هل تنفذ إسرائيل وعيدها وتقصف المنشآت النووية الإيرانية؟
١ أبريل ٢٠٢٥
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه في حالة عدم توصل إيران إلى اتفاق مع بلاده بشأن برنامجها النووي، "فسيكون هناك قصف"، مما يزيد من التهديد القائم منذ فترة طويلة والذي أطلقته إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
بعد تهديدات ترامب لإيران.. هل تنفذ إسرائيل ما تهدد به منذ وقت طويل وتقصف المنشآت النووية الإيرانية؟صورة من: picture alliance/dpa/Islamic Republic Iran Broadcasting/AP
إعلان
يتوزع البرنامج النووي الإيراني على العديد من المواقع. ورغم أن خطر الضربات الجوية الإسرائيلية يلوح في الأفق منذ عشرات السنين، فإن عددا قليلا فحسب من المواقع هي التي تم بناؤها تحت الأرض. فهل تمتلك إيران فعلا برنامجا للأسلحة النووية؟
إيران تنفي امتلاك أي برنامج نووي
تعتقد الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران كان لديها برنامج سري منسق للأسلحة النووية أوقفته في عام 2003. وتنفي الجمهورية الإسلامية امتلاك أي برنامج نووي أو التخطيط لامتلاك مثل هذا البرنامج.
ووافقت إيران على تقييد أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الدولية بموجب اتفاق أبرمته عام 2015 مع قوى عالمية، لكن هذا الاتفاق انهار بعد أن سحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب بلاده منه في عام 2018، وهو ما دفع إيران في العام التالي للتخلي عن القيود التي فرضتها على تلك الأنشطة النووية.
هل تزيد إيران من تخصيب اليورانيوم؟
أجل. بدأت إيران منذ ذلك الحين في التوسع في برنامج تخصيب اليورانيوم، مما أدى إلى تقليص ما يسمى "وقت الاختراق" الذي تحتاجه لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم الذي يستخدم في صنع قنبلة نووية إلى أسابيع وليس عام على الأقل بموجب اتفاق عام 2015. وفي واقع الأمر فإن صنع قنبلة بهذه المادة سيستغرق وقتا أطول. ولكن المدة ليست واضحة تماما ومحل جدل.
ما هي تداعيات انسحاب إيران الجزئي من الاتفاق النووي؟
38:10
This browser does not support the video element.
تقوم إيران الآنبتخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 60 بالمئة وهو ما يقارب المستويات التي تسمح بصنع أسلحة نووية والتي تبلغ 90 بالمئة في موقعين، ونظريا لديها ما يكفي من المواد المخصبة إلى هذا المستوى لصنع ما يقرب من أربع قنابل إذا تم تخصيبها على نحو أكبر، وفقا لمقياس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي هيئة الرقابة التابعة للأمم المتحدة.
أماكن توزع البرنامج النووي:
نطنز
مجمع يقع في صلب برنامج التخصيب الإيراني على سهل يجاور الجبال، خارج مدينة قم المقدسة لدى الشيعة، جنوبي طهران. ويضم المجمع منشآت تشمل مصنعين للتخصيب: مصنع تخصيب الوقود الضخم تحت الأرض ومصنع تخصيب الوقود التجريبي فوق الأرض.
كانت مجموعة معارضة إيرانية تقيم في الخارج كشفت في عام 2002، أن إيران تبني سرا مجمع نطنز، مما أشعل مواجهة دبلوماسية بين الغرب وإيران بشأن نواياها النووية والتي لا تزال مستمرة حتى اليوم.
تم بناء منشأة تخصيب الوقود على نطاق تجاري تحت الأرض قادرة على استيعاب 50 ألف جهاز طرد مركزي. ويضم المصنع حاليا 14 ألف جهاز للطرد المركزي، منها حوالي 11 ألفا قيد التشغيل، لتنقية اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 5 بالمئة.
يصف الدبلوماسيون المطلعون على نطنز مصنع تخصيب الوقود بأنه يقع على عمق ثلاثة طوابق تحت الأرض. وكان هناك نقاش طويل حول حجم الضرر الذي قد يلحق به جراء غارات جوية إسرائيلية. وقد لحقت أضرار بأجهزة الطرد المركزي في محطة تخصيب الوقود بطرق أخرى، بما في ذلك انفجار وانقطاع للتيار الكهربائي في أبريل/ نيسان 2021، قالت إيران إنه هجوم شنته إسرائيل.
