أحيانا يقول القلب "الإنجاب في الصغر أفضل" ثم يرد العقل "من الأفضل تأخير الخطوة لحين تحقيق الأمان الوظيفي والمالي". الخلاف بين العقل والقلب في هذه المسألة يحير كل من يحاول معرفة الوقت المناسب لإنجاب الأطفال.
إعلان
تدفع الحياة الحديثة الكثير من النساء تحديدا في المجتمعات الغربية لتأجيل الإنجاب الذي قد يؤثر على تقدمهن الوظيفي على العكس من الماضي الذي كانت فيه الأولوية غالبا للإنجاب. ويظهر هذا الأمر بوضوح في بلد مثل ألمانيا على سبيل المثال، من خلال بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي والتي تشير إلى أن متوسط عمر المرأة عند إنجاب طفلها الأول كان 25 عاما عام 1961، لكنه ارتفع إلى 29 عاما سنة 2006. كما أن أكثر من 40 بالمائة من النساء الحاصلات على تعليم أكاديمي لا ينجبن مطلقا.
أمهات العالم أو عالم الأمهات!
تختلف أوضاع الأمهات في العالم بحسب المجتمع الذي يعشن فيه. هذا ما ورد في تقرير حالة الأمهات في العالم لسنة 2014 الصادر عن منظمة "أنقذوا الأطفال" البريطانية. خلال هذه الجولة المصورة، نتابع أهم ما جاء في هذا التقرير.
صورة من: S.Kobold/Fotolia
فلندا: نموذج رائد!
منذ سنوات، ومنظمة "أنقذوا الأطفال" (Save the Children) البريطانية تصنف في تقريرها السنوي حول وضع الأمهات في العالم فنلندا في المركز الأول. وترى المنظمة غير الحكومية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الطفل حول العالم أن النظام الصحي في فنلندا مثالي بالنسبة للأمهات وأطفالهن. كما اعتبرت أن مستوى تعليم الأمهات ودخلهن الشهري، بالإضافة إلى وضعهن الاجتماعي في هذا البلد الاسكندينافي نموذجي أيضاً.
صورة من: Save the Children
ألمانيا: معدل ولادة ضعيف
ألمانيا هي الأخرى تقدم الكثير من الخدمات للأمهات وأطفالهن. وتُصنف ألمانيا منذ سنوات في قائمة العشر دول الأولى التي تقدم رعاية أفضل للأمهات قبل الولادة وبعدها. خلال تقرير هذا العام لمنظمة "أنقذوا الأطفال"، احتلت ألمانيا المركز الثامن. ومع ذلك، يبقى معدل الولادة في ألمانيا هو الأضعف بين جميع دول الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa
الصين: تخفيف قيود سياسة الطفل الواحد
بعد 30 عاما من سياسة الطفل الواحد في الصين، ارتأت الحكومة الصينية أن تخفف القيود التي فرض على الأزواج إنجاب طفل واحد فقط. فقد أصبح بإمكانهم إنجاب طفل ثان إذا كان أحد الزوجين هو الطفل الوحيد لوالديه. وبسبب سياسة الطفل الواحد الصارمة في الصين، كان غالبا ما يقوم بعض الأزواج باللجوء إلى الإجهاض إذا كان الجنين أنثى، لأن المجتمع الصيني، كما هو الشأن بالنسبة لمجتمعات أخرى، يفضل الذكور على الإناث.
صورة من: STR/AFP/Getty Images
انخفاض معدل وفيات الأمهات
أعلنت منظمة الصحة العالمية أن معدل وفيات الأمهات عند الولادة قد انخفض منذ عام 1990 بنسبة 45 في المائة. لكن ربع الأمهات اللواتي يفارقن الحياة عند الولادة يكون سبب وفاتهن ما يعرف بـ "أمراض الحضارة" مثل داء السكري أو البدانة، وهي أمراض تزيد من خطر وفاة الأم أو الجنين.
صورة من: picture alliance/AP Photo
الوضع أكثر خطورة في إفريقيا
تسجل أعلى نسبة وفيات الأمهات في دول إفريقيا وجنوب الصحراء. حسب الإحصاءات: أن تكون امرأة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، يعتبر أكثر خطورة من أن تكون مقاتلا حاملا للسلاح. وتعاني النساء في هذه الدولة الإفريقية من آفات الاغتصاب والاختطاف وخطر الإصابة بفيروس نقص المناعة.
صورة من: Getty Images
عندما ينجب الأطفال أطفالاً!
الحمل في سن المراهقة يزيد من خطر التعرض لوفيات الأمومة. أكثر من نصف النساء في نيجيريا ينجبن أول أطفالهن قبل إتمامهن لسن الثامنة عشرة. وفي الهند يتم تزويج النساء في سن مبكرة. ومقارنة مع باقي الدول الصناعية، يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر نسبة للأمهات القاصرات، بينما تحتل بريطانيا المركز الأول أوروبيا فيما يخص أكبر نسبة لهؤلاء.
صورة من: Zainab Shuaibu Rabo
الأمهات وخطر الكوارث الطبيعية
مباشرة بعد الإعصار"هيان" المدمر الذي ضرب الفلبين، وضعت إحدى النساء جنينها في إحدى المستشفيات الميدانية. وحسب منظمة "أنقذوا الأطفال"، فإن خطر الموت بسبب الكوارث الطبيعية يكون أكبر لدى النساء بحوالي 14 مرة مقارنة مع الرجال.
صورة من: Reuters
قابلات ضد وفيات الأمهات
في البلدان التي تعاني من ضعف نظامها الصحي أو في تلك التي ينعدم فيها هذا النظام يكون الحمل أو الولادة من بين أكثر الأسباب التي تؤدي إلى وفيات النساء في سن الإنجاب. وكانت أفغانستان لسنوات عديدة بين العشر دول التي تعرف أعلى نسبة وفيات للأمهات. وقد تحسن الوضع حاليا بعض الشيء بسبب تدريب القابلات وتعليم الفتيات إلى جانب انتشار حملات التلقيح واسعة النطاق.
صورة من: AFP/Getty Images
تخفيض نسبة وفيات الأمهات
تمكنت 11 دولة نامية من تحقيق هدف الألفية المتمثل في تخفيض نسبة وفيات الأمهات إلى ثلاثة أرباع ما كانت عليه سابقاً. ومن بين هذه الدول: إثيوبيا، بوتان، كمبوديا ونيبال. ومع ذلك فإن خطر تعرض أم في سن الخامسة عشرة للوفاة خلال أو بعد الولادة يبقى أكبر بحوالي مائة مرة عند نظيرتها في أوروبا.
صورة من: picture-alliance/dpa
فرص أفضل للأمهات والأطفال
حتى لا يكون للحمل والولادة مخاطر على حياة النساء في سن الإنجاب، تطالب منظمة الصحة العالمية ومنظمة "أنقذوا الأطفال" بتوفير رعاية طبية وحماية اجتماعية شاملة وفرص تعليم جيدة، بالإضافة إلى توعية نوعية لكل نساء العالم. وتهدف المنظمتان من خلال ذلك إلى توفير فرص أفضل للأمهات وأطفالهن على حد سواء.
صورة من: DW/K. Keppner
10 صورة1 | 10
ولبحث هذا التغيير في تفكير المجتمع، كلف البرلمان الألماني فريقا بحثيا بإعداد تقرير عن وضع الأسرة في ألمانيا. وتلخص هيلغا كروغر، أستاذة العلوم الاجتماعية بجامعة بريمن والمشاركة في الإشراف على الدراسة، الفكرة بقولها: "الأمان الوظيفي ووجود المال الكافي صارت من الشروط المهمة للإنجاب بالطبع إلى جانب وجود شريك الحياة المناسب".
وتضيف كروغر في تصريحات نشرها موقع Familie.de الألماني: "مشكلتنا الأساسية في ألمانيا هي طول مدة التدريب المهني التي تعد الأطول من نوعها على مستوى أوروبا مما يعني تأخر دخول سوق العمل" مشيرة إلى أن إمكانيات رعاية الأطفال بالنسبة للأمهات العاملات، غير مرضية لاسيما في غرب ألمانيا وهو أمر يجعل الأمهات يشعرن بأن الدولة لا تقدم الدعم الكافي للمساعدة في تكوين أسرة. وبشكل عام خلص الباحثون إلى عدم صحة مقولة "الوقت المناسب للإنجاب" إذ لا يوجد توقيت مناسب يمكن أن ينطبق على كافة الحالات فالأمر في النهاية يحتاج لشجاعة في اتخاذ القرار.