رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الغزو الروسي لأوكرانيا، لا يزال الغاز يتدفق إلى أوروبا. يأتي ذلك بينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التخلي الكامل عن موسكو عام 2028. فلماذا استمر التكتل في الاعتماد الطاقي على "الدب الروسي"؟
رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على الغزو الروسي لأوكرانيا، لا تزال الطاقة الروسية تتدفق إلى قلب أوروبا،صورة من: NIKOLAY DOYCHINOV/AFP/Getty Images
إعلان
أظهرت بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) أن الاتحاد الأوروبي استورد كميات من الغاز الطبيعي المسال من موسكو بقيمة نحو 4.48 مليار يورو خلال النصف الأول من عام 2025، مقابل 3.47 مليار يورو في الفترة المقابلة من العام الماضي.
ومنذ انطلاق الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط عام 2022، يسعى الاتحاد الأوروبي جاهدا إلى التخلي عن اعتماده على مصادر الطاقة من روسيا بهدف تقليص قدرة موسكو على تمويل الحرب. ولكن الاتحاد لم يفرض حظرا شاملا على صادرات الغاز الطبيعي من روسيا، كما فعل مع النفط والفحم، حيث لا تزال دول أعضاء تعتمد عليه.
ولا يزال الغاز الطبيعي المسال يتدفق من روسيا عبر خطوط أنابيب مثل خط تورك ستريم، وإن كان بمستويات أقل بكثير مقارنة بما قبل عام 2022.
ورغم ذلك، وضعت المفوضية الأوروبية خطة للتخلي التدريجي عن واردات الغاز والنفط من روسيا بشكل كامل بحلول عام 2028. وبموجب مقترح المفوضية، سوف يتم حظر العقود الجديدة اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني 2026.
وتنتهي العقود قصيرة الأجل الحالية يوم 17 يونيو 2026، في حين سيتم حظر العقود طويلة الأجل بداية من الأول من يناير/ كانون الثاني 2028.
وتتطلب هذه الإجراءات موافقة من البرلمان الأوروبي، وما لا يقل عن 15 من الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بما يمثل 65 بالمئة من سكان التكتل.
المجر وسلوفاكيا.. لا بديل عن الغاز الروسي
وبحسب بيانات يوروستات، جرى تحقيق تقدم كبير في هذا المسار، حيث تراجعت حصة النفط الروسي ضمن واردات الاتحاد الأوروبي من 29 بالمئة في الربع الأول من عام 2021 إلى 2 بالمئة فقط في الربع الثاني من العام الجاري.
إعلان
ومع ذلك، لا تزال المجر وسلوفاكيا استثناء في هذا الإطار ضمن دول الاتحاد، حيث تستورد الدولتان كميات كبيرة من النفط الروسي، إلى جانب جمهورية التشيك التي حصلت على إعفاء من الحظر الذي يفرضه التكتل على واردات النفط من روسيا.
وبذلت براغ جهودا تمكنت من خلالها من إنهاء اعتمادها على موسكومنذ أبريل/نيسان الماضي، عقب إنجاز توسعة خط أنابيب "تي ايه ال" الغربي.
وعلى الجانب الآخر، لم تحاول المجر أو سلوفاكيا التخلي عن مصادر الطاقة الروسية.
يشار إلى أن أوكرانيا تقوم بشكل منتظم باستهداف البنية التحتية الخاصة بالنفط والغاز في روسيا، ردا على الهجمات الروسية على أراضيها منذ بداية الغزو.
وثمة بديل ممكن، غير أن البلدين يرفضان الاعتماد على تسلم النفط عبر البحر الأدرياتيكي. وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو الأسبوع الماضي إن إمدادات الطاقة ليست قضية سياسية أو أيديولوجية، بل هي بحاجة إلى خط الأنابيب والنفط الذي يقوم بنقله.
ولكن كرواتيا نفت ذلك، وأكد رئيس الوزراء أندريه بلينكوفيتش ووزير الاقتصاد أنتي شوسنجار أن خط أنابيب أدريا عبر البحر الأدرياتيكي يتمتع بطاقة استيعابية تكفي لتلبية احتياجات الدولتين، وأن تكاليف النقل ستنخفض مع زيادة الكميات المنقولة.
ومع ذلك، تظل بودابست وبراتيسلافا غير راغبتين في الاعتماد بقوة على خط أنابيب أدريا.
وهددت سلوفاكيا باتخاذ إجراءات قانونية حال عدم منحها إعفاء أو تعويض عن وقف استيراد الغاز الروسي.
روسيا تقطع الغاز عن مولدوفا ومؤيدوها أشد المتضررين
05:00
ماذا عنأوروبا الشرقية؟
في المقابل، تراجع الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية في شرق أوروبا، باستثناء بلغاريا التي تواصل السماح بتدفق الغاز الروسي عبر أراضيها من خلال خط البلقان ستريم، وهو امتداد لخط تورك ستريم الذي يمتد من تركياإلى صربيا والمجر. ويتم هذا النقل وفق القواعد الأوروبية الخاصة بالعبور، حيث إنه يمر عبر حدود الاتحاد الأوروبي في طريقه إلى دول ثالثة.
ورغم ذلك، يصل معظم هذا الغاز في نهاية المطاف إلى المجر، وهي عضو في التكتل.
وتوقفت بلغاريافي أبريل/نيسان 2022 عن استيراد الغاز الطبيعي من روسيا، عندما رفضت حكومة البلاد طلب شركة غازبروم، عملاق الطاقة الروسية، بأن تدفع المقابل بالروبل الروسي.
أما بالنسبة للنفط الروسي، فقد حصلت بلغاريا على استثناء مؤقت حتى نهاية عام 2024، لكنها أوقفت الواردات بشكل رسمي في آذار/مارس من نفس العام، أي قبل الموعد المحدد بشهور طويلة.
حرب أوكرانيا ـ 3 سنوات من الدمار والقتل والتشريد.. والنتيجة؟
مرّت ثلاث سنوات منذ شنّت روسيا هجومها الشامل على أوكرانيا، مما أسفر عن مقتل الآلاف وتشريد ملايين الأشخاص، بالإضافة إلى دمار واسع النطاق. واليوم، يساور الأوكرانيين القلق بشأن كيفية نهاية هذه الحرب.
صورة من: Serhii Chuzavkov/Avalon/Photoshot/picture alliance
تهديد متزايد
في أواخر 2021، أظهرت صور الأقمار الصناعية تجمع القوات الروسية والأسلحة الثقيلة بالقرب من بلدة يلنيا على حدود بيلاروسيا. وفي 11 نوفمبر من نفس العام، حذر وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، الرئيس الروسي بوتن من غزو أوكرانيا. لكن رغم هذا التحذير، قرر بوتن في 24 فبراير 2022 شن غزو واسع النطاق لأوكرانيا
صورة من: Maxar Technologies/AFP
بداية الحربـ هجوم شامل
في 24 فبراير، سقطت صواريخ على عدد من المدن الأوكرانية، مثل كييف وأوديسا وخاركوف. في كييف، أُضرمت النيران في مبنى عسكري أثناء الهجمات. وبدأت الحرب التي أصرت موسكو على تسميتها "عملية خاصة"
صورة من: Efrem Lukatsky/AP Photo/picture alliance
العنف في بوتشا
في غضون أسابيع، تمكّن الأوكرانيون من طرد القوات الروسية من المدن الشمالية. وبعد ذلك، ظهرت جرائم الحرب إلى العلن، وانتشرت صور لمدنيين تعرضوا للتعذيب والقتل في بوتشا، قرب كييف. وأعلنت السلطات أن أكثر من 1100 مدني قُتلوا في المنطقة. وأظهرت تحقيقات استقضائية أن العنف كان ممنهجا ومخططاً.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/AP Photo/picture alliance
الحياة وسط الدمار
وفقًا لموسكو، كان من المفترض أن تستمر "العملية الخاصة" في أوكرانيا لمدة ثلاثة أيام فقط. لكن بعد ثلاث سنوات، لا تزال الحرب مستمرة. وتشير أحدث التقارير الصادرة عن معهد دراسات الحرب إلى أن روسيا تسيطر حاليًا على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، معظمها في الشرق. تم التقاط هذه الصورة في دونيتسك، شرق أوكرانيا، في مايو/أيار 2023.
صورة من: Sofiia Gatilova/REUTERS
ضم مناطق أوكرانية إلى روسيا
في سبتمبر/أيلول 2022، ضمت روسيا أربع مناطق أوكرانية — لوغانسك، ودونيتسك، وزابوروجيا، وخيرسون — بمساحة تقدر بحوالي 90,000 كيلومتر مربع. وبعد عام، إجراء انتخابات في هذه المناطق في تصويت وصف بـ "الانتهاك الصارخ للقانون الدولي". فاز حزب روسيا الموحدة بقيادة بوتين في جميع المناطق بأكثر من 70% من الأصوات.
صورة من: Alexander Ermochenko/REUTERS
فرار الملايين من الحرب
أجبرت الحرب في أوكرانيا الملايين على الفرار، مما أدى إلى موجة هجرة كبيرة لم تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وفقًا للأمم المتحدة، نزح 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا بسبب القتال. وغادر البلاد أكثر من 6 ملايين شخص أوكرانيا وتوجهوا إلى أوروبا، خاصة إلى بولندا وألمانيا.
