هل يشكل الاتحاد الأوروبي قوة بحرية مشتركة في البحر الأحمر؟
٢٨ ديسمبر ٢٠٢٣
بعد إسبانيا، أعلنت ألمانيا أيضا أنها منفتحة على عملية بحرية للاتحاد الأوروبي لحماية الملاحة بالبحر الأحمر. برلين قالت إنها تتشاور مع شركائها الأوروبيين لاتخاذ قرار مشترك حول إطلاق مهمة بحرية جديدة لمواجهة هجمات الحوثيين.
إعلان
قال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، الخميس (28 ديسمبر/كانون الأول 2023)، إن ألمانيا وشركاءها في الاتحاد الأوروبي يدرسون ما إذا كان بإمكانهم القيام بمهمة بحرية جديدة لحماية السفن التجارية المعرضة لخطر الهجوم في البحر الأحمر.
وأكد المتحدث أن "الحكومة الألمانية مستعدة لذلك. ومن المهم أن يكون الاتحاد الأوروبي قادرا على التصرف بأسرع ما يمكن في ظل الهجمات المستمرة"، مضيفا أنه لم يتم اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة بعد.
وهاجم الحوثيون المتحالفون مع إيران عشرات السفن بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ 19 نوفمبر تشرين الثاني، ردا على الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حركة حماس في غزة، والتي أعقبت الهجوم الذي شنته الحركة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على جنوب إسرائيل.
وتقود الولايات المتحدة قوة بحرية جديدة، تُعرف باسم عملية (حارس الازدهار) للتصدي لهجمات الحوثيين في اليمن، لكن بعض الحلفاء يترددون في الانضمام للمهمة.
وذكر المتحدث أن ألمانيا تواصل دراسة مسألة المشاركة المحتملة في المهمة التي تقودها الولايات المتحدة. وأضاف أن هناك أيضا محادثات في بروكسل حول تمديد مهمة الاتحاد الأوروبي الحالية لمكافحة القرصنة (أتالانتا) والتي تهدف لحماية الشحن في البحر الأحمر، ولكن لم يتم اتخاذ قرار بعد.
وكان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قد قال أمس الأربعاء إنه مستعد لبحث تشكيل مهمة مختلفة لمعالجة المشكلة، بعد أن عارضت إسبانيا توسيع (أتالانتا) والانضمام إلى قوة المهام التي تقودها الولايات المتحدة.
من جانبه، قال سفير إسرائيل لدى ألمانيا رون بروسور إن حماية طريق التجارة العالمية الرئيسي عبر البحر الأحمر يجب أن تحمل أهمية كبرى لدى أكبر اقتصاد في أوروبا، في الوقت الذي يحكم فيه المسلحون اليمنيون قبضتهم على مرور السفن التجارية عبر الممر المائي.
وقال رون بروسور، لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ)، "ما يفعله الحوثيون في البحر الأحمر ليس موجها ضد إسرائيل فحسب، بل ضد المجتمع الدولي بأسره".
وأضاف السفير الإسرائيلي "من مصلحة ألمانيا، كدولة مصدرة، أن تكون الطرق البحرية حرة." وقال إنه لا يريد تقديم توصية إلى الحكومة الألمانية بشأن مشاركة برلين المحتملة في قوة بحرية بقيادة الولايات المتحدة لحماية السفن التي تعبر البحر. ولكنه أضاف أن "ألمانيا تقف إلى جانب الدول الجيدة والديمقراطية والمسؤولة. وأنا واثق من أنه سيتم اتخاذ القرار الصحيح".
وتتجنب شركات الشحن الكبرى بشكل متزايد الطريق عبر البحر الأحمر وقناة السويس، التي يمر عبرها نحو 10% من إجمالي التجارة العالمية. وأعلنت واشنطن أن التحالف المعلن حديثا لحماية السفن التجارية يشمل بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل.
ف.ي/أ.ح (د ب ا، رويترز)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.