1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تكون حياة القرية البيئية بديلاً عن حياة المدينة؟

٢٨ فبراير ٢٠١٢

تمضي الحياة في القرية البيئية "زيبين ليندين" ببطء، وتحظى شؤون البيئة بحماية عالية. وحلم قاطنيها هو تغيير نمط حياتهم اليومية. ويشترط سكان هذه القرية في الراغبين بالانضمام إليهم، أن يلتزم بمبادئ حماية البيئية والديمقراطية.

شروق الشمس على قرية زيبين ليندينصورة من: Karin Jäger

يجب على من يقصد القرية البيئية ليلاً أن يحمل مصباح الرأس وأن يتخلى عن الأمتعة الثقيلة. في هذه البقعة الصغيرة " ألت ماركت" الواقعة في غرب ولاية ساكسونيا لا يوجد إضاءة خارجية، وعلى الحافلات أن تُركَن خارج القرية. سَكينةُ رهيبة تهيمن على مدى 300 متر عبر طريق وعرة تؤدي إلى القرية وترافق الزائر في ظلام مسائي إلى أول منزل مُضاء.


في مدخل البناء العام يرحب المخرج والكاتب ميشائيل فورفيل بالوافد الجديد. ميشائيل يعمل مقابل مبلغ بسيط في القرية في مجال العلاقات العامة وبشكل طوعي يعتني بتنظيم وتنظيف الحمامات والمراحيض. وبهذه الصفة يرشد الضيف الجديد إلى المرحاض البيئي الذي لا يحتوي على صندوق ماء. فالفضلات تتجمع في خزان كبير في الطابق السفلي من المرحاض. في هذا الخزان تتحلل الفضلات لتتحول إلى مادة خصبة تُستخدم من قبل سكان القرية كسماد يُنثر تحت أشجارهم.

ديتر هالباخ مؤسس القرية البيئية زيبين ليندينصورة من: DW

دفئ مريح يسود في الحجرات العامة. الحمامات تحتوي على مياه ساخنة تستعمل للاستحمام. تعتمد الإنارة في هذه القرية إلى حد كبير على الطاقة الشمسية. ويتم إيواء الضيوف في غرف ذات أسِرّة عديدة أو في أكواخ منفصلة.

الطريق الطويلة المؤدية إلى القرية البيئية


يبدو الاهتمام كبير في الانضمام إلى سكان هذه القرية. إنهم يأتون زرافات ووحدانا إلى هذا المشروع على أمل تغيير نمط حياتهم وهرباً من الحياة الصعبة وحياة المنافسة المتزايدة والحسد المهيمن نوعاً ما في المجتمع العام الذي يزيد إهداراً للطاقة. يأتون لمعرفة المزيد حول البيئة وفلسفة السكان الذين عرفوا في هذه العزلة معنى الحياة.

المقطورات السكنية المؤقتةصورة من: DW

ديتر هالباخ أحد المؤسسين لهذا المشروع الرائد وواحد من الذين يعملون على تجسيد حلمهم في القرية منذ البداية، أي منذ عام 1990. حيث يقول: "أصبحت الحياة هنا قسرية نوعاً ما، وأجد نفسي غير قادر على ترك ما لدي من رؤية حتى تتحقق وتصبح واقعاً". ويتابع في هدوء تام: "بالنسبة للآخرين، كانت الفكرة بحد ذاتها أن يعيشوا في قرية بيئية أكثر أهمية من تنفيذها". ديتر الذي درس علم الاجتماع هو واحد من 130 شخصاً يجرون تجاربهم على تطوير هذا المشروع المشترك. في استقباله لنا أخذ قيثارته وبدأ يغني معنا.

ثم راح يحدثنا عن فشل الاشتراكية الحقيقية وعن القلق إزاء فقدان التضامن بين الناس. القلق الذي يشكو منه كثير من مواطني ألمانيا الشرقية السابقة. من جهة أخرى بدأ بعض مواطني ألمانيا الغربية في البحث عن بدائل لنمط حياتهم وعن أسباب لبناء مثل هذه القرية البيئية. والسكان يريدون رعاية أنفسهم وتأمين متطلبات حياتهم بأنفسهم وتحمل المسؤولية أمام حماية البيئة، إضافة إلى تقدير واحترام بعضهم البعض.

الابتعاد عن التقنية الحديثة

المنازل المبنية على أسس حماية البيئةصورة من: DW

العمل على هذه الرؤية في نمط الحياة يتطلب الصبر. ويحاول سكان القرية البيئية زيبين ليندين أن ينفذوا أعمالهم يدوياً دون استخدام المعدات. وفيما يتعلق ببناء المنازل أو العمل في الحدائق حسب المعايير البيئية، حقق البعض منهم خبرة عالية يستفيد منها الآخرون.

الخيول الستة الموجودة في الحظيرة لحرث الحقول هي الحيوانات الوحيدة نسبياً في القرية، ولكنهم غضوا النظر عن القطط التي تسرح خارجاً وتركوها من أجل اصطياد الفئران. واحتراماً لمشاعر النباتيين الذين يعيشون في القرية البيئية ولدوافع سياسية وأخلاقية تم حظر رعاية الثروة الحيوانية في القرية.

الأكواخ المنفصلة والمخصصة للضيوف في القرية البيئيةصورة من: DW

رغم المبدأ الديمقراطي هناك خلافات داخلية


المسايرات والحلول الوسط تعتبر جزء من الحياة اليومية. حيث يقول هالباخ في وصفه للمناخ المهيمن على الحياة المشتركة داخل القرية: "نحن صورة مصغرة للمجتمع الخارجي، هنا نتعرض أيضاً لخلافات ومشاكل بيننا". ويضيف: "يوجد سكان من طبقات مختلفة، علاقات تفشل وأخرى جيدة، أناس خجولون وآخرون مهيمنون. والتحدي الوحيد هو استيعاب الجميع كل على طريقته الخاصة ووفقاً لمهاراته وقدراته. في هذه القرية يسود المبدأ الديمقراطي. حتى الأطفال لهم الحق في إبداء آرائهم. والمبدأ الأساسي هو التواصل بين بعضنا البعض دون استعمال العنف. وبهذا لا يكون هناك خاسرين أو مضطهَدين".

ذووا المصلحة الواحدة يتجاورون في السكن وذلك بهدف تأسيس مبنى مشترك بينهم عاجلا أم آجلاً.

الفوضى في إحدى الحجرات العامة في زيبين ليندينصورة من: DW

ميشائيل فورفيل يعتبر أحد أفراد مجموعة من السكان الذين اتخذوا مقطورات وضعت في شكل نصف دائري حول منزل مشترك مبني بالكامل من القش والطين. المبنى حصلوا عليه بعدما تركه سكانه السابقين نتيجة خلاف حصل بينهم.

الحياة الرغيدة ليست متعلقة بامتلاك الثروات المادية

يتعين على كل وافد جديد أن يسدد مبلغاً قدره 1200 يورو مقابل انضمامه إلى القرية واستخدامه الخدمات العامة، إضافة إلى تسديد مبالغ معينة تترتب على سكان البيت الواحد من أجل المشاريع المشتركة.

سيمونه بريتش ذات الـ 38 عاماً من العمر تسكن مع زوجها وأطفالهما الأربعة في بيت مؤلف من ثلاث غرف في منزل مشترك مع آخرين. ستة عشر شخصاً يتقاسمون غرفا مشتركة مثل المطبخ والحمام وغرفة المعيشة. وحسب قولها: "لدينا مساحة أقل من التي يملكها وسطياً أي ألماني آخر ولكننا نملك مساحة أكبر بكثير من معظم الناس في هذا العالم. إنها بالنسبة لنا الجنة". وبالنسبة لعالمة الاجتماع ليس هناك أفضل من هذا المكان لأن تعيش مع عائلتها حياة مريحة وسعيدة. حيث يكبر أطفالها وسط مجتمع مشترك ولديهم الفرصة لأن يحصلوا على الرعاية من الكبار الآخرين. ليس لديها هم الطبخ لأنها تأكل مع عائلتها في المطبخ المشترك. وفيما يتعلق بمكان عملها تقول إنها محظوظة لقربه من منزلها. فهي تنظم ندوات بيئية. وتقول: "لا أفتقد شيئاً هنا". وتضيف: "إذا كنت احتاج أي شيء أتّكل على معرفتي في النظام البيئي".

سيمونة بريتشصورة من: DW

وبينما يسود في المباني العامة الحظر المطلق على الهاتف الخلوي، تم تجهيز المقطورات بالهواتف الثابتة ونظام الإنترنت.

الطريق طويلة للحصول على الموافقة للانضمام إلى "زيبين ليندين"


ليس سهلاً أن تحصل على الموافقة للانضمام إلى القرية البيئية. إن الذين جاؤوا إلى القرية على أمل الانضمام إليها، ينتظرون أسابيع قبل أن يحصلوا على الموافقة. والانتظار يرافقه جهد يبذله المرشحون عن طريق زيارة الحلقات الدراسية والدورات التدريبية والتمهيدية. فهنا يتعلم المرشح كل مبادئ القرية البيئية. وإذا ما نجح في ذلك يمنح الموافقة على السكن لمدة سنة في مقطورة وتعتبر سنة تجريبية يتم خلالها إثبات قدرته على العيش في هذه القرية.

ديتر هالباخ يصبو لأن يترك القرية لأنه يفتقد فيها إلى الحياة المدنية وحياة التحضر. ولكنه لا يريد قطع العلاقة مع القرية وسكانها. عدا عن ذلك، فإن خروجه سوف يمنح الفرصة لمرشح ينتظر دوره للانضمام إلى القرية. تعتبر زيبين ليندين القرية الوحيدة في ولاية سكسونيا التي تسجل ازدياداً في عدد سكانها. وعلى المدى البعيد قد يصل عدد سكان القرية إلى 300 شخص. وهم يفكرون في بناء محلات تجارية ومدرسة ابتدائية. ولكنهم لا يفكرون في بناء كنيسة الآن. ولكن حتى هذا قابل للتغيير مع مرور الوقت.

المؤلف: كارين هنتر / فؤاد آل عواد

مراجعة: عبد الرحمن عثمان

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW