هل يريد اللاجئون السوريون بتركيا العيش في "المنطقة الآمنة"؟
١٢ أكتوبر ٢٠١٩
في وقت تسعى فيه تركيا إلى إنشاء "منطقة آمنة" في شمال سوريا لتوطين مليوني سوري فيها، تختلف آراء اللاجئين السوريين في تركيا حول هذه المنطقة، بين من يراها "فرصة للعودة" وبين من يعتبرها تهدف لإجراء "تغيير ديموغرافي".
صورة من: picture alliance/Pacific Press/Donna Bozzi
إعلان
"لن أعود لأعيش في بيت عائلة أخرى تم تهجيرها من أرضها"، هكذا يقول اللاجئ السوري هشام ح. الذي يعيش في اسطنبول منذ عدة سنوات، تعليقاً عما إذا كان يريد العودة إلى سوريا والعيش في "المنطقة الآمنة" التي اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على إنشائها شمالي سوريا.
ويضيف هشام في حديثه لمهاجر نيوز: "أنا عربي لكنني أعرف أن غاية تركيا من إنشاء هذه المنطقة ليست سوى تحقيق هدف قديم لها وهو القيام بتغيير ديموغرافي فيها من أجل إنشاء حزام عربي بينها وبين الأكراد"، ويضيف: "لا أحب حزب العمال الكردستاني وجماعته في سوريا، لكن الوضع في المنطقة مستقر نسبياً، وأخاف أن يؤدي الهجوم التركي إلى تكرار ما حصل في مناطق أخرى من تهجير للمدنيين".
"توطين مليوني لاجئ"
وقد بدأت تركيا قبل أيام بعمليتها العسكرية الثالثة في شمال سوريا خلال ثلاث سنوات، بضوء أخضر من ترامب، وذلك سعياً منها لإنشاء "منطقة آمنة" من أجل توطين مليوني لاجئ سوري فيها. وفي بداية الشهر الجاري، وقبل بدء العملية بأيام، قال أردوغان إن تركيا تعتزم توطين مليوني شخص في "المنطقة الآمنة" المزمعة، والتي قال إنها ستمتد شرقاً من نهر الفرات في سوريا إلى الحدود العراقية.
وقال أردوغان: "عدد السوريين العائدين إلى المناطق التي وفرنا أمنها وصل حتى الآن إلى 360 ألفاً"، وتابع: "السبب الوحيد لوجودنا في سوريا هو التهديدات الإرهابية على حدودنا وتحولها إلى حاجز يمنع عودة السوريين الموجودين في بلدنا".
أدت العملية العسكرية التركية إلى نزوح عشرات الآلاف خلال بضعة أيام، بحسب الأمم المتحدةصورة من: Getty Images/AFP/D. Souleiman
وكانت تركيا وفصائل المعارضة السورية التابعة لها قد سيطرت على غالبية المناطق الحدودية غربي نهر الفرات، من خلال عمليتين عسكريتين، أولهما في عام 2016، والثانية العام الماضي بالسيطرة على منطقة عفرين. وتتهم منظمة العفو الدولية فصائل المعارضة بارتكاب "انتهاكات جسيمة" في عفرين "بتواطؤ تركي".
"فرصة للعودة"
لكن "الانتهاكات التي ارتكبتها وحدات حماية الشعب من تهجير للمدنيين في بعض المناطق"، والتي وثقت منظمة العفو الدولية بعضها في تقرير نشر عام 2015، هي ما تجعل اللاجئ السوري مصعب يرى "المنطقة الآمنة" التي تريد تركيا إنشاءها "فرصة لعودة المدنيين الذين تم تهجيرهم".
يقول مصعب الذي يعيش في مدينة ماردين لمهاجر نيوز: "أخي محامٍ تم تهجيره ويعمل الآن في محل للإكسسوارات في تركيا، بالتأكيد ستكون المنطقة الآمنة فرصة له ليعود ويمارس مهنته، مثله مثل كثيرين".
ومن الذين يريدون العودة، اللاجئة السورية أم حامد. تقول أم حامد لمهاجر نيوز: "أريد أن أعود لأؤدي رسالتي فأنا معلمة لغة عربية، تخرجت في عام 2014، لكن لا يمكنني الْعمل في تركيا"، وتضيف: "لقد اشتقت إلى عائلتي وأخواتي في سوريا".
تختلف آراء اللاجئين السوريين في تركيا حول المنطقة الآمنةصورة من: Rena Effendi
"سجن"
أما اللاجئ السوري أبو محمد، الذي يعيش في مدينة ديار بكر، فلا يريد العودة إلى "المنطقة الآمنة". يقول اللاجئ الثلاثيني لمهاجر نيوز: "لن أعود بسبب أولادي، فهم يذهبون للمدارس وقد تعلموا التركية واندمجوا في المجتمع"، ويتساءل: "لماذا سأعود إلى منطقة البنية التحتية والخدمات فيها أسوأ من تلك المتوفرة في المنطقة التي أعيش فيها؟"، ويضيف: "الإنسان يسعى إلى الاستقرار فلماذا أحكم على نفسي بالسجن؟". وتؤكد تركيا على أنها لا تسعى لفصل "المنطقة الآمنة" التي تريد إنشاءها عن سوريا.
ويستبعد أبو محمد أن تقوم تركيا بإجبار اللاجئين الذين يعيشون فيها على العيش في "المنطقة الآمنة" المزمع إنشاؤها، ويوضح:"العودة تتم تحت اسم العودة الطوعية، لكنها تأتي نتيجة ضغط على بعض اللاجئين وليس كلهم، كما حصل في اسطنبول ومحافظات أخرى". وقد زادت السلطات التركية الضغوطات على اللاجئين السوريين في الآونة الأخيرة، حيث قررت اسطنبول ترحيل اللاجئين غير المسجلين فيها إلى المدن التي سجلوا فيها عند دخولهم.
ويرى أبو محمد أن هدف "المنطقة الآمنة" الأساسي هو "توطين أي موجات نزوح مقبلة من إدلب والمناطق المحيطة بها"، ويتابع: "ما يتم في شمال سوريا هو نتيجة صفقة بين تركيا وروسيا مضمونها تنازل الأتراك عن إدلب مقابل السماح لهم بالسيطرة على عفرين ومناطق أخرى ذات غالبية كردية"، ويضيف: "من الواضح أن أردوغان ينشئ المنطقة الآمنة لأهالي إدلب التي سيتنازل عنها للروس والنظام".
ويتفق معه اللاجئ السوري هشام، الذي يرفض العيش في "المنطقة الآمنة"، ويقول: "إذا كان هدف أردوغان هو حماية المدنيين وإعادة الأمان حقاً، فلماذا لا ينشئ المنطقة الآمنة في إدلب مثلاً، عوضاً من أن يقوم بتوطين ابن إدلب في أرض شخص آخر".
لكن اللاجئ السوري مصعب يؤكد على ضرورة مراعاة حق المواطن السوري في أن يعيش في أي مكان يريده، عندما لا يكون ذلك تعدياً على حقوق مواطنين آخرين، ويختم: "تركيا لن تستطيع أن تنزع أهل المنطقة من أرضهم مهما فعلت".
على مر التاريخ تشبث الأكراد بحلم إنشاء دولة مستقلة لهم، غير أن السياسة على أرض الواقع كان لها رأي آخر. في ما يلي ملف صور عن أبرز الأحداث التاريخية المفصلية للقضية الكردية في الشرق الأوسط.
صورة من: Metin Yoksu/AP Photo/picture alliance
معاهدة سيفر
بعد هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، جاءت معاهدة سيفر عام 1920 لتمنح الأكراد الأمل في إنشاء دولة مستقلة لهم. غير أن رفض حكومة أتاتورك الاعتراف بالمعاهدة جاء بمعاهدة جديدة، وهي معاهدة لوزان، التي غيرت موازين القوى لصالح تركيا وأجهضت حلم تأسيس الدولة الكردية المستقلة.
صورة من: Imago/United Archives International
جمهورية مهاباد
في الثاني والعشري من يناير/ كانون الثاني من عام 1946، ولدت جمهورية مهاباد الكردية بدعم من الاتحاد السوفييتي. واتخذت الجمهورية الكردية من مدينة ماهاباد في أقصى شمال غرب إيران عاصمة لها. وكان قاضي محمد ومصطفى البارازاني مؤسسي الجمهورية. لكن بسبب تراجع الدعم السوفييتي بسبب ضغوط إيران، سقطت الجمهورية بعد شهور من تأسيسها.
صورة من: Imago/S. Simon
ثورة الشيخ سعيد بيران
في عام 1923 أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة. وبعد أقل من عامين على تأسيسها، واجهت الدولة الفتية أول انتفاضة كبرى قام بها الأكراد في جنوب شرق تركيا بقيادة الشيخ سعيد بيران. الانتفاضة كانت ضد سياسة القمع التي تتبعها حكومة أتاتورك ضد الأقلية الكردية. لكن سرعان ما تم قمع التمرد، وأُعدم الشيخ بيران.
