1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تعرض الأزمة اليونانية وحدة النقد الأوروبية الى خطر الانهيار؟

٢٣ مارس ٢٠١٠

تتوجه الأنظار في ظل الأزمة المالية اليونانية الى القمة الأوروبية القادمة التي ستركز على بحث الإمكانيات التي تساعد اليونان على الخروج من أزمتها. وبهذه المناسبة يشير بعض الخبراء الى أسباب أكثر عمقاً للأزمة الراهنة

هل تعرض أزمة الديون اليونانية استقرار الوحدة النقدية الأوروبية الى الخطر؟صورة من: AP Graphics

تراجع هذه الأيام سعر صرف اليورو أمام الدولار إلى أدنى مستوى له خلال ثلاثة أسابيع. وذلك بسبب عدم اليقين مما إذا كانت اليونان ستحصل هذا الأسبوع على دعم مالي يمكنها من تسديد ديونها المتفاقمة. ويساور زعماء دول الاتحاد الأوروبي القلق من جراء تفاقم أزمة الديون في اليونان والأزمات الاقتصادية التي يمر بها عدد من دول منطقة اليورو، لهذا سيبحثون يومي 25 و26 من الشهر الجاري في كيفية مساعدة اليونان على احتواء أزمتها. هذا في الوقت الذي يستمر فيه المحللون الاقتصاديون في وضع سيناريوهات مختلفة لكيفية الحفاظ على استقرار العملة الأوروبية الموحدة، بينما يرى آخرون أن جذور الأزمة تكمن في كيفية انضمام بعض الدول الأوروبية إلى منطقة اليورو منذ بدء التعامل به عام 2002 وفي تباين القوى الاقتصادية داخلها.

" - تباين القوى الاقتصادية داخل منطقة اليورو"

كان يواخيم ستارباتي، بروفسور في الاقتصاد متقاعد من جامعة توبنغن الألمانية، من ضمن أربعة أساتذة جامعيين متخصصين في الاقتصاد رفعوا عام 1997 دعوى الى المحكمة الدستورية العليا في ألمانيا ضد اتفاقية أمستردام، التي تنص على إدخال العملة الأوروبية. وكان ستارباتي قد أصيب بخيبة أمل كبيرة، عندما أسقطت المحكمة الدستورية القضية. وبعد مرور أكثر من 12 عاما يرى ستارباتي اليوم أن التطورات الأخيرة في اليونان قد أكدت بعضا من تحفظاته. ويقول إنه عندما تم الاتفاق على إدخال عملة أوروبية موحدة، لم تكن كل "الدول مؤهلة اقتصاديا لهذه المرحلة من عملية الاندماج داخل الاتحاد الأوروبي"، على الرغم من وضع شروط يتعين على كل بلد الإيفاء بها قبل الدخول إلى منطقة اليورو. ويصف ستارباتي هذه الشروط بأنها "لم تكن حازمة وتم التقصير في تفسيرها بشكل صحيح إلى درجة أنها لم تخضع أحيانا للمراقبة." "وبالتالي فقد جمعت منطقة اليورو بين دول لا تنسجم مع بعضها كما يجب بسبب الاختلاف القائم بينها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي".

إضرابات في اليونان احتجاجاً على سياسة الحكومة الماليةصورة من: AP

من جهته، يؤكد هلموت شليزينغر، الرئيس السابق للبنك المركزي الألماني، أن اتحاد النقد الأوروبي لا يسمح بتغير سعر الصرف وبالتالي يحول مشكلة تكيف الاقتصاد القومي لكل دولة مع التطورات الى الدولة نفسها ويقول: "يتعين على اقتصاديات هذه الدول أن تبذل بنفسها الجهود اللازمة لمواكبة خطى الدول الشريكة في منطقة اليورو فيما يتعلق بالتضخم وزيادة الأجور ومتانة ميزانية الدولة."

