هل تنجح بروكسل في نزع فتيل أزمة تصدير الحبوب الأوكرانية؟
٢٤ أبريل ٢٠٢٣
ترى خمس دول في الاتحاد الأوروبي أن واردات الحبوب الأوكرانية الضخمة تضر بالقطاع الزراعي لديها، حيث أنها أرخص سعرا. فهل سيؤدي ذلك إلى تزايد الخلافات داخل التكتل الأوروبي أم يقترب الاتحاد من إنهاء هذه المعضلة؟
إعلان
عقب بدء غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/ شباط العام الماضي، تعطلت طرق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود ما أدى إلى تكدس كميات كبيرة من الحبوب بلغت 20 مليون طن في موانئ البلاد.
وعلى وقع ذلك وفي ضوء ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، أقدم الاتحاد الأوروبي في مايو/ أيار الماضي على إنشاء ما عُرف بـ "ممرات التضامن" لضمان قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب عبر أراضي بلدان التكتل مع تعليق الرسوم الجمركية على المنتجات الأوكرانية.
وبعد فترة وجيزة، تزايد تدفق الحبوب الأوكرانية عبر أراضي بلدان الاتحاد الأوروبي خاصة بعد أن اتهمت كييف موسكو بعرقلة تصدير الحبوب عن طريق البحر بموجب اتفاق تصدير الحبوب بوساطة أممية وتركية.
لكن ذلك دفع المزارعين في بولندا إلى الاحتجاج على دخول الحبوب الأوكرانية إلى بلادهم وإغراق الأسواق المحلية بها، رغم أنه كان من المفترض أن يتم بيع هذه الحبوب خارج بلدان الاتحاد الأوروبي.
وإزاء تزايد سخط المزارعين، أعلنت بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، وهي الدول التي تحد أوكرانيا من الغرب، فرض قيود على استيراد الحبوب الأوكرانية فانتقدت المفوضية الأوروبية هذه الخطوة، لكنها قالت إنها ستعمل على تقديم حزمة جديدة من المساعدات للمزارعين المتضررين من "ممرات التضامن" وللخروج بإجراء مشترك. وقد تزامن هذا مع إشارات من بولندا ورومانيا بقرب رفع القيود المفروضة على الحبوب الأوكرانية.
حظر واردات الحبوب الأوكرانية.. أين المشكلة؟
يرى خبراء أنه في حالة فرض حظر على واردات الحبوب الأوكرانية عبر الممرات الأوروبية المؤقتة، فإن هذا سوف يؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم مرة أخرى خاصة وأن صادرات أوكرانيا تمثل 10 بالمائة من صادرات القمح العالمية و15بالمائة للذرة و13بالمائة للشعير، بحسب بيانات المفوضية الأوروبية.
وقد تسبب وقف تصدير أوكرانيا للحبوب عبر البحر الأسود مع بدء الحرب في رفع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية في فبراير/ شباط العام الماضي مما تسبب في حالة ذعر حيال الأمن الغذائي العالمي.
بيد أن الأسعار عادت مؤخرا إلى مستويات ما قبل الحرب وفقا لبيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو). وتزامن هذا مع الغموض بشأن مصير اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بين أوكرانيا وروسيا بواسطة أممية وتركية، وسط مؤشرات بأن روسيا قد تتوقف عن الالتزام بتسهيل تصدير الحبوب رغم دعوة مجموعة الدول السبع الصناعية إلى تمديد الاتفاق.
موقف الاتحاد الأوروبي؟
سارعت المفوضية الأوروبية إلى التحذير من أن القرارات التي تتعلق بالسياسة التجارية داخل التكتل يجب اتخاذها بشكل جماعي، مشددة على أن القرارات أحادية الجانب غير ممكنة.
