هل هي صدفة؟ زيادة صخمة في حرائق مصانع تدوير البلاستيك بتركيا
٢٨ مايو ٢٠٢٢
دخان أسود وأبخرة سامة نتيجة لحرائق البلاستيك المتكررة في تركيا. ونشطاء البيئة قلقون بسبب هذه الممارسات التي تتسبب بتلوث كبيرة في المناطق المعنية إلى جانب التسبب بانتشار أمراض خطيرة. فما الأسباب؟ ومن يقف وراء ذلك؟
إعلان
يرتفع عدد الحرائق في مصانع إعادة تدوير البلاستيك في تركيا بشكل كبير، ويعتقد خبراء وناشطون أنها مقصودة بسبب رغبة بعض رواد الأعمال في التخلص من النفايات غير المرغوب فيها والتي يتم استيرادها أحيانا من أوروبا.
في كارتيبي، وهي مدينة صناعية في شمال غرب البلاد، أغلقت السلطات أحد هذه المواقع في ديسمبر/ كانون الأول بعد اندلاع ثلاثة حرائق فيه في أقل من شهر. واستمر أحدها أكثر من خمسين ساعة، ما سمح للبلاستيك المخزن هناك بإطلاق دخانه الأسود السام فوق هذه المنطقة المحاصرة بين بحر مرمرة والجبال.
بيهان كوركماز، الناشطة البيئية من المدينة تشعر بالقلق بشأن إطلاق "الديوكسينات" (مواد كيمائية خطرة) المنبعثة من عشرات الحرائق المماثلة التي اندلعت في أقل من عامين ضمن دائرة يبلغ قطرها خمسة كيلومترات. وقالت كوركماز: "لا نريد أن تكون بحيراتنا وينابيعنا ملوثة". وتساءلت "هل يتعين علينا أن نضع كمامات؟".
العام الماضي، اندلعت حرائق داخل مراكز لإعادة معالجة النفايات البلاستيكية في تركيا كل ثلاثة أيام، فقد ارتفع عددها من 33 حريقا عام 2019 إلى 65 حريقا عام 2020 ثم إلى 121 عام 2021، وفقا لإحصاء سادات غوند أوغلو، وهو باحث في التلوث البلاستيكي في جامعة كوكوروفا في أضنة (بجنوب تركيا).
تركيا المستورد الأول لنفايات البلاستيك الأوروبية
خلال الفترة نفسها، بعدما حظرت الصين استيرادها مطلع العام 2018، أصبحت تركيا المستورد الأول لنفايات البلاستيك الأوروبية، متقدمة على ماليزيا.
وصل حوالى 520 ألف طن من نفايات البلاستيك إلى البلاد عام 2021، بالإضافة إلى ما بين أربعة وستة ملايين طن ينتجها 84 مليون تركي سنويا، وفقا للبيانات التي جمعها الفرع التركي لمنظمة "غرينبيس" غير الحكومية. وينتهي المطاف بالعديد من هذه النفايات في جنوب البلاد في محافظة أضنة حيث أغلقت شركات تعمل بشكل غير قانوني خلال السنوات الأخيرة.
وتصل حاويات أخرى من النفايات عبر ميناءي إزمير (غرب) وإزميت (شمال غرب) قرب كارتيبي.
وأوضح باريس كالي أستاذ الهندسة البيئية في جامعة مرمرة (إسطنبول) "المشكلة ليست في استيراد البلاستيك من أوروبا بل في استيراد مواد بلاستيكية غير قابلة لإعادة التدوير... أشعر بأن معظم هذه الحرائق ليست من قبيل الصدفة".
وأشار إلى أن 20 إلى 30 في المائة فقط من النفايات البلاستيكية المستوردة قابلة لإعادة التدوير و"يجب إرسال المخلفات إلى محارق، لكنّ ذلك مكلف، ولهذا السبب تحاول بعض الشركات إيجاد طرق سهلة للتخلص منها".
قال غوند أوغلو إنه من الغريب أن "تندلع معظم هذه الحرائق في الليل" وفي الأقسام الخارجية لمراكز إعادة معالجة النفايات، بعيدا عن الآلات.
في تقرير نُشر في آب/أغسطس 2020، أعربت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) عن قلقها إزاء "زيادة الحرائق في مكبات النفايات والنفايات غير القانونية في أوروبا وآسيا"، مستشهدة خصوصا بتركيا.
ومنذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021، يجري العمل بقانون ينص على سحب الإذن بالعمل من أي شركة في القطاع تثبت إدانتها بالحرق العمد. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عن عدد الشركات الخاضعة للعقوبات، لم تعلّق وزارة البيئة ونائب رئيس فرع النفايات وإعادة التدوير في اتحاد غرف التجارة التركية (توب).
وقال باريس كالي "ليس لدى الوزارة فرق كافية للتحقيق عن كثب أو ربما لا ترغب في ذلك" معتبرا أن "تم تعزيز لوبي البلاستيك" خلال السنوات الأخيرة في تركيا.
وبحسب جمعية إعادة التدوير التركية (ييكادار)، يدر قطاع النفايات البلاستيك مليار دولار سنويا ويعمل فيه حوالى 350 ألف شخص في 1300 شركة. أشعة الشمس؟
في مكتبها المطل على مستودع متداع في كارتيبي حيث تفرز المواد البلاستيكية قبل إعادة تدويرها أو حرقها بشكل قانوني، ترفض أيلين سيتاكلي اتهامات الحرق العمد.
وقالت المديرة البيئية في مركز الفرز "لا أعتقد ذلك. هذه مواد قابلة للاشتعال بسهولة، أي شيء يمكن أن يشعل حريقا، يكفي شعاع من أشعة الشمس".
وفي مواجهة الاحتجاج الناجم عن نشر صور نفايات مصدرة من أوروبا، ملقاة في حفر وأنهار، أعلنت تركيا في أيار/مايو 2021 حظر استيراد النفايات البلاستيك، لكنها رفعته بعد أسبوع من دخوله حيز التنفيذ.
في كارتيبي، تشعر بيهان كوركماز بالقلق إزاء تراجع السلطات عن الحظر وحول مستقبل منطقتها، حيث ولدت وتعيش منذ 41 عاما. وتذكر هذه الناشطة مثال ديلوفاسي، وهي مدينة تقع على مسافة 40 كيلومترا من كارتيبي وتضم العديد من المصانع الكيميائية والمعدنية وحيث وجد العلماء معدلات إصابة بالسرطان مرتفعة بشكل غير طبيعي بين سكانها. وقالت بيهان "لا نريد أن ينتهي بنا المطاف مثلهم".
ر.ض (أ ف ب)
الكوكب يحترق.. والسبب التغير المناخي!
تنتشر موجات الحر في مختلف أنحاء العالم مسببة حرائق غابات غير مسبوقة منذ سنوات طويلة. هنا لمحة في صور عن الحرائق الأكثر تدميراً والدول الأكثر تأثراً.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
الجزائر: أسوأ حرائق في تاريخ البلاد!
أودت حرائق الغابات التي تجتاح بعض المناطق في شمال الجزائر، وخصوصاً منطقة القبائل الجبلية، بحياة ما لا يقل عن 65 شخصاً، مع استمرار أسوأ موجة من الحرائق المدمرة في تاريخ البلاد. ونشرت الحكومة قوات الجيش للمساعدة في مكافحة الحرائق. وقالت الحكومة إن الحرائق أودت بحياة 25 جندياً كانوا يشاركون في مكافحة الحرائق، وأصيب 12 غيرهم بحروق خطيرة.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
حداد عام!
أكثر المناطق تضرراً هي "تيزي أوزو" أكبر مراكز المنطقة الجبلية، حيث احترقت بيوت وفر السكان طلباً للملاذ في فنادق وبيوت الشباب والمساكن الجامعية في المدن القريبة. وقالت الحكومة الجزائرية إنها ستعوض المنكوبين عن خسائرهم. وأعلن الرئيس عبد المجيد تبون الحداد العام ثلاثة أيام على قتلى الحرائق وجمد أنشطة الدولة التي لا صلة لها بالحرائق.
صورة من: Abdelaziz Boumzar/REUTERS
الحرائق في أوروبا
انتشرت حرائق الغابات في مساحات كبيرة في الجزائر وتركيا واليونان ودول أخرى في الأسبوع الأخير وقالت هيئة مراقبة الأحوال الجوية التابعة للاتحاد الأوروبي إن منطقة البحر المتوسط أصبحت من مراكز حرائق الغابات بفعل ارتفاع حرارة الطقس.
تركيا: أسوأ حرائق منذ عقد!
منذ نهاية تموز/ يوليو، شهدت تركيا اندلاع أكثر من 200 حريق، طالت نحو نصف ولايات البلاد الـ81، إلا أن الحرائق تسببت في أضرار جسيمة بشكل خاص في ولايتي أنطاليا وموغلا الساحليتين. في هذه الصورة يحاول رجال الإطفاء منع حريق، نشب بالقرب من قرية "تشوكرتمه" السياحية، من الوصول إلى المباني. دمرت الحرائق في تركيا أكثر من 150 ألف هكتار، بما فيها قرى بأكملها، وأدت إلى مقتل 8 أشخاص على الأقل.