أما محطة تخصيب الوقود فوق الأرض فتضم بضع مئات فقط من أجهزة الطرد المركزي، لكن إيران تقوم بالتخصيب فيها حتى نسبة نقاء 60 بالمئة.
إعلان
فوردو
على الجانب الآخر من قم، أُقيم موقع فوردو للتخصيب داخل جبل، وبالتالي ربما يكون محميا بشكل أفضل من القصف المحتمل مقارنة بمحطة تخصيب الوقود تحت الأرض.
لم يسمح الاتفاق الذي تم التوصل إليه عام 2015 مع القوى الكبرى لإيران بالتخصيب في فوردو على الإطلاق. ولديها الآن أكثر من ألف جهاز طرد مركزي تعمل هناك، وجزء بسيط منها من أجهزة آي.آر-6 المتقدمة التي تعمل على التخصيب حتى نسبة نقاء 60 بالمئة.
بالإضافة إلى ذلك، ضاعفت إيران في الآونة الأخيرة عدد أجهزة الطرد المركزي المثبتة في فوردو، حيث كانت جميع الأجهزة الجديدة من نوع آي.آر-6.
في عام 2009 أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أن إيران كانت تبني منشأة فوردو سرا لسنوات، وأنها تقاعست عن إبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما آنذاك: "إن حجم وتكوين هذه المنشأة لا يتفقان مع برنامج سلمي".
هذه هي المجالات التي تشملها العقوبات الأمريكية على إيران
01:17
This browser does not support the video element.
أصفهان
تمتلك إيران مركزا كبيرا للتكنولوجيا النووية على مشارف أصفهان، ثاني أكبر مدنها. ويضم هذا المركز مصنعا لإنتاج ألواح الوقود ومنشأة تحويل اليورانيوم التي يمكنها معالجة اليورانيوم وتحويله إلى سداسي فلوريد اليورانيوم الذي يغذي أجهزة الطرد المركزي.
وتوجد في أصفهان معدات لصنع معدن اليورانيوم، وهي عملية حساسة بشكل خاص فيما يتصل بالانتشار النووي لأنها يمكن أن تستخدم في تصميم قلب القنبلة النووية. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن هناك آلات لصنع قطع غيار أجهزة الطرد المركزي في أصفهان، ووصفتها في عام 2022 بأنها "موقع جديد".
خونداب
تمتلك إيران مفاعل أبحاث يعمل بالماء الثقيل تم بناء أجزاء منه، وكان يسمى في الأصل أراك والآن خونداب. وتثير مفاعلات الماء الثقيل مخاوف من الانتشار النووي لأنها يمكن أن تنتج البلوتونيوم بسهولة، والذي يمكن استخدامه، مثل اليورانيوم المخصب، لصنع قلب القنبلة الذرية.
وبموجب اتفاق عام 2015، تم إيقاف البناء، وتم إزالة قلب المفاعل وملؤه بالخرسانة لجعله غير صالح للاستخدام. وكان من المقرر إعادة تصميم المفاعل "لتقليل إنتاج البلوتونيوم وعدم إنتاج البلوتونيوم الصالح للاستخدام في الأسلحة أثناء التشغيل العادي". وأبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها تنوي تشغيل المفاعل في عام 2026.
مركز طهران للأبحاث
تتضمن منشآت الأبحاث النووية في طهران مفاعلا للأبحاث.
بوشهر
تستخدم محطة الطاقة النووية الوحيدة العاملة في إيران على ساحل الخليج الوقود الروسي الذي تستعيده روسيا بعد استنفاده، مما يقلل من خطر الانتشار النووي.
ع.ش/ف.ي (رويترز)
البرنامج النووي- محطات من الشد الإيراني والجذب الغربي
لعبة القط والفأر مع الغرب. بداية البرنامج النووي الإيراني في نهاية خمسينات القرن الماضي كانت واعدة. ثم جاءت القطيعة مع وصول الخميني للحكم لتتوالى فصول الترغيب والترهيب: اتفاق عام 2015، ثم انسحاب أمريكي وعقوبات قاسية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Iranian Presidency Office/M. Berno
البداية النووية
كان العام 1957، بداية البرنامج النووي الأيراني حين وقع شاه إيران اتفاق برنامج نووي مع أمريكا، ليتم الإعلان عن "الاتفاق المقترح للتعاون في مجال البحوث ومجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية" تحت رعاية برنامج أيزنهاور "الذرة من أجل السلام". وفي1967، أسس مركز طهران للبحوث النووية. لكن توقيع إيران معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في 1968، جعلها تخضع للتفتيش والتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة.
صورة من: gemeinfrei
إنهاء التدخل الغربي في البرنامج النووي
الإطاحة بحكم الشاه وقيام جمهورية إسلامية في إيران سنة 1979، جعلت أواصر العلاقات بين إيران والدول الغربية موسومة بقطيعة، فدخل البرنامج النووي في مرحلة سبات بعد انسحاب الشركات الغربية من العمل في المشاريع النووية وإمدادات اليورانيوم عالي التخصيب؛ فتوقف لفترة برنامج إيران النووي .
صورة من: Getty Images/Afp/Gabriel Duval
البحث عن حلول
سمح خميني عام 1981 بإجراء بحوث في الطاقة النووية. وفي 1983، تعاونت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لمساعدة طهران على الصعيد الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية لتحويل اليورانيوم، خاصة في موقع أصفهان للتكنولوجيا النووية، لكن الموقف الغربي عموما كان رافضا لمثل هذا التعاون. ومع اندلاع الحرب بين إيران والعراق تضرر مفاعل محطة بوشهر النووية فتوقفت عن العمل.
صورة من: akairan.com
روسيا تدخل على الخط، والصين تنسحب!
في التسعينات تم تزويد إيران بخبراء في الطاقة النووية من طرف روسيا. وفي 1992، انتشرت مزاعم في الإعلام الدولي بوجود أنشطة نووية إيرانية غير معلنة، مما جعل إيران تستدعي مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة المنشآت النووية، وخلصت التفتيشات حينها إلى أن الأنشطة سلمية. في 1995، وقعت إيران مع روسيا عقدا لتشغيل محطة بوشهر بالكامل، في حين انسحبت الصين من مشروع بناء محطة لتحويل اليورانيوم.
صورة من: AP
إعلان طهران وزيارة البرادعي لإيران
طلبت الوكالة الدولية، في 2002، زيارة موقعين نوويين قيل أنهما غير معلنين، لكن إيران لم تسمح بذلك حتى مرور ستة أشهر على شيوع الخبر. وفي 2003، زار محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إيران للحصول على إيضاحات في ما يخص استئناف أنشطة تخصيب اليورانيوم، واصدرت الوكالة تقريرا سلبيا تجاه تعاون إيران.
صورة من: AP
شد وجذب
أصدرت الوكالة الدولية، في 2004، قرارا يطالب إيران بالإجابة عن جميع الأسئلة العالقة، وبتسهيل إمكانية الوصول الفوري إلى كل المواقع التي تريد الوكالة زيارتها، وبتجميد جميع الأنشطة المتعلقة بتخصيب اليورانيوم بمستوى يتيح إنتاج الوقود النووي والشحنة الانشطارية. لكن الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وبعد انتخابه، عمل على تفعيل البرنامج النووي ولم يكترث للتهديدات الغربية، كما أسس مفاعل "أراك" للماء الثقيل.
صورة من: AP
فصل جديد
في 2006، صوت أعضاء الوكالة الدولية على إحالة الملف الإيراني إلى مجلس الأمن، الذي فرض حظرا على تزويد إيران بالمعدات اللازمة لتخصيب اليورانيوم وإنتاج صواريخ بالستية. وردت إيران على هذا الإجراء بتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي وجميع أشكال التعاون الطوعي. وفي نفس السنة، أعلن الرئيس الإيراني؛ أحمدي نجاد، عن نجاح بلده في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3,5 بالمائة. الصورة لوفد قطر أثناء التصويت على القرار.
صورة من: AP
مفاعلات نووية سرية
في عام2009 ، تحدث بعض المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، عبر وسائل الاعلام، عن قيام إيران ببناء مفاعل نووي في ضواحي مدينة قم، كما قال هؤلاء بأنه تحت الأرض ويبنى بكل سرية، دون أن تخبر به إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في حين نفت طهران ذلك واعتبرته مجرد ادعاءات.
صورة من: AP
على مشارف حل
في عام 2014، تم الاتفاق على وقف تجميد الولايات المتحدة لأموال إيرانية قدرت بمليارات الدولارات، مقابل توقف إيران عن تحويل اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود. وفي نفس السنة، قامت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية باجراء تعديلات على منشأة "أراك" لضمان إنتاج حجم أقل من البلوتونيوم.
صورة من: ISNA
الاتفاق التاريخي
في عام 2015، وبعد سلسلة من الاجتماعات، في فيينا، أعلن عن التوصل لاتفاق نهائي؛ سمي اتفاق إطار، بخصوص برنامج إيران النووي. الاتفاق جمع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا بإيران. وكان من المرجح أن ينهي هذا الاتفاق التهديدات والمواجهة بين إيران والغرب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Wilking
طموحات حدها الاتفاق!
كان باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، واحدا من رؤساء الدول المتفقة مع إيران، فيما يخص البرنامج النووي، من الذين رأوا في الخطوة ضمانا لأمن العالم، بالمقابل قال نظيره الإيراني؛ حسن روحاني، إن بلاده حققت كل أهدافها من خلال الاتفاق. لكن الأمور لم تعرف استقرارا، خاصة مع رغبة إيران في تطوير برنامجها نووي، دون أن تلفت اليها الأنظار.
صورة من: Getty Images/A. Burton/M. Wilson
أمريكا تنسحب
آخر التطورات في الاتفاق النووي، كانت يوم الثلاثاء 8 أيار/مايو 2018، حيث أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، متعهداً بأن تفرض بلاده "أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية على النظام الإيراني". وفي هذا الصدد، عبرت طهران عن عدم رغبتها في الدخول في جولات جديدة من المفاوضات الشاقة مع أمريكا.
صورة من: Imago/Zumapress/C. May
شروط أي "اتفاق جديد"
بعد الانسحاب الأميركي، أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو 12 شرطاً أميركياً للتوصل إلى "اتفاق جديد". وتضمنت هذه الشروط مطالب شديدة الصرامة بخصوص البرنامج النووي وبرامج طهران البالستية ودور إيران في الشرق الأوسط. وهدّد بومبيو إيران بالعقوبات "الأقوى في التاريخ" إذا لم تلتزم بالشروط الأميركية.
صورة من: Getty Images/L. Balogh
واشنطن تشدد الخناق
فرضت إدارة ترامب أول حزمة عقوبات في آب/أغسطس ثم أعقبتها بأخرى في تشرين الثاني/نوفمبر. وشملت هذه العقوبات تعطيل معاملات مالية وواردات المواد الأولية إضافة إلى إجراءات عقابية في مجالي صناعة السيارات والطيران المدني. وفي نيسان/أبريل من عام 2019، أدرجت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية"، وكذلك فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية للحرس الثوري.
صورة من: picture-alliance/U. Baumgarten
أوروبا تغرد خارج السرب
في 31 كانون الثاني/يناير 2019، أعلنت باريس وبرلين ولندن إنشاء آلية مقايضة عرفت باسم "إنستكس" من أجل السماح لشركات الاتحاد الأوروبي بمواصلة المبادلات التجارية مع إيران رغم العقوبات الأميركية. ولم تفعل الآلية بعد، كما رفضتها القيادة العليا في إيران. وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أكدت على "مواصلة دعمنا الكامل للاتفاق النووي مع إيران، وتطبيقه كاملاً"، داعية إيران إلى التمسك به.
صورة من: Reuters/S. Nenov
طهران ترد
في أيار/مايو الماضي، قررت طهران تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي التاريخي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى بعد عام على القرار الأميركي الانسحاب من الاتفاق. وحذرت الجمهورية الإسلامية من أنها ستستأنف تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من المسموح بها في الاتفاق خلال 60 يوماً، إذا لم يوفر لها الأوروبيون الحماية من العقوبات الأمريكية. مريم مرغيش/خالد سلامة