صورة من: Gemeinfrei
الأزمة مع العراق
في عام 1974 تأزمت العلاقة بين الحكومة العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني بعد مطالبة الملا مصطفي برزاني بالحصول على آبار نفط كركوك ودعا الأكراد إلى ثورة جديدة ضد الحكومة العراقية.
صورة من: picture-alliance/dpa
اتفاقية الجزائر 1975
وقعت هذه الاتفاقية بين الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين وشاه إيران آنذاك محمد رضا بهلوي، وأشرف عليها الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين، وكان الهدف منها هو وقف النزاعات بين الدولتين حول الحدود. لكن بعد إلغاء صدام حسين للاتفاقية، انهارت الانتفاضة الكردية بسبب انقطاع دعم إيران لها.
صورة من: Gemeinfrei
تأسيس حزب العمال الكردستاني
كان تأسس حزب العمال الكردستاني محطة بارزة أيضا. وبعد سنوات من العمل، تأسس الحزب بتاريخ 27 نوفمبر 1978، بشكل سري. وكان من بين المؤسسين عبد الله أوجلان، والذي اختير رئيسا للحزب. بدأ الحزب صغيرا قبل أن يبلغ ذروة نشاطه في تسعينات القرن العشرين. وقد دعا للكفاح المسلح ضد الدولة التركية.
صورة من: AFP
الصراع المسلح ضد تركيا
في عام 1984 شن حزب العمال الكردستاني أولى هجماته المسلحة على الجيش التركي. ومعها اندلعت حقبة الصراع المسلح التي بلغت ذروتها في التسعينات، وأدت لعشرات الآلاف من الضحايا على الجانبين. وجرى تصنيف حزب العمال كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول كثيرة أخرى. و
صورة من: AP
مجزرة حلبجة
في عام 1988، تعرضت مدينة حلبجة الكردية لغارات بالسلاح الكيماوي في إطار ما عُرف بحملة "الأنفال"، التي قام بها النظام السابق برئاسة صدام حسين ضد الأكراد. يذكر أن الهجوم الكيماوي على حلبجة أسفر عن مقتل ما بين 3500 إلى 5000 شخص، وفقاً لمصادر مختلفة، فيما قدر عدد المصابين بحوالي عشرة آلاف شخص.
صورة من: Safin Hamed/AFP/Getty Images
انتفاضة 1991 في العراق
بدأت قوات من الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي انتفاضة ضد الحكومة العراقية إثر غزو الكويت. لكن سرعان ما أخمدها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بالقوة، ما تسبب في نزوح أكثر من مليون كردي إلى دول الجوار.
صورة من: picture-alliance/dpa
القبض على أوجلان
استقر أوجلان لسنوات في سوريا، واضطر فيعام 1998 للخروج منها بعد تهديدات تركية باجتياح الأراضي السورية. وفي 1999، تمكنت تركيا بالتعاون مع أجهزة استخبارات دولية، من اعتقال أوجلان في عاصمة كينيا ونقلته إلى تركيا، حيث خضع للمحاكمة وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد.
صورة من: Reuters
أزمة الاستفتاء
في سبتمبر/ أيلول عام 2017 أعلن رئيس إقليم كردستان، مسعود برزاني، عن إجراء استفتاء شعبي لاستقلال الإقليم عن العراق. لكن ذلك قوبل برفض شديد من الحكومة في بغداد. كما رفضت الأمم المتحدة الإشراف على عملية الاستفتاء.
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/Y. Keles
سقوط عفرين
بعد حملة عسكرية استمرت ثمانية أسابيع لإخراج وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة عفرين بشمال سوريا، سيطرت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها في الثامن عشر من مارس/ آذار 2018 على مدينة عفرين، التي شكلت أحد "الأقاليم" الثلاثة التي أنشأ الأكراد فيها الإدارة الذاتية. إعداد: إيمان ملوك
صورة من: Reuters/K. Ashawi
فبراير 2025: دعوة أوجلان لحل الحزب وإلقاء السلاح
بعد سنوات من المفاوضات مع أوجلان في سجنه ومع مقربين منه، توصلت الدولة التركية إلى تفاهم معه، وخرج أوجلان في 27 فبراير 2025 بخطاب تلاه سياسيون أكراد زاروه في سجنه، ودعا فيه أوجلان إلى حل حزب العمال وإلقاء السلاح، والانخراط في مسار المصالحة.