هل يعتمد الاقتصاد الألماني على الصين أكثر من اللزوم؟
١٣ أبريل ٢٠٢٣
أضحت الصين أهم شريك تجاري لألمانيا، ويدل على ذلك أن نحو 40 بالمائة من مبيعات السيارات الألمانية تتم في السوق الصينية، غير أن ألمانيا تواجه معضلة التوفيق بين ذلك والتوترات الجيوسياسية بين الغرب وبكين، فهل من مخرج؟
إعلان
"أسوأ شيء هو الاعتقاد بأننا كأوروبيين يجب أن نصبح تابعين في هذا الموضوع، والمقصود به موضوع تايوان وأن نأخذ إشارتنا من الأجندة الأمريكية ورد الفعل الصيني المبالغ فيه"، هذا ما جاء في تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته للصين. وجاء انتقاد هذه التصريحات من جهات عديدة، بما في ذلك من أطراف في ألمانيا. ويبدو أن الكثير من الشركات الألمانية تتفق مع وجهة نظر الرئيس الفرنسي هذه.
على سبيل المثال يؤيد هولغر انغلمان مدير شركة "ويباستو/ Webasto" لصناعة قطع غيار السيارات طرح الرئيس الفرنسي ويقول : " إذا فقدنا الصين فإن الازدهار في ألمانيا سيتراجع". ويأتي ثلث دخل هذه الشركة بفضل الإنتاج في الصين، إذ لديها 11 معملا هناك.
ألمانيا وأهمية تجارتها مع الصين
حقيقة وجود الكثير من هذه الحالات يتجلى من خلال المعطيات التي تقول أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر والأكثر أهمية لألمانيا في العالم. صحيح أن ألمانيا قامت بتصدير الكثير من المنتجات إلى الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، لكن إحصاءات التبادل التجاري تعتمد على حجم الصادرات والواردات. إذ تعد الصين أهم شريك لألمانيا من حيث التبادل التجاري منذ عدة سنوات. وباختصار فإن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من الصين.
حول ذلك يقول كارستن برزيسكي كبير الاقتصاديين في بنك "آي ان جي ألمانيا/ ING Germany" لـ DW: "بالنسبة للمواد الخام وبعض سلاسل الإنتاج، أي المنتجات الأولية، فإننا نعتمد بشكل كبير على الصين". ويضيف الخبير برزيسكي: "إنه أقوى بكثير من اعتماد أمريكا على الصين. وهو أيضا أكبر من اعتماد فرنسا على الصين". بالإضافة إلى ذلك، فإن العديد من الشركات مثل ويباستو/ Webasto تحقق أيضا جزءا كبيرا من مبيعاتها في الصين. في النصف الثاني من عام 2022، على سبيل المثال، باعت شركات السيارات الألمانية فولكس فاغن ومرسيدس وبي إم دبليو ما يقرب من 40 في المائة من سياراتها في الصين.
في هذا السياق من المؤكد أن الصين لم تعد ورشة عمل تشكل امتدادا لعمل شركات دول صناعية مثل ألمانيا. فمع مشروع "الصين 2025" تريد بكين خلال السنوات القادمة أن تصبح رائدة السوق العالمية في تقنيات المستقبل الأساسية.
الصين ودورها الحيوي كمصدر للطاقة
هذا هو الحال فعلا في بعض المجالات، على سبيل المثال في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية. يوفر المورد الصيني "سي ا تي ل/ CATL" وحده، والذي لديه مصانع في المجر وألمانيا، حوالي ثلث البطاريات اللازمة للسيارات الكهربائية في جميع أنحاء العالم. كما أن حوالي 80 في المائة من بطاريات الليثيوم - أيون للسيارات الكهربائية حول العالم تنتج في الصين. ويقول كارستن برزيسكي: "بدون الصين لن تكون هناك سيارات كهربائية". إضافة إلى ذلك: "بدون الصين لن يكون هناك انتقال للطاقة، وبدون الصين لن تكون هناك خلايا شمسية على أسطح منازلنا". وبالتالي، لا يمكن إنهاء العلاقات الاقتصادية مع الصين، خاصة على المدى القصير.
من جانبه يقول ميكو هوتاري مدير معهد مركاتور للدراسات الصينية (MERICS) لإذاعة "دويتشلاند فونك": "إنه وضع صعب في الوقت الحالي، وتقليل المخاطر هو الكلمة الأكثر شيوعا". ويضيف بالقول: "نعيش في لعبة مزدوجة في الوقت الحالي: الاستقرار من ناحية، وكذلك العلاقات التجارية. ومع ذلك، في الوقت نفسه، هناك محاولة لتقليل نقاط الضعف".
بوضوح يمكن القول، إن ألمانيا تعيش في مأزق بسبب علاقاتها التجارية الوثيقة مع الصين . فمن ناحية، يتعين عليها الحفاظ على العلاقات مع بكين، ومن ناحية أخرى لا يمكن الإبقاء على هذه العلاقات من دون التعرض لانتقادات. بهذا الشأن يقول الخبير كارستن برزيسكي: "بالطبع، منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان رد الفعل الأول هو القول: علينا الآن التركيز أكثر على الدول الصديقة وإنهاء أو تقليل الاعتماد على الصين. لكن هذا غير ممكن".
تحفظات إزاء الاستثمارات الصينية
على العكس من ذلك، فإن العديد من الشركات والمستثمرين الصينيين قد وضعوا أقداما لهم في الاقتصاد الألماني من خلال عمليات الاستحواذ على الشركات أو المساهمة فيها. وفي عام 2016 ، تسبب استحواذ "مجموعة ميديا" الصينية على الشركة الرائدة في السوق العالمية للروبوتات الصناعية "كوكا/ Kuka" في حدوث ضجة واسعة، كما يأتي أكبر مساهمين اثنين في شركة مرسيدس - بنز من الصين، أي مجموعة "بي ا آي سي/ BAIC" والمستثمر "لي شوفو Li Shufu" ، وكلاهما يمتلك ما يقرب عشرة بالمائة من أسسهم الشركة.
رغم ذلك فقد انخفضت نسبة الاستثمارات في السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة، حيث تلعب التوترات الجيوسياسية المتزايدة والتحفظات التي تواجهها الأطراف الصينية المهتمة بالاستثمار في أوروبا دورا في الوقوف أمام هذه عجلة هذه الاستثمارات.
ميشا إيرهاردت/ ع.خ
الولع بالسيارات ـ ما الذي تغير في أذواق الناس خلال أزيد من قرن؟
تٌعتبر السيارات أكثر من مجرد وسيلة نقل، فهي كرمز للرفاهية والرجولة والحرية تم استغلالها في وسائل الدعاية لإثارة انفعالات قوية. فما الذي تغير في أكثر من 100 عام؟
صورة من: picture-alliance/dpa
رمز للرفاهية
قبل الحرب العالمية الثانية كانت السيارات تعتبر رمزا للرفاهية، وكانت هناك قلة قليلة فقط من الناس، الذين لديهم قدرة على اقتناء سيارة. وحتى رغم أنه يوجد الآن عدد كبير من السيارات، إلا أن السيارات الفخمة الغالية كرمز لمكانة الشخص مطلوبة إلى يومنا هذا. وبسيارة جميلة يريد الناس الظهور في العلن وهي جزء للكثيرين من المظهر الخارجي، مثلها مثل الملابس.
صورة من: picture-alliance/dpa
علامة على الرخاء
بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت السيارات تُنتَج بأعداد ضخمة. ولذلك كان بوسع عدد متزايد من الناس اقتناء سيارة وتحولت السيارة الملاكي إلى علامة على الرخاء المحقق وسارت محبوبة وتلقى العناية من أصحابها. ومن علامات الرخاء أيضا السفر في العطلة وحبذا لو كان خارج ألمانيا. والازدحامات المرورية، مثلا هنا على الطريق السريع باتجاه هولندا في أغسطس/ آب 1964 كان يتم قبولها بكل أريحية.
صورة من: Hannes Hemann/dpa/picture-alliance
ارتباط السيارة بالإثارة الجنسية
سيارة أستون مارتن التابعة للعميل السري 007 أثارت الإعجاب في الفيلم في ستينيات القرن الماضي من خلال شكلها وسرعتها وتطورها التقني. البطل الوسيم جيمس بوند (قام بدوره هنا شين كونري) وشريكاته الجميلات في الفيلم كانوا يعكسون أناقة عالمية. والربط بين السيارات والإثارة الجنسية ورغبات الأشخاص أصبحت راسخة في كثير من الأذهان ومازالت تؤثر حتى اليوم في قرارات شراء السيارة.
صورة من: picture-alliance/dpa
سيارة للبحث عن شريك
الواجهة الأمامية لهذه السيارة تظهر مثل الوجه ومصابيح الإضاءة مثل العيون. هذه الهندسة أثارت الكثير من المشاعر. سيارة أوبل مانتا كانت في السبعينيات والثمانينيات محبوبة لدى من يرغبون تقمص شخصية جيمس بوند. فقد كانوا يشعرون برجولة زائدة وأرادوا إثارة انتباه النساء. وتم بيع أكثر من مليون سيارة من نوع مانتا. لكن راجت أيضا نكات ساخرة حول هذه السيارة.
صورة من: picture-alliance/L. Albig-Treffers
مشاعر سعادة مع اللون الأحمر القاني
إنحانات بارزة بالسيارة مع طلاء أحمر قانٍ (شديد الحمرة) ومحركات قوية وضجيج شديد لصوت المحرك عند التسارع، هذه أشياء تثير عند البعض مشاعر بالسعادة وقناعة بأنهم متفوقون على الآخرين. وعند القيادة بسرعة عالية وتجاوز الآخرين بسرعة يزداد اندفاع الأدرينالين في الدم، وهذا يثير إعجاب الرجال بشكل خاص.
صورة من: Jürgen Ruf/dpa/picture-alliance
نجوم الموسيقى مع سيارات باهظة الثمن
مغني البوب إلتون جون مجنون سيارات واستثمر الكثير من الملايين في اقتناء سيارات باهظة الثمن. وفي 2001 عرض بعض سياراته المفضلة في مزاد علني، لأنه "لم يعد لديه الوقت الكافي" لقيادتها. والنجم الذي يظهر مع سيارات مثل جاغوار ( الصورة) ورولس رويس أو بورشه؛ يدعم منزلة ومكانة السيارة ويستفيد في نفس الوقت من صورة السيارة. وهذا يجسد روح العصر ويؤثر على أجيال.
صورة من: Christie's/PA/epa/dpa/picture-alliance
ظهور مهيمن
السيارات كبيرة الحجم تمنح سائقيها الشعور بأمان أكبر وهي تثير لدى سائقين آخرين الشعور بالخوف. وليس نادرا أن يتسبب ذلك في وقوع حوادث. وهذا يؤدي في الغالب إلى زيادة تواجد السيارات كبيرة الحجم على الطرقات، فبعض سائقي السيارات الصغيرة يلجؤون عند شراء سيارة ثانية إلى اختيار سيارات أضخم حجما.
صورة من: Hartwig Lohmeyer/JOKER/picture alliance
مظاهر تدين
في معرض السيارات الدولي بفرانكفورت عام 2007 تظهر المستشارة أنغيلا ميركل ومارتين فينتكورن، رئيس شركة فولكسفاغن، وهما يواجهان عدسات المصورين. اللون الأبيض للسيارة الصغيرة "فولكسفاغن أب" يمثل النور والتنوير والبراءة أما القعود على الركبتين فيعكس الخضوع والتمجيد. والصورة تبين تقريبا تمجيدا دينيا وكذلك الارتباط العميق بين السيارة والاقتصاد والسياسة؛ فصناعة السيارات تعتبر عالميا عاملا اقتصاديا مهما.
صورة من: Frank May/dpa/picture-alliance
السيارة كأيقونة
صمم فنان الحركة ها شولت السيارة الذهبية ذات الجناحين أمام كاتدرائية كولونيا في عام 1991 كرمز لعصر ولّى. سيارة وتعتبر "فورد فييستا" جزءً من عمله الفني "السيارة المثيرة" وماتزال منصوبة في نفس المكان إلى يومنا هذا. ويقول شولت إن السيارة فقدت الآن مكانتها كأيقونة. وبعض المنتقدين رأوا في العمل الفني إلى جانب اندحار عصر السيارة عملا دعائيا لشركة فورد.
صورة من: Roland Scheidemann/dpa7picture-alliance
الابتكار الكهربائي
شركة تيسلا أنتجت بين 2008 و2011 هذه السيارة ذات المقعدين ببطاريات ليثيوم. ومع مسافة سير بـ 350 كلم تعد السيارة أول سيارة كهربائية عصرية ساعدت السيارات الكهربائية على شق طريقها عالميا وإصدار صورة ابتكارية. والسيارات الكهربائية تعد في الأثناء أنيقة ورفيقة بالبيئة.
صورة من: DW/G.Rueter
سياقة الدراجة ستكون أكثر روعة
يشعر الناس بعلو المنزلة مع السيارات باهظة الثمن، بينما من يستخدم الدراجة الهوائية كان، ولفترة طويلة، يُعتبر فقيرا. لكن هذا الوضع تغير. فالدراجات الكهربائية والعصرية تنال المزيد من الاهتمام. ومن يستخدم الدراجة يعد اليوم شخصا رياضيا ومهتما بالبيئة وجذابا. والسيارات الجميلة مازالت تثير الإعجاب لكن حتى الدراجات الكهربائية مثل التي في الصورة وسيلة نقل تجد الاستحسان الكامل. إعداد: غيرو روتر/م.أ.م