1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل يستطيع اليوان الصيني هزّ عرش الدولار؟

١٨ سبتمبر ٢٠٢٤

أدت العقوبات الغربية على روسيا على خلفية غزوها أوكرانيا إلى زيادة قياسية في حجم التجارة بين موسكو وبكين التي تتم باليوان، الأمر الذي فتح شهية دول أخرى كالسعودية والبرازيل وتركيا على زيادة معاملاتها بالعملة الصينية.

يعد اليوان أحد رموز قوة الصين الاقتصادية على مستوى العالم
يعد اليوان أحد رموز قوة الصين الاقتصادية على مستوى العالمصورة من: DW

أسفرت العقوبات التي فرضتها الدول الغربية على روسيا بعد توغلها العسكري في جارتها أوكرانيا، عن خنق قدرة موسكو على إتمام معاملاتها التجارية بالدولار الأمريكي واليورو وعملات أخرى خاصة عقب إبعاد البنوك الروسية عن نظام سويفت وتجميد احتياطيات بالنقد الأجنبي تعود للبنك المركزي الروسي.

وعلى وقع ذلك، اضطرت روسيا إلى تحويل ما تبقى من احتياطاتها إلى عملات لا يهمين عليها الغرب مثل اليوان، العملة الرسمية في كافة أنحاء جمهورية الصين الشعبية باستثناء هونغ كونغ ومكاو.

وساعدت صفقات الطاقة المبرمة بين روسيا والصين عقب الحرب، في زيادة معدل التعاملات الدولية باليوان إلى مستوى قياسي، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" عن بيانات صينية رسمية الأسبوع الماضي.

زيادة معدل المعاملات باليوان بمعدل الثلث

ومنذ ذلك، حققت المعاملات الثنائية باستخدام اليوان نمواً بمعدل الثلث في يوليو/تموز لتصل إلى 53 بالمئة مقارنة بنسبة 40 بالمئة في يوليو/ تموز عام 2021.

وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أنه في عام 2010، كانت 80 بالمئة من المعاملات التجارية الصينية تتم بالدولار، لكن هذه النسبة انخفضت إلى النصف منذ فرض العقوبات الغربية على روسيا بالتزامن مع نمو التجارة الخارجية التي تتم باليوان من الصفر تقريباً إلى أكثر من النصف.

وفي مقابلة مع DW، قالت مايا نيكولادزي، المديرة المساعدة في مركز "جيو إيكونوميكس" التابع للمجلس الأطلسي، إن "التداول باليوان يلائم روسيا والصين. فليس أمام روسيا الكثير من البدائل الأخرى، بينما تستفيد الصين من ممارسة نفوذ اقتصادي أكبر على موسكو، فضلاً عن تحقيقها خرقاً في عملية تدويل اليوان".

ورغم ذلك، فقد أفاد تقرير أصدره المجلس الأطلسي تحت عنوان "مراقبة هيمنة الدولار"، بأن اليوان يُستخدم في أقل من 7 % من جميع معاملات الصرف الأجنبي على مستوى العالم، فيما احتفظ الدولار بنصيب الأسد؛ إذ بلغت نسبته في المعاملات الدولية نحو 88 بالمئة.

وأضاف التقرير أن 54% من حصيلة فواتير التصدير تتم بالدولار، في مقابل نسبة بلغت 4 بالمئة لليوان.

نظام مالي عالمي متعدد الأقطاب؟

أسفر ارتفاع حجم التجارة التي تتم باليوان بين الصين وروسيا، عن زيادة حصيلة الخزينة الروسية من اليوان كجزء من احتياطياتها من النقد الأجنبي فضلاً عن أن اتفاقية مبادلة العملات بين الجانبين تسمح للبنوك الروسية بالخصول على سيولة نقدية من اليوان.  يُضاف إلى ذلك قرار مؤسسات مالية في روسيا بإصدار سندات مقومة باليوان.

وقد جذب ذلك اهتمام الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" التي تضم إلى جانب الصين وروسيا كلا من الهند وجنوب أفريقيا والبرازيل. وقد طرح قادة المجموعة، فكرة إنشاء نظام مالي متعدد الأقطاب بهدف تقليل الاعتمادية على الدولار.

وفي مقابلة مع DW، قال هانز جونتر هيلبرت، الزميل بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP)، إن العديد من بلدان الجنوب العالمي باتت تشعر "بالقلق" إزاء تحركات بعض الدول الغربية صوب تجميد الاحتياطيات الروسية. وأضاف "تخشى هذه الدول من أنه في حالة حدوث أزمة مع الولايات المتحدة في المستقبل، فإن الأخيرة قد تقدم على تجميد احتياطيات هذه الدول، لذا فهي قررت الابتعاد عن الدولار".

من جانبه، يعتبر مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الأمريكية دونالد ترامب، أن التخلص من هيمنة الدولار يشكل تهديداً كبيراً لزعامة بلاده، موجهاً تهديداً للدول التي تتخلى عن استخدام الدولار في معاملاتها التجارية. فأمام أنصاره بولاية ويسكونسن قبل أيام، قال ترامب إن إدارته سوف تفرض على هذه الدول رسوماً جمركية بنسبة 100 % على سلعها القادمة للولايات المتحدة.

السعودية والبرازيل والأرجنتين على خطى روسيا

أبرمت بكين صفقات مع دول أخرى لإجراء المزيد من التعاملات التجارية باليوان؛ إذ وقعت مع السعودية أواخر العام الماضي اتفاقيات لمدة 3 سنوات وبقيمة 7 مليارات دولار.

وقد تمثل هذه الصفقة تحولا محتملاً كبيراً في أسواق الطاقة العالمية التي ما زال الدولار يهمين عليها في مصطلح اقتصادي يُطلق عليه اسم " البترودولار".

وفي ذلك، قال هيلبرت إن السعودية "تبيع النفط والغاز إلى الصين وتحصل على اليوان الذي يمكن استخدامه لشراء سلع صينية أو استخدامه لضخ استثمارات في الصين. هذا هو هدف السعودية بمعني أن الأمر ليس سوى مقايضة".

وقد وافقت دول أخرى مثل البرازيل وإيران وباكستان ونيجيريا والأرجنتين وتركيا على إجراء المزيد من معاملاتها التجارية باليوان، لكن الحالة الإيرانية هي الأكثر لفتاً للأنظار؛ إذ كشفت بيانات شركة "كبلر" لتحليل البيانات عن أن المصافي الصينية اشترت 90٪ من النفط الإيراني المصدر العام الماضي. وتحصل إيران على عوائد بيع النفط باليوان عبر بنوك صينية صغيرة.

أما فيما يتعلق بالأرجنتين، فتواجه الدولة اللاتينية أزمة اقتصادية كبيرة نجم عنها نقصاً حاداً في الدولار، لكن يمكنها عن طريق إتمام المعاملات التجارية ياليوان الحفاظ على الاحتياطات الأجنبية التي بحوزتها بالدولار وعملات أجنبية أخرى.

تسعى الصين إلى تدويل عملتها اليوان لتنافس الدولار، فهل بمقدورها ذلك؟صورة من: Wang Jianfeng / Costfoto/picture alliance

تدويل اليوان...مهمة ليست بالسهلة

وعلى الرغم من الخطوات التي تتخذها الصين لتدويل اليوان، إلا أن عملتها ليست قابلة للتحويل بالكامل مع العملات العالمية الأخرى. ويشدد خبراء الاقتصاد على أن هذا الأمر يعد ضرورياً لكي ينافس اليوان الدولار خاصة مع استمرار بكين في فرض ضوابط رأس المال التي تقيد التدفق الحر لرأس المال الخارج من البلد والداخل إليه.

يأتي ذلك في الوقت الذي مازالت تخشى فيه الحكومة الصينية من عودة شبح الأزمة المالية التي عصفت بدول جنوب شرق آسيا بين عامي 1997/1998 وأدت إلى هروب رؤوس الأموال.

ويرى هانز جونتر هيلبرت، الزميل بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) أن كلفة أن تصبح أي عملة قابلة للتحويل بشكل كامل، سوف يتمثل في خطر حدوث حالة من زعزعة الاستقرار سواء السياسي أو الاقتصادي، مضيفاً "سيكون اليوان في هذه الحالة عرضة للمضاربة وهو ما تخشاه الحكومة الصينية، لأنها ما زالت تتذكر ما حدث في السابق في تايلاند وكوريا الجنوبية".

يشار إلى أن عملتي تايلاند وكوريا الجنوبية قد خسرتا أكثر من نصف قيمتهما مقابل الدولار إبان الأزمة المالية الأسيوية أواخر تسعينات القرن الماضي، ما أجبر البلدين، إلى جانب إندونيسيا، إلى طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي.

وقالت مايا نيكولادزي، المديرة المساعدة في مركز "جيو إيكونوميكس" التابع للمجلس الأطلسي إن الصين "لم تبد استعدادها لرفع ضوابط رأس المال، وهو ما سيكون عاملاً رئيسياً في تمكين اليوان من تحقيق الآمال المعقودة عليه بأن يصبح عملة رئيسية للتجارة العالمية".

وترمي هذه الضوابط إلى تعزيز قدرة الحكومة الصينية على تحقيق مرونة في خفض قيمة اليوان لتعزيز الصادرات الصينية أثناء تباطؤ النمو الاقتصادي مثلما حدث عام 2015 وخلال جائحة كورونا.

ترمي دول بريكس إلى تقليل الاعتمادية على الدولارصورة من: Prime Ministers Office/Zuma Press/picture alliance

الصين "قوة مالية عظمى"...حلم شي جينبينغ

وفي الوقت الذي يُنظر إلى الدولار باعتباره عملة احتياطية عالمية يحظى بالأمان على المدى القريب والمتوسط، فقد سلط الرئيس الصيني شي جين بينغ مطلع العام الجاري، الضوء على رغبته في أن تصبح بلاده "قوة مالية".

بيد أن الصين تواجه تحديات جمة لتحقيق مساعيها في توجيه العالم صوب نظام عملات متعدد الأقطاب بما في ذلك المستويات المرتفعة من الديون، فضلاً عن تفاقم أزمة العقارات. ويُضاف إلى ذلك ما قد تثيره التوترات التجارية والجيوسياسية بين الصين والدول الغربية والأسيوية من تحديات على قدرة الاقتصاد الصيني على التعافي الكامل من تبعات وباء كورونا الاقتصادية.

يعتقد هانز جونتر هيلبرت، الزميل بالمعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) أن الصين ليست على خط واحد مع النظام المالي العالمي لأنها تعاني من "العديد من أوجه عدم الكفاءة" بسبب وجود شركات عديدة مملوكة للدولة أو مدعومة منها ونظام مالي يتسم بعدم الحداثة، قائلاً: "إذا كنت تريد أن تصبح قوة اقتصادية كبيرة، فهذه ليست الاستراتيجية الصحيحة".

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW