هل تعوض منصة "زووم" المصافحة واللقاء الشخصي بشركاء العمل؟
٩ مارس ٢٠٢١أثار بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت والناشط في الأعمال الخيرية، جدلا في قطاع صناعة الطيران عندما توقع في أواخر العام الماضي أن أكثر من 50 في المائة من رحلات العمل ستختفي نهائياً بعد جائحة كورونا، حيث تستعد الشركات للعمل من المنزل. وقال غيتس إن الشركات ستحتفظ بـ "عتبة عالية للغاية" قبل إرسال موظفيها في رحلات العمل.
في حين أن العديد من خبراء الطيران رفضوا توقعات غيتس، إلا أنهم يميلون إلى الاتفاق على أن جزءاً من حركة المرور التجارية ربما يكون قد اختفى إلى الأبد بفضل منصات المؤتمرات مثل زوم ومايكوسوفت تيمز، وغوغل ميت وإمكانية العمل من المنزل .
وإن أي انخفاض في رحلات العمل من شأنه أن يوجه ضربة كبيرة لقطاع الطيران الذي طاله الضرر مسبقاً بفعل الوباء. وتعتمد شركات الطيران على رحلات العمل المربحة لجذب المسافرين بغرض الترفيه من خلال تقديم تذاكر بسعر مخفض لهم. وقد حصدت شركات الطيران الأمريكية نصف إيراداتها من المسافرين من رجال الأعمال قبل الوباء، على الرغم من أنها كانت تمثل 30 في المائة فقط من الرحلات، وفقاً لشركة الخطوط الجوية الأمريكية.
ويقول ريتشارد ماسلن، المحلل في (CAPA-Center for Aviation)، لـ DW "إن الركاب في مقصورات درجة رجال الأعمال والمسافرين من رجال الأعمال في الدرجة الاقتصادية يدفعون تذاكر بالسعر الكامل.. إذ أنهم يريدون المرونة" في التوقيت. ويضيف بأن "خسارة ذلك ستضر بشركات الطيران بشدة.. الكثير من هذه الخطوط الجوية لديها هياكل تكلفة أعلى، لكنها تعوض ذلك بسببالطلب المتميز والعوائد المرتفعة التي يدفعها هؤلاء الركاب مقابل الفوائد التي يحصلون عليها".
إلقاء اللوم على زووم!
يمكن أن يُعزى الكثير من التوقعات القاتمة للسفر بغرض العمل إلى زيادة شعبية منصات المؤتمرات عبر تقنية الفيديو مثل زووم ومايكروسوفت تيمز، إذ قالت شركة منصة مؤتمرات الفيديو عبرالإنترنت "زووم" في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إنها شهدت في الربع الثالث من العام المالي 2020 قفزة بنسبة 485 في المائة على أساس سنوي في عدد العملاء الذين لديهم أكثر من 10 موظفين.
في حين أن منصات عقد المؤتمرات مثل ويبكس وسكايب، كانت موجودة منذ سنوات، وكانت تعتبر من الخيارات الجيدة، ولكن غالباً ما تم رفضها بسبب بعض الصعوبات. وبظهور الوباء واضطرار الناس للعمل من منازلهم، توجهت الشركات إلى المنصات الافتراضية والاستفادة منها مالياً وصحياً وبيئياً.
غير أن نيك فان دير كولك من منصة السفر التجارية ترافيل بيرك ومقرها برشلونة، يشعر أن الناس قد يبالغون في تقييم التأثير بعيد المدى لمنصة زووم وغيرها على رحلات العمل في المستقبل.
ويقول لـ DW: "لقد أظهر الوباء مقدار ما يمكننا القيام به عبر الفيديو. لكن وفي المقابل، كشف لنا مدى أهمية التواصل الشخصي". ويضيف "جعلنا كوفيد نغير سلوكنا مؤقتاً لكنه لم يغير حاجتنا الأساسية للتواصل الاجتماعي، في الأعمال التجارية وحياتنا الشخصية". ويتوقع فان دير كولك أن يكون هناك انتعاش قوي لرحلات العمل على مدار السنوات القليلة المقبلة.
وقد أظهر استطلاع لشركة الاستشارات ماكينزي نُشر في تشرين الأول/ أكتوبر أن الصين شهدت انتعاشاً قوياً في رحلات العمل بمجرد رفع قيود كورونا. كما أظهر استطلاع آخر أجرته جمعية إدارة السفر الألمانية (VDR) نُشر في وقت سابق أن الشركات الألمانية تنتظر بفارغ الصبر استئناف رحلات العمل بعد عام دون اجتماعات شخصية مع العملاء والشركاء التجاريين. ووجد الاستطلاع أن 46 في المائة من الشركات ترى أن السفر بغرض العمل ضروري.
قوة المصافحة وتأثيرها!
في حين أن منصات المؤتمرات عبر الانترنت قد توفر الاجتماعات وجهاً لوجه، إلا أن إمكانياتها قد تنتهي عندما يتعلق الأمر بالتواصل أو إقامة شراكات جديدة أو إصلاح العلاقات المتعثرة مع العملاء. إذ تُظهر الأبحاث الدور الكبير الذي تلعبه المصافحة والعناق في بناء الثقة بين الغرباء والحفاظ على التعاون.
وقد اعترف بيل غيتس نفسه في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز بأنه لم يكوِّن صداقات جديدة منذ أن بدأ الوباء. كما قال سكوت كيرب، الرئيس التنفيذي لشركة الطيران يونايتد إيرلاينز الأمريكية، متحدثاً عن تحديات التعاملات الافتراضية في أيلول/ سبتمبر، "قد تكون المقابلات الافتراضية بديلاً عن الوجود الشخصي، لكنها ليست هي نفسها". مضيفاً: "في البداية، سيحاول الأشخاص التمسك بتنفيذ الأشياء افتراضياً ولكن في المرة الأولى التي يخسر فيها فريق ما عملية بيع لمنافس ظهر شخصياً ودعا الفريق الآخر لتناول العشاء وتعرف عليه بشكل أفضل، هي المرة الأخيرة التي يحاولون فيها إجراء مكالمة مبيعات على زووم".
السفر بغرض العمل
ومن جهة أخرى،ليست كل رحلات العمل تهدف إلى كسب العملاء أو إصلاح العلاقات. فقد وجدت دراسة حديثة أجرتها شركة (أيديا ووركس) أن 25 في المائة فقط من رحلات العمل يتم إجراؤها لدعم المبيعات وتأمين العملاء. في حين تمثل الاجتماعات داخل الشركة 20 في المائة ومن يسافرون للعمل 5 في المائة فقط.
ووجدت الدراسة أن "هذه الفئة (الاجتماعات الداخلية) ستكون مرشحاً قوياً لتوفير بعض التكاليف، وسيتم تكثيف النشاط الشخصي بنسبة أقل"، مضيفة أن الحاجة إلى السفر بغرض العمل "ستتضاءل أيضاً في عصر العمل عن بُعد". وخلصت الدراسة إلى أن ما بين 19 في المائة و36 في المائة من رحلات العمل لشركات الطيران لن تعود بعد الوباء.
تجهيز السفر الترفيهي
سيكون التأثير واضحاً بشكل خاص على شركات الطيران مثل الخطوط الجوية البريطانية ولوفتهانزا الألمانية، لأنها تعتمد أكثر على المسافرين من رجال الأعمال لكسب الأرباح. إذ شكلت رحلات العمل 45-50 في المائة من إيرادات الشركة الألمانية قبل الوباء.
وبتقلص السفر التجاري، من الممكن أن تتوجه هذه الخطوط الجوية إلى تحويل تركيزها إلى السفر الترفيهي، غير أن ذلك لن يكون سهلاً نظراً لخبرة شركات الطيران ذات الميزانية المحدودة في جني الأموال من عملاء الترفيه ونموذج الأعمال منخفض التكلفة.
اشوتوش باندي/ ر.ض