أثارت حملات القمع المتصاعدة في تونس ضد المعارضين، انتقادات ودعوات للعودة إلى القيم الديمقراطية. ورغم ذلك، لا تزال الدول الأوروبية حذرة حيال الانخراط في الأزمة السياسية، خوفا من تداعيات ذلك على التصدي للهجرة غير الشرعية.
إعلان
بات الهاجس الأكبر الذي كان يخشاه معارضو الرئيس التونسي قيس سعيد منذ شهور عديدة، حقيقة ماثلة أمامهم بعد اعتقال ما لا يقل عن عشرة سياسيين ونشطاء ومعارضين جرى وصفهم "باعتبارهم خونة ومجرمين".
ومن بين الشخصيات التي جرى اعتقالها عصام الشابي، رئيس الحزب الجمهوري المعارض، والوجه المعارض البارز سعيد عزالدين الحزقي وعضوين بارزين في جبهة الخلاص الوطني المعارضة هما جوهر بن مبارك وشيماء عيسى.
وشهد الأسبوع الماضي، قيام السلطات التونسية بحملات تضييق ومضايقات طالت مهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، بزعم أن الهجرة غير النظامية وغير الموثقة من البلدان الأفريقية تغيير للتكوين الديموغرافي لتونس. فيما تم اعتقال عشرات المهاجرين في خطوة أثارت انتقادات حادة من منظمات حقوقية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث طلبت سلطات البلاد من الأمينة العامة لاتحاد النقابات الأوروبية إستر لينش، مغادرة البلاد فورا بأمر من الرئيس قيس سعيد بعد مشاركتها في مظاهرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وألقت خلالها كلمة انتقدت فيها السلطات. كما طالبت بالإفراج عن أنيس الكعبي، الكاتب العام للنقابة الخصوصية للطرقات السيارة، والذي جرى توقيفه مطلع فبراير/ شباط إثر تنفيذ نقابته إضرابا على الطرق السريعة.
وحضرت إستر لينش مظاهرة شارك فيها آلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل، تم تنظيمها في مدينة صفاقس وسط البلاد حيث أكدت في خطاب أمام المتظاهرين "نقول للحكومات، ارفعوا أيديكم عن نقاباتنا العمالية، حرروا قادتنا.. أتيت إلى هنا لإيصال صوت تضامن 45 مليون نقابي ونقابية من أوروبا. من الخطأ الفادح أن تتم مهاجمة النقابات".
وفي ردها، قالت الرئاسة التونسية في بيان "بأمر من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، دعت السلطات التونسية المختصة المدعوة إيستر لينش التي شاركت اليوم بمدينة صفاقس في مسيرة نظمها الاتحاد العام التونسي للشغل وأدلت بتصريحات فيها تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، إلى مغادرة تونس وذلك في أجل لا يتجاوز 24 ساعة من تاريخ إعلامها بأنها شخص غير مرغوب فيه".
تضييق الهامش الديمقراطي
وفي مقابلة مع DWقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سامي الطاهري، إن طرد إستر لينش "يعكس تقلص مساحة الديمقراطية في تونس. سوف تتأثر مصالح تونس الخارجية وعلاقاتها بالدول الأخرى، لأن هذه الدول تتطلب وجود حد أدنى من المعايير الديمقراطية في علاقاتها مع تونس".
بيد أنه في المقابل، لا يتوقع إبراهيم بودربالة، النائب في البرلمان التونسي وأحد أنصار قيس سعيد، أن تثير الخطوة أي رد فعل دولي قوي، مضيفا في مقابلة مع DW أن العلاقات مع الدول الأخرى "تقوم على أساس احترام مبدأ السيادة، وتونس لا تتدخل في الشؤون القضائية للدول الأخرى".
وتعصف بتونس أزمة سياسية طاحنة منذ قيام سعيد بتجميد البرلمان وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي ومنح نفسه صلاحيات وفق قانون الطوارئ في يوليو/ تموز عام 2021 وحل المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل السلطة القضائية المستقلة في البلاد.
وفي منتصف العام الماضي، جرى استفتاء على دستور جديد تمنح الرئيس صلاحيات واسعة، تمت الموافقة عليه رغم المشاركة الضعيفة في الاستفتاء ومقاطعة العديد من الأحزاب.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قام قيس سعيد بتغيير قانون الانتخابات، وأجريت الانتخابات التشريعية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي في ظل القواعد الانتخابية الجديدة، لكن نسبة الإقبال كانت ضعيفة جدا حوالي 11 بالمائة.
بدورها، تقول هايكه لوشمان، مديرة مكتب تونس في مؤسسة "هاينريش بول" الألمانية، إنه يتعين على أوروبا "أن تنهي توقعاتها الخاصة وطريقة تفكيرها حيال تونس باعتبارها ايقونة الربيع العربي".
وفي ذلك، يقول أنتوني دوركين، زميل بارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الرئيس التونسي أصبح "شخصية معزولة بشكل نسبي داخل البلاد، حيث بات يفتقر إلى وجود قاعدة مؤسسية أو حزبية تدعمه. فيما يقتصر الدعم الذي يحصل عليه على قوات الأمن." ويضيف بأنه لا يرى أن الوضع الحالي في البلاد سوف يُفضي إلى "تسوية سياسية جديدة مستقرة وطويلة الأمد".
لكن افتقاد الدعم الشعبي لا يزال يمثل أزمة لخصوم قيس سعيد السياسيين، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله على حملات القمع الأخيرة. كما أن المعارضة التونسية لا تزال منقسمة.
وفي مقابلة مع DW، قال دوركين "جرى نزع الشرعية عن الطبقة السياسية بأكملها في تونس، ولحد ما، يعود سبب ذلك إلى فشلهم في التعامل مع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد".
يشار إلى أن الاقتصاد التونسي يعاني من وضع صعب حتى قبل وصول سعيد إلى سدة الحكم، بينما تفاقمت الأزمة الاقتصادية جراء وباء كورونا، ولترتفع أسعار الوقود والسلع الغذائية على وقع الحرب في أوكرانيا، ويقترب معدل التضخم من نسبة 10 بالمائة في معدل قياسي.
ومع ذلك، لم تحصل تونس حتى الآن على حزمة الإنقاذ المالية من صندوق النقد الدولي في ظل عدم موافقة الاتحاد العام التونسي للشغل ذو النفوذ الواسع والذي يضم مليون عضو والقادر على شل الاقتصاد من خلال الإضرابات، على أي خطوة لخفض رواتب موظفي القطاع العام.
الابتعاد عن الديمقراطية والمصالح الدولية
وفي 15 أكتوبر / تشرين الأول الماضي، توصل صندوق النقد الدولي إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة بشأن حزمة إنقاذ بقيمة 1,9 مليار دولار لمدة 48 شهرا لمساعدة البلاد على استعادة استقرار اقتصادها.
ومع ذلك، أعلن صندوق النقد الدولي في نهاية العام الماضي إرجاء اجتماعه بشأن برنامج قروض لتونس كان من المقرر عقده في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي ردها، قالت هايكه لوشمان إنه "لا يمكن استمرار التحول الديمقراطي في تونس بشكل ناجح دون تحسين الوضع الاقتصادي لسكان البلاد الذين ناضلوا في المقام الأول للحصول على وظائف وتحقيق الرخاء في البلاد".
من جانبه، قال دوركين إن الدول الأوروبية لا تزال مترددة في استخدام علاقاتها للضغط على الرئيس التونسي وما يراه معارضوه من تحركه صوب "مسار الاستبداد"، على الرغم من أن "قيس سعيد مستعد لاتخاذ خطوات تحمل في طياتها تصادما مع أوروبا". وأضاف دوركين "هناك حالة قلق في أوروبا من أن هذا قد يؤثر على رفاهية سكان تونس. والأوروبيون يرغبون في تجنب أي شيء قد يزعزع استقرار تونس؛ لأن هذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة الهجرة نحو أوروبا."
وأشار إلى أنه يتعين على "القادة الأوروبيين التوقف عن التردد والقول بوضوح: إن ما يحدث في تونس يعد ابتعادا كبيرا عن الديمقراطية".
يشار إلى أن الحكومة الألمانية أعربت في 17 فبراير/ شباط الجاري عن "قلقها البالغ" إزاء حملة توقيفات طاولت معارضين، داعية السلطات التونسية إلى احترام "استقلالية القضاء" و"قواعد سيادة القانون".
وقال فولفغانغ بوشنر، نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية في مؤتمره الصحافي الدوري إن برلين تبدي "قلقها البالغ إزاء اعتقال العديد من ممثلي المعارضة والنشطاء والصحافيين في الأيام الأخيرة في تونس". وأضاف أن "المبادئ الديموقراطية لحرية التعبير والتنوّع السياسي وسيادة القانون، يجب أن تُطبق في بلد ديمقراطي مثل تونس".
وقال أن برلين تنضم إلى "النداء الذي أطلقه مفوض الأمم المتحدة السامي من أجل احترام قواعد سيادة القانون واستقلالية القضاء" في تونس. وأشار بوشنر إلى أن "تونس في وضع اقتصادي واجتماعي صعب"، متعهدا بأن بلاده "لن تتخلى عن الشعب التونسي وسوف تساعده على التغلب على التحديات".
لكنه سلط الضوء على مسؤولية تونس في معالجة وضعها الاقتصادي، مضيفا "في رأينا أن أفضل طريقة للخروج من الأزمة تتمثل في برنامج صندوق النقد الدولي، لذا يتعين على تونس المضي قدما في الأمر".
جينفر هوليس / م ع
في صور: طريق وعر في تونس من الثورة حتى "دستور سعيّد"
خطوات الرئيس سعيّد، تقلق منتقديه على مكاسب الديمقراطية الناشئة. فيما يلي محطات في طريق تونس الوعر بدءاًً من ثورة 2011 إلى الأزمة السياسة والإقتصادية التي بلغت ذروتها، ووصولا إلى خطوات سعيّد الحثيثة للاستحواذ على السلطة.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
شرارة الربيع العربي الأولى
كانون الأول/ ديسمبر 2010 - بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Salah Habibi
هروب بن علي
كانون الثاني/ يناير 2011 - هروب الرئيس ين العابدين بن علي إلى السعودية، وعقب الثورة التونسية أشتعلت انتفاضات في دول عربية عدة.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
فوز حزب النهضة
تشرين الأول/ أكتوبر 2011 - حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع أحزاب علمانية لوضع دستور جديد.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nasraoui
جدل بشأن علمانية الدولة
أذار/ مارس 2012 - تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
صورة من: DW/S.Mersch
اغتيال شكري بلعيد
شباط / فبراير2013 - اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء. ومتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
صورة من: AFP/Getty Images
تخلي حزب النهضة عن الحكم
كانون الأول/ ديسمبر 2013 النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
دستور جديد لتونس
كانون الثاني/ يناير 2014 البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
صورة من: Reuters/Z. Souissi
فوز السبسي
كانون الأول/ ديسمبر 2014 الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
صورة من: picture-alliance/dpa/EPA/M. Messara
الإرهاب يضرب تونس
آذار/ مارس 2015 هجمات لتنظيم "داعش" على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران. ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Belaid
مواجهة الإرهاب
آذار/ مارس 2016 الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم "داعش" الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Nasri
العجز التجاري يرتفع
كانون الأول/ ديسمبر 2017 الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة وخروج احتجاجات إلى الشوارع.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
قيس سعيد رئيسا لتونس
تشرين الأول/ أكتوبر 2019 - الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا منقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS/SOPA Images/J. Wassim
فضيحة فساد
كانون الثاني/ يناير 2020 - بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
سعيد المشيشي رئيسا للوزراء
آب/ أغسطس 2020 - سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
صورة من: Slim Abid/AP Photo/picture alliance
الاحتجاجات متواصلة
كانون الثاني/ يناير 2021 - بعد عشر سنوات على الثورة احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات للشرطة بممارسة العنف، وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
صورة من: Yassine Mahjoub/imago images
إقالة الحكومة وتجميد البرلمان
تموز/ يوليو 2021 - سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا. بينما يعتبر الرئيس سعيّد أنه "استجاب لإرادة الشعب".
صورة من: Fethi Belaid/AFP/Getty Images
احتجاجات ودعوات للعودة إلى المسار الديمقراطي
يوم 18 سبتمبر أيلول 2021 تظاهر في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس مئات النشطاء من المجتمع المدني وأحزاب المعارضة ونواب من البرلمان الذي جمده الرئيس قيس سعيد، ورفعوا شعارات تطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وتحذر من الخروج عن دستور 2014 ومن مخاطر الانقلاب على الديمقراطية في البلاد. وفي نفس الشارع الذي يطلق عليه "شارع الثورة"، تظاهر بالمقابل مئات من المؤدين للرئيس سعيد.
صورة من: Riadh Dridi/AP/dpa/picture alliance
الرئيس سعيّد يعلق العمل بمعظم فصول الدستور
في 22 سبتمبر أيلول 2021 أصدر الرئيس التونسي قرارا بإلغاء العمل بأغلب فصول الدستور الخاصة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية وتكليف لجنة لإعداد تعديلات أساسية. الرئاسة التونسية أعلنت استمرار تجميد البرلمان، فيما رفض حزب النهضة الإسلامي وأحزاب أخرى ليبرالية الخطوات التي أعلن عنها سعيد ووصفوها بأنها "تخرج" عن الدستور الذي تمت المصادقة عليه سنة 2014 باجماع القوى السياسية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/N. Talel
الإعلان عن خارطة طريق للبلاد
بعد سلسلسة تغييرات سياسية ومؤسساتية أحدثها سعيّد، ووصفها طيف من خصومه بـ "الإنقلاب”. في 14 ديسمبر/ كانون الأول أعلن سعيّد عن مجموعة من الإجراءات الجديدة التي تمثل خارطة طريق سياسية للبلاد لمدة عام مقبل، تشمل استمرار تجميد البرلمان إلى حين تنظيم انتخابات جديدة في البلاد، والاستفتاء على دستور جديد، الذي اختار له تاريخ 25 يوليو/ تموز 2022.
صورة من: Monasse Th/Andia/imago images
حلّ البرلمان واحتجاجات في الشارع
في مارس آذار، تحدى غالبية النواب سعيد عبر عقد جلسة افتراضية رفضا لتحركاته. إثرها، حلّ الرئيس البرلمان - وهي خطوة أخرى قال خبراء في القانون إنها تفتقر إلى الأساس الدستوري. وطالب سعيد بالتحقيق مع النواب الذين شاركوا في الاجتماع عبر الإنترنت، متهما إياهم بالانقلاب. رغم عدم رضاء معظم التونسيين على أداء البرلمان المنحل، شهدت شوارع تونس احتجاجات على قرارات الرئيس.
صورة من: Hassene Dridi/AP/dpa/picture alliance
إحكام القبضة على القضاء
بعد اعتراضات قضائية على بعض تصرفاته، منح سعيد لنفسه السلطة النهائية على القضاة وأقدم على حل المجلس الاعلى للقضاء وهو الجهاز الذي تأسس في العام 2016 و يعنى باستقلالية القضاء في البلاد، معتبرا أن المجلس "أصبح من الماضي"، ووجه سعيّد إلى أعضاء المجلس الأعلى للقضاء المنحل، اتهامات بالفساد والعمل وفقاً لولاءات سياسية وعزل العشرات منهم. في خطوة مثيرة عززت المخاوف بشأن استقلال القضاء وأججت غضب معارضيه.
صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance / AA
تنديد داخلي وانتقادات دولية
قرارات سعيّد بإقالة عشرات القضاة أثار تنديداً داخلياً واسعاً وانتقادات دولية. فقد شهدت تونس احتجاجات واسعة شارك فيها قضاة رافضين قرار حل المجلس الأعلى للقضاء. من جهتها وصفت جمعية القضاة التونسيين القرار بـ "المذبحة". كما حذرت الخارجية الأمريكية من أن مراسيم الرئيس التونسي تقوض المؤسسات الديمقراطية في البلاد، ودعت إلى "عملية إصلاح شفافة تشرك الجميع" موقف عبر عنه أيضا الإتحاد الأوروبي.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMAPRESS/picture alliance
"دولة مهددة بالإقلاس"
حذرت تقارير صندوق النقد والبنك العالمي من مخاطر "إفلاس" التونسية. ويجري صندوق النقد مفاوضات مع تونس ودعاها إلى إصلاحات بنيوية لمعالجة "اختلالات عميقة في الاقتصاد الكلي، ونمو ضعيف للغاية رغم إمكاناتها القوية، ومعدل بطالة مرتفع للغاية، واستثمار ضعيف للغاية، وتفاوتات اجتماعية"، يضاف إليها تأثير الحرب في أوكرانيا وجائحة كورونا. مركزية اتحاد الشغل النافذة رفضت عددا من الإجراءات وبدأت سلسلة إضرابات.
صورة من: PanoramiC/IMAGO
مسودة دستور جديد
في نهاية يونيو /حزيران، نشر الرئيس سعيّد مسودة دستور جديد سيطرحه للاستفتاء في 25 يوليو/ تموز الجاري، سيضفي به طابعا رسميا على السلطات الواسعة التي استحوذ عليها خلال الأشهر السابقة ويقلص دور البرلمان. الدستور الجديد من شأنه أن يوسع صلاحيات الرئيس سعيّد صلاحيات. لكن عددا من الأحزاب السياسية تعارض خطواته والاتحاد العام للشغل ذي النفوذ الكبير يدعو إلى إضرابات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
صورة من: Hassene Dridi/AP Photo/picture alliance
25 يوليو ..تاريخ حاسم في تونس
باختياره لتاريخ 25 (يوليو/ تموز) كموعد للاستفتاء على دستور جديد، يسعى سعيّد لتوظيف رمزيته الخاصة في تاريخ تونس، إذ يؤرخ لإعلان قيام الجمهورية على أنقاض نظام البايات الملكي في البلاد بعد عام واحد من استقلالها عن فرنسا. ورغم انتقادات المعارضة والمجتمع المدني، أقدم سعيّد على تنظيم استفتاء حول مشروع دستور جديد يمنح صلاحيات واسعة للرئيس وقد يعيد البلاد إلى نظام سلطوي شبيه بما كان قائمًا قبل عام 2011.
صورة من: Hasan Mrad/IMAGESLIVE via ZUMA Press Wire/picture alliance