صورة من: KENAN GURBUZ/REUTERS
اليونان: أسوأ موجة حر في 30 عاماً
اندلع أكثر من 500 حريق في أنحاء اليونان الأسبوع الماضي خلال أسوأ موجة حر تتعرض لها البلاد في 30 عاماً، ما
أدى لإخلاء عشرات القرى وإجلاء آلاف السكان، بينما تستمر فرق الإطفاء المنهكة في مكافحة الحرائق المندلعة في شتى أنحاء البلاد.
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
اليونان: النيران التهمت كل شيء
تم إجلاء هؤلاء الأشخاص من ميناء "بيفكي" في جزيرة إيفيا اليونانية بسبب الحرائق الهائلة في الجزيرة، وهم يدركون أنهم لن يجدوا منازلهم وممتلكاتهم عندما يعودون. ومنذ اندلاع الحرائق في غابات الجزيرة بداية الأسبوع الماضي، يتم تنفيذ مهام جوية ضخمة لإطفاء الحرائق التي اشتغلت في مناطق واسعة من اليونان. ويتحدث شهود عيان عن "مشاهد مروعة".
صورة من: ALEXANDROS AVRAMIDIS/REUTERS
روسيا تختنق!
تشتعل الحرائق في العديد من المناطق في روسيا منذ أسابيع، مع تضرر المنطقة المحيطة بـ"ياكوتيا" في أقصى الشمال الشرقي بشكل خاص. أحصت السلطات أكثر من 250 حريقاً في جميع أنحاء روسيا، تغطي مساحة إجمالية تزيد عن 3,5 مليون هكتار.
صورة من: ROMAN KUTUKOV/REUTERS
هذا ليس ضباب الصباح!
الأضرار لا تقتصر على المناطق المشتعلة فحسب، بل تسبب الحرائق أضراراً صحية لسكان المناطق المجاورة، إذ يصل الدخان الكثيف إلى المناطق المأهولة بالسكان، كما يظهر في مدينة كراسنويارسك السيبيرية في الصورة. وهذا ما يزيد من معاناة الأشخاص، خصوصاً كبار السن والأطفال، حيث يكاد يكون من المستحيل التنفس في الخارج.
صورة من: REUTERS
جهود يائسة!
عند اشتعال الحرائق، لا يفر الجميع، فهناك أشخاص يريدون دعم رجال الإطفاء، قد يكون ذلك عبر جهود يائسة، كما هو الحال مع هذا الرجل الذي يحاول إخماد النار بغصن شجرة! لكن هذه التصرفات الفردية تسبب مشاكل كبيرة للسلطات، إذ أن الكثيرين يعرضون أنفسهم للخطر عن حسن نية!
صورة من: NICOLAS ECONOMOU/REUTERS
الولايات المتحدة: حريق ديكسي!
يشتعل حالياً أكثر 5700 حريق في الساحل الغربي لولاية كاليفورنيا الأمريكية، رغم أن "موسم حرائق الغابات" المعتاد لم يبدأ بعد. ويعد حريق "ديكسي"، الذي دمر مدينة غرينفيل بالكامل، ثاني أكبر حريق في تاريخ الولاية. في الصورة، يراقب أحد أفراد فريق الإطفاء حريقاً في غابة بالقرب من بلدة ويستوود.
صورة من: FRED GREAVES/REUTERS
زوابع غريبة!
الحرائق في الساحل الغربي لكاليفورنيا تخلق طقسها الخاص، مسببة زوابع من الرماد والجمر، مثل هذه الزوابع التي تضرب تلال سانتا باربرا، تزيد من تعقيد الأمور. وبسبب الحرائق التي أصبحت أكثر تدميراً مما كانت عليه في السنوات الماضية، لجأت سلطات الولاية إلى واشنطن طلباً للمساعدة.
صورة من: David McNew/REUTERS
أمريكا اللاتينية: حرائق هائلة بسبب نزع الأشجار!
يأتي ذلك بالتزامن مع انتشار حرائق الغابات في حوالي 150 ألف هكتار في مقاطعة سانت كروس في بوليفيا قرب الحدود مع البرازيل. ويعود السبب في الجزء الأكبر من هذه الحرائق الى نزع أشجار الغابات في بوليفيا التي تبلغ مساحتها أكثر من مليون كيلومتر مربع وعدد سكانها 12 مليوناً.
صورة من: Gaston Brito/dpa/picture alliance
دور التغير المناخي
يقول العلماء إن ظاهرة التغير المناخي أدت بشكل حتمي إلى زيادة مخاطر اندلاع حرائق الغابات، حتى في بعض المناطق غير المعرضة للحرائق عادة، خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق. فقد كان شهر يوليو/ تموز الماضي ثاني الأشهر الأعلى حرارة في أوروبا على الإطلاق! ويحذر العلماء من أن حرائق الغابات بدورها ستدمر مساحات كبيرة من الغطاء الأخضر وذلك سيؤدي إلى نتائج أكثر تدميراً على المناخ! م.ع.ح