هل يستغل تنظيم القاعدة انعقاد قمة الثمان لتنفيذ عمليات إرهابية؟
٣١ مايو ٢٠٠٧تشهد ألمانيا خلال هذه الأسابيع عدة اجتماعات دولية مهمة أبرزها قمة مجموعة الثمان التي تعقد في منتجع مدينة هايليغيندام الألمانية من السادس حتى الثامن من حزيران/يونيو المقبل. وسبق ذلك اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ونظرائهم من 16 دولة آسيوية الذي اختتم أعماله يوم الثلاثاء 29 أيار/مايو.
هذه الاجتماعات رافقتها وسترافقها مظاهرات مناهضة لدور الدول الكبرى في تلويث البيئة ونشر الفقر، حسبما يقول المتظاهرون الذين ينتمون في العادة إلى حركات يسارية أو بيئية تتبع منهجا سلميا في الاعتراض. وبالرغم من التوجه السلمي عموما لهذه الحركات، إلا أن بينها أيضا أقلية تتبع منهجا عنيفا، يخشى فيه من اندساس عناصر من الحركات اليمينية المتطرفة إلى المتظاهرين اليساريين بهدف الإساءة لسمعة الحركات ذات التوجه اليساري التي تشهد إقبالا على نشاطاتها خلال السنوات الأخيرة، خصوصا بعد غزو العراق 2003.
قمة مجموعة الثمان: مناسبة للقيام بعمليات إرهابية
ولا يقتصر خطر العنف على الحركات اليسارية واليمينية فحسب، بل يمتد أيضا إلى بعض الحركات الإسلاموية المتطرفة مثل تنظيم القاعدة الذي استغل من قبل توقيت عقد قمة مجموعة الثمان للقيام بتفجيرات. هذه الحركات التي تسيء استخدام الإسلام تبريرا لأعمالها لا ترى نفسها جزءا من حركة مناهضة العنف أو الحرب أو "الفساد في الأرض" حسب التعبير القرآني، وإنما تساهم أعمالها العنيفة في إبعاد نظر الجمهور عن الاهتمام بما تفعله مجموعة الثمان. ويذكّرنا ياسين مشربش الكاتب المتخصص بشؤون الإرهاب في الموقع الالكتروني لدير شبيغل الألمانية بأن تفجيرات لندن التي استهدفت القطارات العامة وأدت إلى مقتل أكثر من 50 شخصا وجرح حوالي 700 آخرين تزامنت مع القمة قبل الأخيرة لمجموعة الثمان التي عقدت في مدينة غلينيغليس الإستكلندية عام 2005، فحينها "تغير محور اهتمام العالم من غلينيغليس إلى لندن" حسبما يقول مشربش.
الشرطة تستعد لـ "أكبر عملية شرطية في تاريخ ألمانيا"
ومن الواضح أن السلطات الأمنية الألمانية تخشى من تكرار ما حدث في لندن خلال الأسبوع القادم، لذا بدأت السلطات منذ سنتين بتحضيرات أمنية ضخمة من بينها إقامة سياج معدني طويل حول منتجع هايلجيندام تعلوه أسلاك شائكة وكاميرات فيديو. ويشق السياج مسافة طولها 12 كيلومترا عبر الريف حتى يصل إلى نهايته في الماء مرة أخرى ويلحق به سياج على شبكة طافية على البحر بامتداد 3.5 كيلومترا للحيلولة دون وصول المتظاهرين إلى المنتجع عبر التجذيف أو السباحة. علاوة على ذلك نفذت السلطات الأمنية عمليات تفتيش احترازية لمنازل ناشطين يساريين في 9 أيار/مايو. وتقول الشرطة الألمانية إنها تستعد لـ "أكبر عملية شرطية في تاريخ ألمانيا" بتكلفة نحو 100 مليون يورو. ولاقت هذه الإجراءات انتقادات من جهات متعددة، إذ يقول زعماء نقابيون وناشطون في مجال حماية البيئة إن الهدف من هذه الحملات هو بث الذعر في نفوس قطاع عريض من منتقدي مجموعة الثمان.
توقع مظاهرات ضخمة
و كانت مدينة هامبورغ قد شهدت يوم الاثنين الماضي مظاهرات ومسيرات احتجاج ضد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ونظرائهم الآسيويين، حيث شارك في المسيرات نحو أربعة آلاف متظاهر وفرقت الشرطة المتظاهرين باستخدام خراطيم المياه واعتقلت 24 شخصا وأصيب نحو 150 من رجال الشرطة بتهيجات في العين بسبب غازات مسيلة استخدمها المتظاهرون في مواجهة الشرطة.
ويدل العدد الكبير الذي شارك في المسيرات الماضية على احتمال مشاركة أعداد أكبر، يقدرها البعض بـ 100 ألف خلال فترة انعقاد قمة مجموعة الثمان. وفي حال استغلال الحركات الإسلامية المتطرفة أو غيرها من الحركات توقيت عقد القمة لتنفيذ هجمات إرهابية فإن ذلك سيكون مبررا للسلطات لزيادة إجراءاتها الأمنية والاستخباراتية المتزايدة، فيما ستفقد الحركات الداعمة للمساواة الاقتصادية والمناهضة للحروب وتلويث البيئة من قدراتها على اجتذاب الجمهور الذي سينشغل مجددا بمكافحة الإرهاب وصراع الحضارات.