يتطلع المنتخب الموريتاني لكرة القدم إلى ترك بصمة في مشاركته الثالثة ضمن كأس الأمم الإفريقية، والتأهل على الأقل إلى الدور الثاني من البطولة. خصوصا وأن التطور الكروي في موريتانيا مذهل.
إعلان
إنه آخر المنتخبات الـ24 المتأهلة لنهائيات بطولة كأس الأمم الإفريقية في نسختها الـ34. عندما وصلوا إلى ساحل العاج، نزل اللاعبون، الذين ارتدوا الزي الوطني التقليدي، بفخر من طائرة الخطوط الجوية الموريتانية التي أقلتهم إلى المطار الصغير قرب مكان لعبهم في بواكي في ساحل العاج.
موريتانيا، بلد صحراوي بشكل كبير، ولديه واحدة من أقل نسب الكثافة السكانية في العالم. إذ يعيش معظم سكان البلاد، البالغ عددهم نحو خمسة ملايين نسمة، في الجنوب؛ أي في العاصمة نواكشوط أو بالقرب منها.
أن يتمكن هذا البلد من التأهل لنهائيات كأس الأمم الإفريقية للمرة الثالثة على التوالي فهي مفاجأة كبيرة. ومع ذلك، لا يريد اللاعبون الوقوف عند هذا الحد، بل وضعوا لأنفسهم أهدافا طموحة في هذه البطولة.
ثقة كبيرة بالمدرب أمير عبدو
وعن ذلك يقول المدرب أمير عبدو بعد النزول من الطائرة: "سنحاول تقديم أداء أفضل مما قدمناه في البطولات السابقة". يراهن الموريتانيون على خطط مدربه للدفع بهم نحو الأمام. عبدو قادم من جزر القمر. وقد حقق مع منتخب بلاده ليس فقط مفاجأة التأهل إلى النهائيات لأول مرة في بطولة 2022، وإنما تمكن منتخب الدولة الجزرية الصغيرة من التغلب على منتخب غانا، أحد كبار القارة السمراء، وهو الفائز بلقب البطولة أربع مرات والمتأهل عدة مرات لكأس العالم. ولم يكتفِ أمير عبدو ومنتخبه جزر القمر بذلك بل وصلوا إلى الدور الثاني من البطولة، وخرجوا على يد الكاميرون بهدفين مقابل هدف.
حينها أظهر المدرب البالغ من العمر 51 عاما قدرته على صنع الكثير، رغم الإمكانيات المحدودة. وهذا ما حفز بلدان أخرى صغيرة نسبيا، ومنها موريتانيا، التي تأهل منتخبها إلى نهائيات 2019 و2022، لكنه بقي بلا فوز في دور المجموعات وخرج مبكرا.
والآن تأتي المحاولة الثالثة، ويريدونها أن تكون ثابتة، يريدون تقديم مستوى ونتائج أفضل. المدرب الذي عمل كأخصائي اجتماعي في فرنسا لسنوات عديدة قبل أن يركز جهوده على كرة القدم، وصف المباراة الأولى بأنها حاسمة: "سنبذل قصارى جهدنا للفوز في مباراتنا الأولى بالمجموعة أمام بوركينا فاسو. سيكون هذا هو المفتاح".
دولة صغيرة تحقق تقدما كبيرا
في الواقع، فرص التقدم لمنتخب المرابطين والذي يعرف أيضا بلقب "أسود شنقيط"، لا تبدو سيئة للغاية. فبالإضافة إلى بوركينا فاسو، ستواجه موريتانيا في المجموعة أنغولا وأخيرا الجزائر. ويعيش المنتخب الجزائري حاليا حالة من الاضطراب ولم يعد بتلك القوة التي كان عليها في السنوات الماضية. فيما يمكن القول إن منتخب أنغولا يتمتع بمستوى قريب من مستوى موريتانيا. وبما أن أربعة من الفرق الستة التي احتلت المركز الثالث ستتأهل إلى الدور الثاني، لذلك فإن حظوظ موريتانيا تبدو جيدة لتكون أحد المتأهلين.
يرى إيميكا إنياديكي، في حوار مع DW، أن "موريتانيا هي مثال جيد للغاية لكيفية تحقيق دولة إفريقية صغيرة تقدما كبيرا في كرة القدم، إذا عملت بذكاء". إنياديكي يعمل كمدير لمحطة Supersport التليفزيونية الرياضية في جنوب إفريقيا، كما يعمل كمستشار للعديد من اتحادات كرة القدم ويعتبر خبيرا مرموقا في كرة القدم الإفريقية.
يرى إنياديكي أن المسؤولين في كرة القدم الموريتانية قاموا بعمل ممتاز خلال السنوات الخمس الماضية: "لقد تطوروا كثيرا وبسرعة كبيرة. لقد تم استثمار الأموال التي تلقوها من الفيفا بذكاء شديد. وقاموا بتحويل مركز التدريب والمقر الرئيسي الخاص بهم إلى حالة فنية جيدة للغاية، ولديهم الآن إمكانيات عمل من الطراز الأول. ويبدو لي أن هذا هو السبب الذي ساهم في تأهلهم لآخر ثلاث بطولات من كأس الأمم الإفريقية".
استثمار أموال الفيفا بذكاء
وهذا التطور مذهل بالفعل بالنظر إلى أن المنتخب الموريتاني كان في أدنى مستوياته في عام 2009، عندما انسحب من التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا للأمم 2010. حينها كانت كرة القدم في البلاد في وضع كارثي. لكن في عام 2011، تولى أحمد يحيى منصب رئيس اتحاد الكرة، وحينها قال رجل الأعمال عندما تولى مهامه: "الركود في التنمية يشبه المرض السيء. عليك أن تنظر إلى الأمر وتجد الأسباب وتبدأ في علاجها".
حصلت موريتانيا على 11 مليون دولار أمريكي من صندوق التنمية التابع للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واستخدمتها بذكاء. تم إعادة بناء مقر اتحاد الكرة وتجديد "ملعب الشيخ ولد بيديا" في نواكشوط، الذي أصبح الآن يوفر إمكانيات ممتازة للتدريب واللعب.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمل موريتانيا منذ عدة سنوات على رعاية المواهب الشابة، بتمويل مشترك أيضا من صندوق الفيفا. كما غدت موريتانيا، منذ عام 2019، مشاركة في مشروع كرة القدم المدرسية للفيفا. وتتلقى الدعم لتنظيم بطولات مدرسية منتظمة في المناطق الريفية.
مهاجمون مثيرون للاهتمام من الدوريات الأوروبية
سبب آخر للنجاح السريع الذي تم تحقيقه على صعيد المنتخب الأول، يعود على الأرجح للاعتماد على عدد من المحترفين الذين يعيشون في الخارج والذين لديهم جذور موريتانية. فتشكيلة الفريق الحالي تضم سبعة لاعبين يلعبون في الدوري الموريتاني المحلي، ولكن اللاعبين الأبرز محترفون في فرنسا أو بلجيكا.
أبو بكر كامارا، قائد الفريق البالغ من العمر 28 عاما، مولود في فرنسا، ولعب خلال مسيرته مع نادي فولهام الإنجليزي. ومنذ عودته إلى إفريقيا، تمكن المهاجم من اكتساب الكثير من الخبرة في عدة محطات. وإلى جانبه هناك حمية الطنجي، الذي تألق في الأشهر القليلة الماضية، وهو أفضل هدافي الدوري المحلي. يبلغ اللاعب 25 عاما من العمر، يشارك بشكل جيد في اللعب الجماعي ويوزع الكرات بشكل ممتاز.
وبالإضافة إلى هذين الاثنين، وجد المدرب أمير عبدو نجما جديدا صعد مؤخرا في سماء كرة القدم، هو أبو بكاري كويتا، والذي يمكن أن يلعب دورا حاسما بالنسبة لموريتانيا. ويلعب كويتا (25 عاما) مع نادي سانت ترويدنس في دوري الدرجة الأولى البلجيكي. وينافس حاليا على صدارة هدافي الدوري هذا الموسم برصيد 11 هدفا.
إن اختياره اللعب للمنتخب الموريتاني يكاد أن يكون مفاجئة. فقد كان بإمكانه اللعب لثلاثة بلدان أخرى: السنغال، موطن والدته، والمكان الذي ولد فيه. أو لبلجيكا، حيث ترعرع وكبر هناك. أو لمنتخب مالي، فوالده ينحدر من هناك، ولكنه من أصول موريتانية.
في النهاية اختار قلبه اللعب لموريتانيا، كما قال في تصريح صحفي. وهو يركز الآن على المهمة الصعبة في كأس الأمم الإفريقية ويريد الوصول إلى الأدوار الإقصائية. وهذا ما يحلمون به جميع الموريتانيين.
الكاتب: أولاف يانزن - ساحل العاج
أعده للعربية: ف.ي
بطولة أمم إفريقيا بكوت ديفوار: أربعة منتخبات عربية تسعى للفوز باللقب
تشارك خمس دول عربية في كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار 2023، التي تم تأجيلها لتلعب في مطلع 2024. وتسعى أربعة منتخبات وطنية عربية، بما لديها من إمكانيات كبيرة، للمنافسة على لقب البطولة. نتعرف عليها في هذه الجولة المصورة.
صورة من: MOHAMED ABD EL GHANY/REUTERS
إغراء مالي للمنتخبات الفائزة
فتح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم شهية 24 منتخبا، سيشاركون في كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار هذا العام (2024)، حيث أعلن زيادة الجائزة المالية للفائز بنسبة 40 في المئة، مقارنة بالبطولة السابقة في الكاميرون التي فازت بها السنغال. وسيحصل البطل على سبعة ملايين دولار أمريكي، والوصيف على أربعة ملايين، ويحصل كل واحد من الخاسرين في نصف النهائي على 2.5 مليونًا، وفرق الدور ربع النهائي على 1.3 مليون دولار.
صورة من: SEYLLOU/AFP
أربعة منتخبات عربية يمكنها المنافسة على اللقب
تقام النسخة 34 من كأس الأمم الإفريقية بكوت ديفوار بين 13 يناير/ كانون الثاني و11 فبراير/ شباط 2024 بمشاركة خمسة منتخبات عربية، تأمل أربعة منها في الحصول على البطولة بالنظر للتاريخ والإمكانيات، وهي منتخب مصر حامل الرقم القياسي للفوز باللقب (7 ألقاب) ومنتخب الجزائر (لقبان) ومنتخبا تونس والمغرب وفاز كل منهما باللقب مرة واحدة. أما منتخب موريتانيا فيلعب في نهائيات أمم إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي.
"المرابطون" وطموح الدور الثاني
يعتبر وصول منتخب موريتانيا للنهائيات للمرة الثالثة تواليا إنجازا محمودا. ويطمح "المرابطون" (لقب لاعبي منتخب موريتانيا)، الذين سبق لهم المشاركة في نسختي البطولة الأخيرتين عامي 2019 بمصر و2021 في الكاميرون، في اجتياز مرحلة المجموعات للمرة الأولى في نسخة كوت ديفوار. وخاض المنتخب الموريتاني 6 مباريات في مشواره بالنسختين الماضيتين للبطولة، حيث حقق تعادلين وتلقى 4 هزائم، دون أن يحصد أي انتصار.
صورة من: DW/J. Oumar
صدام عربي عربي مبكر
يلعب المنتخب الموريتاني في المجموعة الرابعة برفقة منتخبات الجزائر وأنغولا وبوركينا فاسو. وهذه هي المجموعة الوحيدة التي يتواجد بها منتخبان عربيان. يقود منتخب موريتانيا المدرب أمير عبدو، الذي ضم 27 لاعبا لخوض البطولة أبرزهم الجناح الأيسر أبوبكاري كويتا، المحترف في ترويدن البلجيكي، وكذلك قلب الهجوم أبو بكر كمارا المحترف بالجزيرة الإماراتي إضافة إلى حارس المرمى بابكر نياس حارس غينغان الفرنسي.
صورة من: Issouf Sanogo/AFP
تواضع من بلماضي أم تكتيك؟
أما منتخب الجزائر، الفائز باللقب عامي 1990 بالجزائر و2019 بمصر، فهو مدجج بكتيبة من النجوم المحترفين أصحاب التاريخ وعلى رأسهم رياض محرز وإسلام سليماني وبغداد بونجاح ورامي بن سبعيني وإسماعيل بن ناصر ويوسف بلايلي. ورغم ذلك استبعد المدرب جمال بلماضي فريقه من قائمة المرشحين للفوز باللقب، وقال "في الغالب المنتخبات المرشحة .. هي دائما نفسها على غرار تونس، والمغرب ومصر وكوت ديفوار والسنغال ونيجيريا".
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
تجاوز صدمة الكأس الماضية
رغم ذلك يؤكد بلماضي: "لا يمكن لاحد التنبؤ بمن سيفوز.. ويمكن لبعض المنتخبات أن تصنع المفاجأة". وكانت الجزائر قد صدمت جماهيرها في النسخة الماضية حين خرجت من الدور الأول. ورغم قول بلماضي "لسنا من أبرز المرشحين" إلا أنه يؤكد "نحن ذاهبون بطموح كبير، سنعمل بهدوء وجدية مثلما قمنا به في السنوات الماضية على أمل بلوغ أبعد حد". ويبدأ "محاربو الصحراء" المشوار بمواجهة أنغولا، ثم بوركينا فاسو وبعدها موريتانيا.
صورة من: Thaier Al-Sudani/REUTERS
تونس – المساكني على موعد مع التاريخ
أما منتخب تونس، الساعي للتتويج بلقبه الثاني بعد نسخة عام 2004، فيلعب بالمجموعة الخامسة بجانب مالي وجنوب إفريقيا وناميبيا. واستدعى المدرب جلال القادري 27 لاعبا، بينهم 19 لاعبا محترفا، يتقدمهم قائد الفريق المخضرم يوسف المساكني، الذي يستعد للمشاركة للمرة الثامنة بالبطولة. وسيعادل المساكني (33 عاما) الرقم القياسي الذي يملكه المصري أحمد حسن والكاميروني سونغ في عدد مرات الظهور بالبطولة.
صورة من: Reuters/A.A. Dalsh
محترفان من ألمانيا وغياب الماجري
ولدى "نسور قرطاج" لاعبون أصحاب خبرة وجودة بكل الخطوط، كالحارس أيمن دحمان والمدافعين علي العابدي وياسين مرياح وعلي معلول وعيسى العيدوني المحترف في برلين، وفي الوسط هناك إلياس السخيري نجم فرانكفورت ومحمد علي بن رمضان. أما الهجوم فبجانب المساكني هناك طه الخنيسي ونعيم السليتي. وأبرز الغائبين حنبعل المجبري، لاعب وسط مانشستر يونايتد، الذي طلب بنفسه من القادري إعفاءه "لأنه يعيش وضعية صعبة في ناديه".
صورة من: Issouf Sanogo/AFP
المغرب بنجوم عالميين من أجل اللقب الثاني
ويحلم منتخب المغرب، الذي بات أول فريق عربي وإفريقي يبلغ نصف نهائي كأس العالم في قطر 2022، بالتتويج باللقب للمرة الثانية، بعدما سبق أن توج به عام 1976 بإثيوبيا. وتضم قائمة الفريق 27 لاعبا، بينهم نجوم معروفون عالميا مثل الحارس ياسين بونو والمدافع أشرف حكيمي ونصير مزراوي (رغم الإصابة) وسفيان أمرابط وحكيم زياش ويوسف النصيري. وشدد المدرب وليد الركراكي على أنه لا مكان للعاطفة في خياراته.
صورة من: Kyodo/picture alliance
الركراكي يسعى لفك "النحس"
وغاب عن التشكيلة للبطولة 11 لاعباً ممن ساهموا في إنجاز مونديال قطر، ومن أبرزهم عبد الرزاق حمد الله ورضا التكناوتي وجواد ياميق وبدر بانون وعبد الحميد صابيري ويحيى جبران وزكريا بوخلال، ومعظمهم إما تراجع أداؤه أو مصاب. ويلعب المغرب بالمجموعة السادسة مع الكونغو الديمقراطية وزامبيا وتنزانيا. وعن غياب اللقب عن الفريق منذ 48 عاما قال الركراكي "يتعين علينا خوض غمار البطولة بثقة عالية لكي نتخطى هذا النحس".
صورة من: PATRICK T. FALLON/AFP
مصر أيضا تريد تجاوز الحظ السيء
حديث الركراكي عن الحظ السيء ينطبق أكثر على منتخب مصر الفائز باللقب سبع مرات آخرها ثلاث مرات متتالية 2006 بمصر، 2008 بغانا و2010 بالغابون. فمصر بقيادة محمد صلاح وصلت بعد ذلك للمباراة النهائية مرتين وخسرتهما بعدما كانت البطولة قريبة جدا. ففي 2017 حوّل المنتخب الكاميروني تأخره لفوز بهدفين لهدف. وفي 2022 خسر صلاح أمام السنغال بقيادة مانيه بركلات الترجيح. وفي 2019 في القاهرة خرج الفريق من دور الـ16.
صورة من: Adam Haneen/AA/picture alliance
صلاح يريد لقبا مع منتخب بلاده
نجم ليفربول الإنجليزي يقود مصر للمرة الرابعة في البطولة ويريد أخيرا حصد لقب مع منتخب بلده، بعدما حقق مع ليفربول كافة الألقاب الممكنة، وسيكون بجانب صلاح لاعبون يصنعون الفارق مثل ترزيغيه (طرابزون التركي)، وعمر مرموش (فرانكفورت) ومصطفى محمد (نانت)، والحارس العملاق محمد الشناوي (الأهلي). وتلعب مصر ضمن المجموعة الثانية التي تضم منتخبات غانا وكاب فيردي و موزمبيق. إعداد: صلاح شرارة (وكالات)