هل يسعى بن سلمان لإعادة الجبري إلى السعودية بأي ثمن؟
١٠ أغسطس ٢٠٢٠
المسؤول السابق في المخابرات السعودية سعد الجبري، يتهم ولي العهد السعودي بمحاولة اغتياله بنفس طريقة اغتيال خاشقجي، ويرفع دعوى ضده أمام محكمة أمريكية. ربما لن يحاكم ولي العهد لكن ضررا كبيرا سيلحق بسمعته وسمعة المملكة.
إعلان
اتهم الضابط الكبير والمسؤول الرفيع السابق في المخابرات السعودية، سعد الجبري، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بإرسال فرقة اغتيال إلى كندا، حيث يعيش الجبري، لاغتياله بنفس الطريقة التي اغتيل بها الصحافي السعودي، جمال خاشقجي قبل ذلك بأسبوعين في قنصلية المملكة في إسطنبول عام 2018.
كما يتهم محامو سعد الجبري في الدعوى، ولي العهد السعودي بإرسال تهديدات صريحة له بالموت عبر تطبيق واتسآب لموكلهم، واستصدار فتوى شرعية تبيح قتله ومحاولة استدراج الجبرى إلى السعودية باعتقال أحد ابنيه اللذين لا يزالان في السعودية. ويقول المحامون جاء في تهديدات بن سلمان أنه "سيستخدم كل الوسائل المتاحة للقضاء على الدكتور سعد".
مطلوب بسبب الأسرار التي يحتفظ بها
سعد الجبري كان مساعدا ومستشارا مقربا جدا من ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، واضطر للبقاء في كندا حين تم خلع بن نايف وتعيين محمد بن سلمان وليا للعهد عام 2017. ويقول غيدو شتاينبرغ، الخبير في الشأن السعودي والباحث بمعهد العلوم والسياسة في برلين، بسبب النفوذ الذي كان يحظى به في وزارة الداخلية السعودية "ربما يكون الجبري هو الشخص الأكثر اطلاعا ليس على القضايا الداخلية فقط وإنما الخارجية أيضا" للمملكة. ويضيف شتاينبرغ لـ DW "وذلك هو سبب رغبة محمد بن سلمان بإعادته إلى السعودية، ونعرف أن بن سلمان حاول ذلك بكل الطرق".
وعلاقات الجبري العميقة والقوية جدا بالاستخبارات الأمريكية، ربما هي التي تشكل تهديدا لولي العهد السعودي، ويقول محامو الجبري "فقط بضعة أمكنة يمكن أن تكون فيها معلومات حساسة ومهينة عن المتهم محمد بن سلمان وقد تضر به، مثل ما تحتفظ به ذاكرة د. سعد".
والدعوى الحالية ضد بن سلمان، ليست سوى الفصل الأحدث في قصة الجبري. ففي عام 2017 حاول بن سلمان إصدار مذكرة اعتقال دولية من الانتربول بحق الجبري بتهمة الفساد، لكن طلبه رفض لأن دوافعه كانت سياسية، حسب صحيفة نيويورك تايمز.
ومنذ يوم الخميس (السادس من آب/ أغسطس 2020) انتشر وسم "#الفاسد_سعد_الجبري" في السعودية، وقال خبير مواقع التواصل الاجتماعي، مارك أوين، في تغريدة بأن ذلك هو "جزء كبير من الدفاع الوطني السعودي".
ويضيف "إن رد فعل وسائل الإعلام المحلية، يظهر حجم قلق السلطات السعودية بشأن الضرر الذي يمكن أن تلحقه قضية الجبري، ليس بالعلاقات مع واشنطن وإنما مع الخارج" بشكل عام، حسب ما جاء في حوار DW مع ياسمين فاروق، الباحثة في معهد كارنيغي للسلام.
وفي هذا السياق يقول الخبير الألماني في الشأن السعودي، غيدو شتاينبرع "من الناحية القانونية، وحسب معرفتي، ليس من الواضح فيما إذا كانت المحكمة الأمريكية ستفتح ملف الدعوى وتبدأ بالإجراءات. لأن سعد الجبري ليس مواطنا أمريكيا ولا يقيم في الولايات المتحدة". ويضيف شتاينبرغ "إنه مجرد حليف مهم سابق، هذا كل ما في الأمر".
لكن الناشط السعودي، عبد العزيز المؤيد يقول لـ DW إن الأدلة المادية التي كانت بحوزة المتورطين في قتل جمال خاشقجي، واحتمال إثبات التهديدات بقتل الجبري ضد محمد بن سلمان، قد تجبره على الرد. ويقول المؤيد "إن الجبري قدم أدلة تشكل تحديا لنظام قضائي محترم". ويضيف الناشط السعودي "هكذا سيضطر محمد بن سلمان للدفاع عن نفسه، لأنه لا يستطيع تجاهل النظام القضائي الأمريكي، حيث الكثير من الأموال باسمه وباسم البلاد (السعودية) مودعة هناك".
وحتى لو لم تحال دعوى الجابري للمحكمة فإن "ضررا إضافيا قد لحق بسمعة ولي العهد والسعودية" ، تقول ياسمين فاروق، الباحثة في معهد كارنيغي للسلام، وتضيف بأن "ضرر قضية الجبري قد يتحول إلى ضرر سياسي ملموس بسبب علاقاته (الجبري) مع الدوائر الأمنية والاستخبارات في الولايات المتحدة".
يذكر أن الجهات الرسمية الكندية لم تؤكد أو تنفي مزاعم الجبري، واكتفى وزير الأمن العام الكندي بيل بلير إنه بالقول بأنه لا يمكنه التعليق على مزاعم تنظرها المحاكم. وأضاف في بيان أرسل إلى رويترز "نحن على دراية بوقائع حاولت فيها عناصر أجنبية مراقبة أو تخويف أو تهديد كنديين أو أفراد
يعيشون في كندا. هذا غير مقبول بالمرة".
توم أليسون/ عارف جابو
في صور: رغم الإصلاحات في السعودية.. أصحاب رأي خلف القضبان
فاجأت السعودية العالم بخبر إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير وعقوبة الإعدام بحق القصر. لكن هل ستنعكس هذه الإصلاحات على أرض الواقع؟ وماذا عن سجناء الرأي الحاليين؟
صورة من: Getty Images/M. Ingram
إلغاء عقوبة الإعدام بحق القاصرين
بعد عدة ساعات على قرار إلغاء عقوبة الجلد في قضايا التعزير، أعلنت السعودية أيضاً إلغاء حكم الإعدام بحكم المدانين القصّر واستبداله بالسجن مدة لا تزيد عن عشر سنوات في منشأة احتجاز للأحداث. وجاءت هذه القرارات لتساعد "على صياغة قانون للعقوبات أكثر عصرية" بحسب ما تناقلته وسائل إعلامية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
محاولة للتجميل بعد مقتل خاشقجي؟
جاء ترحيب الحقوقيون ومنظمات حقوق الإنسان بهذه القرارات بشكل حذر، حيث اعتبر غيدو شتاينبيرغ من مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) ببرلين أن هذه القرارات صحيحة، ولكنها لا تعبر بالضرورة عن إتجاه إصلاحي في السعودية وقال: "إنها محاولة لتلميع صورة الدولة". وكانت سمعة المملكة على الساحة الدولية تراجعت بشدة بعد قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
محاولة لكسب الغرب
ويرى غيدو شتاينبيرغ أن السعودية تهتم بشكل خاص بسمعتها في الولايات المتحدة الأمريكية والغرب، إلا أن ولي العهد محمد بن سلمان مازال يحكم بقبضة من حديد. فالإصلاحات التي قام بها صاحبتها إجراءات قمعية لكل معارضة داخلية. ولم تسلم العائلة المالكة نفسها من هذه الإجراءات.
صورة من: Reuters/Courtesy of Saudi Royal Court/B. Algaloud
شخصيات بارزة رهن الإعتقال
وطالت الإجراءات القمعية في السعودية أيضاً أفراد بارزين من العائلة المالكة، حيث شهدت أواخر شهر مارس/آذار حملة جديدة من الإعتقالات شملت إبن عم محمد بن سلمان وولي العهد السابق محمد بن نايف (يسار الصورة) بتهمة "الخيانة وتدبير انقلاب". وبحسب شتاينبرغ فإن هذه رسالة للجميع بأن أي معارضة سياسية لن يتم التسامح معها.
صورة من: picture-alliance/abaca
رسالة للعائلة المالكة
كما قام ولي العهد السعودي بإبعاد أي منافس محتمل له من العائلة المالكة عن طريق حملات توقيف بحق أفراد من العائلة ومنهم متعب بن عبد الله، وهو رئيس الحرس الوطني السعودي السابق. ويقول شتاينبيرغ: "يريد محمد بن سلمان إرسال إشارة للعائلة أن المملكة لديها حاكم جديد، وانهم يستطيعون الحفاظ على إمتيازاتهم بشرط عدم إظهار أي معارضة".
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Yalcin
الأميرة السجينة بسمة بن سعود
يعرف عن الأميرة بسمة بنت سعود أنها ناشطة في مجال حقوق الإنسان ومعارضة للممارسات القمعية ضد المرأة في السعودية. في عام 2019 إختفت الأميرة دون أثر، لتظهر منذ فترة قصيرة بنداء استغاثة اطلقته عن طريق خطاب طالبت فيه بإطلاق صراحها. وكتبت الأميرة البالغة من العمر 56 عاماً أنه يتم احتجازها دون موافقتها وبدون سند قانوني في سجن الحاير السعودي.
صورة من: Getty Images/M. Ingram
الناشطة لجين الهذلول
قبل إطلاق سراحها في شباط/ فبراير 2021 تعرضت الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة للسجن ثلاث سنوات بتهم من أبرزها "التآمر" مع جهات أجنبية. وبحسب تصريحات أختها لينا، فقد تعرضت لجين للتعذيب والتحرش الجنسي خلال الحبس. وقالت عائلة لجين أنها تلقت خلال السجن عرضاً بإطلاق سراحها بشرط قيامها بنفي التعرض للتعذيب.
صورة من: Getty Images/AFP/Facebook/Loujain al-Hathloul
محاولة للإلهاء
يرى مراقبون أن قرارات إلغاء عقوبتي الجلد والإعدام جاءت كمحاولة لإلهاء الناس عن خبر وفاة الناشط الحقوقي عبد الله الحامد (يسار الصورة) في السجن. وكان الحامد توفي منذ أيام قليلة بسبب جلطة دماغية لم يتلق بعدها العناية الطبية الكافية بحسب ما تناقلته التقارير الإعلامية. ومازال الناشطان الحقوقيان وليد أبو الخير ومحمد فهد القحطاني (يمين الصورة) في السجن بسبب نشاطهما السياسي.
صورة من: picture-alliance/dpa/right livelihood award
رائف بدوي
يُعد رائف بدوي أحد أكثر معتقلي الرأي شهرة في السعودية. وكان المدون والناشط الحقوقي أُعتقل في عام 2013 بتهمة "إهانة الإسلام" وحُكم عليه بألف جلدة وبالسجن عشر سنوات. وتسبب تنفيذ حكم الجلد عليه علناً في إثارة انتقادات دولية واسعة للسعودية. يقول شتاينبرغ أن رد الفعل هذا قد يكون سبباً في إلغاء عقوبة الجلد، ولكنه ينبه:" ليس معنى ذلك أنه سيتم إطلاق سراحه الآن".
صورة من: picture-alliance/dpa/empics/Canadian Press/P. Chiasson
سمر بدوي
تقبع سمر بدوي، أخت رائف بدوي، ايضاً في السجن منذ 2018، ومعها نسيمة السادة، وهما من الناشطات في مجال حقوق الإنسان في المملكة. وكانت السلطات شنت في 2018 حملة إعتقالات على مجموعة من الناشطات، تم بعدها الإفراج عن بعضهن مثل أمل الحربي وميساء الماعن، بينما تنتظر الأخريات، مثل سمر ونسيمة، البت في قضيتهن.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Wiklund
سلمان العودة
يعد الداعية سلمان العودة أحد الدعاة الدينيين السلفيين المعتدلين والمعروفين على الساحة، وهو قريب من جماعة الإخوان المسلمين التي تحظرها السلطات السعودية. يعرف عن العودة انتقاده للسياسات الداخلية والخارجية للمملكة، وفي 2017 حُكم عليه بعقوبة الإعدام، إلا أن الحكم لم ينفذ حتى اليوم.
صورة من: Creative Commons
علي محمد النمر
بعد إلغاء عقوبة الإعدام بحق القُصر تتجه الأنظار لعلي محمد النمر الذي أعتقل وهو في السابعة عشرة من عمره بسبب مشاركته في مظاهرات تطالب بالإصلاح وإطلاق صراح سجناء الرأي في 2012. وكان عمه نمر النمر أحد الدعاة الشيعة البارزين في السعودية. ويتوقع خبير شئون الشرق الأوسط غيدو شتاينبرغ أن حكم الإعدام لن ينفذ بحق علي محمد النمر، لكنه سيبقى في السجن.