في الوقت الذي يزداد فيه الإقبال بشكل جنوني على تطبيق "فيس آب" في أرجاء العالم، لا يخلو استخدام هذا التطبيق من مخاوف بشأن انتهاك الخصوصية والتجسس على مستخدميه. فكيف ردت الشركة المالكة للتطبيق على هذه التخوفات؟
إعلان
لا يتوقف الحديث هذه الأيام عن تطبيق "فيس آب"، الذي انتشر بشكل "جنوني" في أرجاء متفرقة من العالم. فبمجرد إلقاء نظرة خاطفة على مواقع التواصل الاجتماعي، يتبين أن عدة مشاهير في عالم الرياضة والفن، استخدموا هذا التطبيق. كما أن آخر الإحصائيات تتحدث عن أن نحو 150 مليون مستخدم استعملوا هذا التطبيق.
أما عن سبب الانتشار الكبير لتطبيق "فيس آب" في هذه الأيام، فهو أن هذا الأخير يمكن أن يعطي صورة تقريبية جداً عن شكل مستخدمه بعد تقدمه في السن، وذلك على غرار اشتعال رأسه شيباً أو انتشار التجاعيد في وجهه، ما يثير فضول المستخدم لمعرفة شكله في المستقبل.
ما هو "فيس آب" وكيف يعمل؟
"فيس آب" هو تطبيق مجاني، يمكن تحميله في الهواتف المحمولة. يعمل بخاصية الذكاء الاصطناعي، إذ يستطيع إعطاء صورة تقريبية عن شكل وجه مستخدمه في المستقبل، وذلك باستخدام عدة مميزات مختلفة يمتلكها التطبيق، وفق ما ذكر موقع مجلة "نيوز ويك" الأمريكية.
وتابع نفس المصدر أن "فيس آب" انتشر سنة 2017، بيد أن التحديثات العديدة التي شهدها هذا التطبيق الآن جعلته أكثر شهرة، وأضاف أن من بين مميزات هذه التطبيق هو تغيير وجه المستخدم، بما في ذلك مثلاً تغيير لون الشعر أو الابتسامة.
وأشار موقع مجلة "vice" الكندية أن تطبيق "فيس آب"، طورته شركة روسية تُدعى "وايرلس لاب" وتتخذ من مدينة سانت بطرسبرغ مقراً لها، ما يثير تخوفات بشأن وصول بيانات المستخدمين إلى الحكومة الروسية، حسب نفس المصدر.
أين المشكلة؟
أفاد موقع مجلة "فوربس" الأمريكية أن التخوفات بخصوص تطبيق "فيس آب"، ازدادت بشدة في الآونة الأخيرة عقب تغريدة نشرها المُطور والكاتب في مجال التكنولوجيا، جوشوا نوزي على حسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر". وحذر جوشوا من أن تطبيق "فيس آب"، يمكن أن يأخذ جميع الصور من هاتف مستخدمه، ويحملها إلى خوادم السحابة دون أي إذن واضح من المستخدم.
وفتح هذه التغريدة الباب أمام عدة تساؤلات بشأن إمكانية انتهاك خصوصية المستخدم، لاسيما بعد "فضيحة" اختراق بيانات طالت في وقت سابق ملايين المستخدمين لموقع التواصل الاجتماعي الشهير "فيسبوك".
وفي نفس السياق، أوضح موقع شبكة "بي بي سي" البريطانية أن البعض يتخوف أيضاً من أن تطبيق "فيس آب" قد يستخدم البيانات التي تم جمعها من المستخدمين، من أجل التدرب على خوارزميات التعرف على الوجه، وأردف أنه يمكن القيام بهذه العملية حتى بعد حذف الصور نفسها لأن قياسات الميزات على وجه الشخص يمكن استخراجها واستخدامها لمثل هذا الغرض.
كما دعا السيناتور الأمريكي، تشاك شومر مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي آي" إلى القيام بتحقيق بشأن تطبيق "فيس آب". وقال تشاك في رسالة وجهها إلى مدير التحقيقات الفدرالي كريستوفر راي، وكذلك رئيس لجنة التجارة جو سيمونز ، إن الوصول إلى صور وبيانات المستخدمين قد يشكل "مخاطر على الأمن القومي والخصوصية لملايين المواطنين الأمريكيين".
الشركة ترد
في المقابل، أصدرت الشركة المالكة لتطبيق "فيس آب" بياناً ترد فيه على كل الاتهامات الموجهة إليها بخصوص التخوف من إمكانية انتهاك خصوصية المستخدمين. وقالت الشركة في البيان الذي نشره موقع "تيك كرنش" المتخصص في مجال التكنولوجيا، إنها لا تنقل أي صور أخرى من هاتف المستخدم إلى السحابة بل تحمل فقط الصورة المختارة من طرف المستخدم للتحرير.
كما أكدت نفس الشركة أنها تحذف كل الصور من خوادمها في مدة لا تتجاوز 48 ساعة من تاريخ التحميل، وأضافت أنها لا تشارك أو تبيع أي بيانات مستخدم مع أطراف ثالثة.
ر.م/ع.خ
فيسبوك - من أيادي الطلبة إلى أداة للأنظمة
جعل العالم "قرية صغيرة" لم يعد هدف "فيسبوك" الوحيد. فمع السنين، صار الموقع الأشهر سلاحاً ذا حدين؛ يسمح بحرية التعبير، ولكنه يثير مخاوف خاصة فيما يخص البيانات الشخصية التي بات اختراقها ممكناً وتحويلها إلى أداة قمع وارداً.
صورة من: picture alliance/NurPhoto/J. Arriens
البداية من هارفارد
لم تكن نية مارك زوكربرغ ورفاقه في أول الأمر سوى إطلاق شبكة اجتماعية خاصة بتبادل المعلومات والصور والآراء بين طلاب جامعتهم هارفارد. أطلقوا على تلك الشبكة اسم: فيسبوك. وفي الرابع من فبراير/ شباط 2004 تم تأسيس الشبكة رسمياً، ليتوافد عليها طلبة من جامعات أخرى وتلقى رواجاً ونجاحاً مهمين. هذا النجاح دفع مؤسسي "فيسبوك" إلى فتح باب العضوية للجميع ابتداءً من نهاية عام 2006.
صورة من: Reuters/B. Snyder
إقبال متزايد
كان لـ"فيسبوك" قدرة خارقة على اختصار المسافات والربط بين أطراف العالم بضغطة زر، حيث زاد المقبلون على استخدامه إلى الملايين منذ إنشائه. وقد تجاوز مستخدموه الآن ربع سكان العالم، كان مارك زوكربرغ قد كتب في تدوينة له السنة الماضية (2017) على "فيسبوك" أن عدد المشتركين وصل إلى ملياري شخص، في حين كان عددهم مليون شخص عام تأسيسه (2004).
صورة من: Reuters/D. Ruvic
كوكب مواز
اختراق "فيسبوك" للعالم وحيازته لمساحة مهمة من حياة الناس لم يكن بمحض الصدفة. فقد أتاح لمستخدميه فرصة التواصل مع العالم الخارجي والتعارف كما التعرف على أشخاص وأماكن جديدة، بالإضافة إلى الانفتاح وتبادل المعلومات والإدلاء بالآراء والمواقف الشخصية، سواءً عن طريق نشر تدوينات أو صور أو حتى مقاطع فيديو. هذه الميزات والتقدم الذي عرفه الموقع جعل كثيرين يطلقون عليه "الكوكب الموازي".
صورة من: picture-alliance/dpa/J.W.Alker
"استحواذ" وشراكات
استطاع "فيسبوك" أن يكتسب شهرة عالمية ويعقد بذلك شراكات مع مؤسسات معروفة. كما مكنته الأموال التي حصل عليها عن طريق الإعلانات من "الاستحواذ" على برامج أخرى. وتعتبر شركة "مايكروسوفت" من بين الذين قدموا عرضاً لشراء "فيسبوك" عام 2007 بشراء حوالي خمسة في المائة من أسهم "فيسبوك". أما بالنسبة للمواقع التي ضمها إليه، فقد كان تطبيق "إنستغرام" أولها عام 2012، تلاها "واتساب" عام 2014.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Becker
"نافذة للرقابة والقمع"
اعترفت بعض المحاكم بـ"فيسبوك" منذ 2008. كما عوقب كثيرون بسبب نشرهم لمحتوى "لم يرق" لدولهم أو جهات أخرى. وكانت وزارة الداخلية المصرية عام 2014، مثلاً، قد ألقت القبض على سبعة أشخاص يستخدمون موقع "فيسبوك" "للتحريض" ضد قوات الأمن، حسب ما نقلت رويترز آنذاك. كما حُظر الموقع في بعض الدول كسوريا وإيران. لكن سرعان ما رُفع هذا الحظر. المنع لا يخص الدول، بل يشمل بعض الإدارات التي منعت موظفيها من استعماله.
صورة من: picture-alliance/empics/D. Lipinski
أفيون الثورات؟
شكل "فيسبوك" مساحة للإدلاء بوجهات النظر دون أي قيد قد يواجه المستخدم على أرض الواقع. الثورة في مصر عرفت طريقها نحو الواقع من "فيسبوك"، الذي لعب دوراً مهماً في تحويل قضية الشاب خالد سعيد إلى شرارة لإطلاق ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، وهو ما أشار إليه الناشط المصري وائل غانم في كتابه "ثورة 2.0". لكن الحرية بدأت تتراجع حين اعترفت المحاكم بالموقع وصارت الجرائم الإلكترونية ضمن ما تعاقب عليه هناك.
صورة من: picture alliance/AP Photo/M. Deghati
منصة للجيوش الإلكترونية
خلق "فيسبوك" أرضاً خصبة لمجموعة من الأنظمة التي سخرته لخدمة مصالحها السياسية. وكان الجيش السوري الإلكتروني، الذي ظهر إبان الثورة السورية (2011-2012) واحداً من أبرز هؤلاء، حسب ما ذكر بعض المراقبين. فقد شن انطلاقاً من الموقع حرباً إلكترونية، وذلك باختراقات أو إغراق الصفحات بتعليقات مؤيدة لنظام الأسد أو اتهامات بالخيانة للمعارضين. بالإضافة إلى إرسال بلاغات لـ"فيسبوك" بإغلاق حسابات لمعارضين.
صورة من: Vernon Manlapaz
انتقادات متكررة!
"انتهاكات خصوصية المستخدمين، تسريب البيانات وإمكانية استغلالها من طرف الاستخبارات، فضلاً عن نشر مواد تدعو إلى العنف والكراهية والتمييز..." كلها انتقادات وجهت لـ"فيسبوك". لكن كريس هيوز، المتحدث الرسمي باسم الشركة سابقاً، رد على هذه الانتقادات بقوله: "لم نقم من قبل مطلقاً بتزويد أطراف آخرين بالبيانات الخاصة بمستخدمي الموقع، ولا نعتزم القيام بذلك على الإطلاق"، حسب ما تناقلته عدة مواقع إلكترونية.
صورة من: picture alliance/dpa/epa/R. Khan
دعاوى قضائية متعددة
رفعت العديد من الدعاوى القضائية ضد "فيسبوك"، كما رفع هو الآخر ضد مستخدمين. كان أول الدعاوى ضد الشبكة عام 2004، إذ اتهمت شركة "كونكت يو" مارك زوكربرغ بسرقة الأفكار التي وضعوها حول الموقع واستخدام الكود الرئيسي الخاص بهم. كما رفع الموقع هو الآخر دعوة ضد ضد آدم جوربوز، وحصل على تعويض قيمته 873 مليون دولار.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Reinhardt
"إخفاق كارثي"
مسألة الحصول على بيانات المستخدمين جعلت "فيسبوك" محط محاسبة في مرات كثيرة؛ آخرها يوم 20 مارس/ آذار 2018. فقد دعت لجنة من المشرعين البريطانيين من مختلف الأحزاب رئيس "فيسبوك" إلى تقديم تفسير بخصوص "إخفاق شركته الكارثي" في حفظ البيانات الشخصية. كما قررت السلطات البريطانية التحقيق بشأن شركة "كامبريدج أناليتيكا" البريطانية، التي اتهمت بحيازة غير قانونية لمعطيات مستخدمي الشبكة. إعداد: مريم مرغيش