هل فشلت الجهود الإقليمية لحل أزمة اليمن سليماً؟
٢٠ مايو ٢٠١١يعوّل الكثيرون على المبادرة التي تقدمت بها دول مجلس التعاون الخليجي العربية في إنهاء الأزمة اليمنية، والخروج بالبلاد من الوضع الذي يعيشه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، كونها ـ أي المبادرة ـ تضمنت استقالة الرئيس صالح من منصبه خلال 30 يوماً من توقيعها، وهو ما كان من شأنه أن يقنع ملايين المحتجين الذين يتظاهرون منذ أكثر من ثلاثة أشهر مطالبين بتنحي الرئيس صال. وبدون تنحي الرئيس اليمني لا يرى المراقبون أي أمل لليمن في الخروج من أزمته الحالية في المستقبل القريب.
فشل لآخر الجهود الخارجية؟
ويتفق المحلل السياسي ومدير مركز الخليج للأبحاث في دبي مصطفى العاني، في حديث مع دويتشه فيله، مع هذا التحليل، مضيفاً أن "مبادرة مجلس التعاون كانت تعتبر آخر مبادرة خارجية لحل الأزمة في اليمن، وفشلها يعني انتهاء كافة الجهود الخارجية لحل الأزمة اليمنية ... هذا سيعقّد الوضع الأمني والسياسي بشكل عام في اليمن، بسبب غياب أي مبادرة داخلية لحل الموقف".
إلا أن أحمد الحميدي، الخبير في الشؤون اليمنية وعميد كلية الحقوق بجامعة تعز اليمنية، يرى بأنه تم المبالغة في فرص نجاح المبادرة الخليجية. وأشار الحميدي، في مقابلة خص بها دويتشه فيله، إلى أن هذه المبادرة فقدت جزءاً من مصداقيتها بسبب "خلاف قطري سعودي تم تسويته، إلا أنه ظل حاضراً وانعكس على الموقف القطري من المبادرة، ما أدى إلى انسحاب قطر منها. ومن ناحية أخرى أتصور بأن هذه المبادرة مرتبطة بجهات أخرى غير دول مجلس التعاون، لعلهم هم الأكثر تأثيراً، وأقصد هنا تحديداً الولايات المتحدة".
"اللقاء المشترك حول الثورة إلى أزمة"
لكن ما هي أسباب فشل الجهود الخليجية؟ المعارضة اليمنية ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك تبادلت الاتهامات مع الرئيس علي عبد الله صالح. فمن جانبه اتهمت هذه الأحزاب الرئيس صالح برفض التوقيع على المبادرة، مع أنها تستوفي جزءاً كبيراً من الشروط التي فرضها للتوقيع، بحسب أحد قادة اللقاء المشترك. من جهة أخرى أكد معارضون أن صالح فرض شروطاً وصفوها بـ"التعجيزية" من أجل التوقيع على المبادرة، وصرحوا لوكالة فرانس برس أن هذا يعني تصعيد المظاهرات السلمية واستمرارها لحين تنحي صالح.
من جهته اعترض النظام اليمني على مشاركة من أسماهم بـ"كيانات غير قانونية وغير معترف بها" إلى جانب أحزاب اللقاء المشترك في توقيع اتفاق المبادرة. هذا ويشار إلى أن المبادرة كانت بحاجة إلى عشرة توقيعات، حسب التعديل الأخير: خمسة من قيادات المعارضة وخمسة من قيادات السلطة إضافة توقيع الرئيس اليمني مرة بصفته رئيسا للحزب الحاكم؛ المؤتمر الشعبي العام، ومرة أخرى بصفته كرئيس للبلاد.
ويقول الدكتور أحمد الحميدي إن "السلطة (اليمنية) لا تستطيع الاستمرار هكذا، كما لا يمكن للمعارضة أن تفرض ما تريد، فالشارع اليمني أيضاً لا زال الرئيس يستطيع فيه حشد الجماهير، متمترساً خلف الكثير من المنجزات. بالتالي أتصور بأن المخرج يجب أن يكون مرضياً لجميع الأطراف". وحمل خبير الشؤون اليمنية أحزاب اللقاء المشترك مسؤولية الفشل في التوصل إلى اتفاق مع صالح، خصوصاً وأن دخولها "حَوِّل الثورة (الشعبية) إلى أزمة (سياسية)".
صالح يريد ترك السلطة بناء على توقيته
من جهته أشار مصطفى العاني إلى أن اللقاء المشترك كان في السابق جزءاً من السلطة، وأنها "لا تستطيع الوقوف بشكل موحد في وجه النظام، وليست معارضة تتمتع بالمصداقية بين أبناء الشعب اليمني. لهذا السبب بدأ النظام يشعر بأن الخصم ليس بالقوة المطلوبة، ولهذا لم يقدم أي تنازلات. التنازلات التي قدمت في مصر أو تونس لم تعط للمعارضة، والمعارضة لم تكن واضحة في دورها هناك. لهذا السبب تنازلت السلطة للشعب".
لكن ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لمستقبل التحركات الاحتجاجية في اليمن؟ وكيف سيتصرف النظام الحاكم في وجه تصعيد المظاهرات الشعبية؟ مدير مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني يؤكد بأن "صالح يريد ترك السلطة بناء على توقيته، وربما يكون في نهاية العام الجاري، وليس التنازل عن السلطة بعد 30 يوماً من توقيع الاتفاق. إضافة إلى ذلك فإنه يطالب بأن يقوم هو بالتنازل عن السلطة بشكل دستوري، أي أن يقوم بالاستقالة وتحويل السلطات لنائب رئيس الجمهورية، وأن تشرف السلطة بذاتها على الانتخابات المقبلة. قد نشاهد بوادر هذا الاتجاه في الأيام القادمة".
استمرار الأزمة في اليمن واستعصاؤها على الحل سيعقد من الوضع الأمني والسياسي في البلاد، وهو ما يثير قلق الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشكل خاص، لاسيما وأن اليمن يعتبر أحد معاقل تنظيم القاعدة، الذي قد تتخوف الدول الغربية من أن يستغل الظروف في اليمن لتوسيع دائرة نفوذه وتثبيت مكانته هناك.
ياسر أبو معيلق
مراجعة: عبده جميل المخلافي