هل تنشر النمسا سياسة اللجوء المتشددة في الاتحاد الأوروبي؟
٧ يوليو ٢٠١٨
تسلمت النمسا، التي يحكمها ائتلاف متشدد في ملف اللجوء، رئاسة الاتحاد الأوروبي. وقد كانت آخر حلقات التشدد في سياسة اللجوء النمساوية ربط المساعدات المالية للاجئين باجتياز اللغة. فهل ستؤثر سياساتها على بروكسل؟
إعلان
طلوع شمس يوم جديد يجدد نشاط فالتراود غيسل ويمنحها طاقة وحيوية لمزيد من العطاء في عملها والذي هو تعليم اللغة الألمانية للمهاجرين. يقصد لاجئون من سوريا وإيران وأفغانستان وصربيا مدرسة اللغة في مؤسسة دياكوني الخيرية، التابعة للكنيسة البروتستانتية. إيمانويل لاجئ من إيران يعيش في العاصمة فيينا منذ سنتين. يقول إيمانويل: "اللغة مهمة جداً بالنسبة لي، عن طريقها أستطيع التواصل مع أصدقائي حالياً والعثور على عمل في وقت لاحق".
"اندماج منذ اليوم الأول"
كل واحد من الطلاب لديه ما يخبر به الآخرين. وثق كل منهم بالآخر بسرعة وفتحوا قلوبهم لبعضهم البعض. تقول فالتراود: "إنهم مجدون ولديهم طموح. لقد مروا بفترات عصيبة في حياتهم، غير أنهم يتمون واجباتهم الدراسية على أكمل وجه"، مشيرة إلى إعجابها بهم.
ويشيد رئيس منظمة دياكوني، ميشائل تشالوبكا، بمشروعهم المُسمى "اندماج منذ اليوم الأول" وبالنجاح الذي حققوه حتى الآن، مشيراً إلى أن دروس اللغة ليست حكراً على الحاصلين على حق اللجوء فقط، إذ يستفيد منها طالبو اللجوء الذين لم يتم البتّ بطلباتهم بعد.
تضييق الخناق على اللاجئين في النمسا
01:46
تحذيرات من زيادة نسبة الفقر بين الأطفال
أثارت خطط الحكومة النمساوية اليمينية، بقيادة سيباستيان كورتس، فيما يتعلق بملف اللجوء مخاوف من أنها قد تعيق جهود إدماج اللاجئين في المجتمع النمساوي. ومن بين تلك الخطط تقليل عدد ساعات تعليم اللغة الألمانية للاجئين وإدراج امتحان لغة يوصف بأن مستواه "صعب". وفي حال الفشل في اجتيازه يتم خصم 300 يورو من قيمة المساعدات الاجتماعية.
يقول تشالوبكا عن تلك الخطط: "إن ذلك أمر عبثي وسيكون له نتائج خطيرة من بينها ارتفاع في نسبة الفقراء من الأطفال"، لافتاً إلى غلاء المعيشة في فيينا.
الحقوق الأساسية في خطر؟
خبراء تعليم اللغة يقولون إن ربط حقوق الإنسان الأساسية بالمساعدات الاجتماعية أمر "إشكالي". مدرّسة اللغة، فيرينا بلوتسر، على قناعة أن مستوى الامتحان "عال جداً" وأن الأمر سيكون صعباً جداً على المتقدمين بالسن من اللاجئين. وتحذر فيرينا، التي لديها خبرة عشر سنوات في تعليم اللغة، من العقبات الوخيمة للفشل في اجتياز الامتحان على الحقوق الأساسية للاجئين.
لم يرد ممثلو حزب الحرية اليميني المتطرف في الاتحاد الأوروبي على طلب إعطاء تصريح صحفي لـ.DW أما عضو حزب الخضر والبرلمانية في الاتحاد الأوروبي، مونيكا فانا، فتقول أن القانون المقترح "ينافي" القيم الأوروبية بكل معنى الكلمة، مضيفة أن التقليصات المقترحة على المساعدات تساهم في تقديم اللاجئ للرأي العام كـ"عدو"، وأن المستشار سيباستيان كورتس يقبل ضمنياً وجود تهديد للسلم الاجتماعي في أوروبا. كما تشير مونيكا إلى أن فكرة منح المساعدات الاجتماعية لفئة دون غيرها "مخالف" للدستور النمساوي والتشريعات الأوروبية.
وتسلمت النمسا رئاسة الاتحاد الأوروبي للأشهر الستة القادمة. ويعطي تشدد في السياسة الداخلية للبلاد مؤشرات على خطط فيينا على مستوى الاتحاد الأوروبي، على الأقل فيما يخص سياسة اللجوء.
أزمة اللاجئين: من هم أصدقاء ميركل ـ ومن هم الخصوم؟
في خضم بحثها عن "حل أوروبي" لأزمة الهجرة تحتاج أنغيلا ميركل إلى حلفاء بين رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي. لكن عددهم يضمحل، وبعضهم يقف بحزم في وجهها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O.Matthys
الشريك
إذا أمكننا التحدث عن صديق سياسي لميركل، فإنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. فهو على غرار ميركل مهتم بالتوصل إلى حل أوروبي، لأنه يخشى مثل ميركل على كيان الاتحاد الأوروبي. لكن الحزب المسيحي الاجتماعي يعتقد أن ماكرون اشترى دعمه لميركل بوعود مالية.
صورة من: picture-alliance/Tass/dpa/M. Metzel
المتفهم
رئيس الوزراء الإسباني الجديد بيدرو سانشيس يبدو أنه تحرك في إطار يخدم ميركل عندما قبل أن ترسو سفن تقل لاجئين أفارقة رفضتهم الحكومة الإيطالية. وهذا القدر من الإنسانية نادر في هذه الأوقات. لكن الاشتراكي قال بوضوح بأن بلاده تحتاج إلى دعم في تجاوز متاعب الهجرة.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Soriano
الوسيط
حدود الاتحاد الأوروبي الداخلية المفتوحة مهمة بالنسبة إلى هولندا المعتمدة على التجارة. وهنا يحصل إجماع بين رئيس الوزراء مارك روته والمستشارة ميركل. في المقابل فإن الأجواء السائدة في البلاد هي في الأثناء معادية للمهاجرين. وطالبو اللجوء الذين ليس لهم فرصة لا يريد روته السماح لهم أصلا بالعبور إلى أوروبا. وبهذه الاستراتيجية المترنحة يمكن له تولي دور الوساطة.
صورة من: Reuters/F. Lenoir
المراوغ
هناك فوارق إيديولوجية بين المسيحية الديمقراطية ميركل واليساري أليكسيس تسيبراس. وبالرغم من ذلك فإن رئيس الوزراء اليوناني يساند مبدأ "التضامن الأوروبي" في تجاوز الهجرة ويدعم شخصيا ميركل. والسبب يعود في ذلك لكونه عايش ميركل كمتفهمة لأزمة الديون اليونانية وأنه يأمل في الحصول هنا على تنازلات إضافية.
صورة من: Reuters/A. Konstantinidis
الراديكالي
الدنماركي لارس لوكه راسموسن لا يبدو ظاهريا مثل رجل راديكالي، إلا أنه يتخذ هذا الموقف في قضايا الهجرة. وقلما توجد حكومة أوروبية أخرى تنهج سياسة متشددة في ردع طالبي اللجوء مثل حكومته. راسموسن أثار كذلك في وقت أبكر من آخرين فكرة إقامة مراكز إيواء خارج الاتحاد الأوروبي. وإذا كان الحل الأوروبي على هذا النحو، فإنه يدعمه، إلا أنه لا يساند مخطط توزيع اللاجئين على الدول الأوروبية.
صورة من: imago/Belga
الخصم
المستشار النمساوي سباستيان كورتس يظهر مهذبا أمام ميركل، لكنه لا يخفي رفضه العميق لسياستها الليبرالية في اللجوء. ويتفاهم كورتس بخلاف ذلك مع المعارضين لميركل في قضية الهجرة ابتداء من وزير الصحة ينس شبان إلى وزير الداخلية هورست زيهوفر ورئيس وزراء بفاريا ماركوس زودر.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Kneffel
المدفوع
رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الذي لا ينتمي لأي حزب يُعتبر أحد المشاكسين الكبار لميركل. كونتي يرفض استقبال اللاجئين المسجلين في إيطاليا. ويدعمه في هذا بوجه الخصوص وزير الداخلية ماتيو سالفيني من "رابطة الشمال" المعادية للأجانب: "لم يعد في وسعنا استقبال ولو شخص واحد". وبهذا النوع من التصريحات تزداد شعبية الرابطة في استطلاعات الرأي.
صورة من: picture-alliance/ZumaPress
غير المهتم
لا أحد انتقد بقوة كبيرة طوال سنوات سياسة ميركل للحدود المفتوحة مثل المجري فيكتور أوربان. فهو يعتبر هذه الأزمة مشكلة ميركل. ولم يشارك في اجتماع الأحد الماضي (24 يونيو 2018) مثل الزعماء الآخرين لدول فيزغراد سلوفاكيا وتشيكيا وبولندا. فجميع هذه الدول ترفض توزيع اللاجئين على البلدان الأوروبية.