حقق حزب "البديل" صعودًا كبيرًا في انتخابات شرق ألمانيا الأخيرة، خاصة في تورينغن وساكسونيا، رغم تصنيفه كحزب يميني متطرف. يعتقد ثلثا الألمان أن سيادة القانون مهددة، مما يثير تساؤلات حول ضرورة حظر الحزب لحماية الديمقراطية.
إعلان
في الانتخابات المحلية لثلاث ولايات في شرق ألمانيا في سبتمبر/أيلول 2024، حقق حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي والمصنف متطرفا في بعض الولايات، أفضل نتائجه على الإطلاق. كان الأداء الأفضل للحزب في ولايتي تورينغن وساكسونيا، حيث يتبنى الحزب مواقف أكثر راديكالية ويُصنّف من قبل هيئة حماية الدستور هناك على أنه حزب يميني متطرف. ومع ذلك، فإن هذا التصنيف لا يزعج أنصاره. وفقًا لاستطلاع قناة التلفزيون الألماني الأولى "ARD-Deutschlandtrend"، قال 84٪ من ناخبي الحزب: "لا يهمني أن يتم تصنيف البديل كحزب يميني متطرف طالما أنه يتناول المواضيع الصحيحة". تم إجراء هذا الاستطلاع من قبل "infratest-dimap" في الفترة من 7 إلى 9 أكتوبر/ تشرين أول 2024 وشمل 1321 ناخبًا ألمانيًا.
طلب الحظر في البوندستاغ
يرى ثلثا الألمان أن حزب البديل يشكل تهديدًا للديمقراطية ودولة القانون. ويتفق العديد من السياسيين مع هذا الرأي. ومع ذلك ، تختلف الآراء حول ما إذا كان ينبغي حظره لهذا السبب.
قبل بضعة أشهر، شكلت مجموعة من أعضاء البرلمان تحالفًا عابرًا للأحزاب بهدف تقديم طلب لحظر حزب البديل أمام المحكمة الدستورية الاتحادية. لكن هذا الطلب محل جدل كبير بين الأحزاب. يرفض كل من الحزب الديمقراطي الحر (FDP) وتحالف "سارة فاغنكنشت" هذا الطلب بشكل كامل. في المقابل، يجد هذا التوجه رواجا أكبر بين أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) وحزب الخضر، وكذلك تلافي الفكرة قبولا بين الجمهور الألماني.
يعتبر ما يقارب من نصف الألمان (46 في المئة) من المستطلعين أن تقديم طلب لحظر الحزب ليس مناسبًا في الوقت الحالي، بينما يؤيد المقترح (42 في المئة).
يتم دعم فرض الحظر من قبل الأغلبية بين ناخبي الحزب الاشتراكي الديمقراطي (58٪ يؤيدون مقابل 32٪ يعارضون)، وحزب الخضر (69٪ يؤيدون مقابل 25٪ يعارضون). وبين أنصار الاتحاد المسيحي الديمقراطي، هناك توازن بين المؤيدين والمعارضين (46٪ لكل منهما). أما بالنسبة لأنصار "تحالف سارة فاغنكنشت"، فالغالبية (55٪) ترفض الحظر.
عدم ثقة في المرشحين المحتملين للمستشارية
من المقرر أن تُجرى انتخابات البرلمان الألماني "البوندستاغ" الـ21 في خريف عام 2025. حتى الآن، من المتوقع أن يخوض الاتحاد (CDU/CSU) الانتخابات بمرشحه فريدريش ميرتس، بينما سيخوض حزب الخضر الانتخابات بروبرت هابيك، وحزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) بأليس فايدل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) سيعتمد على المستشار الحالي أولاف شولتس. ومع ذلك، يبدو أن المواطنين لا يثقون كثيرًا بأي من هؤلاء المرشحين ليكون مستشارًا جيدًا.
حصل المستشار الحالي شولتس على تقييم إيجابي من 22٪ فقط من المواطنين الذين يرونه مستشارًا جيدًا. بينما تظل التوقعات حول منافسيه المحتملين منخفضة أيضًا: 26٪ يرون أن فريدريش ميرتس يمكن أن يكون مستشارًا جيدًا، و21٪ يعتقدون أن روبرت هابيك يناسب المنصب، في حين أن 11٪ فقط يرون أليس فايدل مستشارة محتملة.
هذا التقييم السلبي لشولتس والمنافسين الآخرين يعكس الاستياء الكبير من أداء حكومة الائتلاف الثلاثي الحاكمة. فقط 19٪ من المواطنين يعطون الائتلاف الحاكم تقييمًا إيجابيًا، بينما يعرب 79٪ عن عدم رضاهم.
إعلان
ماذا لو أجريت الانتخابات خلال أيام؟
يبدو أن وضع الائتلاف الحاكم من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والحزب الديمقراطي الحر سيء للغاية لدرجة أنه لا يمكن استبعاد اجراء انتخابات مبكرة. إذا جرت الانتخابات خلال أيام قريبة، لن يتمكن هذا الائتلاف من الحفاظ على الأغلبية، ولن يتمكن الحزب الديمقراطي الحر من دخول البرلمان.
على الرغم من تراجع طفيف في دعم الاتحاد (CDU/CSU) بنسبة 2٪، إلا أنه سيظل في المقدمة بنسبة 31٪ (مع خسارة مقعدين عن الانتخابات السابقة). سيأتي حزب البديل (AfD) في المرتبة الثانية بنسبة 17٪، يليه الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) بنسبة 16٪، بينما يحصل الخضر على 13٪. (بزيادة مقعدين مقارنة بالانتخابات السابقة) أما الحزب الديمقراطي الحر (FDP)، فسيحصل على 3٪ فقط، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2015.
في حين سيحتاج حزب اليسار الفوز بمقاعد مباشرة لضمان التمثيل البرلماني. ومع 8 في المائة (+/-0)، يمكن أن يحظى حزب تحالف سارة فاغنكنشت BSW بالدخول الآمن إلى البوندستاغ.
أعده للعربية علاء جمعة
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)