هل جمع أفراد الأسرة لتناول الطعام سويا صار من الماضي؟
٢٢ مارس ٢٠٢٣
مع تقدم الأطفال في السن يصعب جمعهم على طاولة الطعام سويا، مما يجعل الكثير من الأسر تفتقد لهذه الأجواء العائلية. فما أهمية هذا الأمر وكيف يمكن الحفاظ عليه أم أنه صار شيئا من الماضي؟ خبيرة نفسية تقدم الإجابة.
إعلان
ربما تبدو صورة اجتماع أفراد الأسرة حول الطاولة في وقت واحد لتناول الطعام والحديث عما دار خلال يومهم، صورة من الماضي. وبصورة خاصة تشعر الأسر التي لديها أبناء كبار بهذا الأمر، إذا كان الأبناء يميلون إلى أخذ وجباتهم إلى مكان هادئ لاستكمال واجباتهم المدرسية أو حتى لا يحضرون للجلوس على الطاولة لتناول الطعام.
ولكن مهما كانت صعوبة الأمر، فإن جمع أفراد الأسرلتناول الطعام سويا أمر يستحق الجهد، وفقا لما قالته الطبيبة النفسية إليزابيث رافاوف، التي لديها بعض النصائح للآباء الذين يواجهون صعوبة لإقناع صغار السن بفكرتهم.
وحول سبب أهمية تناول الوجبات معا في جو عائلي، تقول إليزابيث إن أفراد الأسرة يجتمعون وينظرون في أعين بعضهم البعض، وتتاح لهم فرصة التقارب والتحدث حول أحوالهم، مضيفة أن هذه الوجبات أكثر من مجرد طعام، فهي تتعلق بالحب والاستمتاع. وأوضحت" في النهاية يقولون إن الطريق لقلب الشخص هو معدته".
وأشارت إليزابيث إلى أن الوجبات العائلية تتعلق أيضا بشعور المرء بالاهتمام به وقضاء الوقت سويا في حالة استرخاء، بدون الشعور بالضغط.
ولكن هل أصبح هذا الأمر من الماضي؟ تجيب إليزابيث" هذا أمر نسمعه من الكثير من الأسر لعدة أسباب مختلفة". وأضافت "أحد الأسباب هو أن الجميع مشغولون بالقيام بأنشطتهم، إذ يمكن أن يكون الشخص مشغولا بالتحدث عبر الهاتف أو أنه يضع هاتفه بجانب طبقه. على أي حال، بما أن أماكن العمل تطالب العاملين بأن يصبحوا أكثر مرونة، فإن هذا يعني أنهم متاحون في المنزل وعلى مدار الساعة.
ضيف الحلقة
05:54
الاتفاق على الاجتماع على الأقل مرة يوميا
وأوضحت أنه في بعض الأحيان يجب أن يتم العشاء سريعا، حيث أنه يمكن أن يكون لدى أحد أفراد العائلة موعدا، أو ربما يقوم الأطفال باصطحاب وجباتهم إلى غرفهم.
وأشارت إليزابيث أنه في هذا الوضع، يتعين على الأسر إعادة تقييم روتينها اليومي للتعرف على ما يمنعها من الاجتماع سويا مرة في اليوم وقضاء وقت جيد سويا. وبالتأكيد هناك جميع الأسباب الظاهرية التي تم ذكرها ، ولكن ربما تكون هناك أسباب خفية أيضا.
ولكن ما هي طبيعة هذه الأسباب على سبيل المثال، تقول إليزابيث "عند سؤال الناس عن هذا الأمر، تحصل في بعض الأحيان على إجابات مثيرة.
الأطفال في بعض الأحيان يقولون إن هناك الكثير من التذمر عندما يأكلون سويا، حول ما إذا كان الأمر يتعلق بمدى سخونة الطعام أو سبب عدم تناول أحدهم نوعا ما من الطعام. وهم يقولون " إنه أمر مزعج".
وأوضحت "بعض الأحيان يشعر الأطفال أن تناول الطعام معا يشبه الخضوع للاستجواب"، مضيفة "هناك هذه الأسئلة بشأن كيف كان يومك في المدرسة، أو ما إذا كنت حصلت على نتائج امتحان الرياضيات- إنك لا تحظى بفرصة لتناول الطعام في سلام".
ومن ناحية أخرى، بالنسبة للأبوين، يمكن أن يصبح الأمر مثيرا للغضب الشديد عندما يطهون الطعام ويبذلون جهدا، ولا يأتي أحد عندما يدعون الأبناء لتناول الطعام. وفي نفس الوقت يمكن أن يصابوا باليأس ولا يقومون بالطهي إطلاقا.
وحول ما إذا كان مازال من المجدي إعادة الاتفاق على تناول وجبة يوميا سويا، تقول إليزبيث" بالتأكيد". وقالت إن الأسر يجب أن تجتمع على الأقل مرة يوميا، في جو هادئ، حتى يكون لديهم أمر يتشاركونه ومساحة لتبادل أفكارهم، مضيفة أن مثل هذه اللحظات تعمل على استقرار الأسرة، حتى إذا اشتكى شخص ما في بادىء الأمر.
وأوضحت إليزابيث أنه في حال لم يتسن الاجتماع لتناول وجبة سويا يوميا، يجب محاولة التوصل لبدائل، ربما تناول عشاء أسري في ليال معينة، مع قضاء وقت سويا كأسرة خلال أنشطة أخرى. هذه أيضا مسألة يمكن مناقشتها بصورة جماعية.
