ما الذي يدفع شابا ولد في النمسا لعائلة بوسنية "مندمجة بشكل جيد" في المجتمع، إلى التطرف بهذا الشكل؟ المعلومات المتوفرة عن إيمراه حتى الآن، تشير إلى أن الإنترنت لعب دورا في تغير حياة الفتى خلال العامين الماضيين.
إعلان
يسافر الشاب النمساوي البالغ من العمر 18 عاما، من زالتسبورغ حيث يقيم إلى ميونيخ، وفي فكره مخطط، يبدو أنه أعد له جيدا كما يشتبه المحققون. حيث قرر إيمراه، الفتى الذي ولد في النمسا لعائلة بوسنية، أن يستهدف القنصلية العامة لإسرائيل في ميونيخ، في يوم الخامس من سبتمبر/أيلول، وهو نفس تاريخ الهجوم على الفريق الأولمبي الإسرائيلي في المدينة عام 1972.
وقال رئيس وزراء ولاية بافاريا ماركوس زودر في مؤتمر صحفي: "لحسن الحظ أن الأمر سار بشكل جيد في النهاية." مؤكدا على "شبهة قوية" عن صلة بين الاعتداء وإحياء ذكرى الهجوم على البعثة الأولمبية الإسرائيلية. وأضاف زودر: "حماية المؤسسات اليهودية مهمة جدا بالنسبة لنا".
ونقلت صحف ألمانية عن دوائر التحقيق أنه اشترى السلاح الذي كان يحمله قبل يوم واحد من الهجوم. وهو عبارة عن بندقية قديمة تعود إلى الحرب العالمية الثانية، لكنها مازالت تعمل، وكلفته 300 يورو في السوق السوداء، وذلك لأن هناك حظر على اقتنائه السلاح حتى عام 2028. وتُظهر مقاطع فيديو صورها الجوار أن الفتى المشتبه بتنفيذه الهجوم بدوافع إسلاموية، قد استعمل السلاح وصوب به، ولكنه لم يصب أحدا، قبل أن تتبادل الشرطة إطلاق النار معه وتصبه، ليموت في عين المكان.
عائلة مندمجة وطبيعية
تنقل صحيفة "إكسبريس" النمساوية عن سكان البلدة، التي يقيم فيها إيمراه مع عائلته، وهي لا بتعدى عدد سكانها 6600 نسمة وتقع قرب زالستبورغ أقصى شمال غرب النمسا، أن العائلة تعيش بشكل طبيعي في البلدة الصغيرة: الأم لديها صالون حلاقة، وتعيش مع زوجها وولدها إيمراه وابنها الآخر الأصغر سنا. "عائلة لطيفة ومندمجة"، يقول بعض السكان. وتضيف سيدة، لقد انتقلوا حديثا إلى بيت جديد. تأتي الأم مبكرا إلى صالون تصفيف الشعر، يتبعها الأب بعد ذلك. وحتى إيمراه كان يساعدهما في الصالون أحيانا.
إعلان
ولكن ما لم يعرفه الكثيرون: أخذ الابن الأكبر للعائلة يجنح نحو التطرف يوما بعد يوم. وبعد أن اعتدى على زميل له في المدرسة عام 2023، صادرت الشرطة هاتفه الخلوي. ليعثر الضباط على بيانات ولعبة كمبيوتر ذات خلفية إسلاموية إرهابية. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام، هي لعبة تحاكي سيناريوهات القتل لميليشيا تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الإرهابية.
مقتل شاب نمساوي خلال محاولته ارتكاب اعتداء في ميونيخ
02:06
التطرف عن طريق الإنترنت؟
إيمراه كان يحب ألعاب الإنترنت ويركز على ألعاب الأسلحة والقتل العشوائي. ولم تصنفه السلطات على أنه "شديد الخطورة"، واكتفت بفرض حظر امتلاكه للسلاح حتى عام 2028.
وبقيت الأمور، لمدة عام، هادئة حول المراهق المولود في زالتسبورغ، ولم تسجل الشرطة أي نشاط غريب له. وتنقل صحيفة "ستاندارد" النمساوية عن أصدقاء له بأنه كان مرحا. وهناك "دهشة" عندهم لتعامله مع الإسلامويين. وتحقق الهيئة المركزية لمكافحة التطرف والإرهاب في ألمانيا الآن في سبب قدومه إلى ألمانيا لارتكاب فعلته.
