يقف ترامب بين خيار الحفاظ على التحالف مع السعودية أو التسليم بما توصلت له "سي آي ايه" من تورط محمد بن سلمان في مقتل خاشقجي. ويتمسك الملك بولي عهده، غير أن مصادر تقول إن نقاشا يجري داخل الأسرة للحيلولة دون اعتلائه العرش.
إعلان
يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يوم الجمعة المقبل جولة خارجية تشمل الإمارات والبحرين ومصر قبل التوجه إلي الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين. وقال مصدر دبلوماسي خليجي في العاصمة السعودية الرياض اليوم الثلاثاء (20 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) وطلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) إن محادثات ولي العهد السعودي في الإمارات والبحرين ومصر "ستتناول تطورات الوضع في اليمن وسبل مواجهة الإرهاب وإيران ومسار عملية السلام في المنطقة إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض وعواصم تلك الدول".
خياران أمام ترامب بشأن ابن سلمان
وتعد جولة ولي العهد السعودي (33 عاماً) هي الأولى له منذ جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بقنصلية بلاده بإسطنبول الشهر الماضي. ووفقا لصحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، فإن وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تعتقد أن الأمير محمد بن سلمان هو مدبر تلك العملية، وهو ما يضع الرئيس الأميركي في مأزق.
فترامب منذ بداية القضية جاءت مواقفه متقلبة، فبعدما ندد في البداية بالجريمة واصفا إياها بأنها "إحدى أسوأ عمليات التستر في التاريخ"، شدد في اليوم التالي على أهمية التحالف مع الرياض وكرر أن الأمير محمد نفى شخصيا في حديث معه أن يكون أمر بتنفيذ العملية. وقد تعززت علاقته بالأمير الشاب بفضل جاريد كوشنر، صهر ترامب، الذي أقام علاقة شخصية وثيقة مع ابن سلمان. كما أن الرئيس صرح الأحد أنه سيتلقى إيجازا بشأن استنتاجات "سي آي ايه" بحلول الثلاثاء على الأرجح.
وقالت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط لدى "مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي" ميشيل دون إن "لدى ترامب خيارين فقط". وتابعت "بإمكانه الموافقة على تقييم الاستخبارات ومع ما يرغب الكونغرس القيام به، ما يعني الإشارة علنا أو بشكل خاص بأن الولايات المتحدة لن تتعاون بعد الآن مع الأمير محمد بن سلمان".
أما الخيار الثاني، فهو أن يواجه ترامب كل ذلك ويحاول حماية علاقة البيت الأبيض مع الأمير، الذي يدير شؤون المملكة بحكم الأمر الواقع.
"أمراء كبار يريدون تغيير ترتيب ولاية العهد"
والمخاطر كبيرة في الحالتين إذ أن قطيعة مع نجل الملك سلمان هي خطوة متشددة، لكنها لا تعني بالضرورة قطعا كاملا للعلاقات الثنائية، بحسب دون، التي أكدت أن "السعودية ليست محمد بن سلمان ومحمد بن سلمان ليس السعودية".
وذكرت وكالة "رويترز" للأنباء أن ثلاثة مصادر على صلة وثيقة بالديوان الملكي في السعودية قالت إن بعض أفراد أسرة آل سعود الحاكمة بدأوا نقاشا هدفه الحيلولة دون ارتقاء الأمير محمد بن سلمان عرش المملكة. وقالت المصادر إن عشرات الأمراء وأبناء العمومة من الفروع ذات النفوذ في أسرة آل سعود يريدون تغيير ترتيب ولاية العرش لكنهم لا يريدون التحرك في حياة الملك سلمان بن عبد العزيز (82 عاما). ويدرك هؤلاء أن من المستبعد أن ينقلب الملك على ابنه المفضل.
وقدّم العاهل السعودي مؤخراً الدعم لنجله، ففي خطابه السنوي أمام مجلس الشورى الإثنين، أكّد الملك سلمان أن نجله، وجهاز النيابة العامة، يحظيان بثقته. وهذا أول خطاب علني للملك سلمان منذ مقتل خاشقجي.
غير أن المصادر تقول لرويترز إنهم يتناقشون مع أفراد آخرين من الأسرة الحاكمة في إمكانية أن يتولى الأمير أحمد بن عبد العزيز (76 عاما) الشقيق الأصغر للملك سلمان وعم ولي العهد العرش بعد وفاة الملك. وقالت إحدى المصادر السعودية إن الأمير أحمد، شقيق الملك سلمان الوحيد الباقي من السديريين السبعة على قيد الحياة، سيحظى بتأييد أعضاء الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية.
وقد عاد الأمير أحمد إلى الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن قضى عامين ونصف العام في الخارج. وكان الأمير أحمد واحداً من الأفراد الثلاثة في هيئة البيعة، الذين عارضوا تعيين الأمير محمد وليا للعهد في 2017، وذلك حسب ما ذكره مصدران سعوديان في ذلك الوقت.
ولم يتسن الاتصال بالأمير أحمد أو من ينوب عنه للتعليق، ولم يرد المسؤولون في الرياض على الفور على طلبات من رويترز للتعليق على مسألة خلافة الملك.