هـ.د/ أ.ح (د ب أ)
عائلة الأديب توماس مان– مواهب استثنائية ومحن كبيرة
كان الأديب الألماني الكبير توماس مان وأولاده غريبي الأطوار وأغنياء ومن المواهب الأدبية الاستثنائية. ولا تزال سيرتهم حتى الآن موضوعا في كتب عديدة. وقد صدر مؤخرا كتاب حولهم بعنوان "آل مان. قصة عائلة".
صورة من: Monacensia, Literaturarchiv und Bibliothek, München
صورة لعائلة مان من عام 1924 في جزيرة "هيدنزيه" في بحر البلطيق. من اليسار لليمين الأم كاتيا مع الأطفال مونيكا، ميشائيل، إليزابيث، كلاوس وإريكان. كلهم يحيطون بوالدهم توماس مان، ولا يمكنهم أن يفلتوا منه، كما يقول المؤلف تيلمان لامه في كتابه الجديد "عائلة مان" (بالألمانية: Die Manns)، الذي يتناول السيرة الذاتية للعائلة بداية من عشرينيات القرن الماضي.
صورة من: ullstein bild
منذ صدور أول أعماله الكبرى رواية "بودنبروك. قصة انهيار عائلة" في عام 1901 أكتسب الأديب الألماني توماس مان شهرة عالمية. ورغم اجتهاد الأبناء بشكل كبير في الوقت اللاحق، إلا أنهم لم يتمكنوا من التحرر من والدهم الشهير، الذي يسمونه داخل الأسرة "الساحر"، بناء على روايته "الجبل السحري" من عام 1921.
صورة من: ullstein - AKG Pressebild
وكتب تيلمان لامه عن إريكا وكلاوس البنت والابن البكران لتوماس مان "أخ وأخت، يقومان بمهمة صعبة في العالم من خلال خفة دم وجرأة واسم الأب". جذبتهما برلين في عصر جمهورية فايمار وجذبهما أيضا الفن. إريكا كانت تعمل أساسا كممثلة، أما كلاوس فصنع لنفسه اسما كبيرا ككاتب. في الصورة من اليسار: غوستاف غروندغينس، وإريكا مان، وباميلا فيديكيند وكلاوس مان.
صورة من: ullstein bild
تزوجت إريكا مان من الممثل غوستاف غروندغينس، أما كلاوس مان فخطب باميلا فيديكيند، لكن في وقت لاحق تزوجت باميلا من كارل شتيرنهايم، والد دوروتيا، الصديقة المشتركة لباميلا وكلاوس. وفي الواقع كانت إريكا مغرمة بحب باميلا. وبالنسبة لذلك العصر، كان يجري داخل أسرة مان الحديث والكتابة بشكل منفتح جدا حول المثلية الجنسية.
صورة من: picture-alliance/dpa
على الأقل ينطبق هذا الكلام على كلاوس مان، الذي ناقش علنا الشذوذ الجنسي في روايته، ومثلها بوضوح في شكل سيرة ذاتية. أما شقيقه غولو، فيتعامل مع ذلك بشكل أكثر كتمانا. وقرر بعد فترة ألا يبقى كاتبا فقط وإنما أن يعمل مؤرخا أيضا. وصنع اسما كبيرا في هذا الشأن حتى الآن، لدرجة أنه حظي بالتقدير من جانب والده.
صورة من: picture alliance/Imagno/Votava
فرت العائلة إلى الولايات المتحدة هربا من النازيين. وهناك في المنفى تحولت إريكا مان إلى المتحدث السياسي وإلى حد ما مسؤول "العلاقات العامة للعائلة"، هذا ما تقوله على الأقل سيرة العائلة التي كتبها تيلمان لامه. وقد سعت إريكا لأجل أن ينظر إلى عائلة مان كأسرة نموذجية في الحرب على هتلر.
صورة من: Public Domain
في الواقع، فإن العائلة بأكملها وقفت مبكرا ضد هتلر قبل كل المفكرين تقريبا في ذلك الوقت. حتى هاينريش، شقيق توماس مان، الذي هو أيضا كاتب كبير وأحد الأصوات الرئيسية ضد هتلر، يكاد لا يرد ذكره في السيرة الذاتية التي كتبها لامه. فالمؤلف ركز عمدا على توماس مان مع زوجته وأولاده.
صورة من: AP
المنفى هو من دفع أفراد العائلة للالتحام مع بعضهم البعض. وكانوا أيضا يحتاجون إلى بعضهم ماليا ولا يمكنهم أن يتفرقوا. ويعتقد تيلمان لامه في كتابه أن حقيقة عدم قدرة عائلة مان على العيش في ألمانيا وعدم استقبالهم بترحاب حتى بعد عام 1945 تعني للعائلة "نقطة تحول، تمثل جزءً كبيراً من مصيبتهم."
صورة من: ullstein - Thomas-Mann-Archiv
ولم يبق للأبناء سوى ذكريات أوقات جميلة قضوها في برزخ قورش على بحر البلطيق، كما يبدو في هذه الصورة: حيث يظهر توماس مان في عام 1930 مع أولاده إليزابيث وميشائيل وولدان آخران أمام منزلهم الصيفي في "نيدن". وانتحر كلاوس مان في كان عام 1949. ثم مات الأب توماس مان عام 1955.
صورة من: ullstein bild
في 8 فبراير 2002 مات آخر فرع من أسرة توماس مان، ابنته الصغرى إليزابيث. إنها الوحيدة فقط من بين أولاده، التي تمكنت أن تعيش في غير جلباب أبيها، هذا ما يقال على الأقل في السيرة التي كتبها تيلمان لامه. ومن المفارقات، أن أحب أولاد توماس مان إلى قلبه فضلت أن تعيش حياتها الخاصة. وحتى قبل وفاتها بيوم واحد، كانت إليزابيث مان- بورغس تمارس التزلج في منحدرات سانت موريتز بسويسرا.