يقول الباحث في شؤون التطرف نيكولاس شتوكهامر من جامعة الدانوب في كريمس النمساوية إنهم يلاحظون: "تزايد التطرف من خلال داعش". ويضيف الخبير أنه يوجد في النمسا نحو 50 إلى 70 إسلامويا "خطرا"، إضافة لمجموعة "موسعة تضم حوالي 300 إسلاموي"، كما تنقل عنه إذاعة "راديو3" النمساوية.
ويتحدث عن شتوكهامر عن ما وصفه "إرهابي مراهق تيكتوكي"، نسبة للتطبيق الصيني تيك توك. ويرى أن هناك "كثير من الناس يتطرفون من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم على ما يبدو مطلق النار في ميونيخ".
ويشير شتوكهامر إلى ظاهرة مقلقة وهي أنه "فجأة نشهد تطورا مثيرا للقلق في الجيل الثاني من المهاجرين من البلقان". ويظهر بشكل خاص عند الشباب الذين تعود جذورهم إلى مقدونيا الشمالية والبوسنة وكوسوفو وألبانيا". ومن بين هؤلاء المراهق الإسلاموي (19 عاما)، الذي خطط لمهاجمة حفل موسيقي للمغنية الأميريكية الشهيرة تايلور سويفت في فيينا، والذي له جذور في البلقان.
وذكر المكتب الإقليمي لحماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية بافاريا أن هيئة تحرير الشام ظهرت في عام 2017، وهي نتاج اندماج فرع سابق مرتبط بتنظيم القاعدة (جبهة النصرة) وعدد من الجماعات السورية المسلحة الأصغر. وعلى عكس تنظيم القاعدة، الذي يواصل التخطيط لهجمات في الغرب، تركز هيئة تحرير الشام على سوريا فقط وتسيطر بشكل فعلي على محافظة إدلب في شمال غرب البلاد، وتعلن أنها تريد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
ف.ي
أولمبياد 1972 .. ذكريات أليمة وسط ثورة في عالم التصميم
مثلت الألعاب الأولمبية في ميونيخ 1972 قفزة ثقافية وسياسية بالنسبة لألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. مضيفات بالأزرق والأبيض واحدة منهن أصبحت ملكة. لكن شبح الدم والإرهاب خيم على تلك الألوان الزاهية.
صورة من: imago/Frinke
مرحبا بكم في ميونيخ
بالأزرق الفاتح والأبيض، ألوان ولاية بافاريا، ألوان ملابس أكثر من 1000 مضيفة ومضيف خلال الألعاب الأولمبية الصيفية عام 1972 التي أقيمت في مدينة ميونيخ، حضروا من 17 دولة وتحدثوا 18 لغة.
صورة من: imago/Frinke
سيلفيا .. المضيفة .. الملكة
عينت مضيفات لمرافقة مسؤولين بارزين وتقديم المشورة والمعلومات داخل مدينة ميونيخ من قبل رئيس بلدية المدينة حينها. واحدة من المضيفات كان اسمها سيلفيا زومرلات، في هذه الصورة تقدم تذاكر الألعاب الأولمبية، خلال عملها التقت بزوج المستقبل، واليوم لقبها هو ملكة السويد.
صورة من: Keystone/Zuma/picture alliance
قصات شعر الأولمبياد
حتى تصفيفة الشعر كانت مدروسة بعناية. لفات خمس فوق الجبين تشير إلى الحلقات الأولمبية الخمس. لكن هذا التصميم لم يكن سهلا أبدا لبعض الفتيات.
صورة من: United Archives/picture alliance
ثورة البوليمرات!
أغلب ملابس السبعينيات كانت مصنوعة بالكامل من البلاستيك. هذه الملابس الرياضية تحتوي على 30 بالمائة من الصوف الجديد. والباقي: بولي أكريليك (بوليمرات). فريق التتابع النسائي الألماني 4 × 100 متر على منصة التتويج بعد فوزه بذهبية الأولمبياد.
صورة من: Sven Simon/picture alliance
الأناقة بعيدا عن الملاعب
ملابس الرياضيين خارج الملاعب الرياضية كانت مختلفة أيضا. بجانب ملابس المسيرة الرسمية داخل الملعب الأولمبي وملابس التدريب والمسابقات، كان هناك ما يسمى بملابس المدينة للنساء والرجال مع معطف صيفي خفيف يحمي في حال هبوب الرياح أو سقوط أمطار الصيف في بافاريا.
صورة من: Karl Schnoerrer/picture alliance
الحلزون الأولمبي
الحلزون الأولمبي من عمل المصمم أوتل آيخر، صممه بمساعدة الكمبيوتر، الذي ظهر حديثا حينها. منذ عام 1967 ، عمل مع فريقه على تصميم الألعاب الأولمبية العشرين. رؤيته مبنية على لغة بصرية عالمية من الألوان والأشكال والكتابة - لغة يفهمها الجميع.
صورة من: dpa/picture-alliance
علامات توضيحية
أراد أوتل آيخر بتصميماته صنع الاختلاف الواضح عن ألعاب عام 1936 التي استغلها النازيون. النتيجة جاءت على شكل مفهوم شامل جديد ملون، ارتبط بشكل وثيق بأولمبياد ميونيخ 72 إلى يومنا هذا. بقيت رسوماته التوضيحية كأشهر علامات تجارية لهذه الألعاب وتعتبر أيقونات للثقافة المعاصرة.
صورة من: Sven Simon/picture alliance
حدث رياضي .. وسياسي
لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية استضافت ألمانيا حدثا رياضيا كبيرا، أرادت ألمانيا تقديم نفسها على أنها دولة ديمقراطية وحديثة. لذا كانت الألعاب الأولمبية في ميونيخ أكثر من مجرد حدث رياضي. إذ كانت لها أبعاد سياسية وثقافية أوسع. جاء تصميم الملصقات للتعايش بين الفن والرياضة، مثل هذا الملصق يبلغ سعره اليوم 450 يورو.
صورة من: dpa/picture alliance
وكأنها من مجرة بعيدة..
جرى تكليف مكتب "غونتر بينش وشركاؤه" المعماري بتصميم القرية الأولمبية في مكان تحيط به الطبيعة. شعار التصميم كان هو الانفتاح والشفافية. تمكن المهندسون من تصميم القرية على شكل خيم شفافة، حتى أن هذا التصميم لم يفقد بريقه حتى اليوم.
صورة من: Eibner-Pressefoto/picture alliance
مساكن القرية الأولمبية
إيواء الرياضيين والصحفيين كان في القرية الاولمبية في مساكن صمتت خصيصا لذلك. قسمت المساكن بين الرجال والنساء واليوم تغطي الخضرة والأشجار القرية من كل مكان، وهي من أكثر المناطق السكنية المحببة في مدينة ميونيخ.
صورة من: Peter Kneffel/dpa/picture alliance
إرهابيون في القرية
كان يوم الخامس من سبتمبر/ أيلول 1972 يوما قاتما في تأريخ الأولمبياد، حيث داهم إرهابيون فلسطينيون مقر الفريق الإسرائيلي في القرية، قتلوا مباشرة شخصين وأخذوا تسعة آخرين رهائن، وبعد ذلك بساعات قُتل كل الرهائن وخمسة إرهابيين وشرطي.
صورة من: Horst Ossinger/dpa/picture alliance
أولمبياد ضد السياسة
رسم كاريكاتوري للفنان الألماني راينر هاخفيلد ضد عملية الاختطاف، يظهر قادة العالم على شكل نسور، وتحتهم شعار "دعوتنا إلى شباب العالم"، تحت الشعار حلقات الألعاب الأولمبية على شكل مشانق. ضمن السياسيين يظهر، رئيس وزراء بافاريا فرانتز جوزيف شتراوس، ورئيس الاتحاد السوفيتي ليونيد برجينيف، والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون والسياسي الإسرائيلي موشيه دايان. إعداد: سيلكه فونش/ ع.خ