على أية حال، استفادت كل من اليونان وإيطاليا والبرتغال على مدى سنوات عديدة من العملة الأوروبية الموحدة، ذلك أن اقتصادياتها شهدت ازدهارا اقتصاديا بفضل اليورو. وعلى الرغم من تراجع هذا النمو الاقتصادي في الآونة الأخيرة إلا أن الأجور شهدت ارتفاعا مطردا، لكن القدرة الإنتاجية لم تتحسن، وقد تراجعت القدرة التنافسية الى حد كبير، وانخفضت الصادرات، وارتفعت الواردات، وبلغت نسبة العجز في مقدرة الإنتاج الاقتصادية في اليونان 14بالمائة في عام 2007، وعشرة بالمائة في إسبانيا والبرتغال. وفي مثل هذا الوضع كان يتعين على هذه الدول عملياً أن تخفض سعر صرف عملتها من أجل تخفيض أسعار صادراتها في الأسواق العالمية واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة. ولكن خطوة من هذا النوع غير ممكنة لأن هذه الدول لم تعد تملك عملة خاصة بها وإنما تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة اليورو. ويقيّم ستارباتي هذه التطورات في السنوات الأخيرة قائلاً: "أعتقد أنه كان يتعين على إيطاليا خفض قيمة عملتها بنسبة 40 بالمائة، وإسبانيا بنسبة 30 بالمائة. أما اليونان والبرتغال فكان يتعين عليهما خفض قيمة العملة بنسبة تتراوح بين 30 و40 بالمائة".

" انسحاب اليونان من منطقة اليورو أمر مستبعد"

من جهته، يرى يورغن ماتيس من معهد الاقتصاد الألماني أنه من غير الواقعي أن تنسحب هذه الدول من منطقة اليورو ويقول:"إن العملة الأوروبية الموحدة والانضمام إليها في الواقع أمر لا يمكن التراجع عنه". ويلفت الخبير الألماني إلى أنه "في الوقت الراهن حيث أصبحت الأسواق المالية غير آمنة، فإن انسحاب أي بلد من العملة الموحدة ربما قد يؤدي إلى مواجهته أزمة مالية أشد وطأة من الأزمة المالية العالمية الحالية." إذن، فإن منطقة اليورو ليست مجرد اتحاد لدول تتداول نفس العملة وإنما أيضا تتقاسم نفس المصير. وبالتالي فإن الانسحاب من "نادي اليورو" قد تكون له تداعيات سلبية جدا على اقتصاديات المنطقة.

ولكن ما الذي يمكن أن يساعد دول أوروبا الجنوبية على احتواء أزماتها الاقتصادية الراهنة؟ الخبراء يقولون إنه يتعين على هذه الدول مساعدة نفسها بنفسها من خلال اتباع سياسة توفير صارمة وملائمة الأجور بمستوى الإنتاج الفعلي. وعلى الرغم من الصعوبات التي تعاني منها بعض الدول الأوروبية المنتمية إلى منطقة اليورو، إلا أن اليورو لا يزال عملة مستقرة. كما أن سيناريو انسحاب اليونان بسبب أزمة ديونها من منطقة اليورو يعد أمرا مستبعدا، وفق البنك المركزي الأوروبي. وعلى الرغم من أن المستشار القانوني للبنك المركزي الأوروبي فوبوس أتاناسيو قد أفاد أن مثل هذه الخطوة ممكنة، إلا أنه أكد في الوقت نفسه أن احتمال انسحاب اليونان من منطقة اليورو يكاد يكون معدوما.

المستشارة الألمانية ميركل ترفض تقديم مساعدات مالية لليونانصورة من: DW/AP

على صعيد آخر، أثرت المشاكل المالية التي تعاني منها دول منطقة اليورو الجنوبية، وخاصة اليونان، سلبا على اليورو، فبسبب استمرار ضعف الدولار يترواح سعر صرفه الآن بين 1،35 و 1،37 دولار بينما كان قبل خمسة اشهر 1،50دولار إلا أن الدولار من المنتظر أن يبقى ضعيفا، ذلك أن المستثمريين الدوليين يرون أن الولايات المتحدة تعيش منذ سنوات فوق مستواها. أما أزمة الديون، التي تعاني منها اليونان، فقد ساهمت في إخفاء جزء من ضعف الدولار. وستظهر التطورات المقبلة من سيتمكن من احتواء مشاكله المالية قبل غيره: الدول الجنوبية لمنطقة اليورو أم الولايات المتحدة الأمريكية؟

الكاتب: رولف فينكل / شمس العياري

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW