طالما اعتبر النقاد ومؤرخو الأدب أنّ شكسبير وسرفانتس توفيا في نفس اليوم من القرن السابع عشر. لكن الوقائع كشفت اختلاف يوم وفاتهما باختلاف التقويم الانكليزي عن التقويم الاسباني ، إبداع الكاتبين يبقى عابرا للتواريخ.
إعلان
اعتبر الثالث والعشرون من (نيسان / ابريل عام 1616 ) يوم وفاة الأديبين العالميين الكبيرين الأنكليزي وليام شكسبير، والإسباني ميغيل دي سرفانتس، ومع ذلك فإن هذا التزامن في تاريخ الوفاة ليس صحيحاً.
وفي الحقيقة، ليس هناك كثير من المشتركات بين شكسبير وسرفانتس، على الرغم من أنهما تعاصرا، وتركا إعمالا ادبية خالدة وتأثيراً كبيراً على الأجيال اللاحقة، واعتبر كل واحد منهما كاتباً موهوباً.
ولد الشاعر الانكليزي في عام 1564 في "ستراتفورد ابون افون" بعد سبعة عشر عاماً من ولادة سرفانتس في عام 1547 في مدينة "الكالا دي هيناريس" بالقرب من مدينة مدريد.
وبينما درس شكسبير في مدرسة بلدته اللاتينية وأساسيات البلاغة والشعر فإن سرفانتس الذي ينتمي إلى عائلة متواضعة من النبلاء درس اللاهوت في جامعة سالامانكا.
بدايات خلاقة
عاش ميغيل دي سرفانتس حياة تشبه حياة المغامرين إلى حد بعيد. وغادر إسبانيا في الثانية والعشرين من عمره إلى روما ليكون خادما للكاردينال يوليوس اكوافيفا هاربا من مذكرة القاء قبض صدرت بحقه ، لكنه ما لبث أن خدم في العام نفسه كجندي في سلاح البحرية الاسبانية، وشارك بالقتال في معركة ليبانتو ضد الإمبراطورية العثمانية في عام 1571. تعرض إلى إصابتين في صدره، وثالثة في يده اليسرى، فصار يعرف بأبتر ليبانتو، وهي الإصابات التي ستكون بعد قرون سبباً لتحديد قبره.
بالمقابل لم يلتحق شكسبير بالجامعة كما أن السنوات السبع من أواخر شبابه ليست موثقة نهائياً. وعندما كان في الثامنة والعشرين من عمره أي في عام 1592 ظهر اسمه مجدداً في مصادر تلك الفترة. قال عنه المسرحي روبرت غرين المعاصر له إنه "كان مغموراً ومغروراً"، مما يوحي بأنه كان معروفاً نسبياً في ذلك الوقت. ثم صار عضواً في "مجموعة تشامبرلاين"، وهي مجموعة من الممثلين المشهورين غيرت اسمها لاحقاً ليصبح مجموعة "رجال الملك" خلال حكم الملك يعقوب الأول.
رجل أعمال وجندي
حقق شكسبير شهرة واسعة بمسرحياته ورواياته خلافاً لمعاصره ميغيل دي سرفانتس، الذي أسر هو وشقيقه من قبل القراصنة العثمانيين في عام 1575، وأطلق سراح شقيقه بفدية، لكن ميغيل بقي خمس سنوات إضافية كعبد لوالي الجزائر من قبل السلطان العثماني. وتعالج مسرحيته الأولى وغير الناجحة الفترة التي قضاها في السجن، وعلى العكس من شكسبير الذي كان كاتباً ناجحاً جداً ورجل أعمال ثري فإن سرفانتس لم يكن قادراً على إعالة نفسه من خلال كتاباته. ودخل السجن مرة أخرى في الفترة بين 1597 و1598 وفي العام 1602 أيضا، وفي هذه المرحلة بدأ كتابة رائعته الأدبية "دون كيشوت" التي تحكي "قصة الرجل العبقري من لامانشا".
أفضل كتاب في العالم
تعتبر رواية "دون كيشوت" محاكاة ساخرة لروايات الفروسية الشعبية السائدة في القرن السابع عشر، وكانت ضربة الحظ بالنسبة له، لكنها مع ذلك، لم تجعل منه رجلاً غنياً، وباع حقوقها بمبلغ غير معروف إلى ناشره.
في العام 2002، وبعد عدة قرون على تأليفها، صوّتَ مئة من الكتاب العالميين عليها باعتبارها "الكتاب الأكثر مغزى وتأثيراً في جميع العصور". وذلك في استطلاع للرأي مخصص للكتاب، نظمته نوادي الكتب النرويجية في أوسلو. واعتبر الكتاب أن رواية دون كيشوت تشكل ولادة نمط جديد من الرواية في تاريخ الأدب، لكن تفسيراتهم لها اختلفت حتى يومنا هذا: ما الشيء الذي تحاول قوله، والجمهور الذي تستهدفه؟.