صورة من: Filip Singer/EPA-EFE
ماريوبول، مدينة المقاومة الأوكرانية
في عام 2022، استمر حصار روسيا لمدينة ماريوبول الجنوبية لمدة 82 يومًا. تعرضت المدينة لقصف كثيف وتحصن آخر المقاتلين الأوكرانيين في مصنع للصلب. وبعد أن قصفت روسيا مستشفى، انتشرت صورة لامرأة حامل يتم إجلاؤها حول العالم. التقط صحفيون أوكرانيون الصورة، وفازوا لاحقًا بجائزة الأوسكار عن فيلمهم الوثائقي "20 يومًا في ماريوبول".
صورة من: Evgeniy Maloletka/AP/dpa/picture alliance
قصف طريق الاتصال الوحيد بشبه جزيرة القرم.
يُعد جسر القرم، الذي يمتد بطول 19 كيلومترًا (حوالي 12 ميلًا)، الأطول في أوروبا، ويربط جنوب روسيا بشبه جزيرة القرم. في أكتوبر\تشرين الأول 2022، تعرض الجسر لأضرار نتيجة قنبلة زرعها الأوكرانيون، مما جعله قابلاً للاستخدام جزئيًا. وفي يوليو/تموز2023، تعرض الجسر لأضرار أخرى بسبب القوات الأوكرانية.
صورة من: Alyona Popova/TASS/dpa/picture alliance
كارثة بيئية
في 6 يونيو/حزيران 2023، أدى انفجار إلى تدمير سد كاخوفكا وتفريغ نهر دنيبرو. وبينما تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بشأن المسؤولية عن الحادث، كانت روسيا تسيطر على السد في ذلك الوقت. أسفر الفيضان الناتج عن الانفجار عن كارثة بيئية واسعة النطاق، دمرت آلاف المنازل وأدت إلى سقوط مئات القتلى.
صورة من: Libkos/AP Photo/picture alliance
استهداف البنية التحتية للطاقة
استهدفت روسيا بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا. بعد عام من الغزو، دُمرت 76% من محطات الطاقة الحرارية، وبحلول سبتمبر/أيلول 2024، ارتفع هذا الرقم إلى 95%. أدى ذلك إلى إضعاف شبكة الكهرباء في أوكرانيا، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي وتفاقم الوضع الإنساني، خصوصًا خلال فصل الشتاء.
صورة من: Sergey Bobok/AFP
أوكرانيا تهاجم الأراضي الروسية
في أغسطس/آب 2024، شنت القوات المسلحة الأوكرانية هجومًا على الأراضي الروسية لأول مرة. وفي مواجهة مقاومة ضئيلة على الحدود، تمكنت في البداية من السيطرة على نحو 1400 كيلومتر مربع (حوالي 540 ميلاً مربعاً) في منطقة كورسك. لكنها فقدت منذ ذلك الحين ثلثي الأراضي التي كانت قد احتلتها
صورة من: Roman Pilipey/AFP/Getty Images
حرب الدرون
تستخدم كل من روسيا وأوكرانيا الطائرات بدون طيار للاستطلاع والمراقبة، وكذلك لشن هجمات مستهدفة. ويقول الخبراء إن هناك حوالي 100 نوع مختلف من الطائرات بدون طيار قيد الاستخدام في أوكرانيا. وفي مارس/أذار 2024، قالت أوكرانيا إنها قادرة على تصنيع ما يصل إلى 4 ملايين طائرة بدون طيار سنويًا.
صورة من: Serhii Nuzhnenko/Radio Free Europe/Radio Liberty/REUTERS
تدمير هائل
خلفت ثلاث سنوات من الحرب آثارًا عميقة في أوكرانيا. في الشرق والجنوب، تحولت العديد من البلدات والقرى، التي دمرتها الهجمات الروسية، إلى مدن مهجورة. بلدة بوغوروديتشني في منطقة دونيتسك، التي تعرضت لهجوم مكثف من روسيا في يونيو/حزيران 2022، أصبحت الآن شبه خالية.
صورة من: Mykhaylo Palinchak/SOPA Images/ZUMA Press Wire/picture alliance
الحياة بعيدًا عن القتال
رغم استمرار الحرب، لا تقتصر كافة مناطق أوكرانيا على خط المواجهة، حيث تدور المعارك المباشرة. بعيدًا عن هذه المناطق، تستمر الحياة بشكل طبيعي. المحلات والمقاهي والمطاعم تواصل عملها، فيما يستعد السكان لانقطاع التيار الكهربائي بتركيب مولدات كهربائية.
صورة من: YURIY DYACHYSHYN/AFP
مستقبل مجهول للدعم الأمريكا
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث عن رغبته في إنهاء الحرب في أوكرانيا خلال "24 ساعة"، لكنه لم يحقق ذلك بعد. ومع ذلك، تثير علاقته الظاهرة مع روسيا ورغبته في الضغط على أوكرانيا للتنازل عن ثرواتها المعدنية لصالح الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تبادل التصريحات القوية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، القلق في أوكرانيا وبين حلفائها.