هل التعامل مع طالبي اللجوء الإيرانيين غير عادل؟
٣٠ مارس ٢٠١٩في عام 2018 تلقى 11.430 إيرانياً قرارات بشأن طلبات لجوئهم إلى ألمانيا، ومن بين هؤلاء لم يحصل سوى 2619 على الموافقة، وفقًا لما ذكرته صحف مجموعة فونكه الإعلامية ووكالات أنباء أخرى. وبالإضافة إلى ذلك تم رفض أكثر من 5000 طلب لجوء تقدم به إيرانيون كما تم إيقاف البت بما يقرب من 4000 طلب، والآن غادر طالبو اللجوء ألمانيا أو سحبوا طلباتهم.
وتعليقاً على ذلك قالت خبيرة الشؤون الداخلية في حزب "اليسار"، أولا يلبكه، إن هذا دليل على أن "ممارسة فحص طلبات اللجوء المقدمة من إيرانيين في الهيئة الاتحادية لشؤون الهجرة واللاجئين يشوبها الكثير من الأخطاء"، مطالبة بإجراء بعض التغييرات في عمليات البت بطلبات اللجوء.
إعادة الإيرانيين إلى بلدهم الأصلي تعرّضهم لمخاطر
المجموعة البرلمانية لحزب اليسار تشير إلى أن الأقليات الدينية في إيران (بما في ذلك أولئك الذين يدّعون بأنهم ملحدون والذين اعتنقوا المسيحية) يتعرضون للاضطهاد. وبحسب حزب اليسار فمن الممكن أن يتعرض أولئك الذين يعتنقون المسيحية للسجن لمدة تتراوح بين 10 و15 سنة، مضيفة أن التخلي عن الإسلام في إيران عقوبته الإعدام. وفقًا لتقرير صدر عن منظمة العفو الدولية في عام 2018 استشهدت به المجموعة البرلمانية، فقد حكم على شخصين على الأقل بالإعدام في إيران لمحاولتهما الدفاع عن حرية الدين والمعتقد.
بالنسبة لأولئك الذين فشلوا في إقناع السلطات الألمانية بصحة ادعاءاتهم حول تعرضهم للاضطهاد في بلدهم الأم بسبب معتقداتهم الدينية، أو عدم إيمانهم بأي دين، فقد يواجهون مشاكل عند عودتهم لبلادهم سواء أكانت هذه العودة قسراً أو طوعاً، حسبما قالت الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، مشيرة إلى أنه قد يتم سجن الكثير من هؤلاء في إيران حتى تقتنع السلطات هناك بأن العائدين لم يكونوا ناشطين سياسياً ضد النظام أثناء وجودهم في الخارج وأنهم لن يشكلوا تهديدًا بعد عودتهم.
ووفقاً لحزب اليسار فمن الممكن لمن اعتنقوا المسيحية بعد مغادرتهم إيران أن يكونوا معرضين للخطر، حيث يُنظر إليهم على أنهم يشكلون تهديدًا للأمن القومي في إيران وقد يتم استجوابهم أو سجنهم. وتعتقد الحكومة الألمانية بأن حرية العقيدة تمثل مشكلة خاصة في إيران.
ويعتبر التمييز ضد المثليين وثنائيي الجنس أمرا شائعا ويعاقب عليه القانون في إيران. تقول الكتلة البرلمانية لحزب اليسار إن المثليات والمثليين يخضعون لعقوبات جسدية وقد يتم إعدامهم أيضاً إذا ما أدينوا بالكشف عن ميولهم الجنسية. وعلى الرغم من إعدام شابين إيرانيين في عام 2005 بسبب "علاقتهما المثلية"، كما تقول الكتلة البرلمانية لحزب اليسار، إلا أن عددًا أكبر من الإيرانيين الذين يزعمون أنهم تعرضوا للاضطهاد بسبب نشاطهم الجنسي رُفضت طلبات لجوئهم لأن السلطات الألمانية ساورتها شكوك حول صحة مزاعمهم. وفي إجابتها على سؤال من برلمانيي حزب اليسار، قالت الحكومة الألمانية إنه لا يُطلب من طالبي اللجوء الإيرانيين إثبات ميولهم الجنسية أثناء عملية البت بطلبات لجوئهم.
وتقر الحكومة الألمانية بأن الأمور بالنسبة للمثليين أو ذوي الميول الجنسية الثنائية قد تكون الأمور صعبة، إن لم تكن خطيرة، في إيران. وبحسب هؤلاء فإن خروجهم إلى المجتمع غير ممكن، رغم أنه لا يوجد الكثير من الحالات المعروفة لأشخاص تمت محاكتهم بهذا السبب. أما المتحولون جنسياً فإنهم أفضل حالاً في إيران بحسب ما قالوا. وفي الواقع، فإن قرار تغيير الجنس هو أمر مقبول ومسموح به سواء قرر الشخص أن يكون رجلاً أو امرأة.
قصة إيمان التي لم يصدقها أحد
قصة إيمان هي أحد الأمثلة عن قصص طالبي اللجوء مثليي الجنس والتي لم تصدقها السلطات الألمانية. ظهرت قصته في مجلة مجتمع المثليين "مانشافت" في تموز/يوليو 2018. في المقال المنشور، يحكي إيمان قصة صورة التقطت له خلال تقبيله رجلاً آخر في إيران، بينما كانا يخدمان في الجيش. يدّعي إيمان أنه -وبسبب هذه الصورة- نُقل إلى السجن وترك لعدة أيام في زنزانة شديدة البرودة حتى أصيب بحمى وكان يرتجف كثيرًا حتى فقد وعيه وتم نقله إلى المستشفى. وأثناء إعادته من المستشفى إلى السجن، واتته الفرصة للهروب من الحراس، وواصل طريقه إلى شمال إيران وبمساعدة مهرب هناك توجه إلى أوروبا.
يختتم إيمان روايته بالحديث عن أكبر موقف ساخر في حياته: ففي بلده، كان عليه أن يخفي توجهه الجنسي، وعندما وصل إلى أوروبا "حيث يمكن أن يكون كما هو"، وجد أنه لم يتم تصديق قصته، ولم تنجح محاولته إقناع القاضي بأنه سيتعرض للاضطهاد إذا أُعيد إلى إيران. وحتى بعد سبعة أشهر من طلب الإحاطة الذي تقدم به البرلمانيون عن حزب اليسار، ليس من المعلوم على وجه التحديد فيما إذا ما كان إيمان قد نال حق اللجوء أم لا.
تساؤلات
بدورها، أجابت الحكومة الألمانية على تساؤلات البرلمانيين تفصيلياً، داعمة ردها بأرقام. تقول الحكومة إنه وفي عام 2018، مُنح حوالي 2600 إيرانياً حق اللجوء من بين 11846 إيرانيًا تقدموا بطلبات للجوء. حصل 2.178 على اللجوء التام بحسب اتفاقية جنيف للاجئين، فيما حصل 173 آخرين على الحماية المؤقتة، كما تقرر أنه لا يمكن إعادة 96 منهم إلى إيران، وبناء على ذلك سمح لهم بالبقاء في ألمانيا. وأكدت الحكومة أن ما يزيد قليلاً عن 5000 إيراني قد رفضت طلبات لجوئهم وأن 3523 حالة تم إغلاق ملفات اللجوء فيها.
وحتى عام 2019، تحتل إيران المرتبة الخامسة في قائمة أول عشر دول يتقدم مواطنوها بطلبات للجوء في ألمانيا. في العام السابق، كانت إيران في المرتبة الثالثة من حيث عدد المواطنين الذين يطلبون اللجوء. وتقول الحكومة إنه وعلى الرغم من أن أكثر من نصف الإيرانيين الذين تقدموا بطلبات تم رفض منحهم أي نوع من الحماية، لكنها تشير إلى أنهم ليسوا الأسوأ في معدلات قرارات الرفض بين باقي البلدان العشرة الأخرى. ووفقًا للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، فإن معدل حصول الإيرانيين على الحماية في الأشهر الأولى من عام 2019 بلغ 19.9 بالمائة، في حين بلغت نسبة حصول السوريين على الحماية 84.8 بالمائة. وبالنسبة للقادمين من تركيا والصومال وأفغانستان فقد بلغت نسبة الحصول على الحماية بين 40 إلى 50 بالمائة. أما أصحاب النسبة الأقل فهم النيجيريون بنسبة 9.5 في المائة، والغينيون بنسبة 11.4 في المائة والجورجيون بنسبة 0.5 في المائة.
مقارنات
في عام 2018، احتل السوريون ثم العراقيون والإيرانيون أخيرًا، المراكز الثلاثة الأولى في قائمة أكثر دول يأتي منها طالبو اللجوء. وعلى مدار العام، أصدر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين 216.873 قراراً يتعلق باللجوء، كان منها 75.971 قرارًا إيجابيًا بنسبة حماية إجمالية بلغت 35 بالمائة. وهذا يعني أن معدل حصول الإيرانيين على الحماية كانت أقل بكثير من المتوسط.
وتشدّد الحكومة على أنه يتم البت بكل ملف لجوء بشكل فردي. وعلى الرغم من أنه تم الاتفاق على أن إقرار الشخص باعتناقه لمعتقدات معينة في إيران قد يشكل خطراً على حياته، إلا أن الحكومة الألمانية تقول إنه لا يتم تطبيق الكثير من القوانين والعقوبات في إيران منذ عقود.
وتقول الحكومة إنها لا تحتفظ بأرقام حول سبب رفض كل طلب لجوء، كما أنها لا تجري اختبارات لكل شخص لمعرفة ما إذا كانت ادعاءاته بمثليته الجنسية صحيحة أم لا، لكنها تشير إلى أنها وبإذن من طالب اللجوء قد تتحدث إلى رجال دين أو أصدقاء له أو مقربين منه للتأكد فيما إذا كان شخص ما قد تحول بالفعل إلى المسيحية مثلاً أم لا.
وقدمت الحكومة الألمانية أرقاماً بشأن الإيرانيين الذين طعنوا في قرارات رفض طلبات لجوئهم. ففي عام 2017، بلغ عددهم 14386 شخصاً، وفي عام 2018، انخفضت هذه الأرقام إلى 8539 طعناً. وفيما حصل 1211 شخصاً على صفة اللاجئ، حصل 18 آخرون على أشكال مختلفة من الحماية بدرجات أقل. كما قررت السلطات عدم إعادة 76 آخرين إلى إيران ، لكن 1651 إيرانياً تلقوا قرارًا سلبيًا بعد طلبهم للاستئناف.
ولم تصرّح الحكومة بما إذا كانت تتم معاملة الإيرانيين بشكل غير عادل أم لا، لكنها أشارت عدة مرات إلى أن كل حالة يتم التعامل معها من خلال إجراءات قانونية صارمة ومراعاة القواعد المنصوص عليها في القانون الدولي والألماني لجميع طالبي اللجوء.
إيما واليس/ع.ح- مهاجر نيوز