وقالت الناطقة باسم المفوضية ميريام غارسيا فيرير "في هذا السياق، من الضروري التأكيد على أن السياسة التجارية تعد اختصاصا حصريا للاتحاد الأوروبي، وبالتالي فإن أي خطوات أحادية الجانب غير مقبولة. في أوقات صعبة كهذه، يعد التنسيق والمواءمة بين جميع القرارات ضمن الاتحاد الأوروبي أمرا ضروريا".
ويرى خبراء أنه من الناحية النظرية يمكن أن تتعرض الدول الأوروبية التي تفرض قيودا على واردات الحبوب الأوكرانية، لعقوبات بسبب انتهاكها قواعد الاتحاد الأوروبي، لكن المفوضية، التي تمثل الذراع التنفيذي للتكتل، تبدو أكثر اهتماما بالسعي لإيجاد حل.
وفي ذلك، نُقل عن مسؤول أوروبي بارز، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله: إن المفوضية الأوروبية تدرس تقديم حزمة جديدة من المساعدات بقيمة حوالي 100 مليون يورو (110 ملايين دولار).
وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم حزمة دعم بقيمة 56 مليون يورو للمزارعين المتضررين، بالإضافة إلى خطط دعم على مستوى البلدان الأوروبية تم تمويلها جزئيا من خلال تدابير تخفيف قواعد المساعدات الحكومية في الاتحاد الأوروبي.
وبحسب مصادر أوروبية، فإن العمل ينصب حاليا على الخروج بإجراء مشترك من قبل الاتحاد الأوروبي بما يضمن وصول الحبوب الأوكرانية إلى الأسواق خارج الاتحاد الأوروبي كما هو مخطط.
وكشف أحد المسؤولين عن أن أحد الخيارات المطروحة هو فرض حظر مؤقت داخل دول الجوار الأوكراني على الحبوب الأوكرانية التي لن يتم بيعها خارج التكتل، مما يسمح بالمضي قدما في تنفيذ "ممرات التضامن".
الموقف الأوكراني
شارك وزير الزراعة الأوكراني ميكولا سولسكي في سلسلة اجتماعات مع بلغاريا والمجر وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا، شدد خلالها على ضرورة التركيز على إحراز تقدم في المفاوضات التي تجرى مع كل دولة على حدة.
وأقر الوزير الأوكراني بأن "المزارعين البولنديين باتوا في وضع صعب"، لكنه شدد على الصعاب التي تواجه قطاع الزراعة في بلاده. وقال "نؤكد أن المزارعين الأوكرانيين يواجهون أصعب وضع في الوقت الحالي، إذ يتكبدون خسائر فادحة جراء الحرب الروسية على بلادهم. ويلقى بعضهم حتفه خلال العمل في الحقول بسبب الألغام الروسية".
ما مصير الدعم الأوروبي لأوكرانيا؟
ويرى مراقبون أن جُل الانتقادات البولندية والمجرية موجهة إلى الاتحاد الأوروبي وليس إلى الدعم الأوروبي لأوكرانيا، إذ تأتي على وقع الانتقاد الضمني لما تراه البلدان من تقاعس التكتل عن دعم المزارعين.
يشار إلى أن بولندا تعد من أقوى الداعمين لأوكرانيا، لكن حزب القانون والعدالة القومي المحافظ الحاكم يواجه انتخابات تشريعية في وقت لاحق من العام ويرغب في حشد أصوات المزارعين. وفي هذا السياق، نشرت وزارة الزراعة في بولندا منشورا قبل أيام على صفحتها على موقع الفيسبوك جاء فيه "لقد أيقظنا الاتحاد الأوروبي!"
ويحمل هذا الأمر في طياته نُذر خلافات قد يشهدها الاتحاد الأوروبي في حالة انضمام أوكرانيا إلى التكتل بعد الموافقة على منح كييف وضع "مرشح" لعضوية الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران الماضي رغم أن عملية الانضمام سوف تستغرق سنوات.
إيلا جوينر - بروكسل / م. ع
عربيا ودوليا.. تداعيات حرب بوتين على الأسعار ومعيشة الناس
تداعيات غزو روسيا لأوكرانيا لم تقتصر على دول الجوار، وإنما امتد تأثير الحرب إلى جميع أنحاء العالم. فمع ارتفاع أسعار الطعام والوقود إلى معدلات غير مسبوقة، شهدت بعض الدول مظاهرات وأعمال شغب.
صورة من: Dong Jianghui/dpa/XinHua/picture alliance
ألمانيا.. التسوق بات مكلفا
أدت الحرب في أوكرانيا والعقوبات المفروضة على روسيا إلى ارتفاع تكلفة المعيشة في ألمانيا وهو ما أثر على المستهلكين. ففي مارس/ آذار، ارتفع معدل التضخم في ألمانيا إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وبالنسبة للعقوبات، تبدي الحكومة الألمانية حرصا على المضي قدما في فرض حظر على الفحم الروسي، لكنها لم تتخذ قرارا بعد حيال حظر الغاز والنفط الروسي.
صورة من: Moritz Frankenberg/dpa/picture alliance
كينيا.. ازدحام أمام محطات الوقود
شهدت محطات الوقود في العاصمة الكينية نيروبي ازدحاما كبيرا مع شعور الناس بارتفاع سعر الوقود بشكل كبير، مع عدم توفره جراء الحرب فضلا عن تداعياتها على أزمة الغذاء في هذا البلد الفقير. وقد أعرب سفير كينيا لدى الأمم المتحدة، مارتن كيماني، عن بالغ قلقه إزاء الأمر أمام مجلس الأمن، إذ أجرى مقارنة بين الوضع في شرق أوكرانيا والأحداث التي شهدتها أفريقيا عقب الحقبة الاستعمارية.
صورة من: SIMON MAINA/AFP via Getty Images
تركيا.. تأمين إمدادات القمح
تعد روسيا من أكبر منتجي القمح في العالم. وبسبب الحظر على الصادرات الروسية، ارتفع سعر الخبز في دول عدة ومنها تركيا. كما أدت العقوبات الدولية إلى تعطيل سلاسل التوريد. وتعد أوكرانيا واحدة من أكبر خمس دول مصدرة للقمح في العالم، لكن بسبب الغزو الروسي لا تستطيع كييف شحن الإمدادات من موانئها المطلة على البحر الأسود.
صورة من: Burak Kara/Getty Images
العراق.. ارتفاع كبير في أسعار القمح
يعمل هذا العامل في سوق جميلة، أحد أسواق الجملة في بغداد. ارتفعت أسعار القمح في العراق إلى معدلات قياسية منذ غزو روسيا لأوكرانيا. وبما أن روسيا وأوكرانيا تستحوذان على نسبة 30 بالمائة من تجارة القمح في العالم، فلم يكن العراق بمنأى عن تأثير العقوبات. ورغم أن الحكومة العراقية اتخذت موقفا محايدا من الأزمة الأوكرانية، إلا أن الملصقات المؤيدة لبوتين باتت محظورة في البلاد.
صورة من: Ameer Al Mohammedaw/dpa/picture alliance
مصر.. رفوف ممتلئة وأسواق خالية
تضررت مصر بشدة من الارتفاع الراهن في أسعار السلع الأساسية بسبب الحرب في أوكرانيا فقد أصبحت بعض الأسواق خالية رغم أن الأسواق تكون مزدحمة عادة وتشهد رواجا في شهر رمضان. وبلغ معدل التضخّم في مصر 10 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط في ارتفاع يعزوه الخبراء بشكل أساسي إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بنسبة 20 بالمائة.
صورة من: Mohamed Farhan/DW
تونس ..مخاوف من أزمة هجرة
ارتفعت أسعار أسطوانة الغاز والخبز في تونس إلى معدلات مذهلة بسبب الحرب في أوكرانيا ليواجه مهد "الربيع العربي" حاليا أزمة حادة في توفير الغذاء للجميع. فهل ستتسبب الأزمة في موجة جديدة من الهجرة؟
صورة من: Chedly Ben Ibrahim/NurPhoto/picture alliance
اليمن.. السير على الأقدام
أدى ارتفاع أسعار الوقود إلى ارتفاع أجور النقل في اليمن، وهو ما دفع البعض إلى السير على الأقدام بدل ركوب السيارة. ففي الأسابيع الأولى للحرب، ارتفعت أسعار الوقود فتضاعف سعر التنقل من 100 ريال إلى 200 ريال يمني. وقد حذر برنامج الأغذية العالمي في مارس/ آذار الماضي من تدهور الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية في اليمن في ظل حاجة قرابة 17,4 مليون شخص إلى مساعدات فورية.
صورة من: Farouk Mokbel/DW
بيرو.. موجة احتجاجات
اندلعت مظاهرات ووقعت اشتباكات بين محتجين ورجال الشرطة في العاصمة ليما التي شهدت موجة من احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية، خاصة مع تفاقم الأزمة مع اندلاع حرب أوكرانيا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات وزيادة حدتها، فرض الرئيس بيدرو كاستيلو حظر تجول وأعلن حالة الطوارئ بشكل مؤقت. لكن مع انتهاء سريان حالة الطوارئ، خرجت مظاهرات جديدة في البلاد.
صورة من: ERNESTO BENAVIDES/AFP via Getty Images
سريلانكا.. حالة طوارئ
عصفت بسريلانكا أيضا موجة احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية، لكن تزايدت حدتها مع محاولة عدد من المتظاهرين اقتحام المقر الخاص للرئيس غوتابايا راجاباكسا. ومع اتساع رقعة الاحتجاجات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة ونقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي، أعلن راجاباكسا حالة الطوارئ، داعيا في الوقت نفسه الهند والصين إلى مساعدة بلاده في تأمين احتياجاتها الغذائية.
صورة من: Pradeep Dambarage/Zumapress/picture alliance
اسكتلندا.. المظاهرات تصل أوروبا
شهدت اسكتلندا احتجاجات ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة، كما نظمت النقابات العمالية في جميع أنحاء المملكة المتحدة مظاهرات ضد ارتفاع تكاليف المعيشة. وعقب انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، ارتفعت الأسعار، لكن الحرب في أوكرانيا زادت الوضع سوءً.
صورة من: Jeff J Mitchell/Getty Images
بريطانيا.. ارتفاع أسعار الأسماك
يعد طبق "السمك مع البطاطا المقلية" من الأطباق المفضلة والشعبية في بريطانيا، إذ يتم تناول حوالي 380 مليون حصة من السمك ورقائق البطاطس في المملكة المتحدة كل عام. بيد أن العقوبات الصارمة على روسيا أدت إلى ارتفاع أسعار السمك الأبيض المستورد من روسيا فضلا عن زيادة أسعار زيت الطهي والطاقة. وقد وصل معدل التضخم في المملكة المتحدة 6.2 بالمائة على أساس سنوي في فبراير/ شباط الماضي.
صورة من: ADRIAN DENNIS/AFP via Getty Images
نيجيريا.. اغتنام الفرصة
يقوم هذا التاجر بتعبئة الدقيق لإعادة بيعه في منطقة إيبافو بنيجيريا. وتسعى نيجيريا منذ زمن طويل لتقليل اعتمادها على استيراد المواد الغذائية. فهل يمكن أن توفر الحرب في أوكرانيا الفرصة لنيجيريا لتقليل استيرادها للمواد الغذائية؟ وفي هذا السياق، دشن أليكو دانغوت، أغنى رجل في نيجيريا وأحد أثرياء إفريقيا، مؤخرا أكبر مصنع للأسمدة في البلاد فيما يحدوه الأمل في سد حاجة نيجيريا من الأسمدة.