عدد الوظائف والمؤسسات المالية التي هجرت لندن بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست) كانت أقل من التوقعات. ففي عام 2018 وسط تعثر المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي حيال الخروج، خرجت تحذيرات صادمة حيال تداعيات البريكست على لندن كمركز مالي أوروبي.

وذهبت التحذيرات عام 2018 إلى توقع خسارة 75 ألف وظيفة ونحو عشرة مليارات جنيه إسترليني أي ما يعادل 11.1 مليار يورو  من العائدات الضريبية السنوية. وحذر السير مارك بوليت- الرئيس السابق لمؤسسة الحي المالي في لندن أو "سيتي أوف لندن كوربوريشن" – مما  أسماه "السيناريو النووي" الذي يشمل إجبار البنك المركزي الأوروبي على نقل التعاملات المالية التي تتم باليورو من لندن إلى منطقة اليورو مع احتمال خسارة قرابة 230 ألف وظيفة.

هل نجا الحي المالي اللندني من تداعيات بريكسيت؟

 لكن ومع مرور الأعوام، خرجت المجموعة المالية "إرنست آند يونغ" لتقول إنه بنهاية العام الماضي، بلغ إجمالي تحويلات الأصول 1.3 مليار جنيه إسترليني. وقد تزامن هذا مع إقدام أكبر البنوك الاستثمارية ومقرها المملكة المتحدة على تعديل عدد الموظفين الذين سيتم نقلهم إلى الاتحاد الأوروبي ليصبح أقل من 7400 وظيفة. ويشكل هذا الأمر نسبة ضئيلة من عدد موظفين يصل إلى 1.1 مليون شخص يعملون في القطاع المالي بينهم 400 ألف موظف في لندن. يشار إلى أن قطاع الخدمات المالية يمثل حوالي 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا.

رغم المظاهرات المعارضة للبريكست خرجت بريطانيا أخيرا من الاتحاد الأوروبيصورة من: picture alliance/dpa/SOPA/ ZUMA Press Wire

بيد أن هذا لا يعني أن الحي المالي في لندن قد نجا من تداعيات  الخروج البريطاني  إذ ذكرت "إرنست آند يونغ" أن قرابة 44 بالمائة من الشركات العاملة في مجال الخدمات المالية ومقرها المملكة المتحدة تعتزم أو تخطط لنقل عملياتها والموظفين إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وربما ستكون دبلن ولوكسمبورغ مقصدا لإدارة العمليات، فيما قد يُنقل الموظفون إلى باريس.

تزامن هذا مع تقديرات مجموعة سيبو كلوبال ماركت "Cboe Global Markets" التي تعد واحدة من أكبر شركات التبادل المالي، إذ أفادت بانخفاض التداول في سوق الأوراق المالية في لندن بنسبة 40 بالمائة مطلع العام الماضي بالتزامن مع حرمان لندن من تقديم عروض للأسهم المدرجة في الاتحاد الأوروبي للعملاء خارج المملكة المتحدة.

وقالت المجموعة إن هذا الأمر صب في صالح بلدان أوروبية إذ استغلت أمستردام الأمر لتتجاوز لندن وتصبح أكبر مركز في أوروبا على صعيد حجم الأسهم. وفي مقابلة مع DW ، قالت كاثرين ماكجينيس - عضو المجلس السياسي لمؤسسة الحي المالي في لندن - إنه على الرغم من أن "بعض الشركات والأنشطة المالية انتقلت إلى بلدان الاتحاد الأوروبي، إلا أن التوقعات بهروب عشرات الآلاف من الوظائف من الحي المالي في لندن لم تتحقق".

وأضافت أن هذا الأمر تزامن مع انتقال شركات أوروبية إلى الحي المالي في لندن لكي تمضي قدما في العمل في السوق البريطاني، مضيفة "ساعد هذا في خلق آلاف الوظائف الأخرى". وقالت "لقد رأينا عددا من المطورين والمستثمرين يظهرون الثقة في إمكانيات حي المال في لندن من خلال الخطط المستقبلية. ففي عام 2021، تمت الموافقة على توسعات في المكاتب الجديدة بزيادة قدرها 70 بالمائة سنويا".

عُرف السبب فبطل العجب!

بيد أن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون أن التداعيات الكاملة للخروج البريطاني تجد طريقها إلى الحي المالي في العاصمة لندن. وفي ذلك، أرجع روس مولد - مدير الاستثمار في شركة " أيه.جيه بيل " الاستثمارية – عدم وقوع تأثير كبير حتى الآن إلى وباء كورونا. وأضاف "لقد جعل الوباء انتقال الناس أكثر صعوبة مما سيكون عليه الوضع لولا تفشي جائحة كورونا".

وبدوره، كتب عمر علي - رئيس الخدمات المالية في "إرنست آند يونغ" – على موقع الشركة "بالنسبة للعديد من شركات الخدمات المالية، لا نزال بعيدين عن الأثار للخروج الكامل لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي". يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي لم ينفذ بعد الإطار التنظيمي الجديد للتعامل مع  المملكة المتحدة  في مجال الخدمات المالية الذي تم الاتفاق عليه من حيث المبدأ في ديسمبر / كانون الأول.

وذكرت تقارير صحافية بأن هذا الأمر يعد عاملا أساسيا لإعادة بناء الثقة بعد أن ضغط البنك المركزي الأوروبي على البنوك في لندن "لتوظيف عدد كاف من الموظفين" في مراكزها الجديدة في الاتحاد الأوروبي بعد التأخير جراء قيود كورونا. وفي هذا السياق، لا يزال التكتل الأوروبي منخرطا لحسم النقاط الخلافية مع المملكة المتحدة حول البروتوكول المتعلق بإيرلندا الشمالية في مرحلة ما بعد الخروج البريطاني.

الحي المالي.. لم يخسر كل شيء

وفيما يتعلق بتداعيات خروج بريطانيا على الأهمية العالمية للحي المالي في لندن، قال روس مولد إن لندن لا تزال تمتلك مزايا تصب في صالحها. وأضاف أن المدينة "توفر سيادة القانون ونظاما مصرفيا مركزيا مستقلا بالإضافة إلى لغة تُستخدم في الأنشطة التجارية في جميع أنحاء العالم. "

رغم الضغوط لم تتبنى لندن العملة الأوروبية الموحدة خلال فترة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبيصورة من: Nicolas Asfouri/AFP/Getty Images

الجدير بالذكر أن مؤشر المراكز المالية العالمية لعام 2021 قد ذكر أن لندن لا تزال ثاني أكبر مركز مالي في العالم بعد مدينة نيويورك الأمريكية عند الأخذ في الاعتبار معايير البنية التحتية والسمعة وبيئة الأعمال. من جانبه، قال لي وايلد ، رئيس إستراتيجية الأسهم في انتراكتيف انفستور "Interactive  Investor" (المستثمر التفاعلي) إن الخروج وفقدان الشركات البريطانية حقوقها في أوروبا "يشبه حوم الطيور للحصول على حصتها، لكن لندن بمثابة وحش كبير وأي جروح لن تكون مميتة".

وفي مقابلة مع DW ، أضاف "كان الانتقال الحتمي لبعض الوظائف إلى بلدان الاتحاد الأوروبي بعد الخروج امرا هزيلا ولم يكون بمثابة موجات تسونامي كما توقع البعض. ومن غير الواضح إذا كان سيستمر الأمر على هذا المنوال في السنوات المقبلة خاصة مع رفع قيود كورونا، لاسيما قيود السفر".

وشدد وايلد على أن لندن تمتلك الكثير من الأسباب لكي تمضي قدما في الاحتفاظ بكونها "مركز مالي رئيسي في أوروبا". وأضاف أن هذه المزايا تتعلق "بالأسعار التنافسية والسيولة وانتشار السلع والخدمات المالية. كل هذا سيجعل من الصعب على أي شخص غض النظر عن لندن".

الجدير بالذكر أن الحي المالي في لندن لا يزال يتمتع بقوة خاصة في تداول  العملات الأجنبية  والمشتقات المالية ويهيمن على أسواق التأمين التجاري فيما سجلت لندن رقما قياسيا في عدد الشركات التي طرحت أسهمها للاكتتاب لأول مرة العام الماضي. وقد بلغت القيمة السوقية للعروض العامة الأولية لقرابة 122 شركة 16.8 مليار جنيه إسترليني وهو يعد أعلى رقم منذ 2007.

ورغم ذلك، يرى وايلد أن نصيب المملكة المتحدة في سوق الاكتتابات الأولية على مستوى العالم يتضاءل أمام الخدمات المالية المربحة الأخرى، مشيرًا إلى أن بورصة "يورونكست" سجلت عاما قياسيا من حيث حجم الاكتتاب العام. وأضاف "من غير المحتمل أن يشهد العام الجاري تكرارا لظروف السوق الجيدة التي حدثت العام الماضي، لكن لندن ستظل وجهة رئيسية للشركات التي ترغب في جمع الأموال."

جو هاربر / م ع

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW