منذ بداية الهجوم الوحشي الكبير الذي شنته حماس على إسرائيل، رفضت روسيا الانحياز إلى أي طرف. ويحافظ الكرملين على علاقات جيدة مع طرفي الصراع، في حين تحمل موسكو الغرب مسؤولية التصعيد.
إعلان
العلم الإسرائيلي منكس على ساريته، باقة صغيرة من زهور القرنفل باللونين الأبيض والأزرق، الألوان الوطنية الإسرائيلية، يقصد الروس السفارة الإسرائيلية في موسكو للتعبير عن تعازيهم في ضحايا هجوم حماس الإرهابي. ضباط الشرطة يتفقدون وثائقهم الشخصية. الوضع هادئ في السفارة وكذلك الحال أمام ممثلية السلطة الفلسطينية في العاصمة الروسية.
العلاقات الروسية جيدة مع كلا الجانبين: الإسرائيلي والفلسطيني، بيد أنها وفي الوقت نفسه تحافظ على مسافة من كليهما، كما يقول الخبير الروسي في شؤون الشرق الأوسط رسلان سليمانوف، الذي يعيش في أذربيجان، في مقابلة مع DW: "لا تزال العلاقات تتمتع بالثقة بشكل جزئي، حتى بعد أن هاجمت روسيا أوكرانيا، ما أدى إلى تدهورها مع إسرائيل إلى حد ما".
وفي هذا السياق، يستذكر سليمانوف تصريح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مايو/أيار 2022. حينها، ادعى لافروف، في إشارة إلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن "أكثر المعادين للسامية ضراوة" هم عادة اليهود أنفسهم. وأدانت الحكومة الإسرائيلية تصريحات لافروف. وتحدث وزير الخارجية آنذاك، يائير لابيد، عن "تصريح فاضح لا يغتفر، وخطأ تاريخي فادح". ويلخص سليمانوف: "لكن ما حدث ليس عصي على الإصلاح".
اتصالات مكثفة مع حماس
الأمر نفسه ينطبق على علاقة الكرملين بحماس، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية: "لقد تكثفت هذه الاتصالات في الآونة الأخيرة. ويزور ممثلو حماس موسكو بشكل متكرر، آخر مرة كانت في مارس/آذار من هذا العام". ويشكك الخبير في أن الكرملين كان على علم بالهجوم الكبير من قبل حركة حماس الإسلاموية-المتطرفة: "حتى المخابرات العسكرية الإسرائيلية كانت متفاجئة بالكامل. ولم يتم استبعاد مثل هذا السيناريو من حيث المبدأ في موسكو، لكن لم يتوقع أحد مثل هذا الحجم للهجوم".
وترى يلينا سوبونينا، وهي من كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية، الذي ليس ببعيد عن الجيش والحكومة، الأمر نفسه، إذ هي على يقين من أن قيادة الكرملين لم تكن تعرف بأمر الهجوم. وفي حديثها إلى DW، أعربت سوبونينا عن شكوكها في قدرة روسيا على تقديم مساهمة كبيرة في تجنب وقوع الهجوم.
والسبب في ذلك هو أن الكرملين لديه حالياً أولويات أخرى، وتحديداً فيما يتعلق "بجاره الغربي"، أي أوكرانيا. ومع ذلك، ترى سوبونينا أن موسكو "تبذل حالياً جهوداً" للتنسيق بالدرجة الأولى مع شركائها العرب، خاصة مصر والإمارات وقطر وإيران. وتؤكد الباحثة السياسة في موسكو، أن روسيا لن تنحاز إلى أي طرف وستعمل ضد "الأنشطة الإرهابية".
وبالفعل، أدانت موسكو رسميا التصعيد الحالي في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ووصفت وزارة الخارجية الروسية ذلك بأنه "نتيجة لحلقة مفرغة من العنف" ودعت إلى ضبط النفس.
أما "أبواق الكرملين" الذين يظهرون في وسائل الإعلام الموالية للحكومة يركزون على ثلاث أطروحات رئيسية: الأخطاء الغربية أدت إلى التصعيد، والحروب أصبحت من طبيعة الأمور، والروس الذين فروا إلى إسرائيل (بسبب الحرب ضد أوكرانيا) سيعودون الآن إلى روسيا.
إلقاء اللوم على "مجانين" الغرب
يرغب الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف في تبني الفرضية القائلة بأن الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، هو من يجب لومه عند الحديث عن هجوم حماس الإرهابي. ففي قناته على تيليغرام، يصف النائب الحالي لرئيس مجلس الأمن، الولايات المتحدة بأنها "اللاعب الحاسم". وبذلك، يربط ميدفيديف جيوسياسياً العدوان الروسي على أوكرانيا بما يحصل في الشرق الأوسط مؤكدا: "الصراع في الشرق الأوسط هو بالضبط ما كان ينبغي على واشنطن وحلفائها أن ينشغلوا به، ولكن عوضاً عن ذلك تدخل المجانين من واشنطن بشؤوننا عن طريق مساعدة النازيين الجدد وتأليب الشعبين القريبين من بعضهما (الروسي والأوكراني) ضد بعضهما البعض".
ولا يأخذ الخبير في شؤون الشرق الأوسط، رسلان سليمانوف، كلام ميدفيديف على محمل الجد: "ميدفيديف بعيد كل البعد عن الواقع وليس له أي تأثير منذ فترة طويلة. ورغم هذا فإن ميدفيديف يمثل على وجه التحديد وجهة نظر الكرملين بأن الغرب يتعمد إثارة مثل هذه الصراعات. لكن هذه مجرد نظرية مؤامرة لأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي له في الواقع أسباب مختلفة تماماً".
وبدلاً من ذلك، يرى سليمانوف أن الكرملين يستفيد من الناحية الفعلية من تصاعد العنف في الشرق الأوسط ويقول بهذا الخصوص: "إن الهجوم على الأقل يصرف الانتباه عما يفعله الجيش الروسي في أوكرانيا. ويستعمله الكرملين للاستهلاك الدعائي المحلي في داخل روسيا. معظم الروس ليسوا مهتمين بالصراع ؛ إذ أنه بعيد عنهم ومعقد جداً".
قد يكون هذا صحيحاً بالنسبة للأغلبية، ولكن ذلك لا ينطبق على جميع الروس. وإلا لما كانت هناك زهور أمام السفارة الإسرائيلية في موسكو ولما كانت تقف أمامها امرأة تحمل لافتة مكتوب عليها "لا للإرهاب". ومع ذلك، لم تدم وقفتها طويلاً: فقد اعتقلتها الشرطة، وفق تقارير إعلامية.
يوري ريشيتو/خ.س
في صور.. سبعون عاماً على قيام إسرائيل
قبل 70 عاماً تأسست دولة إسرائيل. بعد الهولوكوست بات الـ 14 من أيار/مايو 1948 نقطة تحول في تاريخ اليهود ينظرون منها إلى مستقبل واعد. وحسب التقويم العبري يصادف بعد غد الخميس ذكرى التأسيس. أهم المحطات التاريخية في صور!
صورة من: Imago/Seeliger
"انتصار الأمل"
في الـ 14 من أيار/مايو 1948 أعلن رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون قيام دولة إسرائيل. ومما قاله بن غوريون آنذاك: "لم يفقد الشعب اليهودي الأمل مطلقاً. ولم تنقطع صلواته للحرية وللعودة إلى وطنه. واليوم عاد اليهود إلى وطنهم الأصلي. وصار لهم دولة خاصة بهم".
صورة من: picture-alliance/dpa
انتصار دبلوماسي
بعد ذلك مباشرة تم في نيويورك رفع علم الدولة الجديدة أمام مبنى الأمم المتحدة. وبالنسبة للإسرائيليين شكل ذلك خطوة إضافية نحو الأمن والحرية. وأخيراً أصبح لهم دولة معترف بها دولياً.
صورة من: Getty Images/AFP
الساعة المظلمة
يمكن قراءة أهمية تأسيس دولة إسرائيل على خلفية الهولوكوست. فالنازيون قتلوا خلال الحرب العالمية الثانية ستة ملايين يهودي. الصورة لمعتقلين في معسكر أوسشفيتس.
صورة من: picture-alliance/dpa/akg-images
"النكبة" ـ الكارثة
يحيي الفلسطينيون يوم تأسيس دولة إسرائيل كيوم "نكبة" بالنسبة لهم؛ إذ توجب على نحو 700.000 فلسطيني مغادرة أراضيهم. وعليه فإن تأسيس دولة إسرائيل هو بداية ما يسمى "صراع الشرق الأوسط" الذي لم يتم حله حتى بعد مرور 70 عاماً عليه.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
العمل من أجل المستقبل
الطريق السريع رقم 2 تربط بين مدينتي تل أبيب ونتانيا وتوثق كذلك لإرادة انبعاث الدولة الفتية. وتم تدشين الطريق في 1950 من قبل وزيرة العمل الإسرائيلية غولدا مايير التي فرضت على البلاد بعد توليها رئاسة الحكومة نهج تحديث اقتصادي واجتماعي صارم.
صورة من: Photo House Pri-Or, Tel Aviv
كيبوتس
الكيبوتسات هي تجمعات سكنية تعاونية تم إشادتها في كل أنحاء إسرائيل، ولاسيما في السنوات الأولى بعد تأسيس الدولة. وفيها طبق اليهود العلمانيون وأيضاً من ذوي التوجهات الاشتراكية تصوراتهم حول المجتمع.
صورة من: G. Pickow/Three Lions/Hulton Archive/Getty Images
الدولة الحصينة
استمرت التوترات مع الجيران العرب. وفي 1967 أدت تلك التوترات إلى "حرب الأيام الستة" التي انتصرت فيها إسرائيل على مصر والأردن وسوريا ولبنان، التي كانت مدعومة أيضا من وحدات سعودية ويمنية أقل. وفي الوقت نفسه بسطت إسرائيل سيطرتها على القدس الشرقية والضفة الغربية ـ وكان ذلك بداية توترات وحروباً إضافية في المنطقة.
صورة من: Keystone/ZUMA/IMAGO
انتصار وموت
في الألعاب الأولمبية في 1972 بميونيخ أحرز السباح اليهودي الأمريكي مارك شبيتس سبعة أرقام قياسية عالمية. وفي منتصف الدورة الأولمبية اقتحم إرهابيون فلسطينيون القرية الأولمبية واحتجزوا الرياضيين الإسرائيليين كرهائن. وانتهت محاولة تحريرهم من قبل الشرطة الألمانية بكارثة: إذ قتل الإرهابيون الرياضيين الإسرائيلين المحتجزين.
صورة من: dapd
مستوطنات في أرض العدو
سياسة الاستيطان الإسرائيلية عامل تسخين دائم للنزاع مع الفلسطينيين. وتتهم سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية إسرائيل بمنع قيام دولة فلسطينية مستقبلية من خلال بناء مزيد من المستوطنات. وحتى الأمم المتحدة تشجب بناء المستوطنات، إلا أن إسرائيل إلى يومنا هذا لا تعبأ بذلك.
صورة من: picture-alliance/newscom/D. Hill
غضب وكراهية وحجارة
في شتاء 1987 احتج الفلسطينيون ضد الحكم الإسرائيلي في الأراضي المحتلة. وتفجرت الاحتجاجات في مدينة غزة وانتقلت بسرعة إلى القدس الشرقية والضفة الغربية. واستمرت تلك الانتفاضة على مدار سنوات وانتهت بتوقيع اتفاقيات أوسلو في 1993.
صورة من: picture-alliance/AFP/E. Baitel
وأخيراً السلام؟
بوساطة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون باشر رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين والزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في 1993 محادثات سلام. وانتهت هذه المفاوضات بتوقيع "اتفاقية أوسلو" وبالاعتراف المتبادل.
صورة من: picture-alliance/CPA Media
كرسي فارغ
اغتال طالب حقوق متطرف إسحاق رابين في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 1995. نسف الاغتيال عملية السلام وكشف الانقسام السياسي داخل المجتمع الإسرائيلي؛ فقد زادت الفجوة بين اليهود المعتدلين والمتطرفين، وكذلك بين العلمانيين والأصوليين. الصورة تظهر رئيس الوزراء السابق شيمون بيريس بجانب الكرسي الفارغ لسلفه.
صورة من: Getty Images/AFP/J. Delay
محاولة قول ما لا يمكن قوله
الإبادة الجماعية بحق اليهود تؤثر إلى يومنا هذا على العلاقات الألمانية الإسرائيلية. وفي شباط/فبراير 2000 كان الرئيس الألماني الأسبق يوهانس راو أول رئيس ألماني يلقي كلمة باللغة الألمانية أمام الكنسيت. طلب راو العفو من أجل صالح الأبناء والأحفاد.
صورة من: picture-alliance/dpa
الجدار الإسرائيلي
سياسة الاستيطان الإسرائيلية وراء تسخين المواجهة مع الفلسطينيين. وفي عام 2002 شيدت إسرائيل جداراً يبلغ طوله 107 كيلومتراً في الضفة الغربية. ورغم أن الجدار قلل من أعمال العنف، إلا أنه لم يحل المشاكل السياسية للنزاع المستمر منذ 70 عاماً بين الشعبين.
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb/S. Nackstrand
انحناء أمام الموتى
وزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس يسير بخطى ثابتة على تقليد التقارب الألماني الإسرائيلي. وقادته رحلته الخارجية الأولى كوزير للخارجية إلى إسرائيل. وفي آذار/مارس 2018 وضع ماس إكليلاً من الورود على النصب التذكاري ياد فاشيم إجلالاً لضحايا الهولوكوست.