ص.ش/ح.ز (د ب أ، أ ف ب، رويترز)
السعودية ـ أزمات دبلوماسية متلاحقة في عهد ولي العهد الطموح
تزداد حدة الأزمة الدبلوماسية بين السعودية وكندا بشكل غير مسبوق، غير أن هذه الأزمة ليست الأولى، إذ شهدت الرياض منذ تولي محمد بن سلمان منصب ولي العهد أزمات دبلوماسية مع دول بينها ألمانيا بسبب ملفات أبرزها ملف حقوق الإنسان.
صورة من: picture-alliance/dpa/SPA
الأزمة بين مونتريال والرياض
االأزمة بين السعودية وكندا هي أحدث الأزمات الدبلوماسية في عهد محمد بن سلمان والتي بدأت بسبب انتقادات وجهتها السفارة الكندية للمملكة بشأن حقوق الإنسان، وذلك على خلفية اعتقال نشطاء المجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة في السعودية، ومن بينهم الناشطة سمر بدوي. الأمر الذي اعتبرته السعودية تدخلاً في شؤونها الداخلية واتخذت قرارات تصعيدية تجاه كندا مست الطلاب السعوديين الدراسين هناك والمرضى والرحلات الجوية.
صورة من: picture alliance/AP/G. Robins/The Canadian Press
سحب السفير السعودي من برلين
في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2017، استدعت السعودية سفيرها في برلين، عندما انتقد وزير الخارجية آنذاك زيغمار غابريل السياسة الخارجية السعودية تجاه كل من لبنان واليمن. وبعدها قامت الرياض بسحب سفيرها من ألمانيا، ولم يتم إرجاعه لحد الآن، بالرغم من إبداء الحكومة الألمانية حينها رغبتها في عودة السفير السعودي إلى برلين، كما عبّرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية عن أملها في العمل على تحسين علاقات الجانبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
الأزمة مع قطر بتهمة دعم الإرهاب
بدأت الأزمة مع قطر قبل أكثر من عام عندما أطلقت فضائيات ومواقع إماراتية وسعودية هجوماً كاسحاً على الدوحة متهمة إياها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة ودعم جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها مصر والسعودية والإمارات والبحرين تنظيماً إرهابياً. على إثر ذلك قطعت الدول الأربعة علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/ يونيو 2017، وشنت حملة حصار عليها لاتزال مستمرة. من جهتها نفت قطر دعم أي تنظيم متطرف.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Faisal
الخلاف مع لبنان بسبب الحريري
الأزمة مع لبنان بدأت إثر اعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته المفاجئة من الرياض، وظهر التصعيد بعد إقرار الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بتعرض رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري للاحتجاز هناك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، ما أدى إلى نشوب توتر في العلاقات بين البلدين. من جهته نفى الحريري والرياض احتجازه في السعودية رغما عنه. وبعد تدخل دولي شارك فيه ماكرون غادر الحريري المملكة وعدل عن استقالته.
صورة من: picture-alliance/ MAXPPP/ Z. Kamil
بين طهران والرياض أكثر من خلاف
الأزمة السعودية مع إيران وصلت إلى أشدها بعد أن قام محتجون في طهران باقتحام مبنى السفارة السعودية احتجاجاً على قيام المملكة بإعدام الزعيم الشيعي البارز نمر باقر النمر . ويذكر أنه قد تم اضرام النار في أجزاء من مبنى السفارة وتدمير أجزاء أخرى في الهجوم عليها، وهو الأمر الذي أدى إلى القبض على خمسين شخصاً من جانب السلطات الإيرانية، ودفع السعودية مطلع عام 2016 إلى قطع علاقاتها مع إيران.
صورة من: Reuters/M. Ghasemi
تركيا والخلاف حول زعامة العالم الإسلامي
بالرغم من تاريخ العلاقات التركية السعودية التي تميزت في كثير من الأحيان بتعاون اقتصادي وتعاون عسكري، إلا أن تصريحات بن سلمان بشأن تركيا كشفت النقاب عن خلافات جوهرية بين البلدين. ومما جاء في هذه التصريحات أنه "يوجد ثالوث من الشر، يضم تركيا وإيران والجماعات الإرهابية". كما أوضح أن "تركيا تريد الخلافة وفرض نظامها على المنطقة، بينما تريد إيران تصدير الثورة ".
الخلاف مع مصر تسبب بعقوبة نفطية
قبل تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد، عرفت العلاقات السعودية المصرية توتراً منتصف أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وذلك عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن لصالح مشروع قرار روسي لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب. كما وقعت مصر والمملكة اتفاقية تؤول بموجبها ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين في البحر الأحمر إلى الرياض، تبعتها احتجاجات مصرية. وكان الرد السعودي وقف تزويد القاهرة بشحنات شهرية من منتجات بترولية.
صورة من: picture-alliance/AA/Egypt Presidency
السويد تتهم الرياض بأساليب القرون الوسطى
في آذار/ مارس 2015 استدعت الرياض سفيرها في ستوكهولم بسبب انتقادات وجهتها وزيرة الخارجية السويدية مارغوت فالستروم لسجل السعودية في مجال حقوق الإنسان، وخصت بالذكر منها القيود المفروضة على النساء ووصف حكم القضاء السعودي بجلد المدون السعودي المعارض رائف بدوي بأنه من "أساليب القرون الوسطى". إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/TT News Agency/Annika AF Klercker