هل تعارض برلين وواشنطن انضمام أوكرانيا لحلف الناتو؟
٩ يوليو ٢٠٢٤
قبيل قمة حلف الناتو، كشفت باريس أن ألمانيا والولايات المتحدة تعرقلان إحراز تقدم أكبر في انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسي. فيما جدد المستشار الألماني أولاف شولتس استمرار الدعم لأوكرانيا على المدى الطويل.
إعلان
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الولايات المتحدة وألمانيا هما المعارضان الرئيسيان لانضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأشار ماكرون إلى "المعارضة القوية" للولايات المتحدة وألمانيا فيما يخص دعوة أوكرانيا للانضمام إلى التحالف الدفاعي، موضحاً أنه "في نهاية الامر، سيكون القرار للحلفاء لدعوة أوكرانيا للانضمام إلى حلف الناتو".
ووجه الرئيس الفرنسي صفعة جديدة لآمال أوكرانيا بشأن إحراز تقدم، حيث أعاد التذكير بحالة الغضب التي انتابت الاوكرانيين بسبب عدم دعوتهم لحضور قمة الناتو الأخيرة التي أقيمت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس.
وأضاف ماكرون: "لقد انزعج الأوكرانيون للغاية عندما استنتجوا أن الباب مفتوح، ولكن ليس إلى هذا الحد. وأعتقد أنه نفس السيناريو بالنسبة لقمة واشنطن".
يذكر أن منح أوكرانيا أفقاً مستقبلياً للانضمام إلى الناتو يعد منذ فترة طويلة موضوعاً خلافياً داخل التحالف، حيث ترفض دول مثل ألمانيا والولايات المتحدة إصدار دعوة رسمية للانضمام في الوضع الحالي، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى التخوف من إمكانية أن تؤدي خطوة كهذه إلى مزيد من التصعيد في حرب أوكرانيا.
وعلى الجانب الآخر، هناك العديد من الحلفاء الآخرين الذين يجادلون بأنه يجب على الحلف أن يظهر لروسيا على نحو شديد الوضوح أنها لن يكون بمقدورها أن تمنع انضمام أوكرانيا إلى الحلف. ويحدو أصحاب هذا المنطق الأمل في أن تؤدي دعوة أوكرانيا للانضمام إلى الناتو إلى إنهاء الحرب بشكل أسرع.
وربما يتمثل الحل الوسط الآن في أن ينص بيان القمة في واشنطن على أن عملية انضمام أوكرانيا إلى الناتو لا يمكن وقفها أو "لا رجعة فيها".
البحرية الألمانية تسعى إلى توسيع نطاق الدفاع الوطني
02:50
ومع ذلك، فإن هذا سيتعارض في الواقع مع الفهم الأساسي لألمانيا لعمليات الانضمام. ووفقاً لهذا الفهم، لا تتقدم الدولة المرشحة للانضمام إلا إذا استوفت شروط الإصلاح - ويتعين على هذه الدولة أن تضع في حسبانها التعرض لانتكاسات في عملية الانضمام إذا حدثت تطورات لا تتوافق مع القيم والمعايير الغربية.
وكانت دول الناتو توصلت بالفعل إلى اتفاق مبدئي بشأن ضم أوكرانيا في عام 2008 حيث تم الاتفاق في قمة انعقدت في العاصمة الرومانية بوخارست آنذاك على أن تصبح أوكرانيا عضواً في الناتو دون وضع أي جدول زمني.
ومن المتوقع أيضاً أن يكون الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ضيفاً على قمة الناتو التي تستمر ثلاثة أيام، وتبدأ الثلاثاء. ومن المقرر عقد اجتماع لما يسمى بمجلس الناتو-أوكرانيا خلال القمة يوم الخميس المقبل.
شولتس يؤكد دعم كييف
ومن جانبه، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس الاستمرار في تقديم الدعم لأوكرانيا على المدى الطويل. وقال شولتس في برلين قبيل مغادرته لحضور القمة في العاصمة الأمريكية واشنطن: "ومن الجيد أننا عززنا ذلك في الأيام الأخيرة برسالة واضحة تماماً مفادها أننا سنقف إلى جانب أوكرانيا طالما كان ذلك ضرورياً". وأشار السياسي المنتمي إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى شحنات الأسلحة والمبادرة المشتركة للدول الصناعية السبع الكبرى.
وكانت دول مجموعة السبع اتفقت خلال القمة التي عقدتها مؤخراً في إيطاليا على تمويل حزمة قروض لأوكرانيا بقيمة حوالي 50 مليار دولار أمريكي (حوالي 47 مليار يورو) سيتم سدادها عن طريق فوائد الأصول الحكومية الروسية المجمدة.
وقال شولتس إن هذا يعد بمثابة إشارة واضحة على التضامن كما أنه رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأكد شولتس أن بوتين لا يمكنه الاعتماد على "الاستمرار في خوض الحرب بقدر ما هو في انتظار تراجع الدعم المقدم لأوكرانيا".
خ.س/ف.ي (د ب أ)
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.