1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس.. هل أُسدل الستار على حقبة الإخوان في العالم العربي؟

٢٧ يوليو ٢٠٢١

التطورات الأخيرة في تونس تلقى ردود فعل هادئة سواء دوليا أوعربيا، وتعيد إلى الأذهان فشل تجربة حكم الإخوان في مصر وإخفاقهم في محاولات الصعود إلى السلطة في دول أخرى مثل سوريا. فهل انتهى عصر الإخوان في العالم العربي؟

مظاهرة لأنصار حزب النهضة في تونس
هل ينتهي العصر الذهبي للإخوان بعد الأحداث الأخيرة في تونس؟صورة من: Nacer Talel/AA/picture alliance

"نحن هنا لحماية تونس. رأينا كل المآسي في ظل حكم الإخوان المسلمين"، هكذا يصيح الشاب التونسي أيمن في تجمع لأنصار الرئيس التونسي قيس سعيّد أمام مبنى البرلمان، الذي جمّد سعيّد أعماله وأقال الحكومة، بمساعدة الجيش، ما أدخل البلاد في أزمة سياسية تثير قلقاً دولياً على تجربة تونس الديمقراطية.
وفيما وصف حزب "حركة النهضة" الإسلامي، وهو أكبر أحزاب البرلمان، خطوة سعيّد بأنها "انقلاب"، اعتبرت وسائل الإعلام التابعة للدولة ما قام به الرئيس التونسي "جزءاً من المعركة ضد جماعة الإخوان"، في إشارة إلى حركة النهضة، التي يعتبرها معارضوها فرعاً لتنظيم الإخوان المسلمين في تونس، رغم أنها نأت بنفسها عن الجماعة في السنوات الأخيرة.

ووسط ازدياد السخط الشعبي من "إخوان" تونس، تطرح التطورات الأخيرة في البلاد تساؤلات عما إذا كان نجم "النهضة" في العالم العربي بشكل عام أوشك على الأفول، على غرار ما حصل مع الإخوان في مصر. ويرى المفكر التونسي صلاح الدين الجورشي في حوار مع DWعربية أن "حركات الإسلام السياسي، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين، في تراجع تدريجي في كل البلدان العربية بشكل عام، وقد تصل إلى الأفول أو الغياب التام في بعض البلدان".

"تراجع أو أفول"
ويحمل الجورشي حركات الإسلام السياسي نفسها مسؤولية هذا "التراجع أو الأفول"، ويضيف: "الإسلام السياسي فشل في أن يقدم نفسه كبديل سياسي مقنع للشعوب العربية في هذه المرحلة الحساسة"، ويوضح: "لم تطرح حركات الإسلام السياسي أولويات حقيقية ولم تستطع أن تنشئ مشروعاً سياسياً أو أن تكون لها قيادات فاعلة ومحبوبة من قبل الناس، بل دخلت في خلافات مع الأطراف الأخرى ومؤسسات الدولة من أجل البقاء في السلطة، ولذلك عندما ضُربت وجدت نفسها معزولة ولم يقف معها أحد".

وتتفق صحيفة "شبيغل" الألمانية أن "الإسلاميين في تونس خيبوا آمال الناس وأنصارهم أيضاً"، وتضيف: "بعد ثورة 2011، اعتمد كثير من الناس على المعارضة الدينية (الإسلامية) التي تعرضت لاضطهاد وحشي في عهد الدكتاتور بن علي (...) لكن وبعد عشر سنوات من مشاركة حركة النهضة في الحكومات المتعاقبة، لايزال الفساد مستشرياً والبطالة آخذة في الارتفاع والخدمات الحكومية تتدهور".

وبحسب "شبيغل"، فإن هناك "تشابهاً" نسبياً بين ما يحدث في تونس اليوم وما حصل في مصر عام 2013. وكتبت الصحيفة: "تذكرنا بعض المشاهد (في تونس) بانقلاب عام 2013 في مصر، عندما أطاح الجيش - بقيادة وزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي - بحكومة الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطياً - وسط هتافات لعشرات الآلاف الشوارع".
بين مصر وتونس!
ورغم أن الجورشي أيضاً يرى "بداية تشابه" بين التطورات الأخيرة في تونس و ما حصل في مصر، إلا أنه يعتقد أن "لكل تجربة خصوصيتها"، ويضيف: "التجربة المصرية كانت متسرعة، فقد حاولوا (الإخوان) استغلال النجاح النسبي في الانتخابات بسرعة لإخضاع المجتمع وفرض أجنداتهم وفكرهم، لكن في تونس حاولت النهضة أن تتكيف وكانت دائمة حذرة في الاصطدام بالجيش، ما ساعدها مؤقتاً ومنذ عشر سنوات أن تنجو من المنزلقات"، ويتابع: "لكن ما حصل مؤخراً (في تونس) هو دليل على أن الجيش مؤسسة تبقى تابعة للسلطة القوية ولمن يمثل الدولة".

لكن ما يتشابه فيه "إخوان" مصر مع "إخوان تونس"، بحسب الجورشي، هو "فشل الطرفين في بناء ثقة قوية بين الناس"، بالإضافة إلى "فشلها (حركات الإسلام السياسي) في وضع استراتيجيات لبناء تحالفات قوية على الصعيد الإقليمي والدولي، وهو ما جعل الأطراف الدولية تتخوف منها".

ورغم إشادة الولايات المتحدة ودول غرب أوروبا بتونس على مدى سنوات لتبنيها الديمقراطية، فإن ردود الفعل الأمريكية والأوروبية البطيئة على خطوات سعيد، جعلتها تبدو وكأنها غير متأكدة مما إذا كان ينبغي إدانة تلك الخطوات أو تأييدها، فيما سارعت دول تدعم حركة الإخوان المسلمين، وعلى رأسها تركيا، إلى رفض ما وصفته بـ"الانقلاب"، فيما دعت قطر - التي دعمت حكومة الإخوان بقيادة الرئيس الأسبق محمد مرسي في مصر بمليارات الدولات كودائع ومنح - أطراف الأزمة التونسية إلى "تغليب صوت الحكمة وتجنّب التصعيد". 

سوريا وليبيا
ويرى الجورشي أنه وبالرغم من"تعويل" بعض حركات الإسلام السياسي على الدعم التركي لمحاولة الصعود إلى السلطة في عدة بلدان عربية، إلا أنه يؤكد أن هذا الدعم "غير كاف" و"قد ينتهي". فرغم الدعم التركي لـ"إخوان مصر" في عهد مرسي والسنوات التي تلت "الانقلاب"، إلا أن تركيا تسعى مؤخراً إلى تطبيع علاقاتها مع مصر.
وفي سوريا، استطاع "الإخوان" بفضل الدعم التركي أن يشكلوا كتلة قوية في المعارضة في بداية "الثورة"، بشغل نحو ربع مقاعد "المجلس الوطني السوري" المعارض آنذاك، وذلك قبل أن تتحول المعارضة السورية بتكويناتها المختلفة إلى مجموعة هشة، خصوصاً بعد تفاهمات إقليمية بين تركيا وروسيا وإيران. وتؤكد صحيفة "تسايت" الألمانية أن التعويل على دور الإخوان المسلمين في سوريا كان "مبالغاً فيه".

ورغم فشل "إخوان" مصر وسوريا، يبدو أن المساعي التركية لدعم الإخوان من أجل تولي السلطة مستمرة، فهي تدعم رئيس الوزراء الليبي للفترة الانتقالية، عبدالحميد دبيبة، الذي يعتبر مقرباً من جماعة الإخوان المسلمين. كما أنها استضافت المؤتمر العاشر لـ"إخوان ليبيا"، والذي تقرر فيه تغيير اسم "جماعة الإخوان المسلمين" في ليبيا إلى "جمعية الإحياء والتجديد" بسبب ما سمته الجماعة "حملة تشويه شرسة" ضدها.

لكن الجورشي يرى أن حركات الإسلام السياسي تحتاج إلى أكثر من مجرد تغيير اسمها لكي تبقى، ويضيف: "عليها أن تعيد النظر في بنيتها وفكرها لتضفي على نفسها طبيعة جديدة تختلف عن حركات الإسلام السياسي التقليدية"، ويتابع: "يجب عليها أن تركز على تماسك المجتمع وبناء اقتصاد قوي، وتكون الهوية الإسلامية بالنسبة لها مثل الهوية المسيحية للأحزاب المسيحية في أوروبا".

محيي الدين حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW