في أعقاب تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الاوروبي، يعتقد العديد من الأوروبيين أن على بلدانهم أيضا إجراء استفتاءات وطنية حول الاستمرار في عضوية من الاتحاد من عدمه. وفيما يتعلق بالألمان توجد عقبات كثيرة.
إعلان
أدى تصويت البريطانيين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى تزايد الاهتمام بضرورة إعطاء المواطنين حق القرار. ففي استطلاع للرأي أجري، قبل الاستفتاء البريطاني، على عينة تتكون من ستة آلاف أوروبي، صرح 45 بالمائة منهم بأن على بلدانهم إجراء استفتاء حول عضويتها في الاتحاد الأوروبي.
زعماء اليمين الشعبوي في فرنسا والدنمارك يدعون بدورهم إلى استفتاء حول عضوية بلدانهم في الاتحاد. وبدوره قال حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي بأنه سيطالب بإجراء استفتاء في ألمانيا إذا تمكن من دخول البرلمان بعد انتخابات 2017.
"في السنة المقبلة سوف يدخل حزب البديل من أجل ألمانيا البرلمان الألماني، و"ديكسيت" سيكون على رأس جدول أعمالنا" الكلام لفرانتس فيزه من الحزب، في إشارة إلى خروج ألمانيا (دويتشلاند) من الاتحاد الأوروبي.
الحزب اليساري الألماني طالب أيضا بـ"بداية جديدة" في الاتحاد الأوروبي وفتح "النقاش والتصويت حول مستقبل أوروبا". زعيمة الكتلة البرلمانية للحزب سارا فاغنكنشت تصر على ضرورة إجراء تصويت حول الاتحاد الأوروبي أيضا ولكن ليس حول الخروج منه وإنما فقط على صفقات معينة.
يجب أن يكون للمواطنين رأي
فاغنكنشت قالت لصحيفة دي فيلت الألمانية إن حزبها يريد تغيير أوروبا حتى لا تنهار. مضيفة بأنه ينبغي أن يكون للمواطنين "حق إعطاء رأيهم حول قضايا مهمة مثل صفقة التجارة الحرة المزمعة أو اتفاقيات أوروبية أخرى". لكن دستور ما بعد الحرب في ألمانيا لا يسمح بسهولة بتنظيم استفتاء ملزم.
أوفه ليبينسكي، المحامي المقيم في مدينة هايدلبيرغ يقول إن ألمانيا لن تكون قادرة على مغادرة الاتحاد الأوروبي سوى إذا استطاعت تغيير دستورها وتضمينه بهذا النوع من "الديمقراطية المباشرة" على المستوى الوطني. حينها فقط يمكن لحكومة العاصمة برلين أو البرلمان الدعوة إلى استفتاء.
الولايات الألمانية الست عشر تسمح بالمبادرات الشعبية غير المباشرة، ولكن وبسبب الماضي النازي للبلاد، لا يسمح الدستور الفيدرالي بتصويت وطني سوى في حالتين: تغيير التوزيع الترابي أو إجراء إصلاحات دستورية.
بعد أزيد من سبعة عقود على مرور الحرب العالمية الثانية، حان الوقت للتفكير بتغيير الدستور حتى يتضمن ما يسمى بـ"الديمقراطية المباشرة". يقول ليبينسكي لـ DW، لافتا إلى سويسرا ومبادرات المواطنين على مستوى الولايات الألمانية كنماذج إيجابية.
ولطالما طالبت منظمة "المزيد من الديمقراطية" الألمانية بجعل الاستفتاءات الوطنية أمرا ممكنا في البلاد. على موقعها الإلكتروني، تعتبر المنظمة أن الحكومة لا تقدم سوى "سياسة معينة دون أي بديل" وهو ما يتفاعل معه البرلمان فقط "بإيماءات الموافقة".
الألمان متمسكون بأوروبا
وأظهر استطلاع للرأي في ألمانيا أجري قبل الاستفتاء البريطاني، أنه لو حدث استفتاء مشابه في ألمانيا لكانت النتيجة مغايرة لما جاءت عليه في بريطانيا. فالأغلبية الساحقة (76 بالمائة) كانت ستصوت ضد الخروج من الاتحاد، حسب ما توصل إليه الاستطلاع الذي أنجزه معهد فورسا. 17 بالمائة فقط كانوا سيصوتون لصالح قرار الخروج، و60 بالمئة من هؤلاء من أنصار حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي.
قبل سنوات قليلة وفي عز أزمة الديون في 2012، قال وزير المالية فولفغانغ شويبله إنه من الوارد أن يخوض الألمان استفتاءا حول دستور جديد للبلاد، عاجلا أم آجلا. وإذا استمرت ألمانيا في التنازل عن القرارات السيادية لصالح بروكسيل، يتوقع ليبينسكي أن يصل الدستور الألماني إلى أقصى حدوده، وربما في ذلك الوقت سيصبح التحرك وشيكا. ويضيف ليبينسكي: "البرلمان الألماني يتحول بشكل كبير إلى أداة لتطبيق قانون الاتحاد الأوروبي".
هل بريكست بداية تساقط أحجار الدومينو الأوروبي؟
نتائج الاستفتاء في بريطانيا على خروجها من الاتحاد الأوروبي صدمت أوروبا، فيما رحب بها اليمين الشعبوي، وبدأت الأصوات الشعبوية في فرنسا وهولندا تنادي بإجراء استفتاء مشابه. فهل بات الاتحاد الأوروبي أمام "تأثير الدومينو"؟
صورة من: Reuters/T. Melville
بريطانيا
طالب نايجل فاراج زعيم حزب "استقلال المملكة المتحدة" وأحد الداعمين الرئيسين لحملة "بريكست"، بأن يصبح يوم 23 من حزيران/ يونيو عيدا للاستقلال. وقال: "الاتحاد الأوربي يخسر. الاتحاد الأوروبي يموت. آمل أن نكون قد أسقطنا الحجر الأول من الجدار. وآمل أن يكون خروج بريطانيا هو الخطوة الأولى لتكون دول أوروبا ذات سيادة".
صورة من: Reuters/T. Melville
هولندا
خيرت فيلدرز رئيس حزب "الشعب من أجل الحرية والديمقراطية" الشعبوي الهولندي احتفى بخروج بريطانيا وقال "باي باي بروكسل. وهولندا ستكون القادمة". ويطالب فيلدرز منذ سنوات بإجراء استفتاء حول عضوية هولندا في الاتحاد، فيما ذكر استطلاع للرأي أن أغلب الهولنديين يفضلون "نيكست" والخروج من الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Wainwright
فرنسا
يأمل اليمين الفرنسي من الاستفادة من نتائج "بريكست". ووصفت زعيمة "الجبهة الوطنية" الفرنسية مارين لوبان النتائج بأنها "انتصار للحرية"، وتابعت: "يجب علينا الآن إجراء استفتاء مشابه في فرنسا وفي دول الاتحاد الأوروبي". وربما تحقق دعوة "فريكست" دفعة انتخابية قوية لمارين لوبان في الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا في سنة 2017.
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
ألمانيا
فراوكه بيتري زعيمة حزب "البديل من أجل ألمانيا" ردت فرحة على نتائج الاستفتاء بتغريدة في تويتر وقالت:" الوقت ملائم لأوروبا جديدة". أما بيورن هوكه رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في ولاية تورينغن فأطلق تصريحات أكثر حدة وطالب بإجراء استفتاء في ألمانيا وأضاف:" أنا أعرف أن أغلبية الشعب الألماني تريد الخروج من عبودية الاتحاد الأوروبي. وأن البريطانيين قرروا بـ"بريكست" الخروج عن طريق الجنون الجماعي".
صورة من: Getty Images/J. Koch
الدنمرك
كريستيان توليسن رئيس حزب الشعب الدنمركي هنأ في فيسبوك بنجاح "بريكست". وقال معلقا على النتائج: "الاتحاد الأوروبي قلّل من قيمة شكوك المواطنين تجاهه. الاتحاد الأوروبي صادر قرار الدول المنضمة فيه ويدفع الآن ثمن ذلك". ويريد توليسن أيضا إجراء استفتاء مشابه في الدنمرك.
صورة من: picture alliance/dpa/L. Kastrup
النمسا
فيما قال هاينز كريستيان شتراخه زعيم حزب الحرية النمساوي في تغريدة في تويتر إنه "بعد بريكست يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى إصلاحات شاملة. ودون رئيس البرلمان الأوربي شولتس ودون رئيس المفوضية الأوربية يونكر". ويطالب حزب الحرية بإجراء استفتاء في النمسا. وأضاف رئيس الحزب: "نحن نهنئ البريطانيون على حصولهم على استقلالهم من جديد".
صورة من: Reuters/H.-P. Bader
المجر
قد يشعر رئيس وزراء المجر اليميني المحافظ فيكتور أوربان أن بريكست تأييد لسياسته الرافضة لاستقبال اللاجئين. وأوضح أوربان بعد التصويت بأنه يؤمن "بأوروبا قوية، لكنها لن تكون كذلك، إلا عندما توجد هنالك حلول ملائمة للقضايا المهمة مثل قضية الهجرة". وكانت المحكمة الدستورية قد أعطت الضوء الأخضر وقبل الاستفتاء على إجراء استفتاء في المجر حول "نسب اللاجئين" المقترحة من قبل الاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture alliance/AA/D. Aydemir
جمهورية التشيك
طالب أنصار اليمين الشعبوي في جمهورية التشيك أيضا بـ"سيكسيت" لخروج التشيك من الاتحاد. ومن ابرز المنتقدين للاتحاد الأوروبي الرئيس السابق فاسلاف كلاوس. فيما رفض البرلمان التشيكي في الشهر الماضي طلبا قُدم من قبل حزب "الفجر الذهبي للديمقراطية المباشرة" اليميني الشعبوي لمناقشة إجراء استفتاء مشابه. وموضوع كراهية أوروبا قد يطغي على الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي ستجرى في العام القادم.