وعلى الرغم من البعد الجغرافي بينهما وسيرتهما المتباينة، فإن أعمال سرفانتس وشكسبير تركز على التناقض بين الواقع والخيال، وكلاهما يعالج الصراع بين المثل العليا والواقع. ويترك سرفانتس القارئ يتساءل عما إذا كان دون كيشوت هو مهرج سخيف أو مثالي حالم. كما أن شكسبير في "حلم ليلة منتصف صيف" يتلاعب بالأوهام، ويسمح للحقائق أن تصبح أكاذيب والأكاذيب أن تصبح حقائق.
مراسم ومقبرة جماعية تاريخ الوفاة المسجلة لكل من شكسبير وسرفانتس هي 23 أبريل 1616. توفي شكسبير بعد أن ترك لندن ليستقر في مسقط رأسه قبل بضع سنوات من وفاته عن عمر يناهز الـ52، ودفن في كنيسة الثالوث الأقدس في ستراتفورد.
أما سرفانتس فقد كان يحاكم بتهمة التورط في جريمة قتل، على الرغم من براءته في الواقع. وليس واضحاً إذا قضى عقوبة السجن أم لا، ولكن في عام 1605، نشر سرفانتس الجزء الأول من "دون كيشوت". واندثرت معالم قبر سرفانتس الموجود في مقبرة جماعية إلى أن اكتشف مجدداً في عام 2015 بعد قرون عديدة على وفاته، وذلك عن طريق الأحرف الأولى M.C. المنقوشة على قبره، والآثار المتبقية على رفاة صدره ويده. لكن الحقيقة هي أن الكاتب الإسباني توفي فعليا قبل 10 أيام من معاصره الانجليزي، وذلك لأن الدول كانت تستخدم تقاويم مختلفة في ذلك الوقت: التقويم اليولياني (نسبة إلى القيصر يوليوس) في انكلترا، والغريغوري (نسبة إلى البابا غريغوريوس الثالث عشر) في اسبانيا.
قائمة أوروبا... ماذا تعني أوروبا بالنسبة لسكانها؟
رغم اختلاف بعض ثقافات الأوروبيين وعاداتهم، إلا أنهم يشبهون بعضهم في كثير من الأمور. معهد غوته الألماني طرح مجموعة أسئلة على صفحته لمعرفة ما يجمع الأوربيين وما يفرقهم؟
صورة من: Fotolia
ديمقراطية، دافنشي ودون كيشوت
ما الذي يجمع بين الأوروبيين؟ أي فنان هو الأشهر بين فناني القارة وأي مطبخ هو الأفضل؟ أسئلة طرحها معهد غوته ضمن ما أطلق عليه "قائمة أوروبا". أسئلة هذه القائمة طرحت على 22 ألف شخص بأربع وعشرين لغة في ثلاثين بلدا. أبرز الإجابات تشير إلى أسماء مثل : الديمقراطية، دون كيشوت، ودافنشي.
صورة من: Fotolia
الثقافة تربط بينهم
الثقافة هي رابط يجمع الأوروبيين مع بعضهم البعض. هذا ما أجاب عليه أغلب من طرحت عليهم الأسئلة. مفردات مثل المجتمع وحرية السفر كانت واردة ضمن الإجابات أيضا. لكن أقرب مفردة إلى قلوب الأوروبيين هي الديمقراطية. فقد تصدرت مفردة "حكم الشعب" وجاء خلفها الموسيقى وطباعة الكتب.
صورة من: Marco Caselli Nirmal
نظرة الخارج إلى أوروبا
الأسئلة طرحت أيضا على غير الأوروبيين. فقد أجاب 294 مصريا على الأسئلة في صفحة معهد غوته. أغلبهم عبروا عن اهتمامهم بألمانيا بالذات. كما عبر 63 بالمائة ممن أجابوا عن رغبته بالعيش في ألمانيا. كما يعتقد أكثر من 81 بمالئة أن مستقبل أوروبا مرتبط بألمانيا.
صورة من: Reuters
برج إيفل
أجاب المصريون أيضا على أجمل المباني في أوروبا. 25 بالمائة من الإجابات جاءت لصالح برج أيفل. لكن الإجابات اعتمدت أساسا على الروح الوطنية للمجيبين. فاغلب اليونانيين اختاروا مبنى الأكروبولوس في أثينا. والايطاليون مبنى الكوليسيوم بروما. لكن الغريب كان اختيار الفرنسيين لبوابة غراندنبورغ في برلين كأجمل مبنى في أوروبا.
صورة من: Loic Venance/AFP/GettyImages
الحياة جميلة
الصعوبة جاءت حول سؤال عن أفضل فيلم أوروبي. ثمانية بالمائة أجابوا بأنه فيلم "الحياة جميلة"، وهو فيلم إيطالي يصوّر حياة أسرة يهودية خلال الحرب العالمية الثانية. وفي المرتبة الثانية جاء الفيلم الألماني "حياة الآخرين" والذي يحكي قصة التجسس على مواطني جمهورية ألمانيا الديمقراطية سابقا.
صورة من: picture-alliance/dpa
رسام الموناليزا
لكن الأوربيين اتفقوا حول أفضل رسام في قارتهم. إذ إن 25 بالمائة من الإجابات قالت إن ليوناردو دافنشي هو أفضل رسام أوروبي. دافنشي الذي كان رساما ونحاتا ومهندسا معماريا وعالم تشريح. أشهر لوحاته هي لوحة الموناليزا المعلقة بمتحف اللوفر بباريس.
صورة من: Getty Images
دون كيشوت.. آخر الفرسان
أكثر الشخصيات الروائية الأوروبية تأثيرا هي شخصية الفارس الإسباني دون كيشوت، التي كتبها الأديب الاسباني ميغيل دي ثيرفانتس. لكن هذه الشخصية لم تكن المفضلة عند الجميع: ففي منطقة البلقان كانت شخصيات قصص الأطفال هي المفضلة وخاصة شخصية بيبي لانغشترومبف (بيبي ذات الجراب الطويل) التي أبدعتها الكاتبة السويدية أستريد ليندغرين.
صورة من: Getty Images/Afp/Str
أهم الشخصيات السياسية
الغريب أن المركز الأول لهذا السؤال لم تحصل عليه أي شخصية تاريخية في أوروبا. بل صوّت 18 بالمائة من المشاركين إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل هي أبرز شخصية سياسية أوروبية. ثم جاء رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، و جاء ثالثا المستشار الألماني الأسبق فيلي براندت.
صورة من: AFP/Getty Images
الكلمة المطبوعة
كانت الطباعة هي أهم اكتشاف في أوروبا. أول ماكينة طابعة للكتب اخترعها يوهانيس غوتنبيرغ منتصف القرن الخامس عشر. في المرتبة الثانية جاءت الآلة البخارية البريطانية. أما اكتشاف السيارة في ألمانيا فقد جاء بالمرتبة الثالثة.
صورة من: Getty Images
أبرز الرياضيين
احتل لاعب التنس الصربي نوفاك دويكوفيتش المرتبة الأولى بنسبة 10 بالمائة، بعد أن صوت له 72 بالمائة من الصرب. المرتبة الثانية كانت لسائق فورمولا وان الألماني ميشائيل شوماخر. وثالثا جاء لاعب التنس السويسري روجيه فيدرير.
صورة من: Getty Images
سباغيتي، بيتزا، فينو
أما بالنسبة للطعام فقد اتفق 42 بالمائة من المشاركين بالإجابة على أن المطبخ الايطالي هو الأفضل. لكن مواطني بعض الدول الأوروبية اختاروا مطابخهم الوطنية. فالفرنسيون واليونانيون والبرتغاليون قالوا إن طعامهم هو الأفضل. رغم ذلك فإن المطبخ الفرنسي حاز على المرتبة الثانية أوروبيا.
صورة من: Fotolia
أوروبي حقيقي
ما أهمية أوروبا بالنسبة إلى الأوربيين أنفسهم، خاصة بعد ألازمة الاقتصادية لمنطقة اليورو؟. 43 بالمائة من الأوربيين يشعرون بأنهم أوربيون تماما. هذه النسبة وصلت إلى 74 بالمائة بالنسبة للفرنسيين، مثل غالبية الدنماركيين والبرتغاليين والهولنديين والمجريين. لكن تقريبا نصف الألمان يشعرون بأنهم أوروبيون حقيقيون.
صورة من: Fotolia/montebelli
هل نصف ألكاس خال أم ممتلئ
حول مستقبل أوروبا انقسم الأوربيون على أنفسهم. فالألمان والصرب والبلغار والليتوانيون متفائلون حول مستقبل قارتهم. الإجابة السلبية جاءت من سكان البلدان الأوروبية التي تعاني من مشاكل اقتصادية. فالأسبان جاءت إجابتهم" بسيئ" أو "ممكن". أما المجريون فقد كانوا أكثر سكان أوروبا تشاؤما.
صورة من: picture-alliance/ZB
شارك في النقاش حول أوروبا
قائمة الأسئلة هذه ليست رسمية. النقاش حول هذه النتيجة سيستمر على صفحة معهد غوته على الرابط التالي: https://www.goethe.de/ins/be/prj/eli